icon
التغطية الحية

قطر تعزز نفوذها بصمت في لبنان.. هل تنقذ البلاد المنكوبة بمفردها؟

2023.02.05 | 11:21 دمشق

حرس الشرف يستقبل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عند وصوله إلى مطار رفيق الحريري في بيروت، 20 كانون الثاني 2019 (AP)
حرس الشرف يستقبل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عند وصوله إلى مطار رفيق الحريري في بيروت، 20 كانون الثاني 2019 (AP)
إسطنبول - وكالات
+A
حجم الخط
-A

تعمل قطر بصمت على تعزيز نفوذها في لبنان، الذي تخلت عنه معظم دول الخليج الغنية وعلى رأسها السعودية في السنوات الأخيرة، بسبب النفوذ المتنامي لميليشيا "حزب الله" المدعومة من إيران، بحسب تقرير لوكالة "أسوشيتد برس" الأميركية.

وقال التقرير، إن الدوحة استمرت باستقبال القادة اللبنانيين وضخ عشرات ملايين الدولارات لمساعدة القوات المسلحة في لبنان، وسط انهيار اقتصادي تاريخي تعاني منه البلاد منذ عام 2019.

وأضافت الوكالة، أن قطر الغنية بالغاز بدأت برؤية نتائج استثمارها في أواخر شهر كانون الثاني الماضي، حين حلت شركة قطر للطاقة المملوكة للدولة محل شركة روسية في تحالف دولي ينقب عن الغاز في البحر الأبيض المتوسط قبالة الساحل اللبناني.

وتشارك قطر كذلك يوم الإثنين المقبل، في اجتماع يعقد في باريس ويضم مسؤولين من فرنسا والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية لإجراء مناقشات تركز على الأزمات السياسية والاقتصادية في لبنان.

قوى حيادية؟

وترى الوكالة، أن الدوحة تحاول تقديم نفسها كقوى أكثر حيادية على الساحة اللبنانية، التي شهدت على مدار عقود تدخلات خارجية استغلت الانقسامات الطائفية لخوض معارك بالوكالة.

وأشارت الوكالة، إلى دور السعودية في دعم الفصائل السنيّة في لبنان لمواجهة النفوذ الإيراني في البلاد المتمثل بـ"حزب الله" الشيعي، وهو تنافس كاد أن يورط لبنان في نزاعات مسلحة مراراً.

ووفقاً للتقرير، فإن الدوحة تحاول استغلال علاقاتها الجيدة مع إيران، من أجل تعزيز مستوى المفاوضات بين طهران ودول الخليج العربي.

هل تنقذ البلاد بمفردها؟

واعتبر محمد بزي مدير مركز "هاكوب كيفوركيان" لدراسات الشرق الأدنى في جامعة نيويورك، أن مشاركة قطر في الاجتماع المقبل في باريس إشارة إلى أن "إيران لن تُستبعد تماماً من ذلك الاجتماع واعتراف بنفوذ طهران على لبنان".

وأوضح، "مع تراجع تدخل المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى في لبنان، تحاول قطر إحياء دورها كوسيط في البلاد"، وعلى الرغم من ذلك، لفت بزي إلى أنه "لم تظهر حتى الآن سوى القليل من الدلائل على استعدادها لإنقاذ لبنان بمفردها".

وكانت الأزمة الاقتصادية الطاحنة قد بدأت في لبنان في أواخر عام 2019، بسبب الفساد المستشري في أجهزة الدولة وسوء الإدارة، ما أدى إلى ارتفاع مستويات الفقر في البلاد نتيجة فقدان العملة الوطنية لأكثر من 90 بالمئة من قيمتها.

وفي سبيل الإفراج عن نحو 11 مليار دولار في شكل قروض ومنح، يطالب المانحون الدوليون، بما في ذلك قطر، الحكومة اللبنانية بإجراء إصلاحات، يقاومها السياسيون اللبنانيون خوفاً من إضعاف قبضتهم على البلاد.

تدخل قطر في لبنان ليس جديداً

ولا يُعتبر تدخل قطر في لبنان جديداً، ، فبعد الحرب التي استمرت 34 يوما بين إسرائيل و"حزب الله" في عام 2006، ساعدت الدوحة في إعادة بناء العديد من البلدات والقرى التي عانت من دمار كبير في جنوب لبنان، وظهرت إثر ذلك لوحات إعلانية ضخمة كُتب عليها "شكراً قطر" انتشرت في جميع أرجاء لبنان في تلك الفترة، بحسب تقرير الوكالة.

