icon
التغطية الحية

بعد مؤتمر اللاجئين بدمشق هل يصل الملف إلى بيروت؟

2020.12.13 | 05:52 دمشق

20180628094351afpp-afp_16r9rg.h_0_0.jpg
إسطنبول ـ فؤاد عزام
+A
حجم الخط
-A

كثف النظام وداعموه في المدة الأخيرة تصريحاتهم المتعلقة بملف اللاجئين السوريين، وبدا متقدما على ملفات القضية السورية الأخرى خصوصا بعد أن عقدت روسيا أول مؤتمر للاجئين في دمشق الشهر الماضي وإقحام النظام هذا الملف كبند على جدول أعمال اجتماعات لجنة صياغة الدستور التي انتهت جولتها الرابعة قبل بضعة أيام.

وفي حين حاول النظام وداعموه التأسيس من خلال مؤتمر دمشق من أجل تعويم ملف اللاجئين، فإن حراكهم في هذا الإطار اتجه نحو بيروت المحطة الثانية على طريق وضع الملف في البازار الدولي مع إدراكهم أنه وإن اختلفت بعض الأطراف إقليميا ودوليا على بعض عناوينه فهي تلتقي في معظم مفرداته على عنوان واحد منه على الأقل وهو أن القضية السورية باتت قضية إنسانية بعد أن تدحرجت ملفاتها السياسية من نضال شعب يطالب بإنهاء الاستبداد وبالحرية إلى تغيير بعض مواد الدستور.

 

اقرأ أيضا: مؤتمر اللاجئين.. لبنان يقر خطة لعودة السوريين من أراضيه

ومن جانب آخر فإن الطريق لإيصال ملف اللاجئين إلى البازار الدولي تشوبه على الأقل في المدة الحالية عثرات بفعل تجاذبات الدول المتدخلة في القضية السورية وبحكم مصالحها، إلا أن انطلاق هذا الملف باتجاه عقد مؤتمر ثان له في بيروت قد يشكل خطوة إضافية لتسويقه دوليا، وهو ما أراده الروس والجانب اللبناني من خلال التصريحات التي أدلى بها مسؤولو البلدين خلال مشاركتهم في مؤتمر دمشق للاجئين.

ما الذي تريده روسيا من تعويم ملف اللاجئين

تشير تطورات ملف اللاجئين إلى أن أهداف روسيا من عقد المؤتمر الثاني في بيروت هي سياسية بأبعاد اقتصادية، ومن أبرزها تعويم النظام، وهذا اتضح من خلال مؤتمر دمشق إذ ظهر وجود كم من الدول لا تستضيف على أراضيها لاجئين، وتريد الظهور دوليا بأنها تحقق نجاحات في حل سياسي ما ينعكس برأيها بشكل ايجابي في حصولها على دعم غربي بالنسبة لإعادة الإعمار التي يعجز اقتصاد النظام المدمر واقتصادها الهش عن تحقيق تقدم فيه. عدا عن كون روسيا دخلت سوريا ووظفت واستثمرت بآلتها العسكرية بهدف تحقيق أرباح وحضور في المنطقة وليس من أجل توظيف أموال أو مساعدات.

اقرأ أيضا: تنفيذاً لقرار الأمن اللبناني.. عشرات اللاجئين يعودون إلى سوريا

وتنظر روسيا إلى موضوع اللاجئين كما يقول المحلل السياسي الدكتور سامر الياس لموقع تلفزيون سوريا بأنه البوابة الرئيسية من أجل إعادة الإعمار، لأن روسيا لا يمكنها الحديث عن انتصار وترجمة ما حققته آلتها العسكرية على الأرض إلا بتثبيت حل سياسي، وهذا الحل لا يتم إلا من خلال إعادة اللاجئين الذي يعني عودة الحياة طبيعية إلى سوريا.

وفشلت روسيا مرارا في السابق بإقناع الغرب بدعم دعوتها لإعادة اللاجئين إذ وصل بها الأمر للدفع بكنيستها لحض المجتمع الدولي والطوائف المسيحية في الغرب على المساعدة في إعادة الإعمار بحسب ما أعلنه رئيس قسم العلاقات الخارجية في السينودس المقدس لبطريركية موسكو، المطران هيلاريون، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام روسية.

