icon
التغطية الحية

(2011-1963) السلطة في سوريا ودورها في صراع الريف والمدينة (2/1)

2021.04.10 | 13:58 دمشق

امرأة ريفية تبيع أحذية بالقرب من قلعة دمشق (1986)
امرأة ريفية تبيع أحذية بالقرب من قلعة دمشق- 1986 (المصدر: موقع التاريخ السوري المعاصر)
إسطنبول- أحمد طلب الناصر
+A
حجم الخط
-A

مهّد الانقلاب الذي نفّذه حزب البعث العربي الاشتراكي، في الـ 8 من آذار 1963، لإحداث تغيير جذري داخل سوريا في شكل الحكم وبنية الفئة الحاكمة، إذ تم الاستعاضة عن النظام البرلماني الذي مثّله آنذاك البرجوازيون من أبناء المدن وكبار الملاك والسياسيين، بحكم الحزب الواحد الشمولي الذي مثّله صغار البرجوازيين من ذوي الأفكار القومية والاشتراكية، مستنداً في ذلك على نفوذ أفراده في مؤسسة الجيش وبين طبقة الفلاحين.

وانتشر الحزب بادئ الأمر في الريف السوري الفقير والمهمّش، ومنها قرى الأقليات، وفشل آنذاك في اختراق المدن الكبرى. وكان ذلك تمهيداً لنشوء أزمة هيمنت لاحقاً على المشهدين الاجتماعي والسياسي داخل الوسطين الريفي والحضري في سوريا.

 الديموغرافيا السوريّة:

تضاعف عدد السكان في سوريا خلال العقود الأربعة الماضية بنسبة (3.2) مرات، فازداد من 6.3 ملايين نسمة عام 1970 إلى نحو 21 مليوناً عام 2011. ويشكل سكان الريف نحو 46% من إجمالي سكان سوريا مقابل 53% يسكنون المدن لأسباب سنأتي على ذكرها لاحقاً.

العاصمة دمشق

بلغ عدد سكانها 1.724 مليون نسمة بحسب إحصاء 2010، معظمهم من العرب. ويمثل المسلمون الغالبية العُظمى من السكان (93%)، وتوجد أعدادٌ كبيرة من المسيحيِّين أغلبهم من الروم الأرثوذكس الإنطاكيين والروم الملكيين الكاثوليك، وأعداد ضئيلة من اليهود ويتوزع الانتشار المسيحي بشكل خاص في باب توما وباب شرقي وحي القصّاع. كما توجد نسبة ضئيلة من أبناء الطائفة الشيعية. يتوزع معظمهم ضمن منطقة الست زينب وحي زين العابدين والأمين.

محافظة ريف دمشق

تحيط بالعاصمة دمشق من جميع الجهات، ويبلغ عدد سكانها 2.836.000 نسمة، غالبيتهم من العرب السنّة، ونسبة قليلة من المسيحيين ينتشرون في بلدتي جرمانا وصحنايا اللتين يتشاركانها مع الدروز، وفي جبال القلمون هناك قرى سريانية مثل معلولا وصيدنايا ويبرود .

محافظة درعا

يبلغ عدد سكانها نحو 1.100.000 نسمة، وتقع جنوب محافظة دمشق، غالبية سكان المحافظة هم من المسلمين السنّة، مع وجود أقلية مسيحية تتوزع داخل أحياء مدينة درعا وكذلك في ريف درعا الشرقي، إلى جانب وجود أقلية شيعية تتركز بشكل خاص في مدينة درعا وبعض مناطق الريف مثل مدينتي (الشيخ مسكين وبصرى الشام).

محافظة السويداء

يبلغ عدد سكانها نحو 377.000 نسمة وتقع في الجنوب الغربي من محافظة دمشق، ويشكّل العرب غالبية سكان المحافظة وهم من أتباع الديانة الدرزية "الموحّدين الدروز" باستثناء أقلية مسيحية.

القنيطرة

يبلغ عدد سكانها نحو 90 ألف نسمة، تضم المنطقة إلى جانب العرب الذين يشكلون النسبة الأكبر، الشركس إضافة إلى بعض التركمان.

