icon
التغطية الحية

25 أيلول.. ذكرى مجزرة "الجورة والقصور" بمدينة دير الزور

2020.09.25 | 18:05 دمشق

hrthr.jpg
عنصر تابع للحرس الجمهوري يقف عند مدفعية "الجبل" مقابل حي العمال بدير الزور (إنترنت)
أحمد طلب الناصر - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

اقتحمت قوات الأسد مدينة دير الزور للمرة الثانية في مثل هذا اليوم 25 من أيلول 2012، بعد عودة المظاهرات والاعتصامات مجدداً لتتصدر مشهد ساحات الدير وميادينها، وذلك بعد فشل الاقتحام الأول الذي نُفّذ في آب 2011 تزامناً مع اقتحام مدينة حماة آنذاك.

وكان النظام قد تحضّر لاقتحام المدينة منذ شهر حزيران 2012 الذي شهد تحرير وسط المدينة وجزئها الشرقي وصولاً إلى المطار، فأرسل تعزيزات عسكرية إضافية إليها.

التعزيزات تمركزت آنذاك في معسكر "الطلائع" والمربع الأمني الواقعين بالقرب من حيّي "الجورة" و"القصور"، اللذين لم يخرجا عن سيطرة النظام طيلة سنوات الثورة.

اقرأ أيضاً: بعد مجزرة السبخة.. إعدام جماعي بحق 7 مدنيين غربي دير الزور

تعزيزات "الحرس الجمهوري"

نتيجة الخسارات المتلاحقة التي منيت بها قوات النظام خلال محاولاتها المتكررة لاقتحام الأحياء المحررة داخل المدينة، أرسل نظام الأسد حملة تكونت من نحو ألفين و400 عنصر تابع لقوات "الحرس الجمهوري" سيئة الصيت، بمنتصف أيلول 2012.

غالبية أولئك العناصر كانوا قد شاركوا بمجازر درعا الأولى وحمص ودوما، تحت قيادة العقيد "علي خزام" صاحب مجازر "بابا عمرو" و"داريا"، وشريكه العميد "عصام زهر الدين" صاحب مجازر حمص والغوطة الشرقية.  

 

013889105347032_0.jpg
عصام زهر الدين وعلي خزام (إنترنت)

 

المجزرة

في صباح الـ 25 من أيلول 2012، اقتحمت قوات النظام المدعومة بعناصر اللواء 105 من الحرس الجمهوري، حيي "الجورة" و"القصور" من ثلاثة محاور، وقسمت "الجورة" إلى ثلاثة قطاعات لتبدأ بعدها عملية قصف الحي بالمدفعية والدبابات.

بعد القصف، انتشرت الدبابات في الشوارع ترافقها سيارات (بيك آب) تحمل العشرات من عناصر الحرس الجمهوري، وكان بعضهم يحملون سيوفاً.

وفي صبيحة اليوم التالي، تم اجتياح العديد من حارات "الجورة" ثم "القصور"، الخالية من فصائل الجيش الحر من الأساس.

أسفر الاجتياح عن ارتكاب مجزرة مروعة طالت ما يزيد على 400 مدني؛ حيث راحت عناصر النظام بجمع الشباب والرجال بشكل عشوائي في حارات الحي، ثم تم قتلهم بطرق عديدة، بالرصاص أو ذبحًا بالسكاكين، أو حتى حرقًا في الأفران؛ فيما بقي مصير العشرات مجهولًا حتى اللحظة؛ وصفٌ تؤكده العديد من شهادات أبناء الحي والفيديوهات والصور المسربة التي التقطها عناصر من الحرس الجمهوري متباهين برصف الأهالي وإطلاق النار عليهم.

 

1481529702.jpg
صورة لأبناء حي الجورة أثناء رصفهم قبل إعدامهم رشاً بالرصاص- إنترنت

 

الكشف عن إعدامات بالجملة

المجزرة امتدت لأيام عديدة قبل انسحاب الحملة وعودة الحياة بشكل تدريجي إلى الحي، وما إن خرج من بقي حياً إلى الشارع، حتى بدأت عملية اكتشاف المجزرة الرهيبة.

وبحسب الشهود من أبناء الحي، فقد كانت غالبية الضحايا من الرجال تحت سن الأربعين، تم قتلهم ميدانيًا بالرصاص أو ذبحاً بالسكاكين،  يليها حرق الجثث؛ وفشل الناشطون والأطباء في تحديد هويات جميع الجثث بسبب تشوهها، واحتراقها بطريقة لا تشبه الاحتراق بالنار، ما رجح استخدام النظام لمواد كيماوية.

