icon
التغطية الحية

40 عاماً في سجون الأسد.. ما قصة رغيد الططري صاحب أطول فترة اعتقال بسوريا؟

2021.12.01 | 13:52 دمشق

المعتقل السوري رغيد الططري
المعتقل في سجون الأسد الملازم أول السوري رغيد الططري
إسطنبول ـ تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

تأمل عائلة الملازم أول السوري رغيد الططري المعتقل منذ 4 عقود بالإفراج عنه من سجون نظام الأسد، رغم مضي كل تلك السنوات متنقلاً بين سجون النظام ومعتقلاته. 

وأجرى موقع "CBC" الكندي، مقابلة مع وائل الططري نجل المعتقل رغيد، في منزله الواقع شمال شرقي كندا، التي يقيم فيها منذ تموز عام 2020.

فر وائل بصحبة والدته من سوريا عام 2013، وأمضيا سنوات اللجوء متنقلين بين منطقة وأخرى، يعيشان في حالة من الخوف واليأس، لكن وجود العديد من الأشخاص الطيبين في كندا جعل حياتهما أكثر هدوءاً الآن.

وقال وائل: "أفعل ما بوسعي لمساعدة والدي، البالغ من العمر 67 عاماً، لعله يصل إلى نفس الإحساس بالسلام والحرية يوماً ما".

 

وائل الططري في كندا
وائل الططري المقيم في كندا

ما قصة أطول فترة اعتقال سياسي في سوريا؟

اعتقل رغيد الططري الذي كان طياراً في سلاح الجو السوري في عهد حافظ الأسد عام 1981، وسجنته لأكثر من 40 عاماً، وبحسب منظمات حقوق الإنسان، فهو صاحب "أطول فترة اعتقال سياسي في سوريا".

القصة المتداولة عن الططري -بحسب ابنه - تقول إنه رفض ضرب مواقع في محافظة حماة، أو الابلاغ عن زملاء له انشقوا عن الجيش.

ووجهت له تهمة عصيان الأوامر، إلا أن المحكمة برّأته من التهمة، استناداً إلى كونه ضابطاً صغيراً نفذ أوامر قائده بعدم تنفيذ عملية الاستهداف، لكن المحكمة سرّحته من الجيش.سافر رغيد إلى الأردن في 1980 إثر تسريحه من الجيش وبقي فيها ثمانية أشهر، لينتقل بعدها إلى مصر، وقدم لجوءاً لدى مفوضية الأمم المتحدة لكنه لم يلقَ قبولاً.

وبعد اغتيال الرئيس السابق أنور السادات، واندلاع أعمال عنف، وضيق الحال، أجبر رغيد على العودة إلى دمشق، وفي 24 من تشرين الثاني 1981، اعتقل في مطار دمشق الدولي وما زال سجيناً إلى اليوم.

تنقل رغيد بين إدارة المخابرات العامة، وسجن المزة العسكري في دمشق، وسجن تدمر العسكري ثم نقل إلى سجن صيدنايا، ومنه إلى سجن عدرا وأخيراً وضعه النظام في سجن السويداء.

والططري من مواليد دمشق عام 1954، التحق بالكلية الجوية عام 1972 وتخرج فيها في 1975، وخدم في عدة أسراب.

الطيار-رغيد-الطرطري.jpg
المعقتل السوري رغيد الططري

ما بين إخفاء الحقيقة وأول لقاء 

وأوضح وائل: "في خضم كل تلك الافتراضات والأفكار المجنونة، أنا لا أعرف حقيقة اعتقاله، أريد والدي حقاً، ربما سنعرف الحقيقة منه"، مضيفاً أنه عندما كان صغيراً أخبرته والدته أن والده كان مسافراً.

وأردف: "أعتقد أن الوضع الافتراضي هو عندما لا يريد شخص ما أن يقول لك الحقيقة، يخبرك أنه مسافر"، مبيناً أنه صدق والدته، وكان ينتظر سراً من شرفة الطابق الرابع في منزلهم عودة والده".