محافظة حمص

يبلغ عدد سكانها حسب إحصاءات المكتب المركزي للإحصاء في سوريا حتى نهاية عام 2011 نحو 1803000 نسمة والغالبية من العرب.

ويشكّل المسلمون السنّة ما نسبته 64% من سكان المحافظة، إضافة إلى 25% من العلويين، و8% من المسيحيين، و2% من الشيعة، إضافة إلى 0،2% من أبناء الطائفة الإسماعيلية .

محافظة حماة

يبلغ عدد سكانها حتى نهاية عام 2011 نحو 1.628.000 نسمة، غالبيتهم من العرب. ويشكل السنّة 67% من سكان المحافظة، يليهم العلويون بنسبة 17% ثم الإسماعيليون بنسبة 10%، إضافة إلى المسيحيين 6%، والشيعة 0،1% بتعداد يصل إلى ألفي نسمة.

اللاذقية

يبلغ عدد سكان المحافظة لغاية نهاية عام 2011 نحو 1،008.000 وتبلغ مساحتها نحو 2297 كم2، ويشكل العلويون النسبة الأكبر في هذه المحافظة على عكس المحافظات السالفة، حيث تبلغ نسبتهم 58% من سكان المنطقة، يليهم السنّة بنسبة 37%، ويشكل المسيحيون 5%، في حين يمثل كل من الإسماعيلية والشيعة نسبة 0،2% لكل طائفة.

طرطوس

تشكل الجزء الجنوبي من الساحل السوري بمحاذاة الحدود اللبنانية جنوباً، وقد وصل عدد السكان إلى قرابة 797000 نسمة، ويشكّل العلويون نحو 69% من السكان، في حين تبلغ نسبة السنّة نحو 18% تليها الإسماعيلية بنحو 7% ثم المسيحيون بنسبة 6%.

حلب

تعتبر  إحدى أهم المحافظات السورية، وتمتد في شمال سورية قرب الحدود التركية، وهي الأولى في سوريا من حيث عدد السكان، إذ بلغ عددهم في إحصائياًت 2010 نحو 4،6 ملايين نسمة،.يشكل العرب غالبية سكان المحافظة، ويوجد أيضاً كُرد وأرمن وشركس، ويتركز الكُرد في المناطق الشمالية والشمالية الغربية من المحافظة ويشكلون الغالبية في مناطق عين العرب وعفرين، كما يوجدون بشكل قليل في جرابلس والباب، فضلًا عن وجودهم في مدينة حلب في حيّي الأشرفية والشيخ مقصود، وتحتوي حلب على أكبر تجمع أرمني في سوريا، حيث بلغ عددهم في 2011 نحو 60 ألفاً، وجلهم مسيحيون. كما بلغ عدد المسيحيين في حلب نحو 250 ألف أي ما نسبته 12% من السكان.

إدلب

يبلغ عدد سكانها قبل 2011 نحو مليون و500 ألف نسمة، وتبلغ مساحة المحافظة نحو 6 آلاف كم2. ونتيجة النزوح وحملات التهجير التي طالت السكان من المدن والمناطق المعارِضة للسلطة السورية تشهد محافظة إدلب مع ريف حلب التابع لسيطرة المعارضة والملاصق لإدلب اليوم أعلى كثافة سكانية في سوريا.

دير الزور

تقع محافظة دير الزور في شرق سورية وتمتد على مساحة تزيد على 33 ألف كيلومتر مربع، وتحتل المرتبة الثانية في قائمة أكبر المحافظات بعد حمص. يقدّر عدد سكانها بنحو مليون و200 ألف نسمة غالبيتهم من العرب، وهناك وجود محدود للكُرد والأرمن .

الرقة

تقع شمال شرقي سوريا، وتقع أيضاً على الضفة الشمالية لنهر الفرات، وصل عدد سكان المحافظة لقرابة 944 ألف نسمة خلال 2011، وتبلغ مساحتها نحو 19616 كم2، وغالب سكان المحافظة من العرب مع أقليات إثنية كالكُرد والأرمن والتركمان .

