icon
التغطية الحية

إعادة توطين اللاجئين.. دول تعهدت باستقبال الآلاف لكنها لم تلتزم

2021.01.08 | 13:42 دمشق

fghfqfq.jpg
إيكونوميست-ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

وصل هاني أرناؤوط وأسرته -وجميعهم لاجئون من سوريا- إلى أوتاري سانت ماري، وهي قرية صغيرة في مقاطعة ديفون جنوب غربي بريطانيا، وذلك في عام 2017، فقدم لهم أهالي القرية بيتاً، ودروساً باللغة الإنكليزية، كما ساعدوا هاني على إيجاد عمل كعامل أو كمزارع. وهنا يقول السيد هاني: "أطلقت على ابنتي اسم ماري، لأني أحببت أوتاري سانت ماري. إذ عندما أتيت إلى هنا رأيت كل شيء أخضر ورائعاً، فشعرت وكأني مت وعدت للحياة من جديد".

وبالنسبة لتلك الحياة الجديدة، تعتبر هذه الأسرة نفسها مدينة لمشاركة بريطانيا في برنامج إعادة توطين اللاجئين الذي تجريه الأمم المتحدة، والذي قامت بموجبه بنقل نحو 63.300 لاجئ في عام 2019 إلى دول غنية وذلك من الدول المضيفة التي ضاقت بهم ذرعاً مثل الأردن ولبنان وتركيا. وبموجب البرنامج ذاته، كان من المفترض أن تتم إعادة توطين نسيم وهو نجار سوري وزوجته سيلينا وهي مصممة غرافيك ونقلهم من بيروت إلى دوندي في آذار 2020، ولكن قبل يومين من شد الرحال، ثم إلغاء كل ذلك، جراء انتشار كوفيد-19، وقيام أوروبا بإغلاق كل شيء وتعليق البرنامج بأكمله.

إلا أن الزوجين باعا كل متعلقاتهما لسد نفقات تلك الرحلة، كما أن نسيم خسر عمله عندما كان على وشك الرحيل، ولم يعد بوسعه العودة إليه مجدداً. وبما أنهما تخليا عن حقهما في البقاء في لبنان قبل الرحيل المخطط له، تماماً كما هو مطلوب منهما، لذا فقد أصبحا تحت رحمة الترحيل. وهكذا لم يعد نسيم يغادر شقتهما إلا ليبتاع المواد الغذائية أو الأدوية. وعندما يتوفر لديهما الإنترنت الذي يكون متقطعاً بالعادة، يحاولان تعلم اللغة الإنكليزية عبر مشاهدة الأفلام التي تظهر ترجمتها على الشاشة. وبما أن شقتهما لا تشتمل على نافذة تطل على الخارج، لذا فإنهما يصعدان إلى السطح لينعما بالهواء العليل.

بريطانيا استقبلت 800 لاجئ فقط في 2020

بموجب برنامج الأمم المتحدة، تعهدت بريطانيا باستقبال خمسة آلاف لاجئ سنوياً، لم يصل منهم سوى 800 خلال عام 2020 قبل حالة الإغلاق التي فرضت في شهر آذار الماضي. إذ بعدها لم يسمح لأحد بدخول البلاد بموجب هذه الخطة خلال الصيف الفائت، حتى بعد مواصلة فترة السفر لقضاء العطلات. لذا فإن توقف هذا الطريق القانوني النادر للوصول إلى بريطانيا أمام اللاجئين قد يكون أحد أسباب ازدياد عدد من حاولوا عبور بحر المانش بقوارب صغيرة خلال العام المنصرم.

في حين تواصل دول أخرى عملية إعادة التوطين، إذ قامت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة بإعادة توطين 18140 لاجئاً في مختلف بقاع العالم خلال الفترة الواقعة بين حزيران وكانون الأول من العام الماضي، حيث استقبلت أمريكا 3740 لاجئاً بين أيار وتشرين الأول، في حين لم يتم استكمال البيانات التي تتعلق بالدول الأخرى، إلا أن فرنسا استقبلت ما لا يقل عن 420 لاجئاً خلال النصف الثاني من عام 2020 وكذلك استقبلت النرويج 247 لاجئاً.

هذا وقد أعلنت وزارة الداخلية في بريطانيا خلال شهر تشرين الثاني الماضي بأنها ستبدأ بقبول 232 لاجئاً آخر حتى تحقق الهدف الذي حددته لنفسها بالسنة وهو خمسة آلاف لاجئ، والذي كان من المقرر تحقيقه بنهاية شهر آذار من عام 2020. إذ أعلنت الحكومة البريطانية في عام 2019 عن استعدادها لاستقبال عدد يتراوح ما بين 5-6 آلاف لاجئ بحلول شهر نيسان 2021، ولم تصدر أي بيان حول ذلك بعد هذا التاريخ. بينما قامت ألمانيا في عام 2020 باستقبال 1178 لاجئاً فقط من بين 5500 لاجئ تعهدت باستقبالهم سنوياً، ولهذا أعلنت حكومة البلاد أنها ستستقبل في عام 2021 ما تبقى لإكمال ذلك العدد، أي 4322 لاجئاً بالإضافة إلى 5500 لاجئ آخر.

هذا ويتزايد الاعتماد في عمليات إعادة التوطين على مساعدة المجموعات والمنظمات الأهلية، مثل تلك المنظمة التي قدمت المساعدة لأسرة هاني أرناؤوط، إذ تقوم تلك الجمعيات في مختلف أنحاء بريطانيا بدفع بدل إيجار الشقق غير المشغولة، بالاعتماد على الأموال التي يتم جمعها عبر أعمال ومشاريع محلية أو من خلال المناسبات التي تمولها جهة معينة مثل ركوب الدراجات أو بيع الكعك والحلويات.

ففي قرية ويندوفار في باكينغهامشاير، مايزال البيت المؤلف من ثلاث غرف نوم والمجهز لاستقبال أسرة ستصل في شهر آذار مايزال فارغاً، كما أن المجمدة فيه مليئة بالأطعمة التي طبخت في البيت، وفي الأدراج نجد القمصان المطوية بشكل مرتب، إلى جانب السترات التي تم التبرع بها من أجل تلك الأسرة. إذ مايزال أكثر من عشرين متطوعاً أمضوا السنة الماضية وهم يخططون ويتدربون ويعملون على تأمين الأثاث وتوفير مقاعد للأطفال اللاجئين في المدارس بانتظار الواصلين الذين يتوقعون قدومهم.

لقد باتت الحياة أصعب في بيروت منذ انفجار المرفأ في آب الماضي، والذي راح ضحيته نحو 200 شخص، إلى جانب تشريد الآلاف غيرهم، ولهذا يأمل السيد هاني أن يتمكن نسيم وسيلينا من الوصول إلى بريطانيا، وهو يعتزم أن يستقبلهم في المطار، إذ يقول: "عندما أسمع عن قدوم عرب.. أرغب بأن أساعدهم في الاستقرار هنا، لأنني أحب أن أراهم سعداء، وأن ألمس تلك السعادة بيدي".  

المصدر: إيكونوميست