2023 حرب الانتخابات التركية المبكرة

2023.01.27 | 06:24 دمشق

رح ابعثلها اعتذار بس تبعث مادة جديدة
+A
حجم الخط
-A

بعد تجاذبات سياسية وإعلامية بين الائتلاف المعارض ونظيره الحكومي حول مسألة الانتخابات الرئاسية والتشريعية المبكرة، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان موعداً لها في 14 من شهر أيار مايو منهياً بذلك جدلاً تناولته كثير من وسائل إعلام تركية حول هذه الخطوة في حال تم اتخاذها، لتُفتح بعدها صفحة جديدة في تلك الوسائل عن خلفية هذا القرار ولماذا بكر الرئيس التركي موعد الانتخابات رغم رفضه ذلك مرات عدة من قبل، وهل يحاول مسابقة الزمن مع المعارضة التي لم تختر حتى الآن مرشحها ليضيق عليها مساحة الزمان والمكان.

سيكون الزمن لصالح الرئيس أردوغان وحلفائه الذي يمشي بخطى أكثر ثباتاً من المعارضة التي تواجه مصاعب حقيقية في هذه الانتخابات

هذا الإعلان المبكر سوف يزيد من الضغوطات على المعارضة السداسية التي لم تحدد بعد بشكل واضح خارطتها السياسية وبرنامجها السياسي بشكل تفصيلي، ولم تتخذ مرشحاً لها رغم الاجتماعات العدة التي قامت بها والآن بعد الإعلان عن موعد مبكر للانتخابات سيكون الزمن لصالح الرئيس أردوغان وحلفائه الذي يمشي بخطى أكثر ثباتاً من المعارضة التي تواجه مصاعب حقيقية في هذه الانتخابات، ليس لأنها من أيدولوجيات متعددة ومختلفة بل لأنها وضعت نفسها في مسارين صعبين، الأول هو إسقاط أردوغان والفوز عليه في الانتخابات، والثاني هو تغيير نظام الحكم من رئاسي وإرجاعه للنظام البرلماني، وهذا يتطلب جهوداً مضاعفة في سن تشاريع وتغيير قوانين وبيروقراطيات أخذت الدولة التركية تسير عليها منذ عدة سنوات بعد الفوز بالانتخابات السابقة (وأيضاً لا يمكن إعادة القوانين السابقة وذلك لتغير الزمان والحياة) علاوة على الوضع الاقتصادي غير الجيد في تركيا وارتفاع نسبة التضخم لمستويات لم تحصل من قبل، ولا يمكن التصور أن تُحل المشاكل الاقتصادية وحدها دون تداخلها مع الملفات السياسية، والتي هي بدورها تحتاج لعمل كثير وخاصةً أن المعارضة لديها رؤية مختلفة تماماً عن الحكومة الحالية في كثير من الملفات الداخلية والإقليمية والدولية.

أما الائتلاف الحاكم والذي يبدو أن هذا الإعلان جاء لمصلحته ظاهرياً إلا أنه في حقيقة الأمر هو عكس ذلك، لأنه عليه العمل بشكل مضاعف ودون توقف للوصول للأهداف التي يسعى إليها، فكل القرارات التي صدرت قبل فترة وجيزة من الانتخابات كرفع المعاشات والتقاعديات والأجور الدنيا وغيرها كلها جاءت قبل الانتخابات لتشعر المواطن بأن الوعود التي طُرحت تُنفذ وأن الائتلاف الحاكم (حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية) أموره تسير على ما يرام، ولا يوجد خلاف بينهم وأن انسيابية العمل السياسي قائمة على أعلى مستوى على عكس المعارضة، إضافة لذلك ما يثقل كاهل ائتلاف الجمهور أنه في حال خسارته في الانتخابات فإنه يدرك الصدى الكبير لها لأن الخسارة ستكون مضاعفة، ولا يمكن تعويضها بسرعة أو بسهولة لما ستؤول إليه من تداعيات، ويعلم أن المعارضة في حال فوزها ربما يتبعه فوز آخر مما يجعلها أكثر تمكناً على الساحة السياسية في السنوات المقبلة، مما يصعب المهمة على حزب العدالة والتنمية استعادة تفوقه السياسي الذي كان يتمتع به خلال عقدين من الزمن.

دول الجوار تترقب باهتمام بالغ هذه الانتخابات لما سيترتب عليها من سياسات لتلك الدول سواء على الصعيد الثنائي بينها وبين تركيا، أو على الصعيد الإقليمي

في خضم الحرب الكلامية الانتخابية المتوقعة بين الطرفين هناك أسئلة عدة تُطرح على كلا الجانبين عن إمكانية تنفيذ بعض ما يطرح، فهل بإمكان المعارضة إخراج اللاجئين السوريين وإعادتهم إلى سوريا بعد فوزهم كما قال رئيس حزب الشعب الجمهوري، أليس هذا الملف مرتبطاً بسياسات دولية متشابكة، وهل يستطيع فتح علاقات مع دمشق في ظل الرفض الأميركي والمعروف أن واشنطن تدعم المعارضة، وأما فيما يخص الحكومة التركية الحالية فهل تستطيع أن تخطو خطوات كبيرة نحو التطبيع مع دمشق وإلى أي مدى تستطيع أن توافق بينها وبين الدول المرحبة وغير المرحبة بهذا التقارب، وهل هي قادرة على تحسين الوضع الاقتصادي الذي شهد تراجعاً ملحوظاً قبل الأزمة الاقتصادية التي سببتها الحرب الروسية الأوكرانية.

لا شك أن دول الجوار تترقب باهتمام بالغ هذه الانتخابات لما سيترتب عليها من سياسات لتلك الدول سواء على الصعيد الثنائي بينها وبين تركيا، أو على الصعيد الإقليمي بشكل عام، فما قامت به حكومة العدالة والتنمية وحلفاؤها من التقارب مع الجميع حتى مع النظام السوري وذلك لتشعر الجميع في الداخل التركي أو الخارج من أنها على أعلى مستوى من التعامل السياسي، والقدرة على هذا التعامل وخاصة أنها على مدى سنوات طويلة كانت لها سياستها في الملفات الثقيلة ابتداءً من الملف السوري، وحتى الملف الروسي الأوكراني التي نجحت فيه بشكل كبير، مما يجعل المجتمع الدولي ربما أكثر ميولاً نحو الحكومة التي تعامل معها لعقدين من الزمن.