وفي أيار 2008، بعد اقتتال في بيروت هو الأسوأ منذ الحرب الأهلية، بين "حزب الله" وحلفائه من جهة وخصومهم المدعومين من الغرب من جهة أخرى، سافر القادة السياسيون اللبنانيون إلى قطر، حيث توصلوا إلى اتفاق يعرف باسم "اتفاق الدوحة". أنهت الصفقة جموداً دام نحو عامٍ ونصف، ونتج عنه انتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة جديدة.

وعقب هذا الاتفاق، نما الاقتصاد اللبناني بمعدل 9 بالمئة لمدة ثلاث سنوات متتالية، بتأثير من تدفق الاستثمارات الأجنبية الضخمة إلى البلاد التي باتت تنعم بالهدوء.

وفي كانون الأول 2018، في ديسمبر 2018، افتتح الرئيس ميشال عون المكتبة الوطنية اللبنانية التي أعيد تأهيلها حديثا في بيروت بتمويل من قطر وبكلفة 25 مليون دولار، وكانت والدة الأمير الحالية، الشيخة موزة بنت ناصر المسند قد وضعت حجر الأساس للمشروع في قلب بيروت في عام 2009.

في المقابل، انسحبت السعودية من لبنان في السنوات الأخيرة مع تزايد قوة "حزب الله"، وفي العام الماضي، أعلن الحليف الرئيسي للسعودية في لبنان رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، وهو مواطن لبناني سعودي، عن تعليق عمله في السياسة.

وفي عام 2020، حظرت الرياض استيراد المنتجات اللبنانية بعد أن انتقد مسؤول لبناني التدخل العسكري بقيادة السعودية في اليمن، وحذت دول خليجية أخرى حذوها.

قطر تزيد استثماراتها في لبنان

قطر وحدها لم تقاطع بيروت كما فعلت بقية دول الخليج، بل زادت استثماراتها في لبنان، إذ اشترى المستثمرون القطريون فندق "بيروت لو فيندوم" الشهير المطل على البحر الأبيض المتوسط في عام 2020، وهناك تقارير تفيد بأن الدوحة تخطط لضخ الأموال في القطاع المصرفي اللبناني المتعثر، بحسب الوكالة.

وتبرعت قطر في حزيران الماضي بمبلغ 60 مليون دولار لدعم رواتب أفراد الجيش اللبناني، كما أرسلت له إمدادات غذائية شهرية، ولطالما كان دعم الجيش اللبناني سياسة متبعة من قبل واشنطن، التي ترى فيه ثقلا موازنا لـ"حزب الله".

في الأسبوع الماضي، انضم وزير الطاقة القطري سعد الكعبي إلى المسؤولين اللبنانيين في بيروت في حفل للتوقيع على اتفاق للحصول على حصة 30 بالمئة في تحالف يعمل على التنقيب عن النفط والغاز في المياه اللبنانية، وذلك بعد ثلاثة أشهر من توقيع لبنان وإسرائيل اتفاقية الحدود البحرية بوساطة أميركية.

وبحسب الاتفاق، ستستحوذ شركة قطر للطاقة على حصة 20 بالمئة، كانت تمتلكها شركة روسية، بالإضافة إلى 5 بالمئة، كانت مملوكة لشركة "إيني" الإيطالية العملاقة ومثلها مملوكة لـ"توتال إنيرجيز" الفرنسية، مما يجعل حصتها ترتفع إلى 30 بالمئة.

من تدعم قطر في لبنان؟

على الصعيد السياسي، لا تدعم قطر علانية أي حزب في لبنان، لكن يُقال إنها تقف إلى جانب قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون، ليصبح الرئيس المقبل للبلاد، ويُعتقد أن "حزب الله" يعارضه، بحسب الوكالة.

وحظي عون (الذي لا تربطه صلة قرابة بالرئيس المنتهية ولايته ميشال عون)، بدعوة في كانون الأول الماضي لزيارة قطر، حيث التقى بمسؤولين رفيعي المستوى.

الاقتصادي اللبناني أنطوان فرح، فسّر تحركات قطر في لبنان بالقول "إن قطر، كما تفعل في كثير من الأحيان، تعمل على تعزيز مصالحها الاقتصادية والسياسية معاً، فهي تضمن الحصول على أموال من استثماراتها بينما تكتسب دوراً سياسياً في البلد الذي تستثمر فيه".

لكن علي حمادة الصحفي بصحيفة النهار اللبنانية اليومية، يرى أن قطر مثل دول الخليج الأخرى، سترغب في رؤية القادة السياسيين اللبنانيين يجرون إصلاحات جادة.

ويضيف حمادة، "يجب على لبنان أن يساعد نفسه لكي يساعده العرب (...) لا يمكن للسياسيين اللبنانيين الجلوس والانتظار حتى تمطر الأموال من السماء".