اغتيال فخري زاده.. هل ستنتقم إيران بسرعة؟

2020.12.01 | 23:10 دمشق

2020-12-01t101917z_1631430883_rc2aek90v2yp_rtrmadp_3_iran-nuclear-scientist.jpg
+A
حجم الخط
-A

شكل اغتيال العميد في الحرس الثوري الإيراني محسن فخري زاده (ذو الاسم المستعار حسن محسني) حدثاً مهماً على الساحة السياسية لإيران والمنطقة وكان له تداعيات عالمية واسعة النطاق، في حين احتل موضوع تأثير هذا الحدث على ميزان القوى في الشرق الأوسط واستقرار المنطقة، وطبيعة الرد الإيراني عليه مساحة كبيرة من التحليلات.

وفي الحقيقة، شكل اغتيال محسن فخري زاده ضربة موجعة لإيران من عدة نواحي، فهي خسارة عسكرية ولوجستية كبيرة، وفي ذات الوقت تعتبر ضربة معنوية موجعة للنظام الإيراني، كونها أثبتت فشل أجهزة الأمن والاستخبارات الإيرانية، رغم كثرتها وتعددها، في حماية أحد أهم الكوادر العلمية المقربة من المرشد الإيراني داخل الأراضي الإيرانية.

وإلى جانب عملية الاغتيال هذه، تظهر عملية رصد سلسلة الانفجارات التي استهدفت إحداها مركز التصنيع الصاروخي في منطقة خجير بالقرب من طهران، أسلوباً جديداً من المواجهة ما بين إسرائيل وإيران، على الرغم من عدم تحمل الحكومة الإسرائيلية أي مسؤولية عن جميع العمليات التخريبية التي نفذت داخل إيران خلال الأشهر الستة الماضية.

وعلى ما يبدو، تلقت وسائل الإعلام المقربة من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني هذا التحول، مطلقةً العنان لكتابها بنشر مقالات وتحليلات تهدد فيها، دون تسمية الحكومة الإسرائيلية، من موضوع ضرب المنشآت الصاروخية والنووية الحساسة، لكن هذه المرة، كتب مجيد تخت روانجي، الممثل الدائم لإيران لدى الأمم المتحدة، رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن يدعو فيها إلى إدانة اغتيال محسن فخري زاده، قائلاً إن "هناك مؤشرات جدية على مسؤولية إسرائيل عن عملية الاغتيال".

اغتيال شخصية غامضة في ظل ظروف حساسة

لطالما حاولت الحكومة الإيرانية إبقاء محسن فخري زاده في الخفاء بعيداً عن الأضواء، محيطة إياه بهالة من الأسرار والغموض، وهذا الأمر جعل من الصعب الحكم على المزاعم المنسوبة حول أنشطته المختلفة، لكن ذلك لا يمنع القول أنه لم يكن شخصاً عادياً على الإطلاق.
بدايةً، ارتبطت أول أنشطة فخري زاده الخاصة بمشروع الصواريخ الإيرانية والتعاون مع كوريا الشمالية وليبيا، ومن ثم بدأ البحث النووي في مركز أبحاث الحرس الثوري الإيراني، ثم التحق بجامعة الإمام الحسين التابعة للحرس الثوري الإيراني.
وفي عام 2000 - 2001 ميلادي، قيل إنه عمل في مركز الأبحاث الفيزيائية المتعلقة بالنشاطات النووية، وتولى مشروع آماد، وفي عام 2011 تولى رئاسة منظمة البحث والابتكار بوزارة الدفاع ودعم القوات المسلحة المعروفة بـ "سبند".
كما أن هناك مزاعم تقول أنه كان أيضاً رئيساً لجامعة مالك الأشتر التابعة لوزارة الدفاع الإيرانية، وبحسب تصريحات فريدون عباسي، الرئيس السابق لهيئة الطاقة الذرية في حكومة محمود أحمدي نجاد، تعرض فخري زاده عام 2011 لعملية اغتيال فاشلة، وكما نُقل عن زوجته قولها: "إننا نتعرض للاغتيال كل يوم. نحن مستعدون للاغتيال كل يوم".

النقطة المهمة هي أن موضوع وصفه بالعالم النووي هو محط تشكيك من الكثيرين، وفي ظل الدلائل المتاحة لا يبدو أن فخري زاده كان عالماً أو باحثاً، بل يمكن اعتباره مهندساً تنفيذياً أو مهندساً يملك خبرة في تصميم الأسلحة العسكرية وفي مجال الأنشطة النووية الحساسة.

يقول حسين دليران، الذي يصف نفسه كمراسل وخبير في الشؤون الدفاعية والأمنية، على صفحته على التويتر أن محسن فخري زاده أنهى قبل مقتله مشروعين مهمين، وهما إنتاج أول مجموعة تشخيص كورونا، وعملية الإنتاج الأولية للقاح كورونا، وهذا الأمر يضع إشارات استفهام على مشاركة عالم نووي، كما تصفه المواقع الإيرانية، في إنتاج لقاح طبي.

