مرة أخرى بوتين في خدمة نتنياهو

2019.09.14 | 00:09 دمشق

+A
حجم الخط
-A

قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الخميس بزيارة قصيرة لمنتجع سوتشي، حيث التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الزيارة هي الثانية لنتنياهو في خمسة شهور، أما اللقاء فهو الثالث عشر بينهما خلال خمس سنوات تقريباً.

الزيارة الحالية كما التي سبقتها انتخابية بامتياز، حيث لم يدخر بوتين وسعاً لمساعدة نتنياهو في معاركه الانتخابية الصعبة والحاسمة في إبريل الماضي وأيلول الحالي.

الأسبوع الماضي أعلن مكتب نتنياهو عن الزيارة غير المبرمجة سلفاً، بينما تحدث هذا الأخير عنها بالتفصيل في افتتاح جلسة مجلس الوزراء –الأحد- أثناء تلخيصه لجولته الانتخابية، أيضاً في لندن حيث التقى نظيره البريطاني بوريس جونسون، ثم وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر الذي تواجد هو أيضاً في العاصمة البريطانية.

نتنياهو زعم أن جولاته ولقاءاته تتعلق بالدفاع عما أسماه أمن إسرائيل، وحفظ مصالحها مع تركيز على إيران وملفها النووي ومحاربة تموضعها في سوريا والعراق، وتجاهل تام للقضية الفلسطينية وحل الدولتين الذي أشار إليه جونسون علناً أمام نظيره الإسرائيلي دون أي ردّ فعل أو تجاوب جدي.

في لندن بحث رئيس الوزراء الإسرائيلي عن الصورة فقط مع نظيره البريطاني لتكريس فكرة أنه أي نتنياهو يتمتع بعلاقات قوية مع زعماء العالم، علماً أنه سعى أيضاً لمساعدة جونسون اليميني المتطرف والقريب جداً من إسرائيل والمدافع عن مصالحها في حزبه – المحافظين - والدولة على حد سواء.

الحديث كان عن إيران وكيفية تنسيق المواقف ضدها مع سعي للاطمئنان فيما يتعلق بالسياسة الأمريكية تجاه ملفها النووي

أما مع وزير الدفاع الأمريكي وعوضاً عن الصورة، أحاط نتنياهو نفسه بجنرالات عسكريين ولم يكن أي سياسي في اللقاء، ولا حتى وزير الخارجية المقرب منه، حيث حضر رئيس مجلس الأمن القومي ورئيس شعبة العمليات في جيش الاحتلال والحديث كان عن إيران وكيفية تنسيق المواقف ضدها، مع سعى للاطمئنان فيما يتعلق بالسياسة الأمريكية تجاه ملفها النووي، علماً أن نتنياهو يستغل ذاك انتخابياً لتقديم نفسه بصورة المنشغل والمهموم بأمن إسرائيل ومصالحها حتى في عز حملته الانتخابية والأهم ربما للتغطية أو لفت الانتباه عن القضية الفلسطينية وإزاحتها عن جدول الأعمال الإقليمي والدولي.

في البعد الروسي أشار نتنياهو - الأحد - إلى التنسيق مع بوتين لمنع أي اشتباك في ظل ما أسماه احتدام المعركة مع إيران وأذرعها. وهنا جرى أمر لافت جداً ومعبّر، حيث أخطأ نتنياهو في اسم رئيس الوزراء البريطاني قائلاً بوريس يلتسين ربما في ظل اهتمامه وانشغاله التام بجولته الروسية التي يعتبرها أهم انتخابياً بالنسبة له.

الوفد العسكري نفسه صاحب نتنياهو في موسكو الخميس، لكن بإضافة رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية، وقبل الحديث عن الزيارة الحالية لا بد من تذكر تلك التي سبقتها أوائل إبريل الماضي أيضاً قبل أيام من الانتخابات الحاسمة، ولم يتم فيها فقط تكريس التحالف أو التفاهم في سوريا وتعميقه وتجاوز قصة سقوط الطائرة الروسية فى أيلول الماضي، إنما تقديم جثة الجندي زخاريا بومل هدية لنتنياهو وحملته الانتخابية بمراسيم عسكرية رسمية في الكرملين، مع وعد بالبحث عن جثث الجنود الباقين باعتبار روسيا القوة القائمة بالاحتلال في سوريا والنظام وميليشاته في خدمتها وخدمة إسرائيل أيضاً.

بين الزيارتين اِلْتأم اللقاء الأمني الثلاثي في القدس المحتلة – أواخر حزيران/ يونيو – الذي ضم مستشاري الأمن القومي في أمريكا روسيا وإسرائيل، وهدف كذلك  شكلاً على الأقل لخدمة نتنياهو انتخابياً إضافة إلى التفاهم والتنسيق الثلاثي حول سوريا إيران والمنطقة، وإظهار تل أبيب كشريكة للقوى العظمى في رسم سيناريوهات الأحداث فى المنطقة.

نتنياهو سعى لتجيير علاقته مع بوتين وترمب فى حملته الانتخابية الحالية

نتنياهو سعى لتجيير علاقته مع بوتين وترمب فى حملته الانتخابية الحالية فطلب عقد لقاء أمني مماثل، ولكن لم يجد حماساً أمريكياً روسياً للانشعال بملفات أخرى، ولأن اللقاء الأول لم يستنفذ أهدافه بعد، فطلب دعم الرئيس الأمريكي ترامب لقرار ضم غور الأردن وشمال البحر الميت ، وهو ما لم يحدث طبعاً ،كما طرح فكرة السفر إلى روسيا للقاء بوتين الأمر الذي رد عليه الأخير بإيجابية، رغم فهمه لخلفيات وأهداف طلب نتنياهو.

الزيارة تبدو الصورة فيها مهمة لـ نتنياهو كون الرئيس الروسي يتمتع بشعبية في إسرائيل، كما هو محاولة لجرف أصوات اليهود الروس المعجبين جداً ببوتين، وبالتالي إضعاف خصمه ومنافسه أفيغدور ليبرمان المنبهر بدوره بالرئيس الروسي والداعي لنظام رئاسي على طريقته.

فى المضمون بدا لافتاً تصريح نتنياهو قبل السفر مباشرة وتخفيفه من رد الفعل الروسي على نيته ضم غور الأردن وشمال البحر الميت، والسخرية حتى من غياب تسونامي التنديدات، حسب تعبيره.

في المضمون أيضاً استحوذ الملف السورى على حيز مهم من لقاء نتنياهو مع بوتين ووزير دفاعه سيرغى شويغو، حيث تم التوافق على مواصلة التنسيق بين الجيشين الإسرائيلي والروسي لمنع الاصطدام، مع الاحتفاظ بحرية الحركة لجيش الاحتلال الإسرائيلي فى مواجهة ما تصفه تل أبيب بمحاولات إيران للتموضع عسكرياً في سوريا.

إذن فى الشكل والمضمون فى أبريل وأيلول سعى نتنياهو لتحسين وتقوية وضعه الانتخابي، وفى المرتين لم يبخل بوتين بالدعم على رئيس الوزراء الإسرائيلي، لتكريس التفاهم في سوريا بما في ذلك سعي موسكو لإبقاء نظام الأسد، ونيل دعم تل أبيب لذلك مع إطلاق يدها ضد إيران وتموضعها العسكري، والأهم ربما استغلال الباب الإسرائيلي للوصول إلى واشنطن، وتليين مواقف الإدارة الأمريكية من روسيا ومصالحها فى سوريا بشكل خاص والمنطقة بشكل عام.