17 نيسان يوم الأسير الفلسطيني: معاناة مستمرة

2022.04.19 | 06:34 دمشق

asry_flstynywn_-_arshyfyt.jpg
+A
حجم الخط
-A

يأتي يوم الـ 17 من نيسان من كل عام ليكون فرصة لتذكير العالم بمعاناة أكثر من 4700 أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية، من بينهم 35 سيدة و180 طفلا، يتم اعتقالهم بشكل مناقض لحقوق الإنسان، ويعيش هؤلاء الأسرى في ظروف سيئة جدا من الإهمال الطبي والعزل الانفرادي والمنع من أبسط الحقوق الإنسانية.

تمتد جذور عمليات الاعتقال للفلسطينيين منذ بداية الانتداب البريطاني على فلسطين في عام 1917، ومع إعلان قيام إسرائيل على الأراضي الفلسطينية في مايو 1948 واصلَ الاحتلال الإسرائيلي هذه الاعتقالات. إذ اعتقلَ أكثر من مليون مواطن فلسطيني من كافة الفئات منذ عام 1948 إلى يومنا هذا. وقد كان أولَ الحالات التي تم توثيقها في السجون الإسرائيلية هو الأسير محمود بكر حجازي الذي تم اعتقاله في 1965.

يوجد حاليا وفق الإحصاءات الرسمية 4700 أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية منهم 102 أسير مضى على اعتقالهم أكثر من 20 عاما كما من بينهم 20 أسيرا مضى عليهم أكثر من 30 عاما في الأسر.

وعلى سبيل المثال يمكن أن نذكر اسم الأسير كريم يونس الذي ما يزال معتقلا منذ عام 1983، والأسير محمود عيسى الذي تم اعتقاله منذ عام 1993، والأسير نائل البرغوثي الذي أمضى في سجون الاحتلال أكثر من 40 عاما.

يوجد حاليا من بين الأسرى 180 طفلا لم تتجاوز أعمارهم 18 عاما، علما أن عدد الأطفال الذين تم اعتقالهم منذ بداية الاعتقالات وصل عددهم إلى أكثر من 50 ألف طفل

يوجد بين الأسرى 35 أسيرة بينهن أسيرات تلقين أحكاما بالسجن لمدة 16 عاما مثل الأسيرة شروق ديات، وتتم معاملتهن بطريقة سيئة، وقد دخلت بعض الأسيرات السجن وهي حامل، وقد تمت الولادة داخل السجن، ويمكن أن نتخيل أن الأسيرة سمر صبيح قد أجرت عملية الولادة في مستشفى إسرائيلي وهي مكبلة اليدين.  وبالإضافة إلى ذلك يتم اقتحام غرف الأسيرات بشكل مستمر من قبل إدارة السجون مما يجعل الأسيرات يفقدن الخصوصية المتعلقة بأي امرأة، وفي هذا السياق تحرم بعض الأسيرات من رؤية أطفالهن وعائلاتهن.

يوجد حاليا من بين الأسرى 180 طفلا لم تتجاوز أعمارهم 18 عاما، علما أن عدد الأطفال الذين تم اعتقالهم منذ بداية الاعتقالات وصل إلى أكثر من 50 ألف طفل. وبهذا تنتهك إسرائيل اتفاقيات حقوق الطفل. ويمكن أن نلاحظ التمييز العنصري، ففي الوقت ذاته، الذي تعدّ إسرائيل فيه الطفلَ الإسرائيلي هو كل شخص لم يتجاوز سن 18 عاماً، فإنها تتعامل مع الطفل الفلسطيني بأنه كل شخص لم يتجاوز سن 16 عاماً.

وفضلا عن هذا يتعرض الأطفال الأسرى إلى الضرب والتعذيب والتخويف من خلال الكلاب البوليسية، كما أن الأطفال الأسرى محرومون من الرعاية الصحية والعلاج الطبي المناسب.  وعادة ما تكون أقراص المسكنات هي العلاج لمختلف أنواع الأمراض.  "ووفقاً لإفادات الأطفال الأسرى، فإن سلطات وإدارات السجون ترفض إخراج الأطفال المرضى إلى عيادات السجن، وحتى إن أخرجتهم فإنهم يتعرضون للضرب والشتائم والمضايقات حتى من الأطباء والممرضين".

من جانب آخر يوجد في السجون الإسرائيلية 10 نواب في المجلس التشريعي الفلسطيني، وقد تم اختطاف هؤلاء النواب من بيوتهم في خطوة لتحجيم دورهم السياسي في تمثيل الشعب الفلسطيني، وفي مواجهة سياسة الاحتلال العدوانية، ويقوم الاحتلال بتحويلهم إلى الاعتقال الإداري بدون تهم. ومن المعروف أن اعتقال النواب هو انتهاك فاضح للمواثيق الدولية ولا يستند إلى أي مبرر قانوني، وقد طالبت معظم برلمانات العالم والمؤسسات الحقوقية بإطلاق سراح النواب المعتقلين، ولكن إسرائيل لا تهتم بمثل هذه النداءات.

