icon
التغطية الحية

وسط قلق وصدمة مجتمعية.. ملف جرائم قتل النساء يتصدر حديث الأردنيين

2022.06.28 | 18:17 دمشق

يبل
الطالبة المقتولة إيمان إرشيد (إنترنت)
عمّان - بديعة الصوان
+A
حجم الخط
-A

أثارت حادثة مقتل الطالبة إيمان إرشيد أمام مقر جامعتها (جامعة العلوم التطبيقية) في الأردن حالة من الصدمة والقلق في الشارع الأردني، فبعد خمسة أيام من تلك الحادثة ما زال هاشتاغ "إيمان إرشيد" وهاشتاغ "قاتل التطبيقية" متصدراً مختلف مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة بعد أن أقدم قاتل الفتاة على إطلاق النار على نفسه في شمال الأردن بعد أن حاصرته الأجهزة الأمنية الأردنية ، وتفاعل رواد تلك المواقع حول تفاصيل الحادثة، كما تصدر هاشتاغ "#الأمن_العام" موقع تويتر  إذ شككت الكثير من التفاعلات في مجريات عملية القبض على القاتل.

 

تويتر

 

وبعد حالة الغضب في الشارع الأردني، قرر نائب عام محكمة الجنايات الكبرى في الأردن، القاضي إحسان السلامات، حظر النشر في قضية "مقتل الطالبة إيمان إرشيد في جامعة العلوم التطبيقية تحت طائلة المساءلة الجزائية".

 

فيس بوك

هل تُعبر جريمة الطالبة  عن حالة عامة في المجتمع الأردني؟ 

الأمينة العامة للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة د. سلمى النمس تقول لـ موقع تلفزيون سوريا: "في عام 2022 شهدنا أكثر من 20  جريمة قتل نساء هذه الأرقام تشير إلى أن تلك الجرائم تتراوح ضمن معدلات متقاربة، شهدنا فترة انخفضت لكنها اليوم تعود وتتصدر ".

وتضيف النمس:" حينما درسنا تلك الجرائم غالبيتها جرائم واقعة في نطاق الأسرة أما القتل خارج إطار الأسرة فلا يشكل أرقاماً مرتفعة في الأردن ولكن بشاعتها تدل على أن هناك تصاعدا لمشكلة التربية الاستحواذية التسلطية الذكورية وتعظيم الأنا للشاب الذي لا يتقبل أن للمرأة خياراتها وقراراتها في اختيار شريك حياتها أو بطلبها الانفصال".

ترى النمس أن جريمة القتل هي الاستثناء ولا تعبر عن الحالة العامة في الأردن ولكن جريمة قتل واحدة كافية لإشعار المجتمع بالقلق، وتعزو حدوث تلك الجرائم إلى: "تربية الذكور في مجتمعاتنا إذ تُبنى الرجولة بناءً على عدة مفاهيم مثل الإنفاق والقوة والسيطرة، وكلما زاد تهميش الشباب في المجتمع سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ذلك يعني مزيداً من التعبير عن الرجولة بهذه الطريقة". 

إسقاط الحق الشخصي في حالات جرائم القتل التي تقع في نطاق الأسرة يلعب دورا كبيرا في تخفيف العقوبة على المجرمين بينما في جرائم القتل خارج نطاق الأسرة احتمالية الإسقاط ضئيلة، تكمن المشكلة في عدم المعرفة التشريعية والخطاب السائد الذي يبرر العنف ضد المرأة والدفاع عن المجرم سواء كان قاتلا أو متحرشا أو معنفا مما يفقدنا البوصلة القيمية.  

 

 

أستاذ علم الاجتماع والجريمة في جامعة مؤتة الدكتور حسين محادين في حديثه لـ موقع تلفزيون سوريا: "من الواضح أن تأثيرات التنشئة الاجتماعية التي يتلقاها الأفراد من الجنسين قائمة على غياب العدالة في احترام كينونة الإنسان وأدواره بغض النظر عن جنسه ينطلق هذا الكلام من طبيعة ما نتشربه في الأسر من أدوار ومهمات وتنميط تقليدي لهذه الأدوار". 

يضيف: "هذه الأنماط تشكل خبرات الطفولة لدى الأشخاص وهي جزء من الثقافة المجتمعية إذ تقوم على تمجيد الذكر من حيث العناية والفرص المتاحة وغياب ثقة هذه التنشئة في أداء وقدرات الإناث، تنتقل هذه الثقافة تباعاً من مؤسسة لأخرى لتشكل في نهاية المطاف ثقافة عامة من هنا تتشكل نظرة الذكر للأنثى".