ويذكر مرصد "منظمة عدالة من أجل الحياة" بعض الروايات التي استقاها من شهود عيان: "عندما بدأت القوات الحكومية باقتحام حي الجورة ومداهمة المنازل واعتقال المدنيين هرب عدد من سكان الحي باتجاه شارع الوادي القريب، يقول بهاء سليمان: "في المساء عندما عدت إلى منزلي القريب من جامع المهاجرين، شاهدت مجزرة مروعة، حيث قامت قوات الحرس بإخراج عمال فرن (النعمة) وحجزهم في أحد المنازل ثم رشوا عليهم مادة بيضاء اللون– بودرة – وأحرقوهم جميعاً، وقد بقي من هذه المادة ما هو منثور على الأرض وأثاث المنزل". ويوضح الشاهد "بعض الجثث كانت متفحمة تماماً ولم نستطع التعرف على أصحابها، فيما تعرفت على الباقي ومنها كان (عبدالله زهير)، وأخوين أحدهما اسمه خليل والآخر اسمه عمر، وتم دفنهم بحديقة جامع المهاجرين".

 

12038437_938422376217343_4794097738587459318_n.jpg
جثث محروقة بعد إعدام أصحابها في المجزرة (إنترنت)

 

و يقول أحد الشهود حول قيام القوات الحكومية باستهداف عوائل بكاملها: "عندما دخلنا منزل آل (صليبي) وجدنا في غرفة الجلوس 5 جثث مقتولة وبركة دم كبيرة، كانوا أربعة شباب ورجلا كبيرا في السن، وكانت الجثث متحللة والدود يأكل بها، وفي القبو وجدنا 4 جثث لأم وطفلين وفتاة وقد تم إعدامهم جميعاً بطلقات في الرأس".

أما "أم حسان" زوجة إمام مسجد "قباء" الشهير في حي الجورة، الحاج "محمد أمين"، فتقول: "دخل إلى منزلنا عشرات الجنود الذين يشبهون الوحوش؛ فتشوا المنزل وخرجوا، لكن أحدهم نسي هوية زوجي معه.، فخرج زوجي ليستعيد بطاقته الشخصية، خرج ولم يعد.. أعدموه رمياً بالرصاص وبقي مرمياً على الرصيف".

وحدثنا أحد الناجين من المذبحة في شارع "الوادي" بالجورة فيقول: "أطلق الجنود النار على والدي في مؤسسة الخضار القريبة من منزلنا، إلا أن الرصاصة دخلت وخرجت من أسفل عنقه ولم يمت؛ وبعد يومين استطعنا الخروج من المنزل، فسمع أحد الجيران صوت أنين داخل المؤسسة، وكان لوالدي، الذي انتفخ وجهه، وأزرّق جلده. فنقلناه مباشرة إلى المشفى العسكري، فأعطونا تقريراً طبياً كتب فيه أن العصابات المسلحة هي من قامت بضرب والدي".

 

12047093_510762652414811_658235243612384950_n.jpg
عائلة تم إعدامها داخل بيتها بدير الزور (إنترنت)

 

وفي لقاء مصوّر على قناة "ديرالزور الفضائية"، يتحدث أحد الشهود ليصف مشهداً من مشاهد المجزرة فيقول: "بعد تأكدنا من خلو الشارع من عناصر الحرس، خرجنا من البيت لنفاجأ بوجود ما يقارب من 50 جثة، فقط في الحارة المجاورة، فقمنا بدفن 30 منها في أحد أقبية البيوت، بعد أن تعرفت على اثنين من أصحابها".

لم يستطع الناشطون والأهالي رصد أعداد الضحايا أو التعرف على أسمائهم جميعاً بشكل دقيق، نظراً لحرق جزء من الجثث وتفسخ بعضها، والاستعجال بدفن قسم آخر فور توقف الحملة وخروج الأهالي لانتشار الروائح والحشرات، ولفقدان معظم الضحايا لهوياتهم الشخصية بسبب مصادرتها من قبل منفّذي المجزرة.

