icon
التغطية الحية

كيف ستنعكس المصالحة السعودية مع قطر وتركيا على الوضع في سوريا؟

2020.12.04 | 19:11 دمشق

5de6ca044c59b7363b52de52.jpeg
إسطنبول - خاص
+A
حجم الخط
-A

في تطور جديد بما يخص الأزمة الخليجية ظهر وزير خارجية الكويت الشيخ أحمد ناصر الصباح في بيان مقتضب قائلًا إن "مباحثات مثمرة" جرت خلال الفترة الماضية لحل الأزمة الخليجية المستمرة منذ 2017، وبحسب بيان الوزير الصباح فإن جميع الأطراف أكدوا "حرصهم على التضامن والاستقرار الخليجي والعربي وعلى الوصول إلى اتفاق نهائي يحقق ما تصبو إليه من تضامن دائم بين دولهم وتحقيق ما فيه خير شعوبهم".

وبعد البيان الكويتي مباشرة قال وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إن "بيان دولة الكويت خطوة مهمة نحو حل الأزمة الخليجية". مضيفا: "نشكر للكويت الشقيقة وساطتها منذ بداية الأزمة، كما نقدر الجهود الأمريكية المبذولة في هذا الصدد ونؤكد أن أولويتنا كانت وستظل مصلحة وأمن شعوب الخليج والمنطقة".

وقال نصر الحريري رئيس الائتلاف الوطني السوري، في تغريدة على حسابه في تويتر "نرحب ببيان الخارجية الكويتية الذي يبشّر بنهاية الأزمة الخليجية ونشكر دولة الكويت الشقيقة على جهودها الطيبة، ونرجو لهذه المصالحة أن تكون فأل خير على الأمتين العربية والإسلامية وعلى العالم".

وكذلك أعرب وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، عن تقدير بلاده لجهود الكويت بتقريب وجهات النظر حيال الأزمة الخليجية. وقال في تغريدة عبر حسابه على تويتر: "ننظر ببالغ التقدير لجهود دولة الكويت الشقيقة لتقريب وجهات النظر حيال الأزمة الخليجية، ونشكر المساعي الأمريكية في هذا الخصوص، ونتطلع لأن تتكلل بالنجاح لما فيه مصلحة وخير المنطقة".

وسبق الترحيب السعودي بساعة، ترحيب من الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، نايف الحجرف، والذي أكد أن بيان الكويت "يعكس قوة المجلس وتماسكه وكذلك قدرته على تجاوز كل المعوقات والتحديات".

هذه التطورات تأتي بعد زيارة جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأميركي إلى المنطقة، وأجرى خلال الأسبوع جولة على قطر والسعودية، بهدف تحقيق المصالحة التي ستكون آخر المكاسب التي سيحدثها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في نهاية فترته الرئاسية، وبهذا الصدد ذكرت وكالة بلومبيرغ أن السعودية وقطر تقتربان من إبرام اتفاق مبدئي لإنهاء الأزمة الخليجية، وأضافت الوكالة أن هذا الاتفاق لن يشمل "الإمارات ومصر والبحرين" في الوقت الحالي.

أضافت بلومبيرغ أنه "من المرجح أن تشمل مساعي حل الخلاف بين السعودية وقطر إعادة فتح المجال الجوي والحدود البرية، وإنهاء حرب المعلومات بينهما، وتشمل أيضا خطوات أخرى لإعادة بناء الثقة"، ونقلت الوكالة عن دبلوماسيين أن "الإمارات كانت أكثر ترددا في إصلاح علاقاتها مع قطر، وفضلت التركيز على بناء علاقاتها مع إسرائيل مع تجنب أي تصعيد مع إيران".

على الرغم من أن هذه المصالحة تمت برعاية أميركية خالصة، إلا أنها أيضا تمت برضا تركي، فقبل أيام زار أمير قطر تميم بن حمد أنقرة وأجرى عددا من الاتفاقيات "الاستراتيجية"، وبحث مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان  "أبرز القضايا الراهنة على الساحتين الإقليمية والدولية وتبادل وجهات النظر حيالها، وبالأخص مستجدات الأوضاع في فلسطين وليبيا وسوريا".

 

مؤشرات تقارب تركي - سعودي

بالتزامن مع المصالحة السعودية - القطرية، تجري مباحثات لكسر الجليد بين تركيا والسعودية، ويأتي ذلك كله عقب فوز جو بايدن بكرسي الرئاسة في البيت الأبيض، حيث بدأت السعودية بالتودد أكثر فأكثر إلى أنقرة الحليف الأقوى للدوحة بعد خسارة حليفها دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية وخلال الفترة الأخيرة حصلت عدّة مؤشرات توحي بتقارب بين البلدين.

كانت بداية تلك المؤشرات إرسال الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز مساعدات عاجلة لضحايا زلزال ولاية إزمير مطلع تشرين الثاني الفائت. إضافة إلى اتصال جرى بين الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل قمة العشرين التي ترأستها الرياض، وبالتزامن مع هذه المجريات أجرى وزيرا خارجية البلدين مباحثات ودية أكدا فيها على أهمية العلاقات بين الرياض وأنقرة.

وفي مؤشر جديد منحت هيئة المنافسة التركية التابعة للحكومة تصريحاً لإنشاء مشروع مشترك جديد، تحت إشراف مشترك من "بيكر هيوز" عبر شركة "جي إي أويل"، و "أرامكو"، لتأسيس وتشغيل منشآت إنتاجية لتطوير منتجات مركبة غير معدنية، بهدف استخدامها في أعمال النفط والغاز الطبيعي. وأوضحت أن المشروع المشترك "سيعمل على إنتاج وبيع المنتجات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".

 

ملفات عالقة

في السنوات الماضية، تعددت الملفات العالقة بين الرياض وأنقرة ولعلّ أهمها قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي ودعم تركيا لقطر ووجود قيادات من جماعة الإخوان المسلمين في الأراضي التركيّة، في هذا الصدد أصبحت الرياض تتعامل مع أنقرة على سبيل المناكفة السياسية، فأصبحت تدعم أي نشاط يواجه تركيا في أي مكان، وبرز ذلك من  خلال الإدانات السعودية المستمرة للوجود التركي في شمالي سوريا.

وفي عدد من البيانات كانت الرياض تصف التدخل التركي في سوريا بـ "العدوان"، هذه التصريحات أتت بعد أن كانت التصريحات التي تصدر من الرياض ترحب بالوجود التركي في تلك المناطق، ولم تكتف الرياض بالتصريحات بل تحولت الرياض من داعم لفصائل الجيش الحر إلى داعم لوحدات حماية الشعب شمال شرقي سوريا، العدو الأبرز لتركيا.

كشفت صحف تركية منذ شهور أن الرياض ستكون جزءاً من مخطط تعمل عليه واشنطن في المنطقة، حيث أرسلت السعودية 120 مليون دولار لحزب العمال الكردستاني كدعم مبدئي، وكذلك زار الوزير السعودي ثامر السبهان، برفقة المستشار الأميركي الخاص في قوات التحالف ضد داعش ويليام روباك، وجهاء محليين، بهدف تقديم دعم إضافي لقوات سوريا الديمقراطية "قسد".

 

تأثير المصالحة الخليجية على سوريا ميدانياً وسياسياً

بعد الأنباء عن التقارب التركي السعودي كتب مصطفى سيجري المسؤول السياسي في الجيش الوطني السوري، "نرحب بالأنباء الواردة عن قطع الدعم عن ميليشيات قسد الإرهابية من قِبل الأشقاء في المملكة العربية السعودية وطرد ممثل الميليشيات في الخليج الإرهابي شيفان خابوري". وهو ما يعد في حال تأكيده أقوى مؤشر لقرب المصالحة السعودية التركية.

