icon
التغطية الحية

يديعوت أحرونوت: تعليق موسكو على الغارات الإسرائيلية في سوريا مجرد دعاية لأسلحتها

2021.08.25 | 06:01 دمشق

bklypf0gf_0_0_1000_667_0_x-large.jpg
بطاريات صواريخ روسية الصنع من طراز BUK-2ME (تصوير: shutterstock)
تلفزيون سوريا - خالد خليل
+A
حجم الخط
-A

تستبعد إسرائيل أن تكون التصريحات الروسية الأخيرة بخصوص الغارات الإسرائيلية على سوريا تغييراً في موقف موسكو من النشاط العسكري الإسرائيلي في سوريا، ولا تراها سوى تسويق من قبل الروس لصناعاتهم العسكرية في مجال الدفاعات الجوية ومضادات الطيران، ومحاولة لإنقاذ سمعة أسلحتهم في السوق العالمية، على عكس التحليلات التي تنبأت بأن موسكو في طريقها لتقييد حركة تل أبيب في الأجواء السورية.

ونشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" مقالاً تحت عنوان " عندما تكون مبيعات السلاح أكثر أهمية من الحقيقة"، كتبه معلقها للشؤون الأمنية والعسكرية رون بن يشاي، يشرح فيه الأسباب التي تقف وراء خروج موسكو من صمتها إزاء الضربات الإسرائيلية في سوريا مؤخراً.

وكانت موسكو، التي تلتزم الحياد حيال التحرك العسكري الإسرائيلي في سوريا وفقاً لآلية "منع التصادم" بين الروس والإسرائيليين في 2018، علقت مرتين على الغارات الإسرائيلية خلال الشهرين الأخيرين، معلنة أن الأسلحة الروسية التي يستخدمها النظام نجحت في اعتراض معظم الصواريخ الإسرائيلية المغيرة.

رغم أن التعليق الروسي اقتصر على المفاخرة بالأسلحة الروسية التي تستخدمها قوات النظام في التصدي للغارات الإسرائيلية، إلا أنه تطور غير مسبوق، قرأته العديد من التقارير الإعلامية بأنه "تغير في لهجة موسكو" حيال نشاط تل أبيب العسكري في الساحة السورية.

ويقول رون بن يشاي، المعروف بصلاته الوثيقة بالمؤسسة العسكرية الإسرائيلية، إن الرسائل التي يريد إيصالها الروس من وراء تعليقهم على الغارات الإسرائيلية، لا يقصدون بها إسرائيل، وإنما موجهة للسوق الآسيوية والأفريقية بحثاً عن "زبون" محتمل لصناعاتهم العسكرية.

ما أسباب التعليق الروسي المفاجئ؟

1- تسويقاً لأسلحتها

ويشدد الخبير الإسرائيلي، بأن تل أبيب تأكدت بعد نقاشات أجراها مسؤولون إسرائيليون (لم يسمهم) مع الروس في موسكو، أن سبب تعليق رئيس مركز المصالحة الروسي في قاعدة حميميم، اللواء فاديم كوليت، على الغارة الإسرائيلية في 22 من تموز/يوليو الماضي، هو نوع من الترويج التجاري للأسلحة الروسية وتنشيط مبيعاتها.

وتزامن ذلك التعليق مع اليوم الثالث من فعاليات معرض "ماكس-2021"، معرض سنوي للصناعات العسكرية تعرض فيه موسكو بضاعتها، وخاصة الطائرات المقاتلة وأنظمة الدفاع الجوي الحديثة، للمشترين المحتملين من دول الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا.

ويحاول الروس في هذا المعرض التسويق بشكل أساسي لبطاريات الدفاع الجوي ذات المدى والارتفاع المتوسط، وخاصة تلك التي من طراز " BUK-2ME" (التي يطلق عليها الناتو اسم SA-17) ومن طراز Pantsir S-1، وقد زودت موسكو النظام السوري بهاتين المنظومتين منذ 10 سنوات.

 

rJOVVYClY_0_0_1000_667_0_x-large.jpg
منظومة دفاع جوي روسية الصنع من طراز Pantsir S1 (تصوير: shutterstock)

 

يشار إلى أن التدخل العسكري الروسي في سوريا يتخذ بعداً اقتصادياً مهماً لموسكو، عبر بيع أسلحتها واستعراضها وتجريبها في أرض الميدان فوق المدن والبلدات السورية منذ خريف 2015 وحتى الآن.

وفي 14 تموز/يوليو الماضي، قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، إن جيش بلاده جرب أكثر من 320 نوع سلاح مختلف خلال عملياته في سوريا، وبفضل هذه العمليات طور إحدى مروحياته.

