icon
التغطية الحية

واشنطن بوست: "قسد" تراقب الانسحاب الأميركي من أفغانستان بحذر وقلق

2021.09.01 | 07:23 دمشق

aljnral-mzlwm-bdy.jpeg
قائد "قوات سوريا الديمقراطية" مظلوم عبدي
واشنطن بوست- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

مع انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، وما تبعه من انهيار الحكومة الأفغانية وانتشار الفوضى، بدأت "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، حليفة واشنطن في سوريا، تراقب بحذر ما يجري متمنية ألا تلقى المصير نفسه.

لا تزال الذكريات المريرة لبدايات الانسحاب العسكري الأميركي من سوريا، قبل ثلاثة أعوام، عالقة في أذهان "قسد"، ذات الغالبية الكردية، عندما أذهل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب جنرالاته بإعلانه سحب ألفي جندي أميركي ممن كانوا يقدمون دعماً لـ "قسد" في محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). إلا أن ما حدث حينذاك أن ترامب تخلى عن فكرة سحب كامل جنوده، واكتفى بتخفيض العدد لأقل من النصف في العام التالي، الأمر الذي فتح الطريق أمام عدوة "قسد"، أي تركيا، لتشن حملتها العسكرية في شمال شرقي سوريا.

أثارت خطوة ترامب انتقادات كثيرة، ووصفت بأنها خيانة للكرد الذين خسروا آلاف المقاتلين في مقارعة تنظيم الدولة.

وعلق قائد "قوات سوريا الديمقراطية"، مظلوم عبدي، الحليف الأقوى لواشنطن في سوريا في مقابلة نادرة: "إن أثر ذلك سيدوم للأبد".

اليوم، لا يزال هناك نحو 900 جندي أميركي يتمركزون في مناطق واسعة خارجة عن سيطرة النظام السوري في شمال شرقي سوريا، ويشاركون بشكل مستمر في محاربة فلول تنظيم الدولة، الذي يتراوح عددهم بحسب تقديرات التحالف الدولي، ما بين 8 إلى 16 ألف مقاتل في كل من سوريا والعراق.

سعت إدارة بايدن، خلال الأشهر الماضية، لطمأنة عبدي وغيره من المسؤولين في "قسد"، وذلك عبر إرسال قائد القيادة الأميركية الوسطى، كينيث ماكينزي، إضافة إلى مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى بالوكالة، جوي هوود، لإجراء محادثات مع قادة "قسد".

كما أكدت الإدارة الأميركية الحالية على أن شراكتها مع "قسد" ستبقى متينة وقوية، مشيرة إلى أن قواتها لن تغادر سوريا، في أي وقت من الأوقات، بحسب مسؤولين أميركيين وقادة من "قوات سوريا الديمقراطية".

وفي هذا السياق، تحدث مظلوم عبدي، الاسم الحركي لقائد "قسد"، بنبرة حذرة ومتفائلة حيال مستقبل الوجود الأميركي في سوريا، وهو يرتدي بزة عسكرية مموهة باللونين الأخضر والبني خلال مقابلة أجريت معه داخل قاعدة عسكرية مطلع هذا الشهر، ووصف عبدي العلاقات مع واشنطن التي طرأ عليها تحسن منذ دخول الديمقراطيين إلى البيت الأبيض، معلناً توقعاته حول استقرار نسبي في المنطقة التي تسيطر عليها قواته، بقوله

وقال عبدي، "في حال التزم الأميركيون بوعودهم، إننا نشعر اليوم بأن لدينا دعماً سياسياً وعسكرياً أقوى مما كان لدينا أيام الإدارة الأميركية السابقة، مضيفاً أن زيارات المسؤولين الأميركيين للمنطقة بعد قرار الانسحاب، حملت رسالة مفادها بأن لا نية لواشنطن في تغيير سياستها في سوريا".

وبينما يصف المسؤولون الأميركيون عبدي بأنه شخصية مسيطرة وحليفهم الموثوق في محاربة تنظيم الدولة. وبناء على ذلك يواصل التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة، تقديم الدعم اللوجستي والعملياتي والاستخباري لـ "قسد" في المعارك ضد فلول "داعش" وخلاياه النائمة، إضافة لحراسة حقول النفط في سوريا بالتعاون مع "قسد".

ويعتبر الوجود الأميركي في سوريا محوراً لتوازن القوى المتدخلة والمتداخلة في سوريا في النزاع السوري، لذا يرى قسم من المسؤولين الأميركيين بأن كل منطقة تنسحب منها واشنطن تخلف ثغرة تسمح لقوات النظام أو لقوات موسكو أو أنقرة بالتقدم. فيما يؤكد قسم آخر على أن انتشار القوات الأميركية يمنع القوات الإيرانية من إقامة جسر بري يسمح لهم بتمرير الأسلحة لحزب الله، حليفهم في لبنان.

وحول هذا الموضوع، كشف مسؤول أميركي رفيع المستوى تحدث إلى "واشنطن بوست"، مشترطاً عدم الكشف عن هويته، بأن سياسة واشنطن تحاول الإبقاء على حالة من التوازن.

يشار إلى أن الانسحاب الأميركي الجزئي في 2019، أعاد رسم خريطة شمال شرقي سوريا، بعد التخلي عن بعض المناطق لصالح الفصائل المسلحة المدعومة من قبل تركيا، واستيلاء قوات النظام والقوات الروسية على مناطق أخرى.

ومثّل الانسحاب الأميركي الذي أعلن عنه ترامب ضوءاً أخضر للرئيس التركي رجب طيب أردوغان لإرسال جيشه للتوغل في سوريا، ضمن صفقة تهدف إلى طرد "قسد"، المصنفة "إرهابية" من قبل أنقرة. وعلى إثر ذلك فر ما يقارب من 200 ألف مدني يعيشون في المناطق التي تخضع لسيطرة "قسد" بحثاً عن الأمان.

وبالرغم من تقارب خطوط التماس بين "قسد" والفصائل المدعومة تركياً، وحالة الهدوء السائدة اليوم، إلا أن تجدد الاشتباكات أمرٌ وارد في أية لحظة، في ظل تحذيرات قائد "قسد" من صعود تنظيم الدولة مرة أخرى.

وفي سياق متصل، تطالب القوات الكردية حكومات الدول الأجنبية بإجلاء الآلاف من مواطني تلك الدول، من المقاتلين الأجانب مع عائلاتهم، المحتجزين بمخيمات في المناطق التي تسيطر عليها "قسد".

وبعد مرور عشر سنوات على الحرب الدائرة في سوريا، يبدو أن القوات الأميركية سوف تبقى إلى أجل غير مسمى في شمال شرقي سوريا، وسط إصرار القوات الكردية و"الإدارة الذاتية" أن يشمل أي حل للنزاع في سوريا تسوية سياسية تعترف بحقوق الغالبية الكردية في هذه المنطقة.

 

 المصدر: واشنطن بوست