icon
التغطية الحية

أوروبا المتعاطفة مع اللاجئين والمناهضة لهم ترفض اقتراح بوتين

2018.10.05 | 18:10 دمشق

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع المستشار النمساوي سيباستيان كورتز بعد لقائهما في سان بطرسبرج (رويترز)
موسكو - طه عبد الواحد - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

جدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعوة الاتحاد الأوروبي للمساهمة في إعادة إعمار سوريا. وخلال محادثاته في بطرسبورغ أول أمس مع المستشار النمساوي سيباستيان كورتس، عاد بوتين للعب مجدداً على وتر "أزمة اللاجئين في أوروبا"، وإقناع القيادات الأوروبية بأن تمويل إعادة إعمار البنى التحتية في سوريا، سيساهم في حل تلك الأزمة، لأنه سيوفر ظروفا ملائمة لعودة اللاجئين.

ورأى مراقبون في تلك الدعوات محاولة روسية لإعادة تأهيل النظام دولياً، وتثبيته محلياً، عبر توفير تمويل لإعادة بناء الاقتصاد السوري، وتقديم مساعدات إنسانية للسوريين، تقول روسيا إنها يجب أن تتم بالضرورة من خلال التنسيق مع "السلطات الشرعية" في إشارة إلى نظام الحكم.

وكانت دول الاتحاد الأوروبي رفضت في وقت سابق الاقتراحات الروسية بهذا الصدد، وأصرت على أولوية الحل السياسي الحقيقي، ومن ثم إعادة الإعمار. وعبر قادة أوروبيون أظهروا تعاطفا مع اللاجئين، وفي مقدمتهم أنجيلا ميركل، عن رفضهم للدعوات الروسية. وأول أمس سمعت موسكو مجددا الرفض الأوروبي لاقتراحتها بشأن إعادة الإعمار وإعادة اللاجئين، وجاء هذه المرة على لسان المستشار النمساوي، الذي تبنى، منذ أن كان وزيرا لخارجية بلاده، سياسات مناهضة لاستقبال اللاجئين في أوروبا.

 

بوتين يغازل اليمين الأوروبي

وبرزت في تصريحات بوتين وكورتس تباينات عدة بين الرؤيتين الروسية والنمساوية للوضع في سوريا، وآليات العمل مستقبلا لحل القضية السورية. وفي مستهل المؤتمر الصحافي أشار الرئيس الروسي إلى أنه تطرق مع الضيف النمساوي إلى "مسألة التسوية السورية" وعبر عن قناعته بتوفر "آفاق لتفعيل العملية السياسية على أساس القرار 2254"، وأضاف معها كأرضية للحل "الاتفاقات التي تم التوصل إليها في إطار عملية أستانة". وانتقل بعد ذلك إلى "مغازلة" توجهات كورتس المناهضة للاجئين حين قال إن تفعيل العملية السياسية سيعزز ما وصفه "توجهاً إيجابياً على الأرض (في سوريا)" و "سيساعد على عودة الحياة السلمية وتهيئة الظروف لعودة اللاجئين إلى ديارهم". وأشاد بعد ذلك بـ "استعداد النمسا الانضمام إلى العمليات الإنسانية لمساعدة السوريين"، وألمح إلى ضرورة أن تنسق فيينا مع دمشق في هذا الأمر، حين شدد على أنه "من المهم أن يتم تقديم أي مساعدة إنسانية بالتنسيق مع قنوات السلطات الشرعية، وأن تشمل المساعدات جميع المناطق المتضررة نتيجة العدوان الإرهابي والحرب الأهلية".

لم يتوقف الرئيس الروسي عند ذلك، ومضى إلى التأكيد بأن "أوروبا مهتمة للغاية في عودة اللاجئين"، وقدم مغريات في محاولة للتأثير على الموقف الأوروبي، زاعماً أن "أكثر من 150 ألف لاجئ عادوا خلال أقل من عام" وفق الأرقام الروسية. وكما في تصريحاته السابقة تجاهل أن الجزء الأكبر من المواطنين اختاروا اللجوء خارج البلاد هرباً من بطش النظام، وقمع الأجهزة الأمنية، واستمرار الاعتقالات التعسفية التي تطال المواطنين، ولم يسلم منها حتى من أجروا مؤخراً "تسويات" مع النظام، فضلاً عن انتشار ميلشيات طائفية مسلحة تمارس الخطف والقتل والتشبيح، وغيره من أسباب.  وحاول تصوير الأمر على أنه مجرد مسألة "بنى تحتية" سيعود اللاجئون فور توفرها،، وقال : "لو تضامنا معاً في تقديم المساعدات في المسائل الأساسية، مثل إعادة تأهيل الصرف الصحي، وشبكة المياه، والكهرباء، وأعدنا بناء البنى التحتية التي تساعد على توفير الدواء والمواد الغذائية، فإننا بهذا نخلق ظروفاً كي يتمكن الناس من العيش بصورة طبيعية"، وتساءل: "ليست أوروبا مهتمة بذلك؟".

 

توافق على الجانب الإنساني

في رده على ما قاله بوتين، استهل المستشار النمساوي حديثه بوصف روسيا "دولة كبيرة وعظمى" والتذكير بأنها من موقعها هذا "تتحمل مسؤولية كبرى في إيجاد حلول سياسية للأزمات في سوريا وأوكرانيا". ورفض اعتبار أن الحرب في سوريا انتهت، وعبر عن قناعته بأن نهاية الحرب تكون بخروج جميع القوات الأجنبية من سوريا، ودون مقدمات قال: "أتمنى أن يكون من الممكن سحب جميع القوات الأجنبية من سوريا، وبالدرجة الأولى القوات الإيرانية، كي تنتهي الحرب". وأشار في موضوع المساعدات الإنسانية إلى أن الاتحاد الأوروبي أكبر المساهمين في تقديمها للسوريين، وأكد في الوقت ذاته أنه يتفق مع بوتين بشأن الحاجة بزيادة تلك المساعدات.

وعرض كورتس الشروط التي يمكن أن يساهم الاتحاد الأوروبي بعد تحققها في إعادة الإعمار، وشدد في هذا السياق على أنه "فقط إذا اقتربت الحرب من نهايتها يمكن عندها أن تجري عملية إعادة الإعمار بنجاح"، وقال إن "هذا يعني أن الحرب ما زالت تدور في سوريا الآن"، ويبدو أنه يعني بذلك حربا أخرى ليست بين السوريين، وإنما بين اللاعبين الخارجيين،  حين لفت إلى أنه "هناك (في سوريا) عدد كبير من السلطات الإقليمية التي تحاول التحكم بسوريا، وعدد كبير من القوى الكبرى المهتمة بتعزيز نفوذها هناك"، معبراً عن قناعته بأن "اقتراح خروج جميع القوات الأجنبية من سوريا قرار صحيح، وأتمنى أن يكون ممكنا تطبيقه". إلى جانب انتهاء الحرب، قال كورتس إن الشرط الثاني للحديث عن إعادة الأعمار هو الحل السياسي، وأضاف: "من المهم أن نجد الدرب الصحيح للتعاون السياسي في سوريا".وبينما تجاهل "مسار أستانة" الذي ترعاه روسيا و"مؤتمر سوتشي"،  أشار بصورة خاصة إلى الإمكانيات المتوفرة عبر الأمم المتحدة، مشدداً على "ضرورة استخدامها"، وأكد في الختام أن تلك الأطر الدولية "تشكل الأساس للتعايش السلمي طويل الأمد في سوريا".