icon
التغطية الحية

4 سنوات على طرد "داعش" من الباب.. ازدهار بمواجهة الهشاشة الأمنية

2021.02.24 | 05:45 دمشق

1177315915.jpeg
حلب - ثائر المحمد
+A
حجم الخط
-A

قبل أربعة أعوام من الآن، وفي صبيحة الـ 23 من شهر شباط عام 2017، كانت مدينة الباب في ريف حلب الشرقي على موعد مع دحر تنظيم الدولة الذي جثم على صدرها لمدة 3 أعوام تقريباً، يزينها اللون الأخضر بعد السيطرة عليها من قبل الجيش السوري الحر بدعم تركي في إطار عملية درع الفرات التي أطلقت في 24 آب 2016.

بدأت المدينة مسيرتها في الثورة السورية من بوابة المظاهرات السلمية حالها حال بقية المدن، حيث شارك سكانها بالحراك المناهض لحكم آل الأسد والمطالب بإسقاطه منذ شهر نيسان 2011،  ثم ما لبثت أن أصبحت المدينة في يد فصائل الجيش الحر بشكل كامل عام 2012.

تعرضت الباب لهجوم من قبل تنظيم الدولة أواخر عام 2013، ومطلع 2014 نجح التنظيم خلاله بالدخول إلى المدينة، وتحويلها إلى عاصمة له في محافظة حلب، تزامن ذلك مع توسع نفوذ التنظيم في بقية المحافظات، لا سيما محافظة الرقة المجاورة.

وبعد قرابة 3 أعوام من دخول التنظيم إلى المدينة، أطلقت تركيا عملية حملت اسم "درع الفرات"، بالتعاون مع فصائل الجيش الحر، ليتم على إثرها السيطرة على عدة مدن، أولها مدينة جرابلس، وآخرها الباب التي حاول النظام مسابقة الزمن للسيطرة عليها قبل وصول قوات "درع الفرات" إليها، لكن دون جدوى.

شهدت المدينة خلال الأعوام الـ 4 الماضية ازدهاراً عمرانياً ملحوظاً، بالتزامن مع النهوض في واقعها الخدمي والتعليمي والطبي، وزيادة كبيرة في عدد السكان، بعد حملات التهجير التي نفذها نظام الأسد وروسيا في حمص ودرعا وريف دمشق ودير الزور والرقة وحماة وإدلب، وفي محافظة حلب ذاتها خاصة مركز المدينة.

وعلى الرغم من أن المدينة أصبحت بحكم الآمنة ولو نسبياً لكونها تخضع للحماية التركية، إلا أن عمليات الاغتيال، والتفجير عبر السيارات والدراجات النارية الملغمة والعبوات الناسفة لم تفارق المدينة حتى الآن.

اقرأ أيضا: تفجير الباب.. أسباب الفشل الأمني والجهات المنفذة وأهدافها

 

نهوض اقتصادي وإصلاحات شاملة

شرعت المؤسسات الخدمية في المدينة بإصلاح وترميم ما دمره تنظيم الدولة، بعد السيطرة عليها بفترة وجيزة، وشمل ذلك إزالة الركام من الطرقات وافتتاح المراكز المحلية المعنية بتقديم الخدمات بدعم وتوجيه تركي.

وأولت تلك المؤسسات أهمية لترميم المدارس والمشافي والمراكز الصحية، وإعادة تأهيل البنية التحتية، ما ساهم لاحقاً بافتتاح مشاريع تنموية واقتصادية، آخرها المدينة الصناعية في الباب، وفتح فرع لجامعة غازي عنتاب التركية داخل المدينة، وتسهيل غير ذلك من المشاريع.

وقال رئيس مجلس محافظة حلب الحرة عبد الغني شوبك إن الحياة المدنية عادت إلى طبيعتها في مدينة الباب، إذ تم خلال السنوات الماضية إحداث وتفعيل النظام القضائي والأمني والخدمي بالمدينة، وتفعيل نظام التعليم بدءاً من التعليم الأساسي وصولاً للتعليم العالي.

