icon
التغطية الحية

 رياح حكومة ميركل المتقلبة وسفن اللاجئين السوريين التائهة

2019.05.12 | 16:05 دمشق

أثارت القرارت التي أصدرتها الحكومة الألمانيا مؤخراً قلق اللاجئين السوريين في البلاد (صورة تعبيرية)
ألمانيا - حسام يوسف - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

السوريون في ألمانيا إلى أين؟

سؤال بات يراود مئات وربما آلاف السوريين من اللاجئين وطالبي اللجوء هناك بعد سلسلة الخطوات والمقترحات التي اتخذتها الحكومة الألمانية مؤخراً، والتي كشفت عن سياسة لجوء جديدة يمكن اعتبارها الأكثر تشدداً في تاريخ البلاد.

حيرة السوريين هذه وقلقهم وفقا لما قاله الشاب حسن الأحمد بلغت ذروتها خلال شهر نيسان الفائت الذي كان مليئاً بالتغيرات والقرارات والتوجهات الحكومية، والتي كان من مفرزاتها حصول العديد من السوريين على ما يعرف محلياً بـ"وقف الترحيل الوطني"، الأمر الذي اعتبره الكثير من السوريين مؤشراً على نية ألمانيا إغلاق باب اللجوء بشكل تام، لاسيما وأن هذا النوع من القرارات "منع الترحيل الوطني" يعني أن اللاجئ مُرَحَل مع وقف التنفيذ وتجرده الكثير من الحقوق وعلى رأسها حق لم الشمل.

أضاف الأحمد "بالرغم من أن بطاقات منع الترحيل حالياً يشمل في معظمه السوريين الحاصلين على إقامات أوروبية أو لديهم طلبات لجوء في دول أخرى، إلا أن هذا لا يمنع إمكانية أن تعمم هذه الظاهرة في المستقبل على بقية طالبي اللجوء حتى وإن لم يكن لديهم أي ضمات في الدول الأوروبية الأخرى".

سيل جارف وقرارات بالجملة

وفقا للأحمد ابن الـ 30 عاماً فإن أول غيث تبدل المزاج الألماني حيال اللاجئين لم يكن قطرة وإنما سيل ساهم في زيادة شتات الأسر السورية مع توجه ألمانيا مطلع العام 2016 لمنحهم ما يعرف بالحماية الثانوية التي كان لها دور كبير في تعميق حالة الشتات السوري، على اعتبار أن حاملي هذا النوع من الإقامات ما زالوا إلى اليوم غارقين في تفاصيل القرارات المتعلقة بلم الشمل، مشيراً إلى أن هذه الخطوة كانت العامل الرئيسي في ما عُرف بالهجرة المعاكسة أو عودة الكثير من اللاجئين إلى سوريا وتركيا أو البلدان التي جاؤوا منها.

أما حقيقة نهاية شهر العسل في أرض اللجوء بحسب أبو عمر -اللاجئ في ألمانيا"-  ظهرت بشكل جلي وواضح مع توجه الحكومة الاتحادية لإيقاف أو تخفيض منح المساعدات المالية لطالبي اللجوء خلال فترة انتظار البت بطلباتهم إلى جانب ما تردد عن مقترحات من وزارة المالية الاتحادية بتخفيض الموازنة المخصصة لمراكز العمل المسؤولة عن تمويل حياة اللاجئين وبرامج الاندماج، مضيفاً "سياسة التشدد لم تقتصر فقط على طالبي اللجوء وإنما حتى الحاصلين على الاعتراف بصفة لاجئ وفقاً لاتفاقية جنيف، بعد أن شدد المكتب الاتحادي للهجرة من شروط الحصول على الإقامة الدائمة  بالإضافة إلى إلزام الآلاف منهم على إعادة المقابلة الشفهية حتى بعد مرور سنوات من حصولهم على الإقامة واندماج الكثير منهم في ميادين العمل والدراسة والتدريب المهني".

لعبة السياسة وأولوية الإنسانية

يبدو أن قدر السوريين أن يبقوا ضحية اللعبة السياسية حتى ما وراء الحدود والبحار، تعليق مقتضب عبر فيه الشاب نور 32 عاماً عن موقفه من السياسة الألمانية تجاه اللاجئين، مضيفاً: "ابتعدنا آلاف الكيلو مترات عن بلدنا الذي مزقته اللعب السياسية ومصالحها إلا أننا مع ذلك وجدنا أنفسنا وقودا للعبة سياسية أخرى ومن نوع آخر"، مشيراً إلى أنّ القرارات لا تعدو كونها أوراق انتخابية لا تراعي الأولويات الإنسانية، خصوصاً مع تركيز بعض وسائل الإعلام على الجانب السلبي أو المعتم من قضية اللجوء على حد وصفه.

