icon
التغطية الحية

"يرحلون ونبقى".. رواية خطّتها جدران الغوطة الشرقية

2021.04.22 | 17:56 دمشق

يرحلون ونبقى".. رواية خطّتها جدران الغوطة الشرقية
يرحلون ونبقى".. رواية خطّتها جدران الغوطة الشرقية
إسطنبول ـ تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

"ستقرأ شيئاً مني، شيئاً مما عايشته في سنوات الحرب التي التهمت باكورةَ شبابي. ستقرأ شيئاً مما رأيتُ، شيئاً مما عشتُ، وشيئاً مما متُّ. اكتب هنا وقائعَ حصلت في زمنٍ مجرياتُ أحداثه غير قابلة للفهم، وفي مكانٍ لا تعرفه خريطة الإنسانية، ولكنه يقبع جغرافياً على خاصرة العاصمة السورية دمشق".

بهذه العبارات تصف الشابة "راما يوسف الحاج علي" روايتها التوثيقية "يرحلون ونبقى"، الصادرة أخيراً عن دار "مكتبة الأسرة العربية" في إسطنبول.

وتحاول راما، ذات الـ22 ربيعاً، أن ترسم عبر صفحات الرواية الـ400، تاريخاً يوثّق الأهوال التي تعرضت لها مدينتها "عربين" ومعظم مدن غوطة دمشق الشرقية، وما خبّأته تلك الأهوال من مشاعر لا يمكن أن تغيّرها الأقلام والعبارات أو أن تسقط بالتقادم.

رواية بطعم الهزيمة!

في حديثها لـ موقع تلفزيون سوريا، تقول راما إن "فكرة الرواية كانت تُلحُّ علي منذ أيام الحصار التي عشتها في غوطة دمشق الشرقية، ولكن كنت أعلم في قرارة نفسي أنه لم يحن الموعد المناسب، وأن أحداث الرواية لمَّا تكتمل بعد، ولا بد لي من أن أرى النهاية حتى أشرع بخط البداية".

 

174354788_2484659421658209_5023519303404711594_n.jpg

 

كانت تنتظر نهاية سعيدة لتختم بها روايتها، كما جرت العادة في أكثر الروايات، "غير أن ذلك لم يحدث" تقول راما، وتتابع: "كنت أؤمن بمقولة (التاريخ يكتبه المنتصرون)، لكنني كفرت بها، وبدأت بكتابة صفحتي في التاريخ انطلاقاً من موضع هزيمة!".

استلهمت كاتبة الرواية عنوانها من يوم التهجير القسري إلى الشمال السوري مطلع عام 2018، "وقتها خط جنود الأسد عبارة: (يرحلون ونبقى) على أنقاض آخر جدار رأيته من جدران الغوطة".

وتوضّح أن فكرة كتابة الرواية "كانت موجودة منذ زمن، إلا أنني كنت كلما هممت باستحضار الماضي وكتابته أتراجع، لما كان لذلك من أثر سلبي على حالتي النفسية آنذاك. ولكن مع بداية شهر تشرين الثاني من عام 2019 جاهدت نفسي وبدأت باسترجاع أفكاري ومخطوطات النصوص المتفرقة".

وفي آذار عام 2020 "ومع تفشي كورونا فيروس استغللتُ الحجر الصحي ووجدت الفرصة مواتية لترتيب أوراقي من جديد ورسم خطة عمل واضحة لمشروع الكتابة، فكان ذلك".

ميادين الرواية

لم تنس الرواية ذكر كل ما تعرّض له أبناء الغوطة بدءاً من القتل والتصفيات (والد الكاتبة أحد الذين فقدوا حياتهم تحت التعذيب في معتقلات الأسد) والاعتقالات، والضربة الكيميائية، والحصار، والقصف، والجرحى، والمبتورين، والاقتتال الداخلي، والظلم المجتمعي، وصولاً إلى الحملة الأخيرة على الغوطة والتي انتهت بالتهجير القسري، وما تبعه من تفاصيل التهريب وكثير من الأحداث الأخرى.

وتقول راما: "كوني فرد من أفراد أسرة عايشت كل تلك التفاصيل مجتمعة، أخذت الرواية طابعاً شخصياً نوعاً ما، فناقشت الأحداث من منظور مراقب داخلي، أنثوي، محلل للمواقف".

وتستدرك: "صحيح أن الرواية تسلط الضوء بشكل عام على قضية الشعب السوري، إلا أنها في ذات الوقت تركز على علاقة فتاة بأبيها المعتقل الغائب عنها جسداً الحاضر روحاً، فنجد السرد يسير وفق خطين متوازيين؛ أحدهما مجتمعي، والآخر فردي.

تتوزع فصول الرواية على 33 فصلاً، تكوّن مجتمعةً، وعلى اختلاف زواياها، الصورة التي رغبت الكاتبة بإيصالها للقرّاء.

قالوا فيها

رئيس "الجمعية العمومية لسجناء الرأي"، وبطل رواية "طريق جهنم"، المناضل الليبي علي العكرمي، قال في الرواية: رواية (يرحلون ونبقى) فاجعة، والفجيعة صادمة، والحالة لا تُعرف إلا بكشفها. ألم ممض، ولكن في مبضع الجراح الشفاء. رواية تستبطن معاني كبيرة وتكشف عن أسرار مخيفة!

رواية "يرحلون ونبقى"، رواية آسرة ومشوقة، اجتمعت لها خصائص العمل الإبداعي وشروط العمل الفني المتقن. حيث ساهمت لغتها المثيرة في خلق قوة جاذبة لا يستطيع القارئ الانفكاك من سلطانها ."

أما الناشط الحقوقي السوري "منصور العمري" فقال: "(يرحلون ونبقى) وثيقة تاريخية تقبضها كالجمر نسمات حب ابنة لأبيها. يمتزج في الرواية خط المشاعر الأخاذة بالتوثيق المسترسل لأحداث عاشتها راما، تبدأ في غوطة دمشق التي دمرتها قوات الأسد، وتستمر في المنفى.

تحفظ هذه الرواية التأريخ الشفهي لمرحلة مهمة في الثورة السورية، من منظور نسوي يافع. هذا ما يحيل الرواية إلى نافذة سرية تطل على أعماق معاناة الأنثى، ونظرتها لما يجري حولها في سوريا إبان الثورة".