icon
التغطية الحية

3 شخصيات تتنافس على زعامة مدينة دير الزور

2021.01.18 | 05:45 دمشق

swrt_almadt.png
"أمين فرع حزب البعث بدير الزور" رائد الغضبان، والمحافظ فاضل نجار، ورئيس اللجنه الأمنية والعسكرية، اللواء نزار أحمد الخضر (فيس بوك)
إسطنبول - تيم الحاج
+A
حجم الخط
-A

يسود المشهد في مدينة دير الزور شرقي سوريا جو من التنافس غير المعلن بين أكبر قيادات نظام الأسد منصباً فيها، إذ يحاول كل منهم الاستحواذ على زعامة المدينة عبر تصدّر المشهد، سعياً لكسب أكبر قدر من المؤيدين ولتجميل وتلميع صورتهم في التقارير الأمنية التي تُكتب بحقهم وترفع إلى رأس النظام الذي يقرر الإبقاء أو التخلي عنهم.

مشهد تفصيلي للتنافس

تعكس أخبار مدينة دير الزور  المحمّلة بنشاط مبالغ فيه يبديه كل من "أمين فرع حزب البعث بدير الزور" رائد الغضبان، والمحافظ فاضل نجار، ورئيس اللجنه الأمنية والعسكرية في محافظة دير الزور وقائد الفرقة "17 مشاة" فيها، اللواء نزار أحمد الخضر، محاولات يتبعها أزلام النظام هؤلاء هدفها  إزاحة كل منهم رفيقه عن المشهد، ومنحه مصير محافظ دير الزور السابق، عبد المجيد الكواكبي، الذي قيل إنه خسر منصبه بسبب وشاية من الغضبان وقائد ميليشيا "الدفاع الوطني" فراس الجهام، بحسب مصادر محلية لموقع تلفزوين سوريا، أكدت أن الكواكبي أُقيل بعد تقديم وثائق بحقه تتهمه بسرقات وفساد مالي وإداري، وهذا لا يعني أن النظام لم يكن يعلم به، بل يبدو أن دوراً فاعلاً من الرافضين له لُعب لإزاحته، وما يؤكد ذلك ما نشره حساب "الدفاع الوطني" على "فيس بوك" من معلومات تسيء للكواكبي مؤخراً. 

ووفق ما رصده موقع تلفزيون سوريا، فإن هذا التنافس بدأ يظهر بشكل واضح مع تسلم كل من اللواء نزار الخضر منصبه نهاية عام 2020، وتسلم فاضل نجار منصبه في تشرين الثاني من العام ذاته، حيث كان المشهد في دير الزور قبلهما ينحصر بـ الغضبان وحده مع نشاط ضعيف لرئيس اللجنة الأمنية السابق، غسان سليم، والمحافظ الكواكبي، إذ لم يكن يشعر الغضبان بمن يزاحمه.

أما الآن فإن شبكات الأخبار المحلية التي تنقل ما يجري بمدينة دير الزور، تعج بصور المتنافسين الثلاثة وبات لكل واحد منهم، جيشه الإعلامي، وعلى الرغم من أن ظهورهم يكون دائماً مع بعضهم في الفعاليات والاجتماعات، إلا أن جيوشهم الإعلامية تغطي هذه اللقاءات بحسب ولائها، إذ تُصدّر اسم من تدعمه على حساب الآخر.

 ومؤخراً بات الغضبان ونجار والخضر يتدخلون في جميع جوانب الحياة في مدينة دير الزور والأرياف التابعة للنظام، فتجدهم يفتتحون مدارس ويتفقدون أسواقاً ومحطات وقود وقطع جيش ومفارز أمنية وحواجز الميليشيات، وصولاً إلى الندوات الثقافية والفعاليات الرياضية، وكأن كل واحد منهم يريد أن يقول إنه الأول على رأس الهرم في دير الزور، مع رجحان كفة الغضبان والخضر على نجار، الذي يبدو عليه ضعف الشخصية التي يحاول تداركاها عبر مد جسور التعاون مع ميليشيات إيران.

يظهر التنافس بين المحافظ والغضبان.jpg
"أمين فرع حزب البعث بدير الزور" رائد الغضبان يُجلس المحافظ فاضل نجار على كرسي صغير في مكتبه (فيس بوك)

 

وحدث أن قام الغضبان في أكثر من مرة بإهانة نجار عبر إجلاسه على كرسي صغير في عدة اجتماعات بينما كان هو على كرسيه الكبير، في موقف يعكس تعاليه، أما الخضر فيبدو  من خلال بعض الصور أنه  يحاول تجاوز الغضبان ونجار معاً في كثير من اللقاءات التي جمعتهم، كما بدأ الخضر بتشكيل علاقة متينة مع الميليشيات المحلية كـ "الدفاع الوطني" و"لواء القدس" لسحب البساط من تحت أقدام الغضبان الذي يبني جزءا من قوته معتمداً على هذه الميليشيات، حيث يقود فيها شقيقه حسين الغضبان أحد القطاعات في الريف.

رائد الغضبان.. البعثي الذي كرّمه الأسد لتفانيه في الإجرام

منذ بداية الثورة السورية كان البعثيون هم خط الدفاع الأول عن نظام الأسد في وجه المتظاهرين السلميين في سوريا، حيث أطلق النظام يد هؤلاء وفتح لهم المجال واسعاً لتنفيذ مهامه من قتل وسرقة وترهيب.

رائد الغضبان أو كما يحلو له مناداته من قبل البعثيين رفاقه بـ "أبو علي" كان من أوائل من تحركوا في مدينة دير الزور لقمع المظاهرات، فاستخدم العنف المفرط بالسلاح الآلي والأبيض، وقد قضى على يديه هو ومجموعاته التشبيحية عشرات الديريين.

وكان الغضبان يعلم أن المظاهرات ستستمر وأن الوقوف في وجهها سيمنحه مناصب متقدمة عند النظام لم يكن ليحلم بها، وهذا ما حصل لاحقاً.

e3b6a734010de2ae86451bd0.jpg
رائد الغضبان عندما كان قائداً لميليشيا "كتائب البعث" بدير الزور

 

الغضبان المولود عام 1977 حائز على شهادة في الحقوق، إلا أن نفسه التشبيحي لم يجعله يبرع في الحقوق بقدر براعته في خدمة نظام الأسد، ضد السوريين المعارضين له، إذ كان مغموراً في الوسط الديري لكنه في الوقت ذاته كان من "الرفاق البعثيين النشيطين"، فقد تدرج بمهامه بدءًا من عضو "قيادة فرقة حزبية" ثم عضو "قيادة شعبة" ثم "أمين شعبة" ثم عضو "قيادة فرع" عام 2016.

ومع الحملة العسكرية الروسية الواسعة عام 2017، التي دعمت قوات نظام الأسد مع ميليشيات إيران ضد تنظيم "الدولة" شرقي سوريا، شكّل الغضبان ميليشيا "كتائب البعث" وقاد مع باقي الميليشيات معارك في أحياء المدينة، إلى أن تمكنت الحملة من إخراج التنظيم من المدينة.

وتكريماً له عينه النظام، حينئذ، عضواً في "اللجنة المركزية لحزب البعث"، ومنذ توليه هذا المنصب بدأت المناكفات بينه وبين أمين الفرع السابق، ساهر الصكر، انتهت بتمكن الغضبان من إزاحة الصكر وتسلم منصبه، بقرار حمل الرقم 138 في شباط 2020، وتقول مصادر لموقع تلفزيون سوريا إن الغضبان يستند على دعم كبير من إيران، وهو ما زاد من نفوذه أكثر في المدينة.

فاضل نجار.. صاحب حظوة كبيرة لدى النظام

يُعد محافظ دير الزور الجديد فاضل نجار من البعثيين القدامى المقربين من نظام الأسد، وهو  محامٍ عام أول عام 2016، وتولى منصب "الأمين العام لفرع حزب البعث في مدينة حلب" بين 2016 و2020 ، وشغل "عضوية لجنة الرقابة والتفتيش الحزبية القطرية" بين عامي 2006 و2016، وأمين" شعبة موظفين بين 2004 و2005"، إضافةً إلى عمله محامياً منذ عام 1986.

ويبدو واضحاً من سيرة حياة نجار أنه من بعثي صاحب حظوة، وقد يكون تعيينه محافظاً لدير الزور نابعاً من رغبة النظام منحه مكافأة نهاية خدمة لـ "حزب البعث".