وتعد سوريا اليوم هي المكان الوحيد في العالم الذي تواجه فيه منظومات الدفاع الجوي الروسية اختباراً عملياً، بسبب الغارات الإسرائيلية المتكررة.

وبحسب "يديعوت أحرونوت"، فإن الضربات الجوية الإسرائيلية "الناجحة" أضرت بشدة بمصداقية "الدعاية التسويقية" للمروجين الروس لصناعاتهم العسكرية في المعرض.

ومن هنا يأتي حرص الضابط الروسي فاديم كوليت في تعليقه يوم الجمعة الماضي على الغارات الإسرائيلية على مواقع في القلمون الغربي وريف حمص، على ذكر اسم منظومتا الدفاع الجوي الروسي من طراز "Buk-M2" و"Pantsyr-S"، متفاخراً بأنهما نجحتا باعتراض 22 صاروخاً من أصل 24 صاروخاً (أي نسبة النجاح 91%).

2- رسالة لبشار الأسد.. وإنقاذاً لسمعة أسلحتها

يرى الخبير الإسرائيلي، بأن موسكو غير مهتمة بنوعية الأهداف التي تضربها إسرائيل في سوريا، بقدر ما يثير قلقها من أن نجاح هذه الضربات يتم في ظل وجود منظومات دفاع جوي روسية الصنع يستخدمها النظام في علميات التصدي.

وإضافة للبعد التسويقي لأسلحتها الحربية، هناك سبب آخر للتعليق على الغارات الإسرائيلية، أرادت من خلاله موسكو إيصال رسالة إلى نظام الأسد بأن أسلحتها فعالة وتعمل بشكل جيد، ولكن أسباب فشلها في التصدي للغارات الإسرائيلية يعود إلى عدم خبرة جنود النظام في استخدامها.

كما يأتي التعليق الروسي في ظل انتقادات من قبل نظام الأسد، بتحريض إيراني، بأن الأسلحة باهظة الثمن التي تزوده بها روسيا بتمويل إيراني غير قادرة على صد الهجمات الإسرائيلية.

وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن منظومات الدفاع الروسية في سوريا غير قادرة على اعتراض الصواريخ بعيدة المدى والموجهة بدقة التي تُطلقها تل أبيب باتجاه بالأراضي السورية سواء من الجو أو من الأرض.

ويقول بن يشاي، أكثر ما يزعج موسكو هو حقيقة أن أحدث أسلحة الدفاع الجوي التي باعتها ونشرتها في سوريا، بكمية ونوعية لا مثيل لها في أي مكان من العالم، لم تساعد في تنشيط سوق بيع أسلحتها.

ويتابع، هذه الحقيقة أصبحت ظاهرة مستمرة، تضر بشكل مباشر بالسمعة العالمية لأحدث أنظمة الأسلحة الروسية في سوق الأسلحة العالمية، الأمر الذي يؤثر على الاقتصاد الروسي.

ويعد تصدير أنظمة الأسلحة ثاني أهم مصدر لعائدات النقد الأجنبي للاقتصاد الروسي، بعد النفط والغاز.

3- لملء الفراغ الأميركي

السبب الثالث للتصريحات الروسية هو رغبة الكرملين في ملء الفراغ الناجم عن انسحاب واشنطن من الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، لا سيما بالتزامن مع مجريات الأحداث في أفغانستان.

وتحاول موسكو زيادة الترويج لأسلحتها لـ "الزبائن" المحتملين في آسيا وأفريقيا، الذين يقلقهم تراجع اهتمام واشنطن بالمنطقة.

ليس تغييراً

وتقرأ تل أبيب التصريحات الروسية حول غاراتها في سوريا بأنه سعي من موسكو لتعزيز مصالحها الاقتصادية والسياسية، مستبعدةً أن يكون تغييراً في التعاطي الروسي مع نشاطها العسكري في سوريا.

ويقول بن يشاي، لو أرادت روسيا تغيير السلوك الإسرائيلي في الساحة السورية، لأختار الكرملين أساليب ووسائل أقل تعبيراً وأكثر فعالية لنقل الرسالة، مشيراً إلى أن اللواء فاديم كوليت، الذي تصدر الشاشات مؤخراً للتعليق على الضربات الإسرائيلية ليس له منصب عسكري مؤثر في روسيا وإنما دوره ذو طابع سياسي محدود.

وكانت تقارير إعلامية تحدثت الشهر الماضي عن تغيير في لهجة موسكو تجاه تل أبيب، منها تقرير لصحيفة "الشرق الأوسط" أشارت فيه إلى إمكانية تقييد موسكو لنشاط الإسرائيليين العسكري في سوريا، وفقاً لتفاهمات "غير معلنة" جرت في قمة جنيف بين الرئيسين بايدن وبوتين في حزيران/يونيو الماضي.