icon
التغطية الحية

ما إشكاليات مقترح "هيئة التفاوض" المطروح في الجولة الرابعة؟

2020.12.07 | 07:54 دمشق

4ccdba5a-fe91-46d9-a6c0-1e12db4c9a6f.jpg
من اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف (وكالات)
إسطنبول - تيم الحاج
+A
حجم الخط
-A

رغم أن الجولة الرابعة من اجتماعات "اللجنة الدستورية" اختتمت أعمالها، في 4 من كانون الأول الحالي، إلا أن تداعيات ما جاء فيها ما يزال مستمراً حتى الساعة، إذ تتعالى أصوات تُحسب على الصف الأول للمعارضة السياسية السورية، تنتقد بنوداً جاءت في مقترح قدمه وفد "هيئة التفاوض" (وفد المعارضة) المشارك في "اللجنة الدستورية" إلى المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون.

المقترح جاء في أربع صفحات، تضمن كثيرا من العناصر، بينها أن يكون النظام السياسي جمهورياً، يقوم على التعددية السياسية، وتتم ممارسة السلطة ديمقراطياً عبر صناديق الاقتراع، وتسهم الأحزاب السياسية والتجمعات الانتخابية في الحياة السياسية الوطنية، وعليها احترام الدستور ومبادئ السيادة الوطنية.

المنتقدون للمقترح وجدوا فيه شيئاً من التنازل، إلى جانب أنه قد يخدم سردية نظام الأسد، في المقابل، يتفهّم الرئيس المشترك لـ "هيئة التفاوض"، هادي البحرة، وفريقه، هذه الانتقادات، وقال في حديث لموقع تلفزيون سوريا، إن هذه المخاوف ناتجة عن عدم وضوح تسلسل العملية السياسية، وإن مقترحهم هو لدستور سوريا الجديد، ما بعد تنفيذ قرارات "الشرعة الدولية" وأهمها القرار 2254 الصادر عام 2015.

سجال مقترحات بين وفدي نظام الأسد و"هيئة التفاوض" وبيدرسون صندوق البريد

يبدو أن مقترح "هيئة التفاوض" جاء كرد على وثيقة قدمها رئيس وفد النظام أحمد الكزبري، للمبعوث الأممي بيدرسون، شدد فيها نظام الأسد على موافقه الداعية لمناقشة مواضيع خارج الإجراءات المتفق عليها مسبقاً.

وركزت على "مكافحة الإرهاب" ورفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على النظام، وقالت الوثيقة. وقد ساوى النظام في وثيقته بين تنظيم "الدولة" و"الإخوان المسلمين"، كما طالب بإدانة "الاحتلال الأجنبي من تركيا وإسرائيل وأميركا" من دون أي إشارة إلى إيران وروسيا، إلى جانب رفع الصوت بوجه "الإدارة الذاتية" شمال شرقي سوريا، إذ وصفتها الوثيقة بـ "صاحبة أجندة انفصالية".

وكان عضو "هيئة التفاوض" يحيى العريضي، قال لموقع تلفزيون سوريا مطلع الجولة الرابعة إنهم استعدوا بشكل جيد لكل السيناريوهات، وإنهم يعلمون جيداً أن وفد النظام سيعمل على وضع العراقيل أمام عربة "اللجنة الدستورية"، عبر تغريده خارج السرب.

 اجتماعات اللجنة قبل أكثر من سنة، حيث تم تجهيز ملفات بمختلف بنود ومحاور الدستور من أجل كتابة الدستور، مشدداً أن استعداداتهم ماتزال موجودة على قدم وساق، وهي في طور التحديث باستمرار.

العريضي قال "نحن نعرف نية النظام في كسب الوقت وحتى الروس يريدون تفصيل حل على مقاسهم يساهم في إعادة تأهيل النظام، ولكن هذا لايمكن أن يحدث، بسبب وجود قرار دولي ضمن محاور على رأسها هيئة حكم انتقالي وأحد بوابات الحل إيجاد دستور ناظم للحياة السياسية السورية". لا فتاً إلى أن وفد "هيئة التفاوض" يشارك في اجتماعات اللجنة الدستورية، بروح إيجابية ومسؤولية تضع المصلحة السورية فوق كل اعتبار، وفق تعبيره.