واعتبر نور أن القرارات الأخيرة تم اتخاذها على أساس المصالح السياسية لمن يقف وراءها وليس بناءاً على المصلحة العامة للبلاد، خاصة مع تأثيراتها السلبية على سياسة الاندماج التي أثبت الكثير من السوريين نجاحها بعد أن تمكنوا من دخول سوق العمل أو التعليم أو التدريب المهني، متسائلاً كيف يمكن للاجئ أن يمضي بما بدأه في ظل حالة التشتت الذهني وعدم الاستقرار والقلق من المستقبل الذي بات مظلماً بفعل تلك السياسة؟.

إلى جانب ذلك، أكد نور أن ما تشهده ألمانيا اليوم بدأ يدفع العديد من اللاجئين لا سيما الشباب منهم للبحث بشكل جدي عن مكان آخر للجوء، سواء في كندا أو المملكة المتحدة على اعتبار أن الوضع بالنسبة لهم في ألمانيا لم يعد آمناً حتى وإن حصلوا على حق لجوء قد يسحب منهم في أي لحظة، لافتاً إلى شعور الإحباط المزمن الذي أصاب الكثير منهم نتيجة الاصطدام بالروتين والقرارات ذات الأثر الرجعي، في الوقت الذي بات فيه اللاجئون في الدول الأخرى يحصلون على جنسيات تلك البلدان كما في فرنسا وهولندا على سبيل المثال.

من جهته اعتبر أبو خالد 40 عاماً أن التقلبات في ألمانيا مرتبطة بأن اللاجئ اليوم يدفع ثمن أخطاء الحكومة الألمانية عندما بالغت في تقدير إمكانيتها باستقبال اللاجئين حينما فتحت الحدود في العام 2015 أمام موجات اللجوء، مشيراً إلى أن ما يحدث عملياً هو تلاعب بمصير ومستقبل مئات الآلاف من الناس الذين وجدوا أنفسهم في دوامة التجاذبات السياسية وتقلبات المزاج الحكومي.

بلغة القانون

على الرغم من تشديد سياسات اللجوء ليس في ألمانيا وحسب وإنما في العديد من الدول الأوروبية، إلا أن الحقوقيين قللوا من إمكانية اعتبار السياسات الجديدة مؤشراً على الشروع بترحيل السوريين على المدى المنظور، حيث أكد المستشار القانوني المحامي بسام طبلية أن سوريا وفقاً للنصوص القانونية الدولية لا تعتبر بلداً آمناً حتى اللحظة، خاصةً مع تواصل العمليات العسكرية الروسية في مناطق من البلاد.

وعن تعديلات السياسة الألمانية تجاه اللاجئين بشكلٍ خاص أضاف طبلية: "من خلال حالات اللجوء التي شهدتها ألمانيا إبان الحروب السابقة يمكن القول بأن تعليق منح السوريين إقامات اللجوء هو مجرد إجراء اتخذته لدراسة الوضع الحالي في سوريا بعد أن شهدت تغييرات جذرية في الأحداث على الأرض"، مجدداً التأكيد على أن عمليات الترحيل في الظروف الحالية سيعتبر خرقاً للمعاهدات الدولية لاسيما في ظل انعدام الاستقرار التام، ووجود تهديد أمني يلاحق نسبة كبيرة من اللاجئين في حال عودتهم.

من جهة أخرى، ربط طبلية ميل ألمانيا لمنح إقامات الحماية الدولية للسوريين بدلا من إقامات اللجوء مطلع العام 2016، بحالة التهافت الكبير والأعداد الغفيرة التي قصدت ألمانيا صيف العام 2015، موضحاً: "في تلك الفترة كان باب اللجوء مفتوحاً بشكل غير مدروس، بالإضافة إلى وجود الكثير من المدعين بأنهم سوريون أو أنهم ملاحقون دون إمكانية إثبات أقوالهم التي تعتبر واحدة من الأسباب الخمسة المنصوص عليها في معاهدة اللجوء ومنها الملاحقة بسبب الرأي السياسي"، لافتاً إلى أن ما يحدث هو مجرد مراجعة للملفات.

كلمات مفتاحية