icon
التغطية الحية

الغاز الإسرائيلي.. يغذي شرايين نظام الأسد وحزب الله (تحقيق)

2021.11.01 | 06:18 دمشق

arabic_gaz_poster_logo.png
ما هي حقيقة الغاز الذي سينقذ لبنان من العتمة، هل هو مصري أم إسرائيلي؟ (تعديل: تلفزيون سوريا)
تلفزيون سوريا - خالد خليل
+A
حجم الخط
-A

في تصريح نادر قال الصحفي الإسرائيلي، إيهود يعاري، إن الغاز الذي سيصل من مصر إلى لبنان المنهار هو غاز إسرائيلي مستخرج من حقلي "ليفياثان" و"تمار" في البحر المتوسط، ضمن خطة أميركية تغض الطرف عن "عقوبات قيصر" على نظام الأسد ومصارف لبنان.

يعاري فجر قنبلة صحفية واعترف أن أحداً لم يسبقه لقول هذا، سوى تسريب أو تسريبين في المجلات البحثية غير المتاحة للجمهور، لأنه لا أحد يريد أن تظهر هذه الحقيقة، لا إسرائيل ولا حتى نظام الأسد أو حسن نصر الله الذي ستضاء مصابيح الكهرباء في مخبئه بغاز إسرائيلي.

في 8 من أيلول/سبتمبر الماضي، وقعت مصر والأردن وسوريا ولبنان في العاصمة الأردنية عمان على اتفاق لإعادة إحياء "خط الغاز العربي" المتوقف منذ 2012، بهدف تزويد لبنان بالغاز من مصر والكهرباء من الأردن لإنقاذ اقتصاده المنهار.

أعطت الولايات المتحدة "الضوء الأخضر" للمشروع، وأعلنت الرئاسة اللبنانية في 19 من آب/أغسطس أنها تلقت الموافقة من السفارة الأميركية في بيروت، ما يعني استثناء المشروع من قانون عقوبات قيصر التي تحظر التعاملات التجارية مع نظام الأسد.

السؤال المطروح ما هي حقيقة مصدر الغاز الذي سيُضخ في "الخط العربي" من مصر إلى لبنان مروراً بالأردن وسوريا؟ هل هو غاز إسرائيلي أم مصري؟

وهل هناك أسباب أخرى غير "إنقاذ لبنان من العتمة" دعت أميركا، وإسرائيل بطبيعة الحال، لتتجاوز "عقوبات قيصر" والسماح بمرور الغاز عبر الأراضي السورية ليصل إلى لبنان؟

وما هي مصلحة إسرائيل بتشغيل "الخط العربي" من جديد، وما علاقة ذلك بخطط تل أبيب لزيادة صادراتها من الغاز الطبيعي إلى مصر، في ظل أزمة الغاز في أوروبا؟

مصري الملكية إسرائيلي المنشأ

مما لا شك فيه أن الغاز الذي سيُضخ عبر "خط الغاز العربي" إلى لبنان مطلع العام المقبل وفق تقديرات وزير البترول المصري، هو غاز قادم من مصانع تسييل الغاز في مصر.

لكن ما يثير الشبهات حول أصل هذا الغاز هل هو مصري أم إسرائيلي؟ هو تحوّل إسرائيل خلال العامين الأخيرين إلى أكبر مورد للغاز الطبيعي إلى مصر، هذا فضلاً عن أن كلا البلدين يصدران الغاز إلى الأردن، ويتجمع الغازان (المصري والإسرائيلي) في منطقة الرحاب الأردنية التي تبعد 24 كيلو مترا عن الحدود السورية

وما يزيد تعقيد الإجابة على أصل هذا الغاز؟ هو الصمت الرسمي من جانب مصر التي لم تعلق أو تصدر توضيحات أمام العديد من التلميحات الصحفية التي أشارت إلى أن الغاز الذي سيصل إلى لبنان هو غاز إسرائيلي.

وكان من اللافت حديث وزير البترول والثروة المعدنية المصري، طارق الملا، في مقابلة مع قناة MBC مصر"، بعد يومين من توقيع اتفاقية تصدير الغاز إلى لبنان، عن اكتشافات الغاز الطبيعي في حوض المتوسط، بكميات تفوق الاحتياج المحلي لدول الحوض، ولا تملك القدرة على تصديره.

وأوضح الملا أن مصر تساعد دول حوض شرق المتوسط على تصريف الغاز المستخرج من البحر عبر شرائه ومن ثم تسييله ومن ثم تصديره، لتُحقق عوائد مادية من اكتشافات الغاز.

وتأتي إسرائيل في مقدمة هذه الدول، وهي الوحيدة في الوقت الحالي، التي يقصدها الوزير المصري، نظراً للتعاون ‏الكبير والفريد بين القاهرة وتل أبيب في مجال الطاقة عبر اتفاقيات معلنة، يصفها الخطاب الرسمي في كلا ‏البلدين بأنها "اتفاقيات تاريخية".‏

وفي هذا السياق، تتزامن خطة إنقاذ لبنان "المتسارعة" مع خطة إسرائيل لزيادة صادراتها من الغاز الطبيعي والبحث عن أسواق تصريف عبر مصر التي تملك مصنعين لتسييل الغاز، دمياط وإدكو.

وزير البترول والثروة المعدنية المصري: مصر تساعد دول حوض شرق المتوسط على تصريف الغاز المستخرج من البحر عبر شرائه لتسييله ومن ثم تصديره، لتُحقق عوائد مادية من اكتشافات الغاز.

وكشفت وزارة الطاقة الإسرائيلية، قبل أسبوعين، أن إسرائيل تدرس إنشاء خط إمداد بري جديد للغاز الطبيعي إلى مصر، لزيادة صادراتها إلى مصر التي تشهد بدورها زيادة بالطلب لأغراض التصدير، بحسب وكالة "رويترز".

بدأت إسرائيل منذ 16 من كانون الثاني/يناير 2020 بضخ الغاز الطبيعي إلى مصر والأردن، الذي تستخرجه من حقلين في البحر المتوسط هما "ليفياثان" و"تمار"، عبر خط إمداد تحت سطح البحر إلى عسقلان ومنها مدينة العريش المصرية شمالي شبه جزيرة سيناء، عبر خط أنابيب عسقلان-العريش، ومن ثم إلى المصانع المصرية لتسييله وإعادة تصديره إلى أوروبا أو آسيا.

أمام هذه المعطيات، يذهب القائلون إلى أن الغاز الذي سيصل لبنان هو غاز إسرائيلي، وفي الوقت نفسه لا يمكن الجزم بذلك، لأن مصر تشتريه من إسرائيل وبعد تسييله في مصانعها يصبح غازاً مصرياً من حيث الملكية بغض النظر عن منشئه الإسرائيلي.

لفك هذا اللغز يستعرض موقع "تلفزيون سوريا" ويتقصى واقع الغاز، هذا القطاع الاقتصادي الحيوي، خلال العقدين الأخيرين بين دول "خط الغاز العربي" الأربعة وإسرائيل، من الاتفاقيات المبرمة والعقود الفنية وخطط الإنتاج والتصدير وتتبع شبكات الإمداد من نقطة الاستخراج إلى نقطة البيع.

تكتسب اتفاقيات الغاز وشبكات إمداده في الشرق الأوسط بعداً جيوسياسياً يرسم تحالفات جديدة تقلب العلاقات الدبلوماسية رأساً على عقب، غير تلك المعلنة، وتجلب المجاهرين بالعداوة إلى دفء أنابيب الغاز.

وهذا ما يعزز الغموض المصاحب لمعرفة مصدر الغاز الذي سيستفيد نظام الأسد من مروره في الأراضي السورية، وينقذ مأزق "حزب الله" الذي يتحكم بلبنان الموشك على الانهيار.

Arabic Gaz.png
تقاطع الغاز الإسرائيلي مع الغاز المصري في "خط الغاز العربي" (تصميم: تلفزيون سوريا)

 

يقول الباحث الاقتصادي نهاد إسماعيل، متخصص بشؤون الطاقة، من الناحية العملية هو غاز إسرائيلي أو جزء منه إسرائيلي على أقل تقدير، نظراً لأن مصر تستورد غازاً طبيعياً من إسرائيل وتعمل على تسييله وإعادة تصديره.

ويشكك الباحث بأن يكون الغاز مصرياً خالصاً، خلافاً لما هو معلن، لأن الغازين المصري والإسرائيلي يختلطان في أنابيب "خط الغاز العربي" في رحلة التصدير إلى الأردن الذي يستورد من مصر (منذ 2003) ومن إسرائيل (في 2020).

بدوره، يرى خبير الاقتصاد الدولي مصطفى البزركان، مدير مركز معلومات ودراسات الطاقة في لندن، أن زيادة التعاون المصري الإسرائيلي في مجال الغاز الطبيعي في الآونة الأخيرة يجعل من الصعب نفي أن يكون الغاز الذي يصل إلى لبنان إسرائيلياً.

كما لا يستبعد البزركان بأن يكون غازاً طبيعياً تستخرجه إسرائيل من مكامن غاز لبنانية في البحر المتوسط، في إشارة إلى حدود الحقول البحرية المتنازع عليها.

ويؤكد خبير العلاقات الدولية، علي حسين باكير، بأن الغاز إسرائيلي لعدة أسباب من بينها، أولاً: أن لإسرائيل ‏خطة لتسويق غازها في دول المنطقة.

ويقول الباحث باكير في حديثه مع موقع "تلفزيون سوريا"، يعدّ مشروع إيصال الغاز من مصر إلى لبنان فرصة سانحة لإسرائيل لتسويق غازها إقليمياً في ظل ‏عدم قدرتها على تصديره إلى الخارج بسبب تعطل مشاريع خطوط النقل عبر البحر المتوسط بسبب ‏الخلاف التركي اليوناني بشكل رئيسي.

ويرى باكير بأن الموافقة الأميركية "اللافتة" على المشروع لم تكن لولا أن هناك فائدة لإسرائيل.

إسرائيل: عصفوران بحجر واحد

  • سياسي: لقطع الطريق على نفط إيران وإبعاده عن لبنان وسوريا
  • اقتصادي: لفتح أسواق تصريف صادراتها من الغاز الطبيعي

هناك دوافع سياسية تقف وراء عقد الصفة الرباعية لتدفق الغاز من مصر إلى لبنان تحت ذريعة إنقاذ لبنان من العتمة، لكل الأطراف المعنية بها، لا سيما الولايات المتحدة وإسرائيل، وتتمثل في إبعاد سوريا وإيران عن الاعتماد على إيران في مجال الطاقة.

يقول الباحث الإسرائيلي، يارون فريدمان، المختص بشؤون الشرق الأوسط، رغم عقوبات قيصر ستغض الولايات المتحدة الطرف عن الصفقة لتحل محل المساعدات الإيرانية البديلة للبنان.

ووصف فريدمان إعلان الصفقة بأنه "بشارة سارة لإسرائيل"، وقال إن من مصلحة إسرائيل أن تبتعد سوريا ولبنان عن إيران، وللحد من نفوذ طهران السياسي المتصاعد في محيطها.

يشار إلى أن إيران أرسلت خلال السنوات الأخيرة العديد من شحنات النفط إلى لبنان وسوريا، عبر الناقلات البحرية وبطرق سرية وملتوية بسبب العقوبات الأميركية.

كما تمنح هذه الصفقة نظام الأسد الاستفادة من الغاز القادم من مصر لقاء مروره عبر الأراضي السورية لدعم قطاع الكهرباء المتدهور وأزمة المحروقات، بعد أن كان يتلقى جرعات من النفط الإيراني.

هذا فضلاً عن دور شبكات خطوط أنابيب نقل الغاز في تقريب العلاقات السياسية، وهي طريقة إسرائيلية جديدة للتطبيع بعيدة عن الطرق الدبلوماسية.

9999_2.jpg
وزراء الطاقة والنفط، الأردن وسوريا ومصر ولبنان، عمان 8 أيلول/سبتمبر 2021 (Getty)

كما أن لإسرائيل دوافع اقتصادية تتمثل في ضخ كميات كبيرة من الغاز المستخرج من البحر في الأسواق الخارجية المتعطشة، وقبل أن ينخفض الاعتماد على الغاز ويتم الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة، الأمر الذي يتطلب إيجاد أسواق تصريف وشبكات نقل.

ومن هذا الباب تجد إسرائيل في مصر منفذها الوحيد المتوافر في الوقت الحالي، في ظل انعدام البدائل لتصدير غازها إلى أوروبا عبر البحر إما لأسباب سياسية أو اقتصادية.

معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي: تعتبر مصر "بديلاً مهماً للغاية" في ظل الصعوبات التي تقف أمام تصدير الغاز الإسرائيلي عبر البحر إلى أوروبا.

ويوضح خبير العلاقات الدولية، علي حسين باكير، كان لإسرائيل خطط لتصدير الغاز عبر طريقين بحريين إلى أوروبا، الأول معروف باسم "إيست ميد" يمتد من قبالة سواحل إسرائيل وقبرص واليونان ليصل إلى جنوب إيطاليا، لكنه تعرقل بسبب التكاليف الباهظة وغير المجدية اقتصادياً، وخط آخر يمر عبر قبرص التركية ومن ثم تركيا إلى أوروبا لكنه اصطدم بتوتر العلاقات السياسية بين تل أبيب وأنقرة.

ويقول باكير لم يبقَ أمام إسرائيل سوى تسويق ‏غازها إقليمياً عبر البوابة المصرية وشبكة أنبوب "خط الغاز العربي".

وبحسب دراسة لمعهد دراسات الأمن القومي (INSS) التابع لجامعة تل أبيب، تعتبر مصر "بديلاً مهماً للغاية" في ظل الصعوبات التي تقف أمام تصدير الغاز الإسرائيلي عبر البحر إلى أوروبا.

وتشدد الدراسة التي أعدها الباحث الإسرائيلي، عوديد عيرن، في آب/أغسطس 2019، على أن تصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر هو الحل الوحيد والفوري، الأمر الذي يضمن قدرة الشركات المنتجة على الاستمرار في تطوير الحقول الأخرى، ويسمح للحكومة الإسرائيلية بزيادة إيراداتها من الضرائب ومبيعات الغاز، علاوة على أن التعاون المصري الإسرائيلي يعدّ مكسباً استراتيجياً للبلدين من الناحية السياسية.

تحاول إسرائيل الاستفادة من إمكانيات مصر في تسييل الغاز وشبكات أنابيب النقل لتصدير فائضها من الغاز الطبيعي إلى الأسواق الآسيوية والأوروبية.

في المقابل تحاول مصر الاستفادة من استقبال الكميات الضخمة من الغاز الطبيعي في قاع البحر المتوسط (وإسرائيل كانت سباقة في استخراجه مقارنة بالدول المحيطة) لتتحول إلى لاعب قوي عبر الانتفاع من حقول الغاز البحرية، ومركز إقليمي لصناعة الغاز المسال في المنطقة.

ويأتي ذلك بالرغم من إعلان مصر في نهاية أيلول/ سبتمبر 2018، اكتفاءها الذاتي من الغاز المسال، ‏‏إضافة لاكتشافها حقل "الظهر" قبالة سواحلها في البحر المتوسط.‏

وتعتبر إسرائيل ومصر أبرز حليفين في الشرق الأوسط في مجال الطاقة، وترتبطان في تحالف غاز إقليمي "منتدى غاز شرق المتوسط" المعلن عنه مطلع عام 2019 ومقره القاهرة، هدف المنتدى مساعدة أعضائه للاستفادة من مواردهم الطبيعية من الغاز والبنية التحتية لديهم.

يشار إلى أن الأردن عضو في المنتدى بالرغم من أنه لا يملك سواحل على البحر المتوسط، ما يشير إلى تخطيط إسرائيلي مصري مسبق للاستفادة من أنابيب "خط الغاز العربي" الذي يمر عبر الأراضي الأردنية.

تكتسب اتفاقيات الغاز وشبكات إمداده في الشرق الأوسط بعداً جيوسياسياً يرسم تحالفات جديدة تقلب العلاقات الدبلوماسية رأساً على عقب، غير تلك المعلنة، وتجلب المجاهرين بالعداوة إلى دفء أنابيب الغاز.

ويتطلع البلدان بعدما حقق كل منهما الاكتفاء الذاتي من الغاز، لضخ إمدادات الغاز إلى الأسواق الخارجية في ظل أزمة الغاز التي تشهدها أوروبا.

وتشير إحصائيات وزارة الطاقة الإسرائيلية، إلى أن حجم صادرات الغاز الطبيعي سيقفز من خمسة مليارات متر مكعب سنوياً في الوقت الحالي إلى ثمانية مليارات متر مكعب سنوياً بحلول عام 2023، ولا تملك سوق تصريف سوى مصر وبدرجة أقل الأردن.

9999999999999999.jpg
حقل "ليفياثان" الإسرائيلي في البحر المتوسط

 

وعلى ضوء فائض الإنتاج والاكتفاء المحلي، أوصت لجنة وزارية إسرائيلية، قبل نحو شهرين من إعلان صفقة تدفق الغاز إلى لبنان، بزيادة نسبة التصدير إلى 52٪ من الغاز الطبيعي الإسرائيلي بدلاً من 40٪ الحالية.

ونقلت مجلة "كالكاليست"، الاقتصادية الإسرائيلية، في 31 من أيار/مايو الماضي، عن رئيس اللجنة أودي أديري، مدير عام وزارة الطاقة، تأتي التوصيات لخطة قائمة على زيادة الصادرات وتقليل الاستهلاك المحلي أو التخزين.

ويوضح المسؤول الإسرائيلي بأن هناك مخاوف إسرائيلية من توقعات انخفاض الاعتماد على الغاز في المستقبل القريب مقابل ازدياد الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة.

ويبلغ حجم الاستهلاك المحلي في إسرائيل من الغاز 12 مليار متر مكعب، وتمتلك فائضاً يكفيها لمدة 70 عاماً، في حين تصدر خمسة مليارات متر مكعب سنوياً إلى مصانع تسييل الغاز في مصر وهذا الكمية قابلة للزيادة كما هو مخطط، بحسب أديري.

يشار إلى أن هناك زيادة في الطلب العالمي على الغاز بعد تحسن النشاط الاقتصادي الصناعي بعد رفع القيود المفروضة من جراء جائحة كورونا.

وتواجه الأسواق الأوروبية أزمة نقص غير مسبوقة في إمدادات الغاز، تعد الأخطر منذ عقود، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الغاز بنسبة 400 بالمئة هذا العام.

 

للاطلاع على عقود الغاز وشبكات خطوط أنابيب النقل بين مصر والأردن وسوريا ولبنان من جهة، وبين إسرائيل من جهة، خلال العقدين الأخيرين، يجمل موقع "تلفزيون سوريا" أبرز المحطات:

"خط الغاز العربي"

من العريش > طابا (مصر) >> العقبة > الرحاب (الأردن) >> دير علي> الريان (سوريا) >> دير عمار (لبنان)

هو خط أنابيب لتصدير الغاز الطبيعي المصري لدول المشرق العربي (الأردن وسوريا ولبنان) ومنها إلى أوروبا في مرحلة مستقبلية لاحقة، يبلغ طوله الإجمالي 1200 كم، وقدرت كلفته بـ 1.2 مليار دولار أميركي، قادر على نقل 10.3 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً.

ويعتبر "خط الغاز العربي" أو ما يعرف اختصاراً بـ "الخط العربي"، أول مشروع إقليمي لشبكات أنابيب نقل الغاز يمر عبر القارات الثلاث.

وتعدّ مصر وإسرائيل أبرز المستفيدين من هذا الخط، نظراً للتعاون الكبير بينهما لضخ الغاز الطبيعي من البحر المتوسط إلى دول المشرق العربي.

  • بدأت فكرة الخط العربي لتصدير الغاز في نهايات القرن الماضي لربط شبكة إمداد الغاز من مصر إلى دول المشرق العربي، بحسب مقابلة تلفزيونية لوزير البترول المصري طارق الملا.
  • 2000، تأسس الخط باتفاق أربع دول (مصر والأردن وسوريا ولبنان) على أن يتم تشييده على مراحل وصولاً إلى ربطه بالخط الأوروبي.
  • 2003، بدأ تصدير الغاز المصري إلى الأردن من مدينة العريش في شمال سيناء على البحر المتوسط إلى شاطئ خليج العقبة جنوب طابا وتلاه إنشاء خط بحري من جنوب طابا إلى ميناء العقبة الأردني.
  • 2005، انتهاء المرحلة الثانية من المشروع من العقبة إلى منطقة الرحاب في الأردن على مقربة 24 كيلومترا من الحدود السورية.
  • 2008، انتهاء العمل في المرحلة الثالثة بين الأردن وسوريا ولبنان، من الأردن إلى منطقة دير علي جنوبي دمشق ثم إلى محطة الريان لضغط الغاز القريبة من حمص ومن هناك إلى بانياس السورية وطرابلس اللبنانية في محطة دير عمار لتوليد الكهرباء.
  • 2009، في 19 من تشرين الأول/أكتوبر بدأ الإمداد المنتظم بالغاز إلى محطة دير عمار شمالي لبنان.
  • المرحلة الرابعة ربط الخط العربي بتركيا ليصل إلى السوق الأوروبية. في عام 2006 تم الاتفاق بين الدول العربية الأربعة وتركيا ورومانيا لتوصيل الخط إلى الحدود السورية التركية، لربطه بخط غاز نابوكو الذي يصل إلى أوروبا.
  • 2012، توقف الضخ في الخط العربي بعد سلسلة من التفجيرات تعرض لها الأنبوب في العريش، تنسب إلى جماعات مسلحة مجهولة، ويعتقد أنها لفصائل جهادية.
  • 2021، الاتفاق على إحياء "الخط العربي" لإمداد لبنان بالغاز من مصر بعد توقف دام عقدا من الزمن.

ومنذ التوقيع على الاتفاق بين الدول العربية الأربعة، تسارع جميع الأطراف على تنفيذ المشروع بزمن قياسي، وقد أعلن وزير النفط والثروة المعدنية في حكومة نظام الأسد في 12 من أيلول/سبتمبر الماضي، أي بعد ثلاثة أيام من التوقيع على الاتفاق، أن خط الغاز العربي جاهز داخل سوريا.

وأشارت صحيفة الأخبار اللبنانية، إلى أن نظام الأسد تكفل بصيانة الوصلة الخاصة بخط الغاز العربي والتي تمتد بين الحدود السورية ومعمل دير عمار في لبنان بشكل مجاني، بسبب عدم تمكن شركات مصرية من القيام بذلك.

89.jpg
الملك الأردني عبد الله الثاني والرئيس المصري السابق حسني مبارك يدشنان "خط الغاز العربي" الذي يربط بين طابا المصرية والعقبة الأردنية، 27 تموز/يوليو 2003 (أرشيفية)

 

قصة الغاز بين مصر وإسرائيل

كانت إسرائيل تستورد الغاز من مصر منذ 18 عاماً، قبل أن تتحول إلى أهم مصدري الغاز الطبيعي إلى مصانع تسييل الغاز في مصر في العامين الأخيريين.

مصر تصدر الغاز إلى إسرائيل

العريش >> عسقلان

بدأت قصة تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل مع شركة "شرق البحر المتوسط للغاز EMG"، المملوكة لرجل الأعمال المصري حسين سالم، ذائع الصيت في مجال الغاز.

  • 2001، أعلنت شركة "شرق البحر المتوسط للغاز" التوصل إلى اتفاق مع شركة الكهرباء الإسرائيلية، ينص على تصدير سبعة مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي المصري إلى الأخيرة، مدة العقد عشر سنوات بقيمة إجمالية تبلغ ثلاثة مليارات دولار.

أنشأت شركة شرق البحر المتوسط، خط أنابيب العريش عسقلان، داخل المياه الإقليمية المصرية من مدينة العريش في شمالي شبه جزيرة سيناء إلى عسقلان في إسرائيل، بطول 89 كيلومتراً.

  • 2005، وقعت مصر وإسرائيل على تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل، بحجم 1.7 مليار متر مكعب لمدة 20 سنة، بحسب وزارة الطاقة الإسرائيلية.

أثار الاتفاق معارضة شديدة داخل مصر، لا سيما بعد فضيحة الأسعار الزهيدة، حيث تراوحت بين 70 سنتاً و1.5 دولار أميركي لكل مليون وحدة حرارية بينما تبلغ كلفة إنتاجه 2.65 دولار.

