icon
التغطية الحية

واشنطن بوست: روسيا تستحوذ على الغنيمة السورية وإيران تريد الجغرافيا

2021.05.21 | 10:42 دمشق

rtx3ji07.jpg
واشنطن بوست - ترجمة وتحرير ربى خادم الجامع
+A
حجم الخط
-A

مع انتهاء القتال في معظم أرجاء سوريا، يتنافس الداعمان الرئيسيان لرئيس النظام بشار الأسد، إيران وروسيا على النفوذ وغنائم الحرب، بحسب صحيفة واشنطن بوست.

يروج كلا البلدين لغتيهما الفارسية والروسية، للتدريس في المدارس السورية. ووقع كلاهما عقودا لبناء مطاحن وسط نقص حاد في الخبز. وكلاهما يبني محطات طاقة.

وكلاهما أيضا كانا يتنافسان للحصول على عقود في استخراج النفط وتعدين الفوسفات وبناء الموانئ بقيمة ملايين الدولارات، وفقا لجهاد يازجي رئيس نشرة سوريا ريبورت، وهي نشرة إخبارية رائدة في مجال الأعمال. وقال "إنهم يستهدفون القطاعات نفسها، رغم أنهم لم يحققوا النجاح نفسه".

لطالما انتصرت الشركات الروسية في هذه القطاعات المتنازع عليها، على سبيل المثال فازت بخمسة عقود نفطية بين عامي 2013 و 2020، على الرغم من أن إيران نجحت العام الماضي في الحصول على أول عقد نفطي سوري خاص بها.

وفي ربيع عام 2019، أعلن النظام أنه يخطط لتأجير ميناء طرطوس لروسيا وتسليم محطة الحاويات في ميناء اللاذقية إلى إيران، لكن العقد الأخير انتهى لاحقا.

وقال يازجي إن "سوريا كانت قد وعدت إيران في البداية بعقد لاستخراج الفوسفات لكنها غيرت اتجاهها ومنحتها في 2018 لشركة روسية، من المقرر أن تحصل على 70 في المئة من عائدات الفوسفات المستخرج على مدى 50 عاما".

وتابع: "لقد شعر الإيرانيون أنهم لم يحصلوا على حصة عادلة من الأصول السورية بالنسبة لالتزاماتهم - التزامهم العسكري ولكن أيضا التزامهم الاقتصادي". قدم الإيرانيون المزيد من الدعم الاقتصادي. لكن الفوائد الاقتصادية تعود على الروس أكثر مما تذهب للإيرانيين.

في عام 2018، حث يحيى رحيم صفوي، كبير المساعدين العسكريين للمرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، على تعويض إيران بعقود النفط والغاز والفوسفات مقابل دعمها للنظام وقال: "يمكن لإيران أيضًا إبرام اتفاقيات سياسية واقتصادية طويلة الأمد مع الحكومة السورية لسداد النفقات التي تحملتها".

بدأت إيران في تقديم الدعم العسكري للأسد في وقت مبكر من عام 2012 حيث كان مقاتلو المعارضة السورية يكسبون الأرض ضد النظام. وأرسلت إيران قوات من ميليشيا فيلق القدس التابع للحرس الثوري بالإضافة إلى ميليشيات مدعومة من إيران من العراق ولبنان وآلاف المقاتلين الأفغان.

قامت إيران أيضاً بتمديد ثلاثة خطوط ائتمان بقيمة 5.6 مليار دولار على الأقل وفقاً لتقرير سوريا ريبورت.

تاريخياً، تتمتع سوريا بعلاقات اقتصادية أقوى مع روسيا منها مع إيران. لكن إيران تمكنت من اقتطاع جزء من السوق السورية. على سبيل المثال، يتم استيراد الإلكترونيات والأدوية بشكل متزايد من إيران. السوريون الذين يتصلون بالصيدليات في دمشق للاستفسار عن مدى توافر الدواء اعتادوا على سماع: "وهناك أيضا بديل إيراني".

افتتح الإيرانيون أيضا مجمعا ترفيهيا جديدا في دمشق في آذار، وخصص الإيرانيون لوحة ضخمة تحمل صور خامنئي وقائد ميليشيا القدس الذي اغتالته أميركا قاسم سليماني لتحية الزوار، وفي الحدائق وقرب برك الماء وملاعب كرة القدم علقت صور خامنئي وقاسم سليماني إلى جانب صورة الأسد.

وفي شرقي سوريا ودمشق أقامت إيران مراكز ثقافية، حيث تقام فعاليات مثل معرض الصور الأخير لإحياء ذكرى مقتل سليماني. وأفادت وسائل إعلام إيرانية أن إيران تبني أيضا مركزا تجاريا من 12 طابقا في قلب العاصمة ، حيث ستتمركز 24 شركة إيرانية.

لكن روسيا تغلبت على إيران في المدارس السورية، وأدرجت اللغة الروسية بديلاً للفرنسية لغة ثانية للتعليم. وأقيمت أول امتحانات روسية للمدرسة الثانوية العام الماضي.

وتواصل إيران الضغط من أجل تقديم الفارسية رسميا أيضا. في العام الماضي، عندما وقّعت إيران اتفاقا يدعو جزئيا إلى مساعدة سوريا في إعادة بناء مدارسها، أكد وزير التعليم الإيراني محسن حاج ميرزائي على "أهمية إدخال اللغة الفارسية في نظام التعليم السوري"، بحسب ما ذكرت وسائل الإعلام الرسمية التابعة للنظام. أدخلت إيران دورات اللغة الفارسية في بعض المدارس التي ساعدت في إصلاحها أو بنائها.

كما أضافت بعض المدارس في محافظتي الرقة ودير الزور دروسا باللغة الفارسية إلى مناهج المدارس الابتدائية والمتوسطة، ويخشى بعض السوريين من أن يحدث الشيء نفسه في حلب، حيث أعلنت إيران هذا الشهر أنها تخطط لفتح قنصلية.

استثمرت إيران وروسيا أيضا في بناء مطاحن الدقيق في جميع أرجاء البلاد. وأفادت وكالة أنباء النظام الرسمية "سانا" أن أول مطحنة من أصل خمسة أقيمت بموجب عقد مع إيران وبتمويل من خط ائتماني إيراني، افتُتحت قبل عامين.

من جهتها، أعلنت شركة روسية في 2017 فوزها بعقد قيمته 84 مليون دولار لبناء أربعة مصانع في وسط محافظة حمص. كما تستفيد روسيا من الصادرات المباشرة للقمح إلى سوريا، والتي بلغت أكثر من مليون طن سنويا بين عامي 2017 و 2019، وفقًا لما نقلته عدة وكالات أنباء روسية وسورية.

يذكر أن الشعب السوري مايزال يعاني من أزمة نقص القمح بعدما دمرت مطاحن القمح جراء القتال، ناهيك عن حقول القمح التي طالها الخراب بسبب القحط أو الحرائق التي أضرمها مقاتلو تنظيم الدولة.

ثم إن أزمة الخبز تعكس حالة اضطراب وفوضى اقتصادية عارمة في سوريا إلى حد كبير، وقد أتى ذلك بعد هبوط قيمة العملة السورية، فقد أعلنت الأمم المتحدة بأن أكثر من 13 مليون سوري باتوا بحاجة لمعونات إنسانية بعد المعاناة التي عاشوها طيلة عقد الحرب، والذي ترتب عليه خسائر اقتصادية تقدر بحوالي نصف تريليون دولار أميركي.

امتدت المنافسة الروسية الإيرانية في بعض الأحيان إلى المجال الدبلوماسي. في كانون الأول الماضي، اختار وزير خارجية النظام الجديد فيصل المقداد إيران في أول زيارة دولية له. ورفضت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أولئك الذين "يقرؤون ما بين السطور" الباحثين عن التوترات بين روسيا وإيران. وأضافت أن مقداد كان ينوي زيارة روسيا لكنه تأخر بسبب جدول وزير الخارجية الروسي المزدحم.

تسعى روسيا لمساعدة النظام في إعادة بناء الجسور مع الدول العربية، والتي تنظر معظمها إلى إيران بعين الريبة. كما تدعم روسيا اللجنة الدستورية التي تيسرها الأمم المتحدة والمكلفة بإعادة كتابة الدستور، ويضغط الكرملين من أجل إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية منذ عام 2015 وقبل ست سنوات مما يتطلبه الدستور.

يبدو أن المصالح الاستراتيجية لإيران تتركز بشكل كبير على السيطرة على ممر بري يمتد من الحدود الشرقية لسوريا مع العراق وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسط. سيسمح هذا الممر لإيران بتزويد حليفتها ميليشيا حزب الله في لبنان بسهولة أكبر بالأسلحة والمواد الأخرى.

وقال عمر أبو ليلى، رئيس شبكة مراقبة تسمى دير الزور 24: "ليست الأموال فقط التي تريدها إيران إنها تريد جغرافيا".

وأضاف أن الإيرانيين يشترون العقارات في شرقي سوريا والمنازل والشركات وكذلك في محيط السيدة زينب، إحدى ضواحي دمشق وموطن ضريح يقدسه المسلمون الشيعة، لتأمين مصالحها في الشرق، حيث تسيطر الميليشيات المدعومة من إيران.

كما ركزت إيران على حشد الدعم المحلي من خلال الأمن والتعليم. وقال أبو ليلى "إنها عملية تجنيد وكسب تعاطف تستهدف هذا الجيل". حيث دفع التصعيد الأخير في الهجمات بالمنطقة، التي نفذتها خلايا تنظيم الدولة، المزيد من السكان لقبول أو الانضمام إلى الميليشيات المدعومة من إيران بدافع الخوف.

لكن الكثير من السوريين يرفضون هذا التعدي من قبل إيران، إذ زاد الخوف من عملية التشيع مع توسع النفوذ الإيراني على مدار العقد الماضي ومع شراء الإيرانيين لعقارات في سوريا. لذا وبنبرة خافتة، ينوه الأهالي من المسلمين السنة إلى مقاطع الفيديو التي انتشرت خلال السنوات الماضية والتي تظهر رجالاً وهم يضربون على صدورهم، فيما يعرف ضمن التقليد الشيعي بأيام الحداد، بعدما أخذوا يمارسون تلك الطقوس في قلب أحد الأسواق القديمة في العاصمة السورية دمشق.