ورغم ذلك تمكّن بعضهم من إجراء إحصائية تقريبية ونشر أسماء لضحايا تم التأكد من جثثهم عقب ارتكاب المجزرة، وكانت كالتالي:

المجازر الجماعية التي شهدها حي الجورة

  • 20  جثة تم حرقها داخل المشفى الميداني
  • 30 جثة في منطقة طب الجورة
  • 10 قرب معمل البلاط
  • 30 قرب جامع قباء
  • 15  داخل منزل في شارع الوادي
  • 15 داخل مسجد المهاجرين في طب الجورة
  • 15  داخل مسجد سدرة المنتهى
  • 5  داخل مدرسة الثورة
  • أكثر من 50 جثة قرب معسكر الطلائع
  • 5 جثث داخل حديقة الجورة
  • 40  جثة قرب مدرسة النسوي
  • 8 داخل مخبز النعمة
  • 4  تم حرقهم داخل سيارة
  • 4  قرب مخبز خالد بن الوليد.

كما قام عناصر الحملة باعتقال العشرات من أبناء الحي، مصير بعضهم لا يزال مجهولاً.

 

الطبيب حيدر فندي
الطبيب حيدر فندي

وتم حرق أكثر من 40 منزلًا ونهب المحلات التجارية؛ وما زالت تتكشف حقيقة المجزرة يومًا بعد يوم، وهناك أسماء لم نستطع توثيقها لأنها دفنت خارج الحي.

أسماء الأفراد الموثقة لضحايا المجزرة:

  1. عامر الهزاع
  2. عبود الديري
  3. حاتم فندي
  4. الطبيب الميداني حيدر فندي
  5. معاذ فندي
  6. بسام إبراهيم الزرقة
  7. ماجد بسام الزرقة
  8. ناصر محجوب
  9. حنان الحسن
  10. هاني زرزور
  11. سليمان كريف
  12. حكم مروان صفوك
  13. ياسر الحلو
  14. محمد الحلو
  15. عمر امجد الخلف
  16. صالح الكويتي
  17. محمود الثلاج
  18. عدي السبتي
  19. دحام الشكرجي
  20. مهند عامر الجومان
  21. جمعة جاسم العفيس
  22. إيادخلف العفيس
  23. مهندحمزة
  24. الشيخ حسين صالح عبدالقادر
  25. حسن الصافية
  26. دحام مظهور الفرحان
  27. محمود دحام الفرحان
  28. عطالله هنداوي
  29. جمعة هنداوي
  30. محمد عبد العلي
  31. مشير صاهود
  32. محمد السلوم
  33. منير العبدالله
  34. حسن العلي
  35. عيسى الفهد
  36. أبو محمد السعيد
  37. علاوي أحمد الخلف
  38. محمد أمين
  39. خليل زعيتر
  40. محمد السيد
  41. عابد الهادي
  42. جرير حويش
  43. داوود سليمان
  44. جمعة الرشيد
  45. حميد عابد السرجان
  46. محمد صاهود
  47. إبراهيم العافص
  48. أحمد بهاء المهنا
  49. حمزة حسن الملا
  50. عبود علي الخشف
  51. محمدعبدالكريم الجاسم
  52. عمار الخرفان
  53. حسين الصابوني
  54. فيصل حمادي
  55. عبدالله زهير يونس
  56. إبراهيم الكمش
  57. علي العكرش
  58. داوود حميد العنزي
  59. محيسن الحسين
  60. عبدالرحمن أبو فايز
  61. محمد قربون
  62. سعيد وهاب الدكش
  63. محمد طارق الإبراهيم
  64. حسين عزالدين الحسين
  65. عبدالفتاح الجراح
  66. أحمد عبد الفتاح الجراح
  67. حسين علي العسكر
  68. عدي حسين العسكر
  69. عرفان علي العسكر
  70. ياسين المفكر
  71. جميل فاروق الحنيدي
  72. علي أحمد خلوف
  73. حسن الحمش
  74. ناصر علي الشيخ
  75. ناصر الرديسة
  76. عبدالله محمود الصياح
  77. حسن الصافية
  78. أحمد حسن الموسى
  79. حسام أحمد العيسى
  80. حنوش الدغيم
  81. حسين العوفة
  82. محمد الوكاع
  83. أحمد بهاء المهنا
  84. حسين الهواري
  85. أحمد خليل
  86. حسن أحمد الكادش
  87. أياد حميد القدور
  88. خالد ياسين العباس
  89. عيسى الإبراهيم
  90. خالد عطالله السلطان
  91. زهير الفارس
  92. عبدالرزاق خليل الديبو
  93. ماهر الأدهم
  94. أيهم حواس
  95. صفية دهموش
  96. عمار الرغفان
  97. أحمد الرغفان
  98. حمزة حسين الملا
  99. أحمد الشداد
  100. عرفان محمود العسكر
  101. إبراهيم علي الحسون
  102. محمد الجراح
  103. حمادي محمد الجراح
  104. أحمد حداوي
  105. محمد جمعة
  106. أيمن جمعة
  107. محمود زياد الحصني
  108. وائل محمود الفخار
  109. باسم العاني
  110. عبد القادر شيخ العبود
  111. فضة زيدان
  112. يونس سلامه
  113. حسن الموح
  114. محمد الحايف
  115. وائل الكلاش
  116. خالد هويدي
  117. حسن بقجه جي
  118. يونس عبدالسلام عباسي
  119. أنس أمين
  120. ماجد عبدالله فليفل
  121. مهند الرسلي
  122. فيصل محمد عبيد
  123. محمد راضي هويدي
  124. محم دأمين العبدالله
  125. أمير خالد الفتوح
  126. محمد خالد الفتوح
  127. عبدالحق ديواني
  128. عبدالله نجم ا لنجرس
  129. مشعان رافع الحسين
  130. محمد عباس الحسين
  131. محمود خضر الدحوم
  132. أحمد عباس الحسين
  133. محمد عبدالفتاح الفارس
  134. صالح علي كردوش
  135. بديع شجاع الراشد
  136. زهير النيوف
  137. جاسم محمد
  138. محمد فيصل عبيد
  139. علي أحمد خلوف
  140. أحمد خليلطه العبجل
  141. يوسف عبدالله عليوي
  142. الحارث علي الفندي
  143. عبدالحميد خابور الحميد
  144. محمد عبدالله إسماعيل
  145. جمعة الهفل
  146. رولا جبارة
  147. أحمد حسن المحمد
  148. هاشم حسن ديواني
  149. طارق حسن ديواني
  150. زكريا حسن ديواني
  151. عبدالقادر ديواني
  152. أحمد فاضل الشلاف
  153. أحمد جمعة الخشمان
  154. أيمن جمعة الخشمان
  155. عادل الأغا
  156. حسين علي العجور
  157. عارف علي العجور
  158. نجم العلاوي