اقرأ أيضا: سياسة لبنان تجاه السوريين تحرمهم من فرص اللجوء إلى كندا

ويربط الغرب بين الحديث عن ملف اللاجئين وبين تهيئة الظروف الملائمة لعودتهم من بينها تحقيق تقدم سياسي بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 2254 الصادر في 18 من كانون الأول/ديسمبر 2015 والذي يؤكد ضرورة إنجاز الانتقال السياسي وانتخابات حرة نزيهة بمشاركة المهجرين خارج سوريا.. وتأهيل المناطق المتضررة، وفقا للقانون الدولي، لكي يتم العمل على إعادة اللاجئين بشكل آمن وطوعي تأخذ بالحسبان مصالح الدول التي تستضيف اللاجئين وبدا ذلك واضحا من خلال ما أعلنه المتحدث الرسمي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، بيتر ستانو، إذ كرر تأكيده أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، يحدد إطار العمل للحل السياسي الشامل والمستدام للنزاع السوري، ومعالجة الأسباب الكامنة للنزاع وأزمة اللاجئين والنزوح الداخلي.

 

هل يرغب النظام بإعادة اللاجئين؟

من جانبه اتخذ النظام بعد مؤتمر اللاجئين في دمشق عدة قرارات بدت وكأنها تصب في إطار التشجيع على إعادة اللاجئين من بينها إعفاء بعض الأشخاص من دفع مئة دولار عند الدخول إلى سوريا عن طريق لبنان، وروج إعلامه عودة بضعة مئات من اللاجئين السوريين من لبنان ولكن ذلك اندرج في إطار بروباغندا إعلامية أكثر مما هي حقيقة، إذ يرجح أن يكون سببها ضغط روسيا الممسكة بقرار النظام السياسي وهو ما اتضح من خلال حديث بوتين مع بشار الأسد خلال اللقاء الأخير إذ قال له : "دعوتكم سابقاً لدعم المبادرة وبذل الجهود لإعادة اللاجئين السوريين، وحينها اتفقنا على متابعة أعمالنا في هذا الاتجاه واتفقنا على تشكيل فريقين للتنسيق من كلا البلدين، واليوم تتخذ الإجراءات ومختلف التسهيلات لتمكين ومساعدة اللاجئين من العودة "

اقرأ أيضا: عون: خسائر لبنان تجاوزت الـ40 مليار دولار بسبب اللاجئين

وأقحم النظام ملف اللاجئين في الجولة لاجتماعات لجنة صياغة الدستور بالرغم من أن هذا الملف يعد من القضايا الإنسانية فوق الدستورية، وغير التفاوضية، والهدف من ذلك هو الترويج إعلاميا لهذا الموضوع وأيضا محاولة حرف اجتماعات اللجنة الدستورية عن مهمتها واختصاصها، وجر المعارضة إلى جانبه بالمطالبة بإعادة اللاجئين واستمثار ذلك أمام القوى الغربية بهدف الضغط لتقديم مساعدات إعادة الإعمار ليس أكثر.

ولم يظهر النظام في السابق أية دلائل على أنه معني بعودة اللاجئين، وهو الذي دفعهم للهجرة، وأطلق مصطلح المجتمع المتجانس وسرب قائمة بأكثر من مليون شخص مطلوب اعتقالهم، وكان يطلب من المعارضين مباشرة وبشكل غير مباشر مغادرة البلاد، كما أكد عدد ممن طردهم من وظائفهم لنشاطهم المعارض، ثم إن معظم مناطق خفض التصعيد التي بقي الأهالي فيها وخاصة المنطقة الجنوبية لا تزال تؤرق النظام كما أنه بعث برسائل للاجئين وما ينتظرهم إن هم عادوا فبحسب ما أكده وزير شؤون النازحين في لبنان معين المرعبي، في نوفمبر من العام قبل الماضي قتل النظام واعتقل عددا ممن عادوا من لبنان إلى سوريا.

اقرأ أيضا: بين الحقيقة والوهم: خطة لإعادة اللاجئين السوريين من لبنان

إضافة لذلك فقد أصدر مراسيم وقرارات تؤكد القطيعة مع اللاجئين من بينها المرسوم رقم 10 في نيسان من العام قبل الماضي والذي وصفته ألمانيا بـ "الغدر" إذ يلزم مالكي المنازل بتقديم ما يثبت ملكيتهم للعقارات في غضون 30 يوما، وإلا فإنهم سيخسرون ملكية هذه العقارات، وتصادرها الدولة، ويحق لها تمليك العقارات لمن تراه مناسبا.