🔴 2 پروژه مهمی که شهید #فخری_زاده به سرانجام رساند

1-تولید اولین کیت تشخیص کرونا
2-تولید اولیه واکسن کرونای ایرانی

کیت تشخیص کرونا، تولید انبوه شده است

واکسن کرونا هم به نتایج خوبی رسیده و در آستانه تست انسانی قراردارد

متن کامل را در کانالم بخوانیدhttps://t.co/2Xp5HVhvJ1

— Hossein Dalirian (@HosseinDalirian) November 27, 2020

 

مرتبة العالم تعتبر أعلى المراتب العلمية التي يمكن أن يصل لها أي متعلم حاصل على شهادة دكتوراه أو بروفيسور، في حين تتضارب الأنباء حول الشهادة العلمية التي يحملها فخري زاده، فالبعض يقول إنه حاصل على شهادة الدكتوراه، والبعض الآخر يقول أنه حاصل على شهادات ما فوق الليسانس.

من ناحية أخرى، يأتي توقيت عملية الاغتيال هذه في ظل ظروف حساسة للغاية، وتتزامن مع الأسابيع الأخيرة لإدارة ترامب وإمكانية تغيير السياسة الأميركية تجاه إيران مع تنصيب الرئيس بايدن، مما يثير التكهنات بأن هذه الخطوة تهدف إلى إرسال رسالة إلى الإدارة الأميركية المقبلة لوضع المخاوف الإسرائيلية بعين الاعتبار، أو منع الإدارة الأميركية من عقد أي محادثات أو اتفاق نووي جديد مع إيران.

هذا الأمر ظهر جلياً في تغريدة علي مطهري، الممثل السابق في البرلمان الإيراني، الذي تحدث عن أن الهدف من عملية الاغتيال هو جر إيران لصراع في المنطقة، وإغلاق طريق التفاهم مع الحكومة الأميركية المقبلة، خلال الأسابيع الأخيرة من رئاسة ترامب.

ترور ناجوانمردانه دکتر محسن فخری زاده علاوه بر ضربه زدن به صنعت هسته ای کشور، با هدف کشاندن ایران به درگیری در منطقه در زمان باقی مانده از ریاست ترامپ انجام شد تا راه تفاهم دولت آینده آمریکا با ایران بسته شود. انتقام از نتانیاهو و قصاص ترامپ را به زمان مناسب موکول کنیم.

— Ali Motahari (@alimotahari_ir) November 28, 2020

 

ردود فعل متفاوتة والحرس الثوري يهرب إلى الأمام

إن مستوى ودقة عملية الاغتيال التي كسرت كل مستويات الحراسة والحماية المشددة التي كان يحاط بها فخري زاده، بحيث لم تترك له أي احتمال للنجاة، أظهر مدى الثقب والاختراق العميق الذي تعاني منه الأجهزة الاستخبارية الإيرانية، وهذا الأمر انعكس بشكل واضح على ردود فعل المسؤولين الإيرانيين الذين تراوحت تصريحاتهم بين المطالبة بالانتقام الفوري أو الرد في الوقت المناسب.

وفي الوقت الذي لم يتطرق فيه المرشد الأعلى الإيراني في تعزيدته على مقتل فخري زاده لذكر كلمة الانتقام أو اسم الحكومة الإسرائيلية أو الأميركية، ذهبت شخصيات من الحرس الثوري، مثل العميد محسن رضائي، عضو البرلمان الإيراني الحادي عشر، وحسين شريعتمداري، رئيس تحرير صحيفة كيهان، للهجوم على حكومة روحاني وتيار المدافعين عن التفاوض مع الولايات المتحدة، بدلاً من توضيح أسباب هذا الاختراق الأمني الكبير، الذي ذهب بدعاياتهم الزائفة أدراج الرياح.
في حين ألقى جواد كريم قدوسي، عضو جبهة الثبات وأحد السياسيين الأصوليين في تغريدة باللوم على حسن روحاني وحكومته في مقتل فخري زاده، مدعياً أن لقاء فخري زاده مع يوكيا آمانو، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، هيأ الأرضية لمقتله.

وفي هذا الصدد، رد المتحدث باسم وكالة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي، على تصريحات قدوسي، قائلاً إن "فخري زاده لم يسبق له أن التقى أو تفاوض في أي اجتماع مع المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية أو مع أي مفتش أو مسؤول في الوكالة الدولية للطاقة الذرية".

بغض النظر عن المطالبات الإيرانية التي تدعو للانتقام وتنفيذ عمل رادع وحاسم، مثل ضرب حيفا، كما طالبت صحيفة كيهان في أحد تقاريرها، يبقى إلقاء اللوم على حكومة روحاني في قضية مقتل فخري زاده من جانب شخصيات كبيرة محسوبة على الحرس الثوري الإيراني دليلاً واضحاً على مدى العجز الذي وصل له النظام الإيراني على المستوى الداخلي والإقليمي اليوم، خاصة أن قادة الحرس الثوري هؤلاء يهيمنون اليوم على معظم مقاعد البرلمان الحادي عشر، ويسيطرون على أكبر مؤسسة أمنية وعسكرية واقتصادية في البلاد، وعيونهم نحو كرسي الرئاسة الإيرانية اليوم، وبيدهم الحل والربط في كل شيء.

ورغم تعدد التصريحات الإيرانية وتلونها، يبقى من الملاحظ أنه لا توجد إرادة حقيقية لدى المستويات العليا في النظام الإيراني للرد أو الانتقام بسرعة على مقتل فخري زاده، ولدينا تجربة الانتقام على مقتل قاسم سليماني أكبر دليل وشاهد على هذا الأمر.

كلمات مفتاحية