محافظة الحسكة

في الشمال الشرقي لسوريا، لها حدود مع تركيا والعراق، تبلغ مساحتها 32334 كم2، ويزيد عدد سكانها على المليون نسمة وفق إحصاء العام 2005, ينتمي سكانها إلى مختلف الأعراق والأديان، من العرب والكرد والأرمن والآشوريين، من المسلمين السنة والمسيحيين والإيزيديين، وتتميز إلى جانب محافظة دير الزور بكثرة الحقول النفطية وحقول الغاز، بالإضافة إلى المحصولين الاستراتيجيين القطن والقمح .

تطوّر المشهدين الريفي والحضري في سوريا منذ الاستقلال حتى 1970

أقرّ مجلس الأمن الدولي جلاء الفرنسيين من سوريا، في شباط 1946، فتحقق ذلك الجلاء في الـ 16 من نيسان 1946، واعتبر يوم السابع عشر من الشهر نفسه عيداً للجلاء.

وفي السادس والعشرين من الشهر نفسه ، طلب رئيس سوريا آنذاك "شكري القوتلي" من "سعد الله الجابري" تشكيل حكومة مؤقتة لحين إجراء الانتخابات. فأجريت أول انتخابات برلمانية في سوريا بعد الاستقلال في الـ7 من تموز 1947.

أثناء ذلك، لم يكن ثمة جيش وطني عدا مئات قليلة من العسكريين، كان ولاء معظمهم لفرنسا في السابق. فتم افتتاح الكلية العسكرية في حمص أمام من يرغب من السوريين للانتساب إليها دون شروط أو امتيازات عائلية أو مذهبية أو مناطقية أو طبقية.

ولعدم وجود رسوم للتسجيل، ولتوفّر الإقامة ووجبات الطعام ومصروف شخصي ومنح مالية شهرية مخصصة للطلاب، جذبت الكلية آنذاك أبناء المناطق الفقيرة والمحرومة من الريف والأقليات من الفقراء الذين وجدوا في الجيش ملاذاً لبناء المستقبل.

كان أبناء المدن يفضلون العمل في الوظائف الحكومية ومتابعة تحصيلهم العلمي، ومزاولة التجارة والمهن الحرّة المختلفة بالإضافة إلى مزاولة قسم منهم النشاط السياسي. ومنذ ذلك الحين طغت على المؤسسة العسكرية السورية صبغة الريف

وعندما دعت الحكومة الشباب للتطوّع في صفوف الجيش الوطني لبى الدعوة أبناء الأرياف من مختلف المحافظات والطوائف والقوميات. في حين كان أبناء المدن يفضلون العمل في الوظائف الحكومية ومتابعة تحصيلهم العلمي، ومزاولة التجارة والمهن الحرّة المختلفة بالإضافة إلى مزاولة قسم منهم النشاط السياسي.

 

(2011-1963) السلطة في سوريا ودورها في صراع الريف والمدينة
دورة الكلية العسكرية بحمص (1952)- المصدر: التاريخ السوري المعاصر

 

ومنذ ذلك الحين طغت على المؤسسة العسكرية السورية صبغة الريف بمختلف قومياته وطوائفه وخاصة من الأقليات، ولتستمر على هذه الحال منذ ذلك الحين حتى الساعة، لترتبط ارتباطاً وثيقاً بغالبية الأحداث التي مرّت على سوريا لاحقاً لا سيما بعد عام 1970.

من جانب آخر، ازدهر النشاط الزراعي في سوريا لا سيما زراعة القطن التي نمت أراضيها بصورة كبيرة خصوصاً في منطقة الفرات والجزيرة السورية بجانب زراعة الحبوب.

وفاق النموّ الزراعي نسبة زيادة السكان في المنطقة، إذ كانت سوريا أولى الدول العربية التي باشرت بالمكننة الزراعية. وعلى أثر ذلك تطورت المناطق الشمالية الشرقية من سوريا وارتفع عدد سكانها بنسب تصل إلى 50% في بداية خمسينيات القرن الماضي، وأسهمت بإنتاج معظم صادرات سوريا الزراعية آنذاك.

وهيمن نظام الإقطاع على مشهد العلاقة بين النمطين الريفي ممثلاً بصغار الفلاحين والحضري ممثلاً بالشخصيات والعائلات الإقطاعية.