وأفاد "شوبك" لتلفزيون سوريا بأن تفعيل دور الإدارة المدنية من خلال المجلس المحلي والمكاتب التابعة له، ومتابعتها لخدمات المدينة بمختلف القطاعات، ساهم في تطوير الواقع الخدمي بالمنطقة، وعودة النشاط التجاري والصناعي والعمراني.

اقرأ أيضاً: المدن الصناعية في الشمال السوري.. خطوة للنهوض وجذب المستثمرين

وبدأت الجهات الخدمية المحلية حزمة مشاريع بعد السيطرة على المدينة، ومنها إزالة الأنقاض وفتح الطرقات والشوارع وإزالة الألغام لمساعدة الأهالي على العودة إلى منازلهم.

وأشار "شوبك" إلى تزويد المدينة بعدد من الأفران العامة لتأمين مادة الخبز ودعمها بنفقات تشغيلية، ودعم قطاع الخدمات بالمعدات والآليات الأساسية (سيارات قمامة - جرارات  - جرافات - حاويات)، فضلاً عن تزويد القطاع الصحي بسيارات إسعاف.  

وتم أيضاً إنارة الشوارع بأجهزة إنارة عبر الطاقة الشمسية، وترميم وتأهيل المركز الثقافي ليكون جامعاً للفعاليات الثقافية والنشاطات الاجتماعية، وتقديم المستلزمات لمدارس المدينة (مقاعد - طاولات - سبورات)، وتنفيذ مشاريع رفع القدرات المؤسساتية والتنمية البشرية.

وتنصب الجهود في الوقت الحالي - بحسب شوبك- على العمل على تحسين الواقع الأمني في المدينة، من خلال إيجاد آليات مشتركة وتنسيقية بين الجهات المختصة، وإحداث آليات عملية لرفع مستوى التواصل والحوار بين المجتمع المحلي والأجسام السياسية الممثلة للمعارضة، إضافة للبحث عن مصادر مياه مستدامة لسكان المدينة، من خلال التواصل مع جهات دولية.

 

بناء المؤسسات الأمنية

تشكلت قوى الشرطة والأمن العام الوطني في مدينة الباب بهدف ضبط الأمن في المدينة، لكن التفجيرات لا زالت تعصف بالمنطقة حتى الآن، وتوقع قتلى مدنيين وعسكريين على حد سواء.

وقال ضابط من مرتبات شرطة الباب -فضّل عدم ذكر اسمه- لموقع تلفزيون سوريا إن جهاز الشرطة تشكل في مدينة الباب بعد السيطرة عليها بهدف حفظ الأمن، مضيفاً أن الجهاز مقسّم إلى قسمين، الأول مسؤول عن الحواجز المنتشرة على أطراف المدينة، وتفتيش السيارات والآليات، في حين يعمل القسم الثاني داخل المدينة على ملاحقة المطلوبين وتسليمهم للقضاء، ومتابعة الشكاوى الواردة للمخفر، وحفظ الأمن عبر نقاط ثابتة ومتحركة ودوريات ليلية.

وأشار الضابط إلى استحداث عدة أقسام، منها المرور والمواصلات وقسم الأدلة الجنائية، والفيش الجنائي، إضافة للعمل على ربط المعلومات بين مراكز الشرطة في مختلف مدن وبلدات ريف حلب الشمالي والشرقي بهدف إلقاء القبض على أي شخص مطلوب بتهمة إحداث "تفجيرات إرهابية" أو غيرها من الجرائم.

اقرأ أيضاً: "الحكومة المؤقتة" تعلن تفعيل عمل اللجان الأمنية في الشمال السوري

وتحدث الضابط عن إنشاء قسم لترخيص السلاح، وآخر لتسجيل الآليات، الأمر الذي ساعد في كشف العديد من السرقات، وإعادة سيارات ودراجات نارية مسروقة إلى أصحابها أسبوعياً.

وفيما يتعلق بالتفجيرات التي تشهدها المدينة بين الحين والآخر، ذكر الضابط أن قوات سوريا الديمقراطية اتبعت مؤخراً أساليب جديدة للتفجير في المنطقة، منها تفخيخ الأجهزة والأدوات الكهربائية وبطاريات السيارات.

