icon
التغطية الحية

25 ألف سوري يسلطون الضوء على أفضل ما في الهجرة إلى كندا

2020.12.14 | 16:42 دمشق

knda.png
سي آي سي نيوز- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

صادف قبل يومين الذكرى السنوية الخامسة لوصول أول رحلة جوية تحمل لاجئين سوريين إلى كندا ضمن العملية المخصصة لجلب اللاجئين السوريين إليها والتي قامت بين عامي 2015-2016.

ففي شهر تشرين الثاني من عام 2015، أطلقت كندا جهوداً طموحة لاستقبال 25 ألف لاجئ سوري في غضون بضعة أشهر، وقد دعم الشارع الكندي تلك المبادرة بشكل واسع، كونها تحولت إلى قضية طرحت في الانتخابات في الشهر الذي سبق تلك العملية، وذلك عندما خرج الكنديون للتصويت في شهر تشرين الأول من العام 2015.

شاهد أيضاً: زوجان سوريان من ذوي الاحتياجات الخاصة يؤسسان مشروعهما الخاص

وهكذا تعهد جاستن ترودو في حملته الانتخابية باستقبال 25 ألف سوري حتى نهاية ذلك العام، وذلك لأن الصورة التي أثارت صدمة كبيرة والتي ظهر فيها لاجئ سوري يبلغ من العمر ثلاث سنوات واسمه آلان الكردي وقد فارق الحياة وحملته الأمواج إلى الشاطئ كان لها عميق الأثر على الشعب الكندي، ولهذا لم تكن القضية الأساسية حينها: هل يتعين على كندا أن تمضي بتلك العملية بشأن سوريا، بل هل بإمكان ترودو أن يحقق ما وعد به خلال الوقت المحدد لذلك؟

وبذلك حصل ترودو على غالبية أصوات الكنديين لترأس الحكومة فأصبح رئيساً للوزراء، ثم قام مع حكومته بتمديد تلك المهلة ليمنح بلاده الوقت الكافي للاستعداد لتلك العملية وتنفيذها.

وبعد مرور مئة يوم على ذلك، وتحديداً في 29 شباط من عام 2016، حققت كندا الهدف المنشود، وقد كان تحقيق الهدف يمثل مهمة والتزاماً كبيرين.

إذ كان العاملون في مجال الهجرة واللجوء والجنسية بكندا يعملون على مدار الساعة، وقد تطوع كثيرون لترك مهامهم والتنازل عن الراحة في بيوتهم خلال موسم العطلات حتى يسافر إلى الشرق الأوسط للمساهمة في دعم تلك العملية.

كما أن العاملين في قطاع الدولة عموماً وفي الولايات خصوصاً سواء في أوتاوا أو في مختلف أنحاء البلاد أخذوا يعملون وقتاً إضافياً خلال فترة الأعياد والعطل الأسبوعية وكذلك في عيد رأس السنة الجديدة.

اقرأ أيضاً: سوريتان تتحدثان عن تجربة السفر لمتابعة الدراسة في كندا

وكذلك الأمر بالنسبة للعاملين في مجال الهجرة على مستوى البلاد والولايات الذين كانوا يجرون مكالمات جماعية يومية من أجل هذا الغرض.

وبعدما قالوا ما قالوه وفعلوا ما فعلوه من أجل تحقيق هذا الهدف، أصبح كثيرون منهم يعتبر أن تحقيق ذلك الهدف هو أبرز ما قاموا به خلال مسيرتهم المهنية.

إذ في الوقت الذي شكك فيه البعض بقدرة كندا على إنجاز المبادرة الخاصة بالسوريين ضمن تلك الفترة الزمنية القصيرة، لم يخامر أحد أي شك حول سخاء الكنديين ومدى كرمهم.

ولكندا تاريخ متفاوت في مساعدة اللاجئين، فعلى سبيل المثال، اتخذت كندا قراراً ندمت عليه وذلك عندما قررت أن تنأى بنفسها عما حصل في المحرقة، إلا أنها حاولت أن تصلح ذلك منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

اقرأ أيضاً:مقهى لسوريين في كندا تعرض للتخريب.. وكنديون يطلقون حملة تبرع

ففي الخطاب الشهير أمام البرلمان بتاريخ الأول من أيار عام 1947، أعلن رئيس الوزراء ويليام ليون ماكينزي كينغ عن أهداف الهجرة في كندا بعد الحرب وبينها التزام كندا أخلاقياً بمساعدة اللاجئين.

وبالرغم من أن كينغ لم يكن قديساً فيما يتصل بمساعدة اللاجئين، كما ظهر خلال المحرقة، إلا أن خطابه ساعد في رسم معالم الحقبة المعاصرة للهجرة إلى كندا. إذ خلال العقود التي تلت الحرب، استقبلت كندا لاجئين من كل بقاع الأرض.

وعليه تصنف الجهود التي بذلتها كندا من أجل اللاجئين السوريين على أنها الأكبر من نوعها في تاريخ البلاد، إلى جانب ما بذلته من جهد لإعادة توطين اللاجئين الهنغاريين في خمسينيات القرن الماضي وكذلك الأمر بالنسبة للاجئين من فيتنام ولاوس وكمبوديا (أي شعب القوارب) خلال سبعينيات القرن المنصرم.