ومنذ ذلك الحين وصولاً إلى قيام الوحدة مع مصر (1958) لم يطرأ الكثير على المشهد العام في نمط الحياة الريفية والحضرية، نتيجة انشغال السوريين آنذاك بالتغيرات السياسية المتسارعة التي أفرزتها الانقلابات العسكرية المتعاقبة بعد الانقلاب الأول على يد حسني الزعيم (آذار 1949) لتهيمن لاحقاً على الساحة السورية.

رؤساء الجمهورية في سوريا

وقبل متابعة رصد التطورات خلال الوحدة وما تلاها، نستعرض أسماء الرؤساء الذين مروا على سوريا منذ الاستقلال حتى وقتنا الحاضر، وعددهم 16 رئيساً، مرفقة بمدة حكم كل رئيس منهم:

  شكري القوتلي (17 آب 1943 - 30 آذار 1949).

 حسني الزعيم (30 آذار - 14 آب 1949).

هاشم الأتاسي (15 آب 1949 - 2 كانون أول 1951).

 فوزي سلو (3 ديسمبر 1951 - 11 تموز 1953).

 أديب الشيشكلي (11 تموز 1953 - 25 شباط 1954).

 هاشم الأتاسي (28 شباط 1954 - 6 أيلول 1955).

 

(2011-1963) السلطة في سوريا ودورها في صراع الريف والمدينة
مراسم انتقال السلطة بين رئيس الجمهورية السابق هاشم الأتاسي واللاحق شكري القوتلي 1955

 

 شكري القوتلي (6 أيلول 1955 - 22 شباط 1958).

 فترة الوحدة مع مصر (22 شباط 1958 - 29 أيلول 1961).

 مأمون الكزبري (29 أيلول - 20 تشرين ثاني 1961).

 عزت النص (20 تشرين ثاني - 14 كانون أول 1961).

  ناظم القدسي (14 كانون أول 1961 - 8 آذار 1963).

لؤي الأتاسي (9 آذار – 27 تموز 1963).

أمين الحافظ (27 تموز 1963 - 23 شباط 1966).

نور الدين الأتاسي (25 شباط 1966 - 18 تشرين ثاني 1970).

أحمد الخطيب (18 تشرين ثاني 1970 - 22 شباط 1971).

حافظ الأسد (22 شباط 1971 - 10 حزيران 2000).

بشار الأسد (17 تموز 2000-...).

الوحدة مع مصر.. جذور الأزمة

في الـ22 من شباط 1958، تمت الوحدة بين سوريا ومصر تحت مسمى "الجمهورية العربية المتحدة". وبعد قيامها بمدة قصيرة أصدر رئيسها "جمال عبد الناصر" قانون "الإصلاح الزراعي" رقم 161 لعام 1958 القاضي بالاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية التي رأى بأنها تجاوزت سقف الملكية، ضمن شروط حددها القانون ترتبط بمعدلات هطل الأمطار بالنسبة للأراضي البعلية، ووفق مصادر المياه بالنسبة إلى الأراضي المروية .

 

(2011-1963) السلطة في سوريا ودورها في صراع الريف والمدينة (2/1)
القوتلي وعبد الناصر بعد إعلان الوحدة 1958

 

وبصرف النظر عن آلية تطبيقه التي نجحت نسبياً في أرياف مصر، إلا أن القانون لا يتناسب مع أوضاع الأراضي في سوريا، كما ويعتبر جائراً كونه يتناقض مع دساتير الأرض وشرائعها التي صانت حق الملكية، وعدّته حقًا مقدسًا للفرد، ولا يجوز الاعتداء عليه، أو على الأقل يتم تقديم تعويضٍ عادل لصاحب صكّ الملكية.

جرى الاستيلاء على مساحات زراعية قدّرت مساحتها بنحو مليون و225 ألف هكتار، وهي خمس الأراضي المستثمرة زراعيًا، وقد استفادت منها نحو 300 ألف أسرة في المحافظات السورية جميعها. وكانت نتيجة توزيع الأرض على فلاحي القرى التي حصل فيها الاستيلاء واضحة في مستوى معيشتهم .