ويرى محادين أن عوامل ثقافية تتمثل في أنه دائما الذكر يُملي على الأنثى أن تمتثل له وإذا رفضت يفسر على أنه نشاز عن البعد الاجتماعي والسلوك السائد، والأسرة ساهمت في ذلك بسبب ضعف دورها في التنشئة والتوجيه، أما العقوبة فكلما تم تشديدها وهي استثناء أعطينا صكوك براءة لضعف أدوار المؤسسات المرجعية، بينما ترى النمس أن "التشريع يلعب دورا في حالات جرائم الواقعة على الإناث خارج نطاق الأسرة، ومن المهم أن لا تتعرض الأسر إلى ضغوط وأن لا يأخذ القضاء بإسقاط الحق الشخصي كأسباب مخففة للأحكام حيث لا يمكن إجبار القاضي أن يخفف العقوبة بسبب إسقاط الحق الشخصي". 

ويشير إلى أن "أعداد السكان في تزايد داخل المجتمع الأردني بالتالي من الطبيعي أن يتوازى معها نسبيا ارتفاع عدد الجرائم لكن اللافت هو أشكال ارتكاب هذه الجرائم وأدواتها ومبرراتها، هذه عوامل مؤثرة".

إضراب نسائي عابر للحدود لوقف قتل النساء 

تنامي قضايا قتل النساء وتعنيفهن دفع ناشطين لتنظيم إضراب نسائي عبر صفحة متخصصة على فيسبوك، لمواجهة مستويات عنف غير عادية يشهدها المجتمع وخاصة بعد مقتل الطالبة إيمان.   

 

فيس بوكفيس بوك

 

المحامي خلدون السلايطة يقول لـ موقع تلفزيون سوريا: "تنفيذ القانون بطريقة تضمن حصول كل شخص على حقه تساهم في الحد من هذه الظواهر، القوانين تحتوي على مظاهر تفرقة".

ويضيف السلايطة: "التشريعات تحتاج لتعديلات، ومؤسسات المجتمع المدني شريك وفاعل وهي مؤثرة لا بد من التشاركية بينها وبين الحكومات لوقف مثل هذه الانتهاكات". 

"نحتاج لمجلس نواب قادر على القيام بمهامه التشريعية والرقابية، هذا المجلس يفرضه قانون انتخاب وهذا يعيدنا باتجاه الدائرة الأولى دائرة وجود قانون انتخاب يضمن وصول نخبة من النواب القادرين على قيادة العملية التشريعية". 

بدورها، قررت الجامعة إطلاق اسم الطالبة الفقيدة (إيمان إرشيد) على إحدى قاعات كلياتها (كلية التمريض) "لتبقى في عمق ذاكرتنا وحاضرة في دعواتنا"، وفق بيان نشرته عبر مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بها، ختمت البيان بالقول: "إلى جنات الخلد إيمان..".

 

صورة 4 

 

تشير الأرقام الرسمية الصادرة عن إدارة المعلومات الجنائية لعام 2020 إلى  وقوع 90 جريمة قتل عمد وقصد و 9 جرائم ضرب مفضٍ إلى الموت، عدد الجناة في جرائم القتل العمد والقصد بلغ 201 شخصاً 7 نساء من بينهم شكلن ما نسبته 3.5% من مجموع الجناة، في حين بلغ عدد المجني عليهم في هذه الجرائم 99 شخصاً من بينهم 22 امرأة بنسبة 22.2% من مجموع المجني عليهم. تلك الجرائم تتغير أوصافها القانونية عند إحالتها إلى القضاء ، بينما أرقام جمعية معهد تضامن النساء الأردني " تضامن"  تشير إلى أنه سجل في الأردن 15 جريمة قتل أسرية ذهب ضحيتها 16 أنثى . 

تضاف جريمة قتل إيمان إلى ملف جرائم عدة هزت الشارع الأردني على مدار السنوات الماضية ،العالم العربي ليس بمعزل عنها ، لتعيد هذه الجرائم النقاش من جديد حول زيادة حالات القتل والعنف المبني على النوع الاجتماعي وسط مطالبات  بسن قوانين أكثر صرامة لحمايتهن وإجراءات جادة لينتهي النقاش في كل مرة بسؤال على ما يبدو لا إجابة له.