وأوضح أن قوى الشرطة هي أيضاً مستهدفة بتلك التفجيرات، حيث خسر الجهاز في مدينة الباب 20 عنصرا من أفراده، بسبب الاستهدافات التي طالتهم على الحواجز، أو أثناء التوجه للعمل أو العودة منه.

وأكد الضابط إلقاء القبض على كثير من الأشخاص المتورطين بعمليات التفجير بالجرم المشهود، وفي بعض الأحيان قبل عملية التنفيذ، كما يتم العمل على إجراءات جديدة، منها تسيير دوريات جوالة عبر دراجات نارية في طرقات المدينة، من المساء حتى صباح.

 

مدينة الباب.. سوريا الصغرى

استقبلت مدينة الباب عشرات الآلاف من السوريين الذين هجرتهم روسيا ونظام الأسد من مختلف المحافظات والمناطق السورية، وآخرها مناطق ريف حماة الشمالي، وريف إدلب الجنوبي.

وتبلغ نسبة المهجرين أكثر من 50 بالمئة من عدد السكان الإجمالي في مدينة الباب، وخلال السنوات الماضية استطاع قاطنو المدينة بشكل عام التعايش فيما بينهم.

وأفاد الناشط الإعلامي المهجر من مدينة الوعر في حمص "جلال التلاوي" لموقع تلفزيون سوريا، بأن الحافلات التي كانت تقل المهجرين من مدينة الوعر، وصلت إلى مدينة الباب في 15 آذار /مارس 2017، أي بعد سيطرة الجيش الحر على المدينة بنحو 3 أسابيع.

وأشار "التلاوي" إلى أن المدينة كانت شبه مدمرة حينما وصلوا إليها، لكنها انقلبت رأساً على عقب، إثر عمليات الترميم التي طرأت على المدينة خلال السنوات الماضية.

ولفت إلى إنشاء المجلس المحلي وقوى الشرطة، فضلاً عن التطور العمراني، وتفعيل النفوس، ومحاكم الزواج، وإصدار هويات بديلة عن تلك الصادرة عن نظام الأسد.

ووفقاً لـ "التلاوي" فإن 1800 عائلة من مركز مدينة حمص تعيش حالياً في الباب، كما تحتضن المدينة نحو 1200 عائلة مهجرة من مدينة تدمر، و500 من ريف حمص الشمالي، ونحو 2000 عائلة من محافظة دير الزور، و3000 عائلة من الغوطة الشرقية وريف دمشق بشكل عام، مع وجود آلاف العوائل أيضاً من مختلف المناطق السورية.

اقرأ أيضاً: تحت عنوان "لا للخيمة".. افتتاح مدينة سكنية للمهجّرين في الباب

من جانبه ذكر مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الوطني السوري حسن الدغيم أن مدينة الباب استقبلت عشرات الآلاف من حوران والغوطة وحمص والبادية السورية ودير الزور كما حوت في ضواحيها المهجرين من دوما وعربين وغيرها، مضيفاً أن المدينة تمثل اليوم سوريا الصغرى بتنوعها الاجتماعي.

وقال إن المدينة متقدمة اقتصادياً، وتُنشأ فيها منطقة صناعية بإشراف المجلس المحلي، كما تطرق إلى وجود جهاز الشرطة العسكرية الذي يقوم بالمهام الأمنية، إلى جانب جهاز الشرطة المدنية، مع وجود غرفة عمليات مشتركة لفيالق الجيش الوطني الثلاثة، على طول خطوط التماس بمحيط المدينة، سواء مع نظام الأسد أو "قسد".

الجدير بالذكر أن الذكرى الرابعة للسيطرة على مدينة الباب تحلّ في وقت يتخوف فيه السكان من أنباء انتشرت مؤخراً تفيد باستقدام روسيا ونظام الأسد لتعزيزات عسكرية إلى محيط المدينة، لكن "الدغيم" ذكر لموقع تلفزيون سوريا أن الحشود التي وصلت إلى المنطقة مؤخراً تأتي في إطار تبديل القوات، لكن النظام يسوّق لها عبر حربه الإعلامية والنفسية، على أنها حشود لشن عمل عسكري.