اقرأ أيضاً: قصة عائلة سورية.. من لاجئين سوريين إلى مواطنين كنديين

وقد اتضح كرم الشعب الكندي أثناء عملية شعب القوارب، عندما استعانت كندا ببرنامج التمويل الخاص للاجئين لمساعدة الآلاف منهم على تأسيس حياة جديدة له في كندا. إذ يتيح هذا البرنامج الذي أطلق في عام 1978 للكنديين تقديم طلبات للحكومة الفيدرالية ليقوموا بتمويل اللاجئين القادمين من خارج البلاد وتقديم الدعم العاطفي والمالي لهم عند وصولهم إلى كندا.

اقرأ أيضاً: بعد عام في كندا.. عائلة سورية تفتتح متجرها الخاص (صور)

 

وضمن الجزء الأكبر من الجهود التي بذلتها كندا من أجل شعب القوارب، بقيت كندا الدولة الأولى والوحيدة التي قلدت ميدالية نانسين من قبل الأمم المتحدة، والتي قدمت للشعب الكندي في عام 1986، وتعتبر هذه الميدالية أرفع وسام تقدمه الأمم المتحدة للاعتراف بخدمة اللاجئين.

وكما حدث في سبعينيات القرن الماضي، انتقلت المطالبة العارمة التي أبداها الشعب الكندي لمساعدة اللاجئين إلى الحكومة الكندية خلال عملية استقدام اللاجئين السوريين، إذ إن الطلبات التي قدمها كنديون ليقوموا بتمويل عملية استقدام السوريين على نفقتهم الخاصة فاقت قدرة الحكومة الكندية على معالجة كل هذا الكم من الطلبات.

ثم إن وزير الهجرة في كندا حينها، أي عند إطلاق عملية استقدام اللاجئين السوريين، وهو جون ماك كالوم، كان يمزح من حين لآخر أمام الملأ قائلاً إنه وزير الهجرة الوحيد في العالم الذي تعرض لانتقادات بسبب عدم استقباله لعدد أكبر من اللاجئين.

والحق يقال إن كرم الكنديين هو الذي جعل البلاد تستقبل منذ ذلك الحين حوالي 45 ألف لاجئ سوري.

اقرأ أيضاً: ترودو: إعادة توطين اللاجئين السوريين في كندا مستمر

كما أن الذكرى السنوية الخامسة لهذه المبادرة تذكرنا ببعض الأمور المفيدة، أولها، أن الحكومة الكندية الفيدرالية وحكومات المقاطعات في كندا بوسعها أن تحقق أهداف الهجرة في حال وضعتها كأولوية نصب أعينها، وخصصت لها ما يكفي من الموارد. وفي بعض الأحيان تشير الحكومة الفيدرالية وحكومات المقاطعات والولايات في كندا إلى القيود التي تعرضت لها تلك العملية وذلك ليفسروا سبب ظهور نقائص وعيوب في نظام الهجرة، وعلى رأسها المعالجة البطيئة للطلبات، والتحديات المرتبطة بفيروس كورونا التي ظهرت مؤخراً. إلا أن هذه القدرة تحددها الأولويات، لذا عندما يتم تحديد قضية على أنها أولوية مثل استقبال السوريين، أو المعالجة السريعة لطلباتهم في عضون ستة أشهر، عندها ستغدو الحكومة الكندية قادرة على تحقيق أهداف الهجرة التي وضعتها في أغلب الأحوال.

اقرأ أيضاً: سوريون في كندا يتظاهرون ضد الإساءة إلى الرسول

ثانياً، في الوقت الذي اشتهرت فيه كندا بالعمل وفقاً لنظام هجرة صارم يقوم باختيار الأفضل والألمع من بين الشخصيات القادمة من دول أخرى، ثمة توجه إنساني مهم بالنسبة لسياسة الهجرة في كندا، إذ إن الترحيب باللاجئين يمثل أحد الأهداف الكبرى للهجرة إلى كندا (أما الهدفان الآخران فيمثلان رفد الاقتصاد ولم شمل العائلات)، ولهذا تحتل كندا بلا ريب موقعاً ريادياً بالنسبة لمساعدة اللاجئين على مستوى العالم.

اقرأ أيضاً: كندا ستفتح أبوابها لأكثر من مليون مهاجر في السنوات الـ3 القادمة

وأخيراً، إن استقبال الوافدين الجدد يجعل كندا دولة أكثر حيوية، وهذا لا يرفد الاقتصاد الكندي أو يدعم الحيوية الاجتماعية في كندا وحسب، بل أيضاً يخرج أفضل ما لدى الكنديين، إذ تعاون المواطنون العاديون مع الجمعيات الدينية والمؤسسات والشركات والمنظمات غير الربحية والحكومة على تحقيق الهدف المشترك المتمثل باستقبال 25 ألف لاجئ سوري في غضون مئة يوم. وقبل أن يمضي وقت طويل على ذلك، لا بد أن ينتقل هؤلاء السوريون إلى الخطوط الأمامية ليقدموا المساعدة لأبناء جلدتهم ممن سيفدون إلى كندا مستقبلاً وذلك حتى يقفوا على قدميهم في هذه البلاد ويقدموا إسهامات ترفد الاقتصاد والمجتمع الكندي على الدوام.

المصدر: سي آي سي نيوز