وقال نجل المعتقل السوري إنه "في كل مرة كنت أرى رجلاً يأتي بمفرده، أتساءل؟ هل يمكن أن يكون والدي؟ ثم أذهب إلى الباب وأنتظر وبعدها لا يحدث شيء وهكذا حتى بات الأمر محبطاً بعد عدة سنوات ما دفعني لإيقاف ذلك".

في النهاية، كما يقول، أخبرته والدته الحقيقة. أو على الأقل الحقيقة التي عرفتها، أنه "اعتقل قبل ولادته بوقت قصير، ولم تره منذ ذلك الحين".

وبعد سنوات من اعتقاله تمكن الططري من رؤية والده عام 2005 لأول مرة، حيث قال: "أتذكر تلك الزيارة جيداً، لم يكن بيننا أقفاص أو حراس. كان والدي يلقي النكات علينا وسألني إن كان لدي لعبة فيديو (بلاي ستيشن)".

وحينما سألته عن الـ "بلاي ستيشن" قال: لقد جربتها، قلت: كيف؟، أجاب "لا يمكنني القول". "كنت أتحدث مع والدي عن أشياء ممتعة لم أتحدث عنها من قبل".

عقود بلا محاكمة

وقال الططري إن "شائعات انتشرت على مدى سنوات حول سبب اعتقال والدي، سواء كان رفضه الامتثال لأوامر قصف مدينة حماة السورية ، أو عدم إبلاغ السلطات بفرار أصدقائه".

وأكمل "إنني لا أستطيع تخيل أي سبب مبرر لبقاء والدي في السجن من دون محاكمة عادلة لهذه المدة الطويلة".

من جانبها قالت الحملة السورية - وهي مجموعة مناصرة لحقوق الإنسان تحاول رفع مستوى الوعي حول المعتقلين السياسيين إن "قضية رغيد الططري مهمة لأنها تذكر بوحشية نظام الأسد وظلمه المستمر اليوم، ولا سيما أن بعض الدول العربية تسعى إلى تطبيع العلاقات معه، وقد سمح الإنتربول مؤخراً لحكومة الأسد بالانضمام إليه".

وأضافت أن "قضيته تلخص أيضاً اللإنسانية التي يتعرض لها المعتقلون في سوريا في كثير من الأحيان. لقد أمضى 40 عاماً معتقلاً ظلماً محروماً من حقه في محاكمة عادلة".

وتسعى الحملة السورية إلى التذكير بقضية الططري المروعة من خلال لفت انتباه العالم إليها، كما تخطط لتنظيم حملة تضامن تطالب بالإفراج عنه في الأشهر المقبلة. 

سجين تركي برفقة الططري 

السجين التركي السابق في سوريا رياض أفلار، والذي أمضى 21 عاماً في سجون نظام الأسد، قضى بعض الوقت مع الططري وتحدث إلى "CBC" قائلاً: "أمضيت 21 عاماً في السجن لكتابتي رسالة إلى أصدقائي في تركيا عن سجن صيدنايا سيئ السمعة في سوريا، إلا أن سلطات الأمن اعترضت الرسالة وكنت أبلغ 19 عاماً من عمري حينها".

وأضاف "أفلار" أنه بعد إطلاق سراحه من السجن قبل بضع سنوات، بقي يحصل على تحديثات عن الططري من سجناء آخرين.

وأكّد المعتقل التركي السابق على أن الططري "مقاتل جيد جداً ورجل قوي ... إنهم لا يتوقفون أبداً عن اختلاق القضايا لإبقائه هناك".

 

رياض أفار وعائلته
المعتقل التركي في سوريا رياض أفار ووالدته

 

ويأمل وائل في رؤية والده قريباً قبل رحيله نهائياً، قائلاً: "أريد أن أجلس معه، أريد أن أسمع المزيد من نكاته أعرف أنها ستجعلني أضحك".

ويعتقد أن انتشار قصة والده على مستوى واسع قد تساهم في غضب وموجة دعم لإطلاق سراح والده.