icon
التغطية الحية

خلفيات زعيم داعش الجديد تكشف عن إستراتيجية التنظيم المقبلة

2019.11.05 | 10:57 دمشق

9-11-780x405.jpg
تلفزيون سوريا - فراس فحام
+A
حجم الخط
-A

أفاد المتحدث الجديد باسم تنظيم الدولة "أبو حمزة القرشي" بتسجيل صوتي تم بثه عبر مؤسسة "الفرقان" الرسمية في الأول من تشرين الثاني الحالي بمقتل زعيم التنظيم "أبو بكر البغدادي" والمتحدث السابق "أبو الحسن المهاجر"، وتنصيب "أبو إبراهيم القرشي" بديلاً عن "البغدادي".

وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية في التاسع عشر من شهر تشرين الأول الماضي مقتل "البغدادي" في عملية وصفتها بـ "السرية" نفذتها طائرات مروحية في قرية "باريشا" بريف إدلب الشمالي.

من هو "أبو إبراهيم القرشي"؟

"أبو إبراهيم القرشي" كما أعلنه المتحدث الرسمي لداعش، هو الاسم الحركي لـ " حاجي عبد الله العفري" صاحب الأصول التركمانية والمنحدر من قضاء "تلعفر" في محافظة الموصل بالعراق.

"العفري" كان معروف سابقاً باسم "أبو عمر التركماني"، إلا أنه جرى تغيير اسمه مؤخراً قبل إعلانه زعيماً جديداً للتنظيم، وإطلاق عليه لقب "القرشي" لإثبات صلته بقبيلة قريش التي ينتسب لها الرسول.

تخرج "العفري" في كلية الإمام الأعظم في الموصل، ووالده كان خطيباً مفوّهاً ومحبوباً في منطقته، وعمل في مجال التدريس لسنواتٍ عديدة، قبل أن يلتحق بتنظيم القاعدة في العراق، ويتم اعتقاله في سجن "بوكا" بمحافظة البصرة.

شغل "العفري" منصب مسؤول "التفخيخ" في التنظيم خلال الفترة الممتدة من عام 2016 حتى أوائل عام 2017، ويعتبر العقل المدبر للكثير من العمليات الانتحارية في العراق وسوريا، ثم اختاره "البغدادي" رئيساً للجهاز الأمني في تنظيم الدولة، ثم عيَّنه نائباً له بُعيد خسارة تنظيم الدولة للرقة في آواخر عام 2017، وذلك بسبب العلاقة المتينة والقديمة بينهما التي تعود إلى فترة وجودهما في سجن "بوكا".

ومنذ خسارة تنظيم الدولة لمنطقة "الباغوز" التي كانت بمثابة مركز قيادة مركزية له في شهر أيلول عام 2018، أصبح "العفري" هو القائد والمهندس الإداري للتنظيم، بهدف إعطاء "البغدادي" هامشَ تحرك من أجل استخدام رمزيته وعلاقاته مع الشخصيات الجهادية، واستغلالها في حشد الأنصار مجدداً.

وفي الثالث من شهر تشرين الثاني الحالي، أعلن برنامج "المكآفات من أجل العدالة" التابع لوزارة الخارجية الأميركية عن رصد مبلغ مالي يصل إلى 10 ملايين دولار أميركي لمن يدلي بمعلومات عن ثلاثة مطلوبين وهم: سمير حجازي المعروف باسم "فاروق السوري" أو "أبو همام الشامي" الزعيم الحالي لتنظيم حراس الدين، و "أبو محمد الجولاني" قائد هيئة تحرير الشام، بالإضافة إلى "حجي عبد الله"، ويُعتقد أن الاسم الأخير المقصود منه هو "حاجي عبد الله العفري" الزعيم الجديد لتنظيم الدولة.