ومنذ تسلّمه منصبه في دير الزور، لم تبدُ على نجار أي بوادر مزاحمة ومنافسة للغضبان والخضر بل على العكس كان يظهر معهم فقط من باب إكمال الصورة، كونهم أعلى القيادات في دير الزور.

qq55aghghghghgh_0.png
محافظ دير الزور فاضل نجار مع عناصر من الميليشيات الإيرانية في دير الزور (فيس بوك)

 

لكن حدث أن اتخذ قبل يومين خطوة فهمت على أنه قرر الدخول في مسار التنافس مع رفيقيه، بعد أن أمر بتسيير رحلات مجانية إلى حديقة "الأصدقاء" أو كما يعرفها أهالي دير الزور بـ "كراميش" الواقعة على نهر الفرات في أطراف المدينة، وهذه الحديقة أحد معاقل "الحرس الثوري" الإيراني.

واعتُبر هذا القرار، وفق مراقبين، خطوة في اتجاه حماية الميليشيات الإيرانية التي تتخذ من هذه الحديقة مقراً لها لبعدها عن المدينة ومناطق تجمع المدنيين، ومما يؤكد ذلك، هو أن هذا القرار جاء بعد أيام قليلة من شن إسرائيل غارات واسعة على أهداف للميليشيات الإيرانية على امتداد محافظة دير الزور، والتي أدت إلى مقتل وإصابة العشرات من الميليشيات، وجاءت هذه الغارات بناء على معلومات استخباراتية أميركية.

وشملت الغارات الإسرائيلية للمرة الأولى منذ بدء الثورة السورية مواقع عسكرية داخل مدينة دير الزور، وخاصة تلك التي استهدفت مبنى الأمن العسكري الذي يقع وسط مجموعة أحياء سكنية تعج بالمدنيين، إلى جانب المواقع التي تم استهدافها على شارع بور سعيد.

نزار الخضر.. تاريخ إجرامي وطموح تسلطي

يمتلك الخضر المٌعين بمنصبه في كانون الأول 2020، نفساً تسلطياً ولديه شغف بترويض الميليشيات المحلية التي تشكلت خلال السنوات الماضية في دير الزور كـ ميليشيا "الدفاع الوطني" وميليشيا "لواء القدس" التي كان ولاؤها إيرانياً ثم غيرته منتصف عام 2020 إلى روسي.

ويظهر الخضر في معظم صوره متسيداً المشهد وخاصة عندما يتجول مع فراس الجهام قائد "الدفاع الوطني" والمدعو الكاميروني قائد "لواء القدس" في دير الزور، حيث يصطحبهما إلى البادية السورية باستمرار، محاولاً الظهور بصورة القائد الذي لا يخشى هجمات تنظيم "الدولة"، وهذا الأخير  فتك خلال الأشهر الأخيرة بعناصر الجام والكاميروني.

نزار وفراس العراقية.jpg
اللواء نزار الخضر مع فراس الجهام قائد ميليشيا "الدفاع الوطني"

 

تقول المصادر لموقع تلفزيون سوريا، إن الخضر المنحدر من الساحل السوري، والمتهم بارتكاب مجازر بحق المدنيين السوريين، والذي قد تعرض لإصابة أثناء المعارك في محافظة إدلب في شهر شباط 2020، صاحب ولاء مطلق للقوات الروسية، وتؤكد صورة نشرت منتصف عام 2020، تكريمه من قبل الروس، ولعل نهجه بالسيطرة على الميليشيات المحلية يتفق مع ما تسعى إليه روسيا من ضبط إيقاع الميليشيات الإيرانية الذي بدا جلياً خلال شهري تشرين الثاني وكانون الأول عام ،2020 عندما انتشرت في مدينة البوكمال التي تمثل مركز ثقل إيران بسوريا.

نزار الكميروني قائد لواء القدس.jpg
اللواء نزار الخضر مع الكاميروني قائد ميليشيا "لواء القدس" في دير الزور

 

وإلى جانب تحرك مع الميليشيات سعى الخضر إلى اللقاء بالعشائر في محافظة دير الزور فور تسلّمه منصبه، وسعى من خلال هذه اللقاءات إلى إعادة العلاقة بين العشائر في دير الزور مع النظام والروس بعد أن كانت متوترة بسبب تسليم المنطقة من قبل روسيا إلى الميليشيات الإيرانية.

نزار مع العشائر.jpg
اللواء نزار الخضر مع مجموعة من وجهاء العشائر بريف دير الزور