 لماذا يريد لبنان عقد مؤتمر للاجئين  

توازيا مع حراك روسيا والنظام قام لبنان الرسمي بتفعيل اللجنة المكلفة بملف عودة اللاجئين السوريين الأسبوع الماضي بعد أن توقفت عدة أشهر بسبب انتشار فيروس كورونا بحسب ما أعلن على لسان المشرف العام على الخطة الوطنية اللبنانية للاستجابة لأزمة اللاجئين السوريين "عاصم أبي علي" الذي أعلن أن لبنان سيستضيف مؤتمرا دوليا حول اللاجئيبن دون أن يحدد موعدا له.

وكان المبعوث الرئاسي الروسي ألكسندر لافرنتيف بحث مع وزير السياحة والمهجرين اللبناني، رمزي مشرفية على هامش مؤتمر اللاجئين في دمشق، موضوع عقد مؤتمر ثان للاجئين السوريين في بيروت حيث لفت المسؤول الروسي إلى استعداد النظام وروسيا لتقديم العون للحكومة اللبنانية من أجل إعادة اللاجئين في لبنان الذي يقول إن عددهم 1.5 مليون لاجئ في حين لا يتعدى عدد المسجلين منهم لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين 885 ألفاً.

اقرأ أيضا: اللاجئون السوريون في لبنان.. بين الفقر وتعب الحال

ويصف المحلل السياسي الللبناني ورئيس تحرير موقع جنوبية علي الأمين في حديث مع موقع تلفزيون سوريا.. المؤتمر القادم للاجئين في بيروت بأنه مجرد فقاعة إعلامية لن تنتج شيئا بخصوص عودة اللاجئين، وهو ليس أكثر من اللعب في الوقت الضائع والهدف منه محاولة إظهار وجود أطراف لها دور في هذا المجال كلبنان وروسيا

وأورد الأمين سببين وراء مساعي لبنان لعقد مؤتمر للاجئين السوريين أولهما محاولة استقطاب مساعدات دولية ولا سيما أنه يرجع سبب أزمته الاقتصادية إلى وجود اللاجئين على أراضيه، والسبب الثاني يتعلق باللعبة السياسية الداخلية حيث طرح الرئيس ميشال عون أكثر من مرة هذا الموضوع ويحاول استثماره بعد انتفاضة تشرين في لبنان بهدف كسب شعبية له.

وقال الأمين.. إن لبنان ليس قادرا على إنجاز مسألة إعادة اللاجئين لكنه يحاول أن يستثمر في فيها من خلال ابتزاز المجمع الدولي بالمساعدات لكنه لن يقدم على خطوة مناقضة لتوجهات المجتمع الدولي

وأضاف الأمين أنه حتى الآن لم يوضع ملف إعادة اللاجئين على السكة خاصة وأن روسيا ولبنان يدركان أن عودة اللاجئين تتطلب مقدمات أولها اتفاق سياسي وهي النقطة الرئيسة التي تحاول روسيا إنجازها على أمل أن تحظى بدعم أميركي وعربي وهذا لم يتوفر حتى الآن إذ لم توافق الولايات المتحدة حتى الآن على تمرير مسألة عودة اللاجئين إذا لم يكن هناك تفاهم سياسي.

اقرأ أيضا: على الهوية..ترحيل لاجئين سوريين من لبنان

قد ينجح الروس والنظام ولبنان بعقد مؤتمر ثان للاجئين في بيروت للضغط على المجتمع الدولي بهدف تقديم مساعدات إعادة إعمار تستفيد منها الأطراف الثلاثة فقط، وربما يوضع الملف في مرحلة ليست بعيدة على طاولة المجتمع الدولي، ولكن يرجح أن تندرج مسألة حل هذا الملف في إطار مقايضات ومساومات سياسية كما ملفات القضية السورية الأخرى، تصب جميعها في مصالح الدول المتدخلة بشكل رئيس والتي لا تبدو مستعجلة في الحل السياسي، بينما يبقى النازحون في المخيمات داخل البلاد واللاجئون في المخيمات وفي دول الجوار وقسم من اللاجئين في الدول الغربية، ينتظرون حلا سريعا لقضيتهم.