أسئلة برسم نظام الاستبداد

2019.03.10 | 23:03 دمشق

+A
حجم الخط
-A

لماذا يُصرُ نظام الأسد على استجلاب الكُره والحقد والاحتقار؟! وهل يعتقد أن سورياً فقد أخاً أو أباً أو أماً أو ابنا أو حبيباَ أو صديقا يمكن أن يسامحه على ما فعل، حتى ولو كان ممن يوالونه خوفاً أو نفاقاً أو حماقة؟! هل يظن أن من تسبب بإخراجه من بيته لم يعد سورياً، ولن يطالبه بثمن تشرده، طال الزمان أم قَصُر؟! أو يعتقد أن من أمضى ولو يوماً واحداً في معتقلات - فتحها مقابر لأهل سوريا - سينسى ما جرى له؟! كيف يمكن أن تغمض له عين، وعيون ملايين السوريين قرّحها بكاء وفراق الذين رحلوا دون وداع؟ ماذا يقول لأكثر من مليون طفل بلا مدارس أو مأوى طبيعي؟! ماذا يقول لما يقارب مليون أم ثكلى، ومثلهن وأكثر من الإخوة والأخوات والآباء والأصدقاء؟! أين سيهرب من كل هؤلاء؟!

هل يعتقد أن مشكلته فقط باستخدام الكيماوي والبراميل وصواريخ سكود على شعب أعزل؟! أو يظن أن مَن يحقق في استخدامه الأسلحة المحرمة لا يعرف أنه استخدمها مؤكداً وفعلاً، ويعرف أيضاً أنه تنكَر، ويكذب؟!  أو يعتقد أن إيران وأداتها حزب الله لا يعرفون بأن ألف محكمة دولية لجرائم الحروب غير كافية لمحاكمته والاستماع للأدلة الدامغة على الجرائم التي ارتكبها؟! وهل يعتقد أنه لم تتلطخ يداه بالدم مباشرة ولم ير الدم بأم عين على يديه أنه بريء من أي قطرة دم سُفكت في سوريا؟! ألا يرى أن ملفات إجرامه بدأت تجد طريقها إلى المحاكم الدولية، ولن تنجيه منها قوة في العالم؟!

وهل يعتقد أنه حتى إسرائيل يمكن أن تعتبره – بعد كل الذي حدث – صالحاً لأي شيء إلا المشنقة؟! ألا تستمر إسرائيل باستثمار ما برع بالقيام به

ينعت "مواطنيه" بالإرهابيين والعملاء والخونة، ويجعل أنظمة مثله تحذر شعوبها /والأصح رعاياها/ من مصير كمصير السوريين

للإجهاز على عدوتها الحقيقية سوريا؟! إذا كانت هي وأميركا تحملان وتحميان أولئك الذين أسدوا لهما خدمات جليلة، فهل يعتقد أن بمقدورهما تحمله؟! ألا يرى بأنه غدا حالة إحراج حتى لها ولإسرائيل؟! وهل يعتقد أن أحداً لا يعرف أن تلك الجماعات الإرهابية، التي ادعى محاربتها وما يزال، هي من صناعة مخابراته ومخابرات حُماته بامتياز؟!

يعلن "الانتصار" في إعلامه وعلى لسان أبواقه، والأعلام الأجنبية ترفرف فوق وطن ادعى أنه يحميه؛ ويتغنى بالقوى المحتلة إيرانية كانت أم روسية، ويسميها "حلفاء"، وينحني لجلاديها بمهانة وصِغَر. ينعت "مواطنيه" بالإرهابيين والعملاء والخونة، ويجعل أنظمة مثله تحذر شعوبها /والأصح رعاياها/ من مصير كمصير السوريين. يشعر من لا زال موالياً له بصِغَرِه وكأنه منّ عليه بالبقاء حيّاً من "الإرهاب". يحاول إقناعه وإقناع العالم بأن الدمار الذي حصل سببه الإرهاب وكأن لا ذاكرة لأحد يرسّخ فيها صور طائراته وصواريخه وأسلحته المحرمة؛ ويعتبر أن الدمار كان ضرورياً لتطهير البلد من تلك الحاضنات الإرهابية. يسعى إلى إقناع من حوله بأن الممارسات القمعية الحديثة ضرورة كي لا يكون هناك تفجيرات جديدة وقطع رؤوس؛ ويزرع في أذهانهم أن ما يُقال عن مآسي وخراب وانحطاط وعودةٍ بسوريا عقوداً إلى الوراء ليس إلا كذباً ودعاية تهدف إلى النيل من عزيمة الدولة... فأية منظومة إجرامية جهنمية هذه؟!

لا شك أنه "النظام" الأخطر على ما تبقى من سوريا من أي فوضى أو إجرام أو حتى عصابات مسلحة محترفة. أهل سوريا

لن يجرؤ من بقي من أهل سوريا حوله على القول كم هي كبيرة مساحة آلامهم. لن يتجرؤوا؛ لأنهم يعرفون أية عصابة إجرام تحكم أرواحهم

 سيجدون من يمد لهم يد العون للتخلص من هؤلاء؛ ولكن بوجوده لا أحد يمد العون لأهل سوريا ليعودوا إلى الحياة. لقد أثبت فعلاً أنه أكثر ذكاءً من علي عبد الله صالح الذي باع لإيران متأخراً؛ فهو باع مبكراً وقبض ثمن الاستمرار أكثر من سبع سنوات على دم السوريين ودمار بلدهم.

في العراق وفي ليبيا وفي يوغسلافيا تم فرض حضر جوي؛ ولكن في سوريا لم يحدث. والغاية أضحت واضحة؛ هناك من أراد هذا النظام أن يبقى حارساً على دمار سوريا.

لن يجرؤ من بقي من أهل سوريا حوله على القول كم هي كبيرة مساحة آلامهم. لن يتجرؤوا؛ لأنهم يعرفون أية عصابة إجرام تحكم أرواحهم.

ولكن ها هو باب محكمة /لاهاي/ يُقرع. ها هم فقط مجموعة صغيرة من بين آلاف المجموعات يوصلون أوجاعهم وآلام بلدهم على يديه إلى محامين يسلمونها إلى محكمة /لاهاي/. لأول مرة بعض جرائم نظام الاستبداد تطرق باب محكمة /لاهاي/ لجرائم الحرب. 28 لاجئاً سورياً يقدمون رواياتهم، وبالشواهد حول التعذيب والقتل والاعتقال عبر محامين لحقوق الإنسان في لندن. كانت الحامية روسيا تحوْل دون تقديم الادعاء عبر مجلس الأمن باستخدامها الفيتو لحماية الإجرام؛ ولكن صرخة المظلوم قد تكون بطيئة؛ يهلكها الوهن، ويعرقلها غياب الضمير- إلا أنها لابد أن تصل، وتأخذ مأخذا من الظلم والظالمين.