icon
التغطية الحية

واشنطن بوست: روسيا بدأت تدرك بأن أوكرانيا ليست سوريا وقوتها العسكرية على المحك

2022.04.15 | 12:43 دمشق

mwskwfa.jpg
الطراد الروسي مسكوفا قبل غرقه ـ رويترز
واشنطن بوست - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

لا يختلف اثنان على أن الاعتداءات الروسية التي استهدفت المدنيين السوريين كانت بمنزلة عرض مسبق للفظائع التي تنزلها روسيا اليوم بأوكرانيا، حيث تقصف المشافي وتذبح الأطفال، وتقطع الكهرباء والماء.

ولهذا أصبحت سوريا التي دمرتها الحرب تحظى اليوم باهتمام الشارع أكثر مما كان عليه الوضع قبل سنوات، لا سيما بعد انتشار النبأ الذي يفيد بأن الرئيس فلاديمير بوتين عين أحد كبار القادة العسكريين لديه والذي سبق له أن أرسله إلى سوريا لقيادة العمليات في أوكرانيا. إذ بالنسبة لكثيرين، يذكر قصف روسيا لماريوبول بقصفها لحلب عام 2016، خاصة مع تكرار روسيا لعدم مراعاتها أو احترامها للممرات الإنسانية، ونشرها للدعاية المضادة، وارتكاب جرائم حرب هناك.

سبق لأحد الصحفيين في واشنطن بوست أن كتب عن الغزو الروسي الآتي: "مع استمرار الحرب، أصبحت نقاط التشابه والمقارنة تظهر بشكل أكبر، وذلك لأن الأساليب الوحشية وعمليات القصف التي مارستها روسيا في تلك الدولة الشرق أوسطية تبدو بمنزلة بث تجريبي للجهود الحربية الروسية في أوكرانيا، إذ خلال فترة لم تتجاوز الشهرين، خلفت المعارك آثاراً على الأرض يعرفها بشكلها المأساوي من عاش وراقب تفجر الوضع في سوريا على مدار عقد كامل من الزمان".

ولكن، من حسن حظ الأوكرانيين، أن كلا النزاعين يختلف بعضهما عن بعض في بعض النواحي المهمة، إذ قد تكون سوريا هي من جعل بوتين يتجرأ على غزو أوكرانيا، ولكنها لا تعتبر دليل العمل بالنسبة لهذا الغزو، وذلك لأن الأخيرة أبدت دفاعاً أقوى مما هو متوقع لها، وهذا ما وضع البراعة العسكرية الروسية على المحك، لذا دعونا نستعرض تلك الأسباب ونبحث فيها.

كان بوسع روسيا إخفاء عيوبها العسكرية في سوريا ولكن ليس في أوكرانيا

أرسل بوتين جنوداً مجندة إلى أوكرانيا، بأعداد تفوق ما أرسله إلى سوريا، إذ خلال فترة من الفترات، أرسل بضعة آلاف فقط من جنوده إلى سوريا لمساعدة بشار الأسد على سحق فصائل المعارضة، وهذا ما ساعده على إخفاء أي نقائص أو عيوب يعاني منها جيشه، وتجلى ذلك عبر تناوب أفضل القطعات لديه على الذهاب إلى سوريا والعودة منها بحسب رأي جويل رايبورن الذي شغل منصب المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا بين عامي 2018-2021.

إلا أن هذا الخيار لم يكن متاحاً مع أوكرانيا التي أرسل إليها بوتين ما يتراوح بين 100-200 ألف جندي، حيث يستعرض الجيش الروسي قوته أمام العالم، إلا أن الأمور لم تكن رائعة هناك، وذلك لأن تغيير مسار القوات أتى ببطء، ويعود ذلك للبيروقراطية العقيمة وللعمل في ظل وجود معلومات استخبارية ضعيفة.

فعلى سبيل المثال، عندما اقتربت روسيا من كييف، حدث ذلك عبر إرسال رتل طويل من الدبابات وغيرها من المركبات العسكرية التي تعين عليها أن تبقى في الطرقات مما عرضها للهجوم من قبل الأوكرانيين. أما في سوريا، فقد انحصر دور روسيا في أغلب الأحوال بتأمين الدعم الجوي (وهنا ترصد الصحفية ليز سلاي العثرات الأخرى التي ارتكبتها روسيا).

  • يعلق رايبورن على ذلك فيقول: "لقد ظهرت عيوب المؤسسات الروسية من حيث عدد الجنود وتدريبهم ومعداتهم وقيادتهم ونشرهم بكل جلