icon
التغطية الحية

اغتيال "خدايي".. قائمة أهداف إسرائيل في إيران تتوسع لتشمل سوريا

2022.05.26 | 13:53 دمشق

2022-05-24t064007z_263030475_rc2idu93y4ic_rtrmadp_3_iran-assassination-funeral.jpg
تشييع حسن صياد خدايي في إيران (رويترز)
ضياء قدور
+A
حجم الخط
-A

منذ انتشار خبر مقتله في 22 من أيار الماضي على يد مسلحين على متن دراجة نارية فيما كان يعتقد أنها منطقة آمنة بالقرب من البرلمان الإيراني، ما فتأت المواقع الإيرانية في وصف العقيد في الحرس الثوري الإيراني، حسن صياد خدايي، بأنه كان أحد المدافعين عن الحرم، في إشارة إلى خدمته في ميادين فيلق القدس في سوريا.
ورغم تجنب هذه المواقع نشر العديد من الصور التي تدعم هذه المزاعم ما عدا بعض الصور القديمة الباهتة كالتي نشرتها وكالة أنباء تسنيم أو جهان نيوز مؤخراً ، إلا أن اغتيال هذه الشخصية الكبيرة في فيلق القدس يشير إلى ارتباط هذه العملية ارتباطاً وثيقاً بالتطورات الجارية على الساحة السورية.

وفي الحقيقة، كان مقتل صياد خدايي بمثابة تذكير بالعمليات السابقة التي استهدفت أفراداً مرتبطين ببرنامج طهران النووي، كالاستهداف الأخير لمحسن فخري زاده، لكن مع اختلاف جوهري وحيد: هو أن الاغتيال هذه المرة لم يكن متعلقاً بالساحة النووية الإيرانية، بل مرتبطاً لأول مرة بالنفوذ الإقليمي الإيراني في المنطقة، وهو ما يجعل من عملية الاغتيال مفتاحًا لمرحلة جديدة.

من هو العقيد حسن صياد خدايي؟.. ادعاءات إسرائيلية وإيرانية

كما هو المعتاد في كل الشخصيات الإيرانية الغامضة التي ترغب إيران في إبقائها في الظل نظراً لنشاطاتها في الشق الأمني غير المعلن، كان هناك القليل من المصادر المفتوحة عن حياة خدايي قبل مقتله يوم الأحد الماضي.
لكن مع ورود أنباء حدوث عملية الاغتيال سرعان ما بدأت كل من وسائل الإعلام الإيرانية والإسرائيلية على حد سواء في تفصيل من هو ولماذا كان مهماً.

وأشارت قناة مصاف نيوز الإيرانية إلى أن خدايي ولد عام 1972 قبل اندلاع الثورة الإيرانية، وانضم إلى الحرس الثوري الإيراني في سن مبكرة (15 عاماً!) في عام 1987 ، عندما كانت الحرب العراقية الإيرانية لا تزال مشتعلة. وبحسب الموقع الإيراني، تعود أصوله لمدينة ميانه في محافظة أذربيجان الشرقية. ولا يُعرف الكثير عن حياته المهنية بعد هذه النقطة.

وفي الوقت الذي وصفته أغلب التقارير الإيرانية بأنه "مدافع عن الحرم"، وهو ما يعني عادة الخدمة في مسارح فيلق القدس، خاصة في سوريا، غيرت بعض المواقع كوكالة أنباء الدفاع المقدس عناوين خبرها حول مقتل خدايي من الإعلان عن مقتل معاون مدير قسم البحث والتطوير التكنولوجي بهيئة الصناعات الدفاعية في إيران إلى الاكتفاء بذكر أنه كان "مدافعاً عن الحرم" فقط، في حين التزمت بعض المواقع الإيرانية الأخرى بذكر الصفتين معاً لخدايي.

 

 

في مقابل هذه التوصيفات الموجزة، ظهرت سلسلة من الادعاءات على وسائل الإعلام الإسرائيلية حول طبيعة أنشطة خدايي.

ووفقاً لبعض الروايات ، كان خدايي متورطاً في مؤامرات ضد إسرائيليين في أفريقيا وقبرص وتركيا وأماكن أخرى.

وأفادت القناة 13 الإسرائيلية أن الناشط في الحرس الثوري الإيراني منصور رسولي، الذي أحدث استجوابه من قبل الموساد داخل إيران مؤخراً موجة من الأخبار المتضاربة، كان تحت قيادة خدايي ، عندما استهدف رسولي إسرائيليين في أوروبا، وصحفياً فرنسياً ، وجنرالاً أمريكياً في ألمانيا.

وفي الوقت الذي أشارت تقارير إسرائيلية إلى أن خدايي ربما يكون وراء المحاولات الإيرانية الأخيرة لاختطاف إسرائيليين من خلال استدراجهم إلى مؤتمرات وهمية وتشجيعهم على السفر إلى الخارج، أشارت روايات أخرى إلى تورط خدايي في تهريب الأسلحة والمسيرات من إيران إلى حزب الله عبر سوريا.

وذهبت روايات منفصلة للحديث عن أن خدايي كان مقرباً من سليماني ولعب دوراً مهماً في الصناعات الدفاعية الإيرانية، لا سيما ما يتعلق بالطائرات المسيرة.

وهناك رواية مختلفة تماماً تقدمها بعض الأوساط الاستخبارية الإسرائيلية، أن خدايي كان نائباً ليزدان مير أو سردار باقري قائد الوحدة 840 التابعة لفيلق القدس، وهي وحدة تقوم ببناء البنية التحتية خارج حدود إيران ضد المصالح الغربية وجماعات المعارضة الإيرانية، كما أنها مسؤولة عن زرع عبوات ناسفة في مرتفعات الجولان على الحدود بين إسرائيل وسوريا في آب وتشرين الثاني 2020، بحسب مصادر إسرائيلية.

