أحلاف الإجرام وعصابة الاستبداد

2019.04.01 | 00:03 دمشق

+A
حجم الخط
-A

في ظل شبه الإجماع الدولي على اقتلاعها من سوريا، استنفرت إيران أشد استنفار؛ حيث قامت بشحن رئيس نظام الاستبداد الذي حمته لسنوات إلى طهران كرهينة/ حيث أخذُ الرهائن عادة تتقنها/؛ وهناك أدى فروض الطاعة لولي الفقيه "خامينائي" بذلٍ واستكانة.

لم يكتفِ استنفار إيران بذلك، بل هاج مجلس الشورى فيها مطالباً بتوثيق ديون إيران على سوريا قانونياً؛ ثم أتت ثالثة الأثافي- وكانت الأثقل والأوضح والأكثر بجاحة؛ وتمثلت بتصريحات رئيس الأركان الإيراني من دمشق حول ضرورة جلاء القوات الأجنبية من سوريا؛ وكأن ميليشيات إيران الدموية على الأرض السورية دمشقيون أوحماصنة أو من حلب الشهباء السورية. ذلك التصريح الوقح أتى إثر اجتماع رؤساء أركان جيوش المحور الإيراني والعراقي والحزبلاتي ونظام الاستبداد في دمشق وميليشيا حزب الله الذي قرر تشكيل جيش جديد بمئتي ألف مقاتل في العراق وسوريا كبديل عن تنظيم داعش الذي انتهى دوره الوظيفي.

الرسالة: (محور إيران انتصر على المحور الروسي). مؤشرات هكذا رسالة تتمثل بداية بجلب رأس النظام إلى إيران دون علم موسكو. هناك مؤشر

ازداد تهويش حلف إيران حول الكورد وتكثف القصف على إدلب ومحيطها في تحدٍ صارخ لاتفاقات خفض التصعيد واتفاق سوتشي

آخر يتمثل بكثافة الوجود الإيراني في الجنوب السوري بتحدٍ تمثيلي صارخ لما تريده أميركا وإسرائيل من إيران. زِد على ذلك حصار السويداء الخفي ومنح جنسيات للميليشيات الإيرانية وتسجيلها على قيود درعا. وما دمنا في الجنوب، لابد من ذكر نصب تمثال لحافظ الأسد في قلب درعا بتحدٍ صارخ أيضاً لمشاعر الأهالي.

في الشمال، من الجانب الآخر، ازداد تهويش حلف إيران حول الكورد وتكثف القصف على إدلب ومحيطها في تحدٍ صارخ لاتفاقات خفض التصعيد واتفاق سوتشي.

كل ذلك التبلور في حلف إيران بدأ يقابله تبلور موقف روسي يقول: "نحن هنا"، ولولانا لما بقيتم أو استمريتم. حتى استهداف إدلب وجدت موسكو لنفسها المكانة الأعلى عبر طائراتها ونماذج جديدة من أسلحتها. ولن يلطّف ذلك تصريحات السيد لافروف حول التوافقات...

كل هذه المؤشرات وغيرها على المستوى الإقليمي تشي بأن النظام اختار إيران لضمان استمرار الحرب، كونه السبيل الوحيد لبقائه من خلال افتعال صراع إقليمي/ حقيقي في الظاهر وهمي في الجوهر/ مع الكيان الصهيوني.

هذا التمحور يضع المنطقة أمام مرحلة خطيرة لها الصفة الانتحارية، وتنسجم مع المبدأ الإجرامي (أحكم أو أدمر)

ذلك يأتي في مرحلة أكثر ما تحتاجه موسكو هو حصاد سياسي بعد أن فرغت من استخدام كل صنوف عسكريتها وقتلها وتدميرها. وها هي لابد تصطدم مع محور الحرب بالمطلق.

هذا يفسر زيارة وزير الدفاع الروسي شويغو المستعجلة إلى دمشق. فرحلة بشار الأسد إلى طهران لم تكن في الحسبان الروسية؛ وتأتي في مفصل تكاد تطبق العزلة على إيران؛ وكأن بشار الأسد يأتيها منقذا خارج الإرادة الروسية..

وهنا يأتي الفعل الأميركي /الترمبي/ "الصادم للجميع"؛ فليس هناك من تفسير محدد لموقع أو تموضع هذا الفعل الترمبي ضمن خريطة التحالفات الأجد؛ وأين سيصب ذلك الفعل وفِي صالح أي منهما؟

هل سنرى حلف إيران يقول لبوتين: "ها هم أصدقاؤك الإسرائيليون يستحصلون من أعدائك الأميركيين قراراً يبطل كل الحجج التي نسوقها لتبرير

هل خلا أي تصريح روسي حول سوريا من الحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها؟ ما الذي سيقوله الآن السيد بوتين لصديقه نتنياهو ورفيقه الخفي ترمب؟

شعارنا في المقاومة والممانعة؟!" أم أنهم سيقولون: "أليس تحالفنا في وجه حركات ترمب وحركات إسرائيل في ضم الجولان مدعاة لتقوية حلفنا لنقاوم ونمانع هكذا إجراءات؟!"

أي موقف روسي ينتظر في ظل التصرف الأميركي- الإسرائيلي؟ هل خلا أي تصريح روسي حول سوريا من الحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها؟ ما الذي سيقوله الآن السيد بوتين لصديقه نتنياهو ورفيقه الخفي ترمب؟

بالتأكيد عدو كل السوريين هو هذا النظام الاستبدادي الذي أوصل سوريا إلى هنا؛ لكن التحالف الإيراني الحزبلاتي الأسدي ونظيره الروسي ليس أقل استباحة وعداوة لسوريا وشعبها. هم حصراً من مهّد لترمب ونتنياهو هذه الاستباحة. تلك التمثيليات الإسرائيلية على مواقع إيرانية على الأرض السورية- حتى عمقها- لم تعد تنطلي على أحد. لو كان هناك خشية إسرائيلية من إيران لتم الاستهداف في العمق الإيراني؛ من يصل إلى حلب، وقبلها إلى بغداد لن يصعب عليه الوصول إلى طهران. مطلب السوريين من كل تلك العصابات التي ذُكِرَت أعلاه خروجهم جميعاً أحلافاً وقوى احتلال، واصطحاب عناصر منظومة الاستبداد معهم؛ لأن سوريا لن تعود باستمرار هذه المنظومة، وبوجودهم في سوريا.