2021.. سنة الاستحقاقات في إيران وسوريا

2020.12.23 | 23:49 دمشق

2020-12-16t095544z_983759163_rc29ok9iwl1k_rtrmadp_3_iran-khamenei.jpg
+A
حجم الخط
-A

إنها سنة الاستحقاقات الرئاسية. مطلع العام 2021 سيرتبط بثلاثة استحقاقات رئاسية، تسلّم جو بايدن مقاليد الرئاسة الأميركية، لتتجه أنظار دول منطقة الشرق الأوسط على الانتخابات الرئاسية الإيرانية والانتخابات الرئاسية السورية.

السؤال الكبير الذي يطرح نفسه، هو كيف سيكون المسار السياسي والاستراتيجي الأميركي بالنسبة إلى إدارة جو بايدن، وهل سيكون متشابهاً مع مسار إدارة باراك أوباما، أم أن ما فرضه دونالد ترامب لن يكون قابلاً للتغيير؟ في خلفية التفكير الإيرانية والأميركية، هناك استذكار لحدثين أساسيين، إيران مطلع السنة الجديدة ستستذكر قائد فيلق القدس قاسم سليماني الذي تم اغتياله في الثالث من يناير، ومن غير المعروف إذا ما كان هذا الاستذكار سيكون مصحوباً بردّ معين، أم باستمرار السكوت بانتظار خروج دونالد ترامب من البيت الأبيض وعدم إعطائه أي ذريعة لضرب أهداف إيرانية حيوية واستراتيجية.

 أما في خلفية التفكير الأميركي والتي يجتمع عليها الجمهوريون والديمقراطيون، هي الانتقام لصورة المذّلة للجيش الأميركي على إحدى السفن في الخليج عندما ركّع الحرس الثوري الإيراني جنوداً أميركيين رفعوا أيديهم على رؤوسهم. سينقسم المشهد بين إنتقامين في اللاوعي الإيراني والأميركي. فيما الوقائع على الأرض، تؤكد أن الطرفين لا يريدان الحرب، ويسعيان خلف التفاوض، ولكن وفق أسس جديدة مختلفة عن قواعد مفاوضات الاتفاق النووي أيام أوباما، خاصة لجهة شمول الصواريخ البالستية الإيرانية في هذه المفاوضات، بالإضافة إلى النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط ووجوب وقف الدعم المقدم إلى الميليشيات الإيرانية.

لا بد لأي مفاوضات تنطلق، أن تكون مهتمة بتطورات الملف السوري، أي اهتمام أميركي وأوروبي بسوريا، سيفرض تفاهماً مع روسيا

طهران تعتبر أن الصواريخ البالستية أمر يتعلّق بالأمن القومي الإيراني. لا مجال للتفاوض عليه، وهو أمر لا يمكن أن توافق عليه لا روسيا ولا الاتحاد الأوروبي إلى جانب الموقف الأميركي.

بعد تجاوز إيران لمندرجات الاتفاق النووي ورفع نسبة تخصيب اليورانيوم لم يعد الأوروبيون قادرين على مسايرة الإيرانيين، إنما أصبح الموقف الأوروبي قريباً أكثر من الموقف الأميركي، ما سيفرض على طهران المزيد من الضغوط. ضغوط تترجم واقعياً من خلال اتجاه الأوروبيين إلى تصنيف حزب الله بشقيه السياسي والعسكري كتنظيم إرهابي، وهي خطوة أساسية أقدمت عليها ألمانيا بتنسيق مع الأميركيين، فيما فرنسا وحدها لا تزال تعارض ذلك.

 سيكون لألمانيا دور أبرز في المرحلة المقبلة، خصوصاً عند سعي الطرفين الأميركي والإيراني للذهاب إلى مفاوضات ستكون لها قواعد مختلفة هذه المرة، تتولى برلين العمل على إعداد برنامج تفاوضي، يطال ليس فقط السلاح النووي الإيراني، إنما الصواريخ البالستية، والنفوذ الإيراني في المنطقة، ووجوب الانسحاب منها، بالإضافة إلى وقف الدعم العسكري والمالي لميليشيات تابعة لها.

مسؤولون ألمان على صلة بوضع أسس هذا البرنامج يؤكدون أنه لن يكون بإمكان إيران الاستمرار بالتمتع بهذا النفوذ في سوريا والعراق ولبنان، ملف حزب الله والحشد الشعبي والحوثيين سيكون مطروحاً بقوة على طاولة التفاوض وهذه من عناصر النفوذ الإيرانية التي يجب تقليمها.

 في موازاة هذا البرنامج التفاوضي، وتيقن إيران من أن الجميع يريد الذهاب إلى مفاوضات وليس إلى الحرب، فهي تمسك بورقة الانتخابات الرئاسية كإحدى أوراق القوة لديها، إذ إن التوجه الإيراني هو لترشيح شخصية من المتشددين لمنصب الرئيس خلفاً لحسن روحاني، بينما سيكون التفضيل الغربي الأميركي الأوروبي لشخصية من الإصلاحيين لتكون عنصراً مساعداً في أي حوار مرتقب. ملف الانتخابات الرئاسية الإيرانية أساسي في وضع أو بلورة أي إطار للمفاوضات. وبلا شك أن هذه الإنتخابات الرئاسية ستكون مختلفة في نتائجها وانعكاساتها عن انتخاب أحمدي نجاد أو حسن روحاني، نسبة إلى الوقائع الإيرانية الداخلية.

 ولا بد لأي مفاوضات تنطلق، أن تكون مهتمة بتطورات الملف السوري، أي اهتمام أميركي وأوروبي بسوريا، سيفرض تفاهماً مع روسيا، الأمر الذي سيعيد وضع العلاقة الروسية الإيرانية على المحكّ، يأتي ذلك تزامناً مع تحضير روسي للسيطرة أكثر على بعض النقاط والمواقع العسكرية الإيرانية في سوريا، وتحديداً على الحدود السورية العراقية، من خلال دخول قوات روسية لتحلّ مكان القوات الإيرانية، في إطار عملية القضم البطيء لمواطن النفوذ الإيراني الاستراتيجي على الجغرافيا السورية.

 القرار الدولي 2254 هو العنوان الأساسي لأي منطلقات تفاوضية بين إيران والولايات المتحدة الأميركية ومن خلفها دول الاتحاد الأوروبي، وهذا سيفتح باب التفاوض على مصير الانتخابات الرئاسية السورية، فيما لا تزال موسكو تتمسك بدعم بشار الأسد، وهي إحدى نقاط الالتقاء الأساسية بينها وبين طهران، بقاء الأسد في الانتخابات، لن يصطحب بأي جدية تتعلق بتطبيق القرار الدولي الذي ينص على مرحلة انتقالية، فرصة تعويم الأسد من قبل إيران أمر مستحيل، إمكانية بقاء الأسد ترتبط فقط باتخاذ خطوة للابتعاد عن طهران والتقرب أكثر من العرب وإسرائيل برعاية الروس.

تمسك إيران بالأسد سيطيح بأي مسعى تفاوضي جدّي، لأن ذلك سيعني إبقاء نفوذها في سوريا، وبالتالي استمرار الوضع على ما هو عليه داخل إيران وخارجها وعدم الخروج عن سياسة العقوبات.