ردود الأفعال الإيرانية

كان لمقتل العقيد صياد خدايي ردود أفعال داخلية واسعة ومتفاوتة على المستويات الرسمية والعسكرية والمدنية.
وجاءت أولى ردود الأفعال الفورية على المستوى المدني، الذي كان له النصيب الأكبر من تنوع وجهات النظر المتفاوتة ما بين المؤيد الذي أثنى على نشاطات عضو الحرس الثوري السابق، مع تقديم عبارات (الانتقام الصعب) مرة أخرى، وبين المؤيد والمعارض الذي انتقد كلاهما الهيكل الحكومي الذي يعاني من حفرات أمنية كبيرة.

وفي الساعات الأولى، كتبت القناة المنسوبة إلى الحرس الثوري على توتير تحذيراً موجهاً إلى إسرائيل على ما يبدو: "سوف نأتي إليكم".

وكتبت زينب سليماني، ابنة قاسم سليماني، قائد فيلق القدس السابق، على حسابها على توتير عبارة منسوبة للمرشد الإيراني السابق، الخميني، قالت فيها: "اقتلونا.. ستزداد صحوة أمتنا".

وذهبت بعض ردود الأفعال المدنية الموالية لانتقاد الوضع الأمني، وهو ما رصدناه في تغريده على شاعري الذي ذكر في إحدى تغريداته أن مسؤولي الجمهورية الإسلامية لا يقدمون سوى شعارات الانتقام الصعب في حين يقتل في كل عام مسؤول رفيع في الحرس الثوري.

على الجانب الآخر، برزت بعض المواقف السياسية والأمنية الإيرانية، حيث أكد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أن الثأر لدم خدايي "حتمي". في حين وصفت وزارة الخارجية الإيرانية عملية الاغتيال بالعملية الإرهابية التي تتحمل مسؤوليتها عناصر مرتبطة بما سمته الاستكبار العالمي.

ونقلت صحيفة طهران تايمز عن مجيد مير أحمدي، أمين مجلس الأمن الإيراني، قوله إن النظام الصهيوني يقف وراء اغتيال خدايي بلا شك، ويجب على منفذي هذه الجريمة الاستعداد لمواجهة صدمة كبيرة من قبل إيران.

وفي هذا الصدد، اعتبر موقع نور نيوز، المقرب من المجلس الأعلى للأمن القومي لإيران في تغريدة له يوم الأحد الماضي أن اغتيال خدايي تجاوز للخطوط الحمر الإيرانية وسيغير العديد من المعادلات، متوعداً من وصفهم بمنفذي هذه الجريمة بدفع ثمن باهظ.

تغير قواعد اللعبة في سوريا

ترى المواقع الإيرانية مجملاً وفي مقدمتها صحيفة جوان المقربة من الحرس الثوري الإيراني أن عملية الاغتيال التي حدثت عصر يوم الأحد الماضي هو بداية لمرحلة جديدة في المواجهة الأمنية بين إيران وإسرائيل.

وتدعم هذه المواقع قصتها بتغير أو توسع الاهتمامات الإسرائيلية من التعامل مع البرنامج النووي نحو مواجهة النفوذ الإقليمي الإيراني في المنطقة، وهو ما تبلور لأول مرة في تصفية الحسابات الإقليمية، خاصة السورية منها، في داخل العمق الإيراني.

وبناء على ذلك تربط المواقع الإيرانية هذا الحدث بشكل وثيق مع الأحداث الأخيرة التي شهدتها الساحة السورية، رغم المهام الغامضة المتنوعة بين الدعم التسليحي والعملياتي التي تولاها خدايي في سوريا قبل مقتله.

وفي إشارة إلى أن هذا الحدث سيرفع المواجهة الإيرانية مع إسرائيل إلى مرحلة جديدة، ترى صحيفة جوان عملية الاغتيال بأنها انعكاس للمخاوف الإسرائيلية من عملية ملء إيران للفراغ الروسي في سوريا، واقتراب ما سمته الصحيفة "قوات المقاومة" من حدود الجولان السوري.

وبحسب الصحيفة الإيرانية، فإن هذا الاتجاه أقلق الإسرائيليين بشدة من تحول المعادلات الأمنية في سوريا لصالح طهران وحلفائها.

ويربط موقع نادي المراسلين الشبان عملية الاغتيال بزيارة الأسد الأخيرة لطهران، بوصفها خطوة رفعت من مستوى المخاوف الإسرائيلية من تعزيز العلاقات الاستراتيجية الإيرانية السورية.

ثم يذهب الموقع ليؤكد على أن إيران لن تتردد في الإقدام على أي إجراء من أجل تأمين حماية مواطنيها ، مشيراً إلى عمليات القصف الإيرانية التي طالت مؤخراً إقليم كردستان العراق بوصفها خطوة إيرانية لقطع ما وصفه الموقع بجذور الغدة الخبيثة.

ودون الإشارة لطريقة الانتقام الإيرانية ودفع الثمن الباهظ على عملية الاغتيال، تؤكد صحيفة جوان على مزاعمها السابقة في ختام مقالها من خلال الإشارة إلى أن سلسلة الاغتيالات النووية وتاريخها تظهر أن هذه السياسات غالباً ما يكون لها تأثير عكسي على عملية صنع القرار في طهران.