وشوشات شجرة الميلاد

2019.12.27 | 19:49 دمشق

shjrt_yd_almylad_-_tswyr_amjd_altwyl.jpg
+A
حجم الخط
-A

ها هو العام يجرّ أذياله وقد اتسعت خيبة السوريين بعد المذابح التي تطالهم في إدلب على أيدي قوات الأسد والروس، والعالم ما يزال متفرجاً.

مئات الآلاف من السوريين ذهبوا ضحية حرب نظام الأسد على الشعب، بين قتلى وجرحى ومعتقلين، بينما الملايين باتوا بين نازحين ولاجئين داخليا وخارجيا.

وتم إعدام آلاف المعتقلين داخل أقبية النظام السوري.

ووفقا لإحصاءات منظمات حقوقية، فقد أسفرت عمليات القصف والتفجيرات عن إصابة أكثر من 2 مليون مواطن سوري بجراح مختلفة وإعاقات دائمة، فيما شرِّدَ نحو 12 مليون مواطن.

فما الذي يمكن أن تخبرنا به رسالة العام الجديد؟

في نهاية كل عام تستعصي عليّ الكتابة.. الأفكار تتزاحم داخل الرأس الصغير، وتتشابك ذكريات العام لتدعوني إلى تشييعه… كلما حبت أواخر أيام العام زحفت إليّ أنياب الحزن.

وفي السنوات الأخيرة أضيف الانقباض إلى الحزن بحيث غدا ذيل

صوت المطر المتهالك تحت عجلات المركبات يفجّر في داخلي القنابل التي تتساقط كل يوم على الأبرياء في العالم فتختلط دموعي بدموع السماء

العام كرأسه، أسعى جاهداً كي ألفّق ساعاته وأمضي، نتيجة الخصام بيني وبين /ريكا/ التي تسعى أمها لنشر الفساد في العالم بحجة مناصرة حقوق الإنسان.

بين عامين أحرص على السير تحت انهمار المطر كي أوهم نفسي بأنني أغتسل من أدراني حيث تبكي السماء على أحزاننا وعلى ضعفنا الإنساني المتواصل…

صوت المطر المتهالك تحت عجلات المركبات يفجّر في داخلي القنابل التي تتساقط كل يوم على الأبرياء في العالم فتختلط دموعي بدموع السماء.

أبكي لأنني تعثرت كثيراً خلال العام الذي تدقّ أجراس رحيله، ولأنني لم أستطع تحقيق الكثير من أحلامي، ولأن الآخرين حالوا بيني وبين تحقيق ما أصبو إليه.

ألم أكن أيضاً سبباً في تحطيم بعض أحلام الآخرين.

ربما أكون قد سحقت نملة تسعى في رحلتها الصيفية فقضيت على أحلامها وأنا أحثّ الخطا مسرعاً كي لا أفوّت فرصة للنجاح.

لذلك أبكي..

وأبكي أصدقائي الذين اضطرتهم الظروف لخيانتي وتحويلي إلى مجرد وسيلة للوصول إلى ما يبتغون.

وعندما ينتهي العام ويبدأ عام جديد، لا تنتهي المأساة.

ففي العام الجديد نبكي لأنّ مجرد ولادته تعني أنه - لابد - مائت.

فكيف نستقبل العام الجديد؟

في كل مناسبة أعدّ العدّة للاحتفال بها، وأتلقى الدعوات، ثم أجدني منخرطاً في عمل متواصل حتى الصباح.

والطريف في الأمر أن أعمالي كلها من منطلق ذاتي، لا توجد جهة تطالبني بما يجب عليّ القيام به، ولا وقت يحكمني كي أنجز ما أباشره من أعمال، وكل ما في الأمر أنني أشعر بتفاهتي حين لا يكون لدي ما أنجزه، ولهذا ألهث دائماً كي أبرّر وجودي.

في رأس السنة، ويوم ميلادي، يوم زواجي، ويوم تخرجي من الجامعة، وليلة النصف من شعبان، وليلة القدر…

في كل تلك المناسبات أجدني منشغلاً بعمل طوعي أحبّه، ولأنني أحبه أشعر بالرضى حين تمرّ المناسبة وأنا منهمك فيه.

قد يمرّ ما أقوله عابراً على رئيس التحرير والمنضّد والطابع والقارئ.. ربما يظن رئيس التحرير أن هذه الكلمات مجرد هذيان فارغ، وربما يهمل المنضّد عدداً من الفواصل والشدّات، وربما بعض الكلمات…

فما الذي سيحدث إذا اختصرنا المقالة إلى النصف؟

وربما يطمس الطابع مقالتي أو بعضها فلن تخرب الدنيا إذا كانت بعض المقالات مشوّهة..

وربما يكتفي القارئ بتصفّح العناوين، وحين يلمح بعض الغبار، يلفّ المقالة ويمسح بها حذاءه ليظن أنه غدا بمظهر لائق.

يا أنتم.. يا الذين يمرون بي وأمرّ بهم، ما ننتجه

العام الجديد مناسبة كسواه من المناسبات لا يغدو لها معنى إلاّ إذا عاهدنا أنفسنا على القيام بكل ما يعزّز احترامنا لأنفسنا أمام أنفسنا قبل سوانا

ليس ترفاً أو بضاعة لا تفيد، إنه عصارة القلب وبعضٌ منا..

أرجوكم لا تستهتروا بالكلمة، إنها قصصكم وحكاياتنا، وربما نفد شيء منها إلى عقولكم وقلوبكم لتساهموا في احترام الإنسان الذي أمر الله باحترامه.

إنها على مدى العام، الشأن العام الذي يعنينا مباشرة.

بالكلمة تقوم الحروب، وبها يعمّ السلام.. بها نتميّز من سوانا من الكائنات، وبها يعني لنا مطلع العام شيئاً جديداً …

العام الجديد مناسبة كسواه من المناسبات لا يغدو لها معنى إلاّ إذا عاهدنا أنفسنا على القيام بكل ما يعزّز احترامنا لأنفسنا أمام أنفسنا قبل سوانا.

أرجوكم لا ترموا أحمالكم على الآخرين، ولا تظنوا أن ما يحدث في غواتيمالا والسودان وأفغانستان والعراق والصومال والهند وباكستان وفلسطين بمنأى عنكم.

إننا نسهم إيجابياً في إشاعة الخير انطلاقاً من مواقفنا وأعمالنا، وكل ما نقوم به يؤثّر على ما يحدث في الكون…

فهل نجرّب في مطلع العام الجديد بأن نبتسم - من قلوبنا - للآخرين ونعمل معهم بإصرار على مكافحة كل ما هو فاسد، بدءاً من ذواتنا قبل أن نطالب الآخرين؟!…

هذه هي الرسالة التي وشوشتني بها شجرة الميلاد في العام الجديد، فهل من مستجيب؟!…