وما نود الإشارة إليه هو أن المجزرة التي ارتكبتها  حملة الحرس الجمهوري لم تكن غايتها القضاء على مسلحين أو معارضين علنيين، أو “إرهابيين” كما يسوّق النظام دائماً؛ بل قامت الحملة بتصفية عشوائية شملت جميع الأطياف والعوائل الديرية.

إذن، لماذا ارتكب النظام هذه المجزرة الشنيعة بحق سكان أحياء هي بالأصل تحت سيطرته وإمرته؟

إن نظام الأسد تقصّد ارتكاب هذه المذبحة لتحقيق هدفين رئيسين، أو أحدهما، كان قد رسمهما منذ اليوم الأول لاندلاع الثورة في سوريا حين تبنّى الحلّ الأمني في قمعه للحراك، وتتلخص في:

  • الانتقام المباشر من العناصر المدنية لفشله في تحقيق انتصارات عسكرية، ما يشكّل ضغطاً على الثوار وإرغامهم على الاستسلام.
  • تأجيج نار الكراهية داخل القاعدة الشعبية ودفعها للتطرف والعسكرة، ما يدفعه قدماً في ارتكاب الجرائم والانتهاكات بحجة مواجهة التطرّف والعنف.

والمتتبع لتطورات الأحداث في مدينة دير الزور عقب تنفيذ المجزرة، سيلاحظ  بأن قوات الحرس الجمهوري التي استقدمها النظام، لم تستطع تحقيق انتصار حقيقي على فصائل الجيش الحر داخل أحياء المدينة، والذين لم يتجاوز عددهم ما نسبته 20% مقارنة بأعداد عناصر النظام؛ كما وأن الأخيرين لم يشتبكوا بشكل مباشر مع تنظيم "الدولة" حين استولى على المدينة، واقتصر وجودهم داخل المربع الأمني ونقاط الحواجز في مناطق سيطرتهم إلى أن تم تسليم المدينة لهم مؤخراً من قبل "التنظيم".