إستراتيجية التنظيم الجديدة

جاء اختيار "العفري" الذي أشرف على عمليات التفخيخ ثم جهاز الأمن، ليؤكد أن تنظيم الدولة سيعمل على إستراتيجية جديدة لا تقوم على المواجهة العسكرية المفتوحة، خاصة بعد خسارته لمساحات واسعة من سيطرته في سوريا والعراق وليبيا.

 وتعتمد الإستراتيجية على منح ما كان يُعرف بـ "الولايات" استقلالية إدارية كبيرة عن القيادة العامة، وصلاحيات واسعة في القرارات التنظيمية والعسكرية، واستغلال مناطق الصراع غير المستقرة من أجل بناء قاعدة شعبية، والتركيز على كل من العراق وليبيا وسوريا واليمن من أجل تأسيس قواعد انطلاق.

ففي ليبيا تنتشر خلايا لتنظيم الدولة في جنوب غرب البلاد، بالقرب من مدينة "مرزق" ومدينة "سبها"، بالإضافة إلى تمركز بعض الخلايا وسط ليبيا في منطقة تدعى " جبال الهروج"، حيث تنطلق من تلك المواقع هجمات على الحقول والآبار النفطية في منطقة "الجفرة"، رغبةً منها في الاستحواذ على مورد مالي.

وتتموضع خلايا تنظيم الدولة في منطقتي "البعاج" و "الجزيرة" في محافظة الموصل العراقية، وتعتبر هاتين المنطقتين عقدة اتصال بين الموصل وباقي البلاد، بالإضافة إلى انتشار بعض الخلايا في صحراء الأنبار وفي محافظة ديالي.

ولا يزال العشرات من عناصر تنظيم الدولة متخفين شمال شرق سوريا، ويستفيدون من حالة الصراع التي تشهدها المنطقة، والممارسات التي تقوم بها "وحدات الحماية" ضد السكان عرب هناك، وأيضاً مما يعزز حظوظ خلايا تنظيم الدولة في محافظة دير الزور تحديداً انتشار الميليشيات الشيعية المدعومة إيرانياً، حيث يستثمر التنظيم ذلك في الترويج لنفسه كمدافع عن حقوق "السنَّة".

وتمثل عملية انشقاق جناح متطرف عن تنظيم "حراس الدين" في محافظة إدلب، فرصة مهمة بالنسبة لتنظيم الدولة حتى يعاود تحركاته الأمنية في شمال غرب سوريا بالتنسيق مع بعض المقاتلين الأجانب الذين غادروا "حراس الدين" التابع لتنظيم القاعدة.

وتتضمن إستراتيجية تنظيم الدولة لاحقاً استهداف الزعماء المحليين والعشائريين البارزين في مناطق انتشار الخلايا النائمة، وذلك لتسهيل مد نفوذها وإخضاع السكان المحليين لها، ثم الانتقال لاحقاً وبعد تأمين العنصر البشري إلى عمليات عسكرية من جديد ضد القطع العسكرية المختلفة بهدف الحصول على السلاح والذخائر.

ويمتاز تنظيم الدولة منذ ظهوره ونشأته بقدرته على تغيير إستراتيجياته وخططه بما ينسجم ويتناسب مع تبدل الواقع، ليضمن بذلك الاستمرار وإن كان على شكل أفراد (الذئاب المنفردة) وخلايا في المناطق الوعرة، تنسق فيما بينها بشكل خفي مما يتيح لها الظهور كتنظيم متماسك عندما تصبح الظروف ملائمة.

ومن المحتمل أن تلجأ بعض الأطراف الدولية وفي مقدمتها إيران إلى تقوية التنظيم مرة أخرى، بهدف استثماره ومد النفوذ تحت ستار محاربته، خاصة أن طهران تتعرض لأزمة غير مسبوقة تتمثل بانتفاضة لبنانية – عراقية ضد هيمنتها، كما أن القوات الأميركية لا تزال بحاجة إلى مبرر لبقائها في شمال شرق سوريا.