يأمل السوريون أن تكون هذه المصالحة المنتظرة خيراً عليهم، إلا أن الملفات العالقة بين البلدين تحتاج وقتا طويلا للحل في حال حصلت أي مباحثات، ويبدو أن الملف السوري لن يكون على رأس الأولويات، وبهذا الصدد يقول الدكتور في جامعة قطر علي باكير في تصريح لموقع تلفزيون سوريا: "لا زال من المبكر جدا بناء تقييمات مستقبلية طويلة الأجل استنادا إلى الخطوات الصغيرة التي حصلت مؤخرا في مجال كسر الجليد في العلاقة بين السعودية وتركيا وتحقيق تقارب بين البلدين".

 

 

 

 

يضيف باكير في حديثه أنه وبالرغم من أن الخطوات المتخذة في هذا الصدد حتى الآن إيجابية إلا أنه "لا بد من الانتظار على الأقل خلال المرحلة الأولى لتسلم إدارة بايدن السلطة لتقييم التقارب السعودي-التركي وعمّا إذا كان هناك مسعى حقيقي لتصحيح العلاقات بشكل كامل"، كما يشير إلى أن أي "تقارب سعودي-تركي سيفيد العلاقات الثنائية والمنطقة بالتأكيد لكن يجب عدم المبالغة في هذه المرحلة بالتحديد في تقييم انعكاسات التقارب على الملفات الإقليمية".

"سوريا ليست أولوية"، هذا ما قاله باكير بخصوص تأثير التقاربات بين البلدين ويرجع السبب "لأن السعودية وموقفها فيها يرتبط أيضا بعوامل كثيرة أخرى من بينها طبيعة الموقف الأميركي". لكن من دون تقارب أكبر سيكون له وقع إيجابي على السوريين من الناحية الإنسانية والأمنية ربما.

ووفقاً لباكير فإن "استمرار المسار الإيجابي بين السعودية وتركيا يدفع الطرفين إلى تفاهم على أمور أخرى من بينها طلب المملكة الدعم من تركيا في مواجهة الحوثي وطلب أنقرة إيقاف أي نشاط أو موقف سياسي داعم لوحدات الحماية، لكن علينا أن ننتظر لنرى".

الباحث السوري فراس فحام يعتقد بأن "إنهاء الخلافات بين الجانبين سينعكس على الوضع في سوريا وأن عودة التنسيق بينهما سيصب في صالح المعارضة السورية. لأن توقف الخلافات بين البلدين قد يدفع السعودية لإنهاء دعمها لقسد وقد تنجح أنقرة بتحويل الدعم السعودي المقدم لوحدات الحماية إلى فصائل المعارضة شمالي سوريا. وهذا بطبيعة الحال سيكون له انعكاسات إيجابية".

في الشق السياسي يرى فحام في حديثه لـ "تلفزيون سوريا" أن "التقارب السعودي التركي سينعكس على الملف السوري وذلك من خلال وقف حالة التنافس على فرض القرار داخل هيئة التفاوض وداخل مؤسسات المعارضة والعودة إلى نمط التعاون والتنسيق وهذا سينعكس إيجابا على تماسك المعارضة السياسية وإنهاء حالة الاستقطاب تبعا للعلاقة مع المحاور الدولية". 

ويؤكد فحام أنه "لا يزال هنالك تحديات قد تحول دون تحوّل هذه المؤشرات إلى مصالحة كاملة وتنسيق وتكامل بين الجانبين ومن هذه التحديات موقف بعض الأطراف الإقليمية كإسرائيل والإمارات من هذا التقارب، ومواقف الدولتين من القضايا الخلافية والمعقدة كشكل العلاقة مع نظام السيسي وما إذا كان هناك تصور جديد يلبي مصالح الجانبين.