حقق قانون الإصلاح الزراعي للفلاحين في البداية، استقراراً واضحاً وتبدلاً في حالتهم ووضعهم المعيشي السابق. إذ أسهم في وقف هجرتهم للعمل في المدن السورية أو لبنان لتحاشي المجاعة والأوبئة، ثم ما لبث أن تراجع الإنتاج الزراعي

كما وحقق القانون لأولئك الفلاحين استقراراً واضحاً وتبدلاً في حالتهم ووضعهم المعيشي السابق. إذ أسهم في وقف هجرتهم للعمل في المدن السورية أو لبنان لتحاشي المجاعة والأوبئة نتيجة سنوات المجاعة والجفاف التي سبقت إصدار القانون. كما كان له دور في إحداث تقدّم ملحوظ في مجال الزراعة وأوضاع الفلاحين ومنع كبار الملاك من اتخاذ أي إجراء تعسفي بحق المزارعين.

إلا أن الإنتاج الزراعي لم يلبث أن تراجع في العام التالي نتيجة توقّف كبار الفلاحين عن الاستثمار في الأراضي فبارت.

ونتيجة هذا القانون والمكاسب التي حصل عليها المزارعون كسب عبد الناصر تأييد الأخيرين، وخاصة في أرياف الجزيرة ونهر الفرات وحوران التي أصبحت ناصرية الهوى. وبالمقابل أضعف القانون النفوذ السياسي لكبار المالكين والإقطاعيين الذين كانت أصول غالبيتهم من مراكز مدن تلك المناطق .

ويبدو أن تلك التغيّرات شكّلت بداية نشوء حالة التنافر بين الطرفين في سوريا، قبل أن تبلغ أشدّها لاحقاً خلال فترة حكم البعث.

فبعد انتهاء الوحدة مع مصر وخروج عبد الناصر من سوريا، في أيلول 1961، صدرت مراسيم تشريعية عدلت في القانون السالف ورفعت سقف الملكية. وحين تسلّم حزب البعث السلطة صدر المرسوم التشريعي ذو الرقم 145 لعام 1966 الذي ألغى التعديلات وعاد لمتابعة سياسة الاستيلاء.

وأثناء ذلك كانت غالبية عمليات الاستيلاء على الأراضي وتوزيعها على غير مالكيها تتم بدوافع انتقامية واضحة وخاصة في المنطقة الشرقية والجزيرة السورية، إذ تجاوز تطبيق الاستيلاء ليشمل حتى المنازل والعقارات والسيارات أيضاً.

الواقع الريفي والمدني بعد انقلاب حزب البعث (آذار 1963) وصولاً إلى آل الأسد

تميزت هذه الفترة بسيطرة تيارات عديدة تحت غطاء سياسي لحزب البعث، والتي بدأت بانقلاب 8 من آذار من عام 1963، وامتدت حتى انقلاب الأسد على رفاقه في 1970.

السمة العامة لهذه المرحلة كانت ذات توجّه عسكري، وتمثلت بنشوب صراعات شديدة مهدت لإزاحة أبناء الأغلبية المدنية السنية وقسم من أبناء الطوائف الأخرى غير  طائفة الأسد، عن صفوف الجيش والقوات الأمنية.

وبالتالي لم تُعر السلطة أية أهمية للجوانب الاجتماعية والاقتصادية والخدمية، وركّز القادة البعثيون اهتماماتهم على تعزيز السلطة وإزاحة الخصوم وتكريس الحكم الفئوي.

فبالنسبة لما يتعلّق بالقطاع الزراعي، لم يطبّق نظام البعث سياسة زراعية ناجعة. واقتصرت الإجراءات على التنظير الإيديولوجي وبعض قرارات التأميم ونزع الملكيات من الإقطاعيين والسعي لكسب قسم من أبناء الأرياف الفقراء لدعم الحزب والانتساب إلى صفوفه .

ومن الناحية الاجتماعية، دخلت سوريا مرحلة تدمير البنية الأساسية للمجتمع عبر صراعات أخذت شعارات طبقية أولاً، ثم اتخذت الصبغة الطائفية الواضحة من خلال فتح حزب البعث الباب على مصراعيه أمام أبناء الأرياف، والأقليات ذات المنشأ الريفي، للإمساك بزمام الأمور والتحكّم بمفاصل السلطة في البلد.

