icon
التغطية الحية

أيضاً.. مرفأ للحرس الثوري في طرطوس!

2019.08.18 | 16:08 دمشق

مرفأ طرطوس (أرشيف - إنترنت)
وجيه حداد - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

المزيد من التنازلات السيادية واتفاقات الإذعان ورهن المستقبل السوري باتفاقات طويلة الأمد، يقدمها النظام السوري لحلفائه كترجمة لمقولة بشار الأسد "سوريا لمن يدافع عنها" والتي نتج عنها توزيع الثروات السورية والاقتصاد السوري إلى ثلاث حصص يتحكم بها الروس والإيرانيون وكبار الشبيحة في النظام.

اقتسام الحصص بين الأطراف الثلاثة لا يتم بالسلاسة التي تبدو عليها إعلامياً، وإنما بكثير من التنافس والصراع السياسي والعسكري أيضا، ليتحول الاقتصاد السوري في المحصلة إلى غنائم تتبع موازين القوى وخرائط السيطرة والنفوذ الداخلي والخارجي.

 

مرفأ إيراني في طرطوس

في هذا السياق، يتجه النظام الحاكم إلى منح الجانب الإيراني مرفأ جديدا في طرطوس في منطقة الحميدية القريبة من السواحل اللبنانية بواجهة بحرية تمتد إلى 2،5 كم، وعرض أملاك يتراوح بين 80 إلى 150 مترا، ويأتي هذا الاتفاق المبدئي بعد أقل من شهر من حصول الإيرانيين على حق إنتاج الكهرباء في اللاذقية، وبعد خمسة أشهر من الإعلان عن اتفاق يقضي بحصول الإيرانيين على الإشراف وإدارة مرفأ اللاذقية.

ويمنح الاتفاق المبدئي المعروض بصيغة (B.O.T) استثمار الجانب الإيراني للمرفأ المذكور لمدة تتراوح بين 30 إلى 40 عاما مقابل تكفل الجانب الإيراني ببناء المرفأ.

تولت المفاوضات عن الجانب الإيراني شركة "خاتم الأنبياء" المعروفة أيضا باسم "غرب" التي تعاني حاليا من مصاعب مالية واختناقات اقتصادية بسبب الأزمة الحادة التي يعيشها الاقتصاد الإيراني على خلفية العقوبات الغربية، وتعتبر الشركة بمثابة الذراع الاقتصادية الضاربة للحرس الثوري الإيراني، وواحدة من أقدم وأهم مؤسساته الاقتصادية، وتتنوع أنشطتها من إعادة الإعمار إلى بناء المحطات والسدود وطرق المواصلات والتعدين، وقطاعي النفط والغاز.

 

تنافس روسي إيراني

رغم استحواذ الروس والإيرانيين على مفاصل الاقتصاد السوري والتحكم بمفاصل القرار السيادي والاقتصادي إلا أن التبادل التجاري لكلا البلدين مع سوريا يعتبر هزيلا جدا، وبحسب مصادر إيرانية فإن التبادل التجاري في العام الماضي بين إيران وسوريا انخفض بنسبة 66%، بواقع 200 مليون دولار، فيما زاد التبادل التجاري مع روسيا بنسبة 30% بحسب "يفغيني بوبوف" رئيس الجانب الروسي في اللجنة الفنية السورية الروسية ليصل إلى قرابة نصف مليار دولار سنويا، وهو رقم يدل على ضعف ارتباط الاقتصاد السوري بالروسي رغم التبعية السياسية.

وكان حجم التبادل التجاري بين إيران وسوريا قد ارتفع من 280 مليون دولار عام 2010 إلى 869 مليون دولار عام 2014 ليصل إلى مليار دولار عام 2015 بحسب الملحق التجاري بالسفارة الإيرانية عام 2015، ليهبط من جديد بعدها إلى مستويات متدنية، على الرغم من كل الاتفاقات التجارية الموقعة بين البلدين، ولينحصر لاحقا في الخط الائتماني النفطي الذي يعاني هو الآخر من صعوبات وانقطاعات متكررة، ومصير شبه مجهول.

وبالرغم من هيمنة الاحتلالين الروسي والإيراني على الواقع السوري، إلا أنهما لا تشغلان موقعا متقدما في قائمة الدول المصدرة لسوريا، وهي الصين والإمارات العربية المتحدة وتركيا على التوالي، ويعود ذلك إلى ضعف اقتصاد البلدين بشكل عام، وعدم قدرة بضائعهما على تلبية حاجات السوق السورية في مضماري الجودة والتنافسية. 

وفيما يجري التنافس الروسي الإيراني على الاقتصاد السوري في ظل طلاق جزئي في المسار العسكري، وتمايز نسبي في الرؤية السياسية، وفي وجود سطوة افتراضية للجانب الروسي على الملف السياسي السوري، تبدو حيازة الإيرانيين على مشاريع واستثمارات ضمن الساحل الذي بات محسوبا ضمن مناطق النفوذ الروسي اختراقا  لتلك الهيمنة ونسفا لتلك الافتراضات، ويؤكد من جديد على نمو وتغلغل النفوذ الإيراني في القرار السيادي والاقتصادي السوري، وخصوصا أن الروس كانوا قد وقعوا اتفاقا مشابها منذ أشهر لاستئجار وإدارة مرفأ طرطوس.

 

دوافع إيرانية

إن كان الروس قبل أشهر قد أبدوا انزعاجهم من وصول إيران إلى المتوسط عند الإعلان عن توليهم مرفأ اللاذقية، فإن حصولهم على هذا المرفأ يشكل صفعة مدوية لهم قد تدفع بهم إلى تكثيف ضغوطهم على النظام بغية إفشال المشروع، وفي المقابل فإن إصرار الإيرانيين عليه تأتي من أهمية موقعه الجغرافي الملاصق للحدود اللبنانية من جهة، ومن اتصاله بمناطق نفوذهم الحدودية الممتدة من الزبداني إلى القصير من جهة ثانية، الأمر الذي يمنحهم نافذة بحرية خاصة بهم، وممرا طويلا بين لبنان وسوريا محميا بوجودهم المباشر على الأرض، على عكس مرفأ اللاذقية، ما يسهل عليهم تهريب الأسلحة والذخائر بالإضافة إلى تهريب البضائع  من وإلى الداخل السوري.

مهما يكن، وعلى الرغم من كون المرفأ لم يتم الإعلان عنه رسميا من قبل النظام الحاكم، إلا  أن عجز النظام المالي والعسكري، وارتهانه الكامل لقوى الاحتلال يؤكد انصياعه للإملاءات المطلوبة منه في بيع المرافق السيادية أو تأجيرها، وما الكشف المبكر عنه من قبل الروس والإيرانيين سوى نوع من الضغوط  الممارسة عليه من قبل الدولتين، كل  منهما على حدة ، لرفضه روسياً، وقبوله إيرانياً.