  • 2008، في 3 من شباط/فبراير بدأ ضخ الغاز المصري إلى إسرائيل عبر خط العريش-عسقلان.
  • 2012، في 22 من نيسان/أبريل ألغت الحكومة المصرية اتفاقية تصدير الغاز إلى إسرائيل، بعد تعرض خط الأنابيب لسلسة من الهجمات، بدأت 2011 ونُسبت لجهات وجماعات تخريبية مجهولة.
9999999999999999999.jpg
توقيع اتفاق الغاز بين مصر وإسرائيل، وزير البترول المصري سامح فهمي (يمين) ووزير البنية التحتية الإسرائيلي بنيامين بن إليعازر (يسار)، مصر 30 حزيران/يونيو 2005 (أرشيفية)

 

الضخ بالاتجاه المعاكس.. مصر تستور الغاز الطبيعي من إسرائيل

حقلا "ليفياثان" و"تمار" > عسقلان >> العريش

في أعقاب الاكتشافات الحديثة للغاز الطبيعي في حوض شرق المتوسط، ما بين عامي 2009 و2010، كانت إسرائيل السباقة في دول الحوض في عملية الاستثمار في الغاز الطبيعي المستخرج من عمق المتوسط، وتحولت إلى مُصدر له وتتطلع للوصول إلى الأسواق الأوروبية بعد إسالته في المصانع المصرية.

وفقاً للتقديرات الأولية لهيئة المسح الجيولوجي الأميركية في عام 2010، هناك ما يقرب من 122 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي قبالة سواحل سوريا ولبنان وإسرائيل وغزة وقبرص.

  • 2014، بدأت بوادر الحديث عن نية إسرائيل تصدير الغاز الطبيعي إلى مصر، من حقلي "ليفياثان" و"تمار" في البحر المتوسط، وكشفت تقارير إسرائيلية عن توقيع خطاب نوايا غير ملزم بين شركات غير حكومية.
  • 2018، وقعت مصر وإسرائيل في 18 من شباط/فبراير على اتفاقية لتصدير الغاز الطبيعي الإسرائيلي إلى مصر، في عقد مدته عشر سنوات وبقيمة 15 مليار دولار.

الاتفاق هو عقد موقع بين الشركة الإسرائيلية "ديليك دريلنج" وشريكتها الشركة الأميركية "نوبل إنرجي"، وبين شركة "دليفينوس هولدينجز"، المصرية الخاصة، لتوريد 64 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي الإسرائيلي من حقلي "تمار" و"ليفياثان" في البحر المتوسط، مدة العقد عشر سنوات وتبلغ قيمته 15 مليار دولار.

  • 2020، بدأ ضخ الغاز الإسرائيلي إلى مصر، في 15 من كانون الثاني/يناير، من حقلي "ليفياثان" و"تمار" إلى خط أنابيب عسقلان-العريش ومنها إلى مصنعي دمياط وإدكو لإسالة الغاز والصناعات البتروكيماويات.
  • 2021، شباط/فبراير اتفاق إسرائيلي مصري لإنشاء خط أنابيب بحري يربط حقل ليفياثان الإسرائيلي للغاز بمنشآت مصرية للغاز الطبيعي المسال لمضاعفة طاقة تصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر ومنها إلى أوروبا، بحسب مجلة "كالكاليست".
  • 2021، في 21 من تشرين الأول/أكتوبر إسرائيل تدرس إنشاء خط أنابيب بري جديد إلى مصر لزيادة صادراتها من الغاز الطبيعي، بقيمة 200 مليون دولار، وهو تتمة برية للخط البحري المزمع تشييده لربط شبكتي الغاز الطبيعي المصرية والإسرائيلية عن طريق شمالي شبه جزيرة سيناء، بحسب وكالة "رويترز"

قصة الغاز بين الأردن وإسرائيل

الأردن بلد يفتقر لمصادر الطاقة كالنفط والغاز، في 2003 كان يستورد احتياجاته من الغاز من مصر عبر "خط الغاز العربي"، وبعد توقف الخط في 2012 كانت إحدى الحلول أمام الأردن هي الغاز الإسرائيلي المكتشف حديثاً والمنخفض الكلفة بحسب تقارير رسمية.

  • 2016، وقع الأردن وإسرائيل على اتفاقية تنص على تزويد إسرائيل للأردن بــ 45 مليار متر مكعب من الغاز، على مدار 15 عاماً، في صفقة قدرت قيمتها بعشرة مليارات دولار.

وجرى توقيع الاتفاقية بين شركة الكهرباء الوطنية الأردنية (حكومية) وشركة نوبل إنيرجي الأميركية الإسرائيلية (المشغلة لحقل ليفاثيان للغاز الطبيعي).

  • 2020، في 16 من يناير/كانون الثاني بدأ ضخ الغاز الإسرائيلي عبر "الخط العربي" إلى الأردن بالتزامن مع ضخه إلى مصر.