وأفرزت تلك الفترة وضعاً مجتمعياً اتسم بالشحن الطائفي والفئوي والطبقي بين مكونات المجتمع، استُبعد فيها أبناء المدن الرئيسية من عضوية القيادة القطرية للحزب وحل محلهم أبناء الريف بنسبة الثلثين، كأرياف حوران ودير الزور من ذوي الانتماء القبلي، وكذلك من ريف اللاذقية.

فتراجع بذلك تمثيل سنة المدن ضمن قيادات الحزب، وحلت محلهم شخصيات مطواعة وهزيلة من الريف السني ومدن الأطراف.

/يتبع../

 

 

 

  • مصادر ومراجع:
  1. بشارة، عزمي. (2013). سورية درب الآلام نحو الحرية. المركز العربي للأبحاث. الدوحة. ط1.
  2. بطاطو، حنا.(أكتوبر 2014) فلاحو سوريا. عبد الله فاضل. ط1. بيروت. المركز العربي للدراسات.
  3. ديب، كمال. (2012). تاريخ سوريا المعاصر من الانتداب الفرنسي إلى صيف 2011. دار النهار، بيروت. ط2.
  4. عبد ربه، سهير. تجربة الجمهورية العربية المتحدة/ رسالة لنيل درجة الماجستير في التاريخ المعاصر. جامعة محمد خيضر، بسكرة. كلية الآداب والعلوم الإنسانية.
  5. عثمان، هاشم.(2012). تاريخ سوريا الحديث. دار رياض الريس للنشر، بيروت.
  6. الربداوي، قاسم. (2014). التزايد السكاني والتنمية الحضرية في محافظة درعا. "مجلة جامعة دمشق". المجلد 30. العدد 3+4. جامعة دمشق، سورية.
  7. مرعي، محمد مرعي.(2013). 50 عاماً من التنمية الضائعة. ط1.
  8.  قطريب، حسين إبراهيم. "سورية المفيدة" والتغيير الديموغرافي في سورية. مركز الملك فيصل للأبحاث والدراسات الإسلامية. استرجعت بتاريخ 15 نوفمبر  2019  https://bit.ly/315ned3
  9.   الأغبري، إسماعيل. (2019). محافظة الرقة. موسوعة المحيط.  https://bit.ly/2O9Jqxs
  10.  عكلة، عمار. الحزام العربي الناسف في قانون الإصلاح الزراعي، حقّ يُراد به باطل/ بحث. مركز حرمون للدراسات المعاصرة. 05 مارس 2017 . https://cutt.us/RJroq
  11. مركز حرمون.(سبتمبر-2017).الزراعة: سلة الغذاء السورية من التراجع إلى الكارثة: دراسة. استرجعت بتاريخ 30 أبريل 2020. https://cutt.us/u8ALp
  12.   صالح، حسام. ريف السوري: تغيير ديموغرافي يقابله خسائر زراعية. موقع الحل. 7 مايو 2017. https://cutt.us/JOiJ9
  13.   هجرة السوريين من الريف إلى المدن تتحدى التنمية/ تقرير. صحيفة ميدل إيست. 2005/01/04. https://cutt.us/tnIFK
  14.  الهيئة السورية لشؤون الأسرة. دراسة بعنوان: ركود التحول الديموغرافي باتجاه مرحلة التوازن السكاني في سورية. إنجاز فريق عمل. رئاسة مجلس الوزراء. 2011. https://cutt.us/4P2Wu
  15.  الموسوعة العربية العالمية. (1999). ج10، ط2. المملكة العربية السعودية: مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع.
  16. الخطيب، رامي. المسيحيون في ريف درعا هروب قسري من المتطرفين نحو المجهول. مقالة في صحيفة الوطن السورية. (24 فبراير 2018) . https://soo.gd/xhoL
  17. موقع شبكة  BBC. " https://www.bbc.com
  18. - المركز الصحفي السوري spchttps://syrianpc.com/?p=8963
  19. موقع ويكيبيديا. https://ar.wikipedia.org/
  20. موقع التاريخ السوري المعاصر. https://cutt.us/1nWUA
  21. موقع بوابة الحكومة السورية الإلكترونية. عن سورية. http://www.egov.sy/
  22. موقع سطور. https://sotor.com/
  23. موقع الجزيرة نت- موسوعة الجزيرة . https://cutt.us/nPx0g