تحاول سلطات الاحتلال الإسرائيلي استخدام سياسة الاعتقال الإداري في ظل عجزها عن إيجاد اتهامات للأسرى الفلسطينيين، وتعريف الاعتقال الإداري هو "اعتقال بدون تهمه أو محاكمة".، ويعتمد الاعتقال الإداري على ملف سرّيّ وأدلّة مزعومة لا يمكن للمعتقل أو محاميه الاطلاع عليها.

ووفقا للمصادر الحقوقية فإن الاعتقال الإداري يصدر بأوامر عسكرية إسرائيلية لمدة أقصاها ستة أشهر، ويمكن تجديده مرات غير محدودة، وقد يُفرج عن المعتقل الإداري، ويعاد فورا للاعتقال مجددا، أو تقدّم له لائحة اتهام ويحاكم بعد اعتقاله إداريا.

وقد بدأت إسرائيل استخدام هذه العقوبة المحظورة في القانون الدولي ضد الفلسطينيين بمن فيهم الأطفال والنساء، منذ احتلالها الضفة الغربية وقطاع غزة وشرقي القدس عام 1967.

وحتى نهاية ديسمبر 2021، بلغ عدد المعتقلين الإداريين نحو 500، من بين نحو 4600 معتقل فلسطيني، وفق بيان لنادي الأسير الفلسطيني.

ووفق النادي أصدرت إسرائيل 1595 أمر اعتقال إداري خلال عام 2021، بما في ذلك أوامر التمديد، وقد تكون عدة مرات بحق  المعتقل ذاته.

وتستهدف إسرائيل بالاعتقال الإداري "الفلسطينيين الفاعلين والمؤثرين على كل المستويات السياسية، والاجتماعية، والمعرفية، بهدف تقويض أي حالة فاعلة في المجتمع الفلسطيني".

وإذا انتقلنا إلى الظروف الصحية للأسرى فيمكن أن نشير إلى أنه يوجد 750 أسيرا مريضا يعاني 130 منهم من أمراض خطيرة فهناك 15 أسيرا يعانون من مرض السرطان كما أنه يوجد 23 يعانون من إعاقة حركية ونفسية في حين يوجد 4 أسرى مصابون بشلل نصفي ويتنقلون على كراسيّ متحركة. وفي هذا السياق فإن 226 أسيرا فلسطينيا فقدوا حياتهم داخل السجون إما نتيجة للتعذيب أو نتيجة للإهمال الطبي أو الاغتيال بعد عملية الاعتقال مباشرة.

يتعرض الأسرى للإصابة بالأمراض المزمنة والتعذيب من خلال التعريض للبرد والحرمان من النوم، ويوضع في الزنزانة من 8 إلى 10 أسرى في مساحة من 4 إلى 5 أمتار.

أهالي الأسرى عادة ما يمنعون من زيارة ذويهم بحجج أمنية، وقد فارق بعضهم الحياة وأملهم الوحيد أن يستطيعوا اللقاء بأبنائهم

أمّا الشهداء من الأسرى فقد وصل عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى (227) شهيدا منذ عام 1967 منهم: (73) أسيرا استشهدوا نتيجة التعذيب، و72 أسيرا نتيجة الإهمال الطبي. و75 أسيرا نتيجة للقتل العمد بعد الاعتقال مباشرة. و7 أسرى بعدما أصيبوا بأعيرة نارية وهم داخل المعتقلات.

وفيما يتعلق بأهالي الأسرى فإن أهالي الأسرى عادة ما يُمنعون من زيارة ذويهم بحجج أمنية، وقد فارق بعضهم الحياة وأملهم الوحيد أن يستطيعوا اللقاء بأبنائهم، وقد فقدت والدة الأسير فارس بارود بصرها من الحزن على ابنها الأسير. كما أن الذين يُسمح لهم بالزيارة يتعرضون للمضايقات من قبل قوات الاحتلال.

وقد كان آخر الأمثلة التي رأيناها قبل أيام قليلة الطفل المعتقل أحمد مناصرة الذي تم اعتقاله وعمره 13 عاما وأصبح عمره الآن 20 عاما داخل السجن حيث حاولت أمّه أن تكلمه خلال جلسة المحكمة في 13 نيسان 2022 لكن القيود الإسرائيلية حالت دون أن تتحدث الأم مع ابنها.

لا يمكننا أن نقف على كل معاناة الأسرى من خلال هذه السطور لكن بما أننا نعيش في شهر رمضان، فقد تمكنت زوجة الأسير ربيع أبو نواس 33 عاما من زيارته قبل أيام وسألته عن أحواله في شهر رمضان لتفاجَأ أنه لا يعرف أن شهر رمضان قد بدأ!، "قائلاً لها إنه لا توجد أي وسيلة تربطه مع العالم الخارجي كالراديو والتلفاز، ولم يعد لديه قدرة على إدراك الوقت بسبب قيام الاحتلال بوضعه في زنازين العزل الانفرادي وهي زنازين صغيرة يبقى فيها بعض الأسرى لسنوات من دون التواصل مع أي أحد".

لا بد لكل أحرار العالم ولكل مؤسسات حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني الصادقة أن تسعى لإنهاء هذه المعاناة المستمرة منذ أكثر من 5 عقود.