7cea4ba0-0b22-4737-b17d-534d4ec9856e.jpg

تنازل يخدم جزءاً من سردية نظام الأسد

كبير المفاوضين في وفد المعارضة السورية إلى اجتماع "جنيف4"، محمد صبرا، قرأ في البند الذي جاء في مقترح "هيئة التفاوض" ويقول إن "الشعب السوري وحده من يقرر مستقبل بلده بالوسائل الديمقراطية وعن طريق صناديق الاقتراع بدون تدخل خارجي وفقاً لحقوق الدولة السورية"، أنه يعني في حقيقته التنازل عن كل قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة الخاصة بالقضية السورية، خاصة أن الفقرة لا تدع مجالاً للاجتهاد، عندما تضيف من دون تدخل أحد ووفقا لحقوق الدولة السورية.

ويرى صبرا في حديث لموقع تلفزيون سوريا، هذا البند يشكل فخاً حاول المبعوث الأممي السابق، ستيفان ديمستورا، أن يمرره ورفضه وفد المعارضة، لأنه يسقط كل القرارات الدولية حول سوريا، ويجعل الحل فيها عبر صناديق الانتخاب فقط.

ووفق صبرا فإن هذا المطلب هو مطلب روسيا والنظام، وهو نفس الكلام الذي يردده وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، ورئيس النظام بشار الأسد، والقائل إن "الحل في سوريا يجب أن يكون عبر صناديق الاقتراع، وليس عن طريق الأمم المتحدة".

واعتبر هذا البند "صك براءة للنظام" بشكل كامل وتبني لجزء كبير من سرديته وروايته،

وزاد صبرا "لو أن مقترح هيئة التفاوض أكمل هذه الفقرة بعبارة، بعد تنفيذ قرارات مجلس الأمن الخاصة بسوريا، أو لو قال وفقاً لقرارات مجلس الأمن الناظمة للمرحلة الانتقالية وما بعدها، لكنا رفعنا القبعة لهم".

وتوقع أن تقوم "هيئة التفاوض" بتبرير ذلك بالقول "إننا نقصد بهذا البند بعد المرحلة الانتقالية"، وطرح صبرا تساؤلاً بالقول "لو كان كذلك لذكرتموه صراحة من دون الحاجة للغموض والتفسيرات والتوضيحات؟" .

اقرا أيضاً: جولتان قادمتان للجنة الدستورية زار بيدرسون لأجلها عدة عواصم

هادي البحرة يرد على منتقدي مقترح "هيئة التفاوض"

رد الرئيس المشترك لـ "هيئة التفاوض"، هادي البحرة، عبر موقع تلفزيون سوريا، على منتقدي المقترح الذي قدموه في الجولة الرابعة من اجتماعات "اللجنة الدستورية"

وفي مايلي رد البحرة:

"نتفهم بشكل كامل هذه المخاوف وهي ناتجة عن عدم وضوح تسلسل العملية السياسية، هذا النص المقترح هو لدستور سوريا الجديد، سوريا المستقبل،  مابعد تنفيذ قرارات الشرعة الدولية وأهمها القرار  2254 لعام 2015. والخلط عند العموم هو في موقع مشروع الدستور في العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة في جنيف وتاريخ إقراره".

"إقرار الدستور الجديد من الشعب السوري سيتم بعد إنجاز الاتفاق السياسي للتنفيذ الكامل والصارم لقرار مجلس الأمن رقم 2254، وتحقيق البيئة الآمنة والمحايدة من قبل هيئة الحكم الانتقالي (نظام الحكم الشامل وذو المصداقية وغير الطائفي)، المسؤولة عن تحقيق تلك البيئة قبل أي عملية انتخابية. بالتالي الشعب وهو صاحب السلطة في إقرار الدستور من عدمه، وسيتوجه للاستفتاء على الدستور بعد إنجاز الاتفاق السياسي لتنفيذ كامل قرار مجلس الأمن 2254، وفي آخر مراحل تنفيذ القرار الذي يؤدي الى الانتقال السياسي الكامل، الاستفتاء على الدستور يليه الانتخابات البرلمانية و/أو الرئاسية وفق ما يحدده الدستور المنشود وبإشراف كامل من الأمم المتحدة".

اقرأ أيضاً: الجولة الرابعة من اللجنة الدستورية تبدأ أعمالها في جنيف

وحول عدم ذكر أي شيء عن "هيكلة الجيش والأمن وإعادة بناء النظام السياسي والعدالة والمحاسبة، وفق رأي المنتقدين، في مقترح "هيئة التفاوض"

قال البحرة "لم يتم تجاهله أو تجاهل مضامين دستورية كثيرة أخرى، كنا قدمناها في دورات الاجتماعات السابقة، الورقة التي قدمت هي ملخص لما تم طرحه في مداخلات أعضاء اللجنة من هيئة التفاوض خلال اجتماعات الدورة الرابعة فقط، أشرنا لذلك بوضوح في مقدمة ورقتنا المقترحة حيث نصت على ذكر المضامين والبنود الدستورية المقترحة التي وردت في المداخلات خلال الدورة الرابعة من اجتماعاتنا.

اقرأ أيضأ: ما هي "ولاية" و"مرجعية" اللجنة الدستورية؟ - تلفزيون سوريا

و"أشرنا (الكلام للبحرة) في المقدمة بوضوح إلى المبادئ الاثني عشر التي اعتمدت من الأطراف المعنية كافة وضمنت في اتفاق تشكيل اللجنة وتفويضها واختصاصاتها حيث نصت المادة1:الولاية: ضمن البند السابع، ويقوم الإصلاح الدستوري من بين أمور أخرى بتجسيد المبادئ الاثني عشر الحية السورية - السورية نصاً وروحاً في الدستور السوري والممارسات الدستورية السورية، هذا وقد تم النص ضمنها على بناء جيش وطني قوي وموحد يقوم على الكفاءة ويمارس واجباته وفقاً للدستور ولأعلى المعايير. وتتمثل مهامه في حماية الحدود الوطنية والسكان من التهديدات الخارجية ومن الإرهاب. وبناء مؤسسات أمنية ومخابرات تحفظ الأمن الوطني وتخضع لسيادة القانون وتعمل وفقاً للدستور والقانون وتحترم حقوق الإنسان. أي أن هذا البند وغيره من المبادئ الاثني عشر هي حكماً ستجسد نصاً وروحاً ضمن المبادئ الأساسية في الدستور المنشود ضمن أبوابه وفصوله المختصة".

اقرأ أيضاً: هل يعرقل نظام الأسد استعدادت "هيئة التفاوض" للجولة الرابعة

بيدرسون ينقل تفاصيل الجولة الرابعة إلى الخامسة

بات واضحاً أن الجولات الأربعة التي عقدتها اللجنة الدستورية لم تفضِ إلى أي تقدم ملموس، وسط اتهامات للنظام بالتعطيل والمماطلة.

وكان غير بيدرسون، أعلن ليل أمس الجمعة الفائت، اختتام الجولة الرابعة بعد أن والتي تم فيها الاتفاق "على جدول أعمال الاجتماع المقبل (الجولة الخامسة) في 25 من كانون الثاني في حال سمحت ظروف كورونا بذلك".

وكان مراقبون توقعوا أن تكون الجولتان الرابعة والخامسة، مغايرة لسابقاتها، إذ لأجل طاف من أجلها بيدرسون في عدة عواصم والتقى كبار مسؤوليها، في إشارة منه إلى رغبته في إنجاحها، على عكس سابقاتها التي باءت بالفشل.

ففي 30 من تشرين الأول 2019، انطلقت الجولة الأولى من أعمال "اللجنة الدستورية"، بمشاركة جميع أعضائها (150 عضواً)،  وسط ترحيب ودعم دوليين، بعدما عانت من مخاض دام طويلاً، قبل ولادتها بجهود الأمم المتحدة.

وبعد أقل من شهر، في 25 من تشرين الثاني 2019، عُقدت جولة ثانية، اقتصرت على المجموعة المصغرة (45 عضواً)، لكنها وُصفت بـ "عدم الجدية"، خاصة من قبل وفد نظام الأسد، الذي أصر على مناقشة ما أطلق عليه "الثوابت الوطنية".

وفي آب الفائت، انطلقت الجولة الثالثة من اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف، بعد تسعة أشهر من الجولة الثانية التي انتهت بخلاف بين الوفود المشاركة (النظام والمعارضة والمجتمع المدني) حول جدول الأعمال، واختتمت الجولة في 29 من الشهر نفسه.

وفي الجولة الثالثة التي تكللت بالفشل، كان المبعوث الأممي توقع عدم تحقيق معجزة في اجتماعات اللجنة الدستورية، ودعا في مؤتمر صحفي عقده، في 22 من آب الفائت، بمكتب الأمم المتحدة في جنيف، إلى عدم توقع "معجزة" أو "نقطة تحول" في الجولة الثالثة من مباحثات اللجنة، التي اعتبرها "عملية طويلة وشاقة"، كما أنها "لن تشكل حلاً لإنهاء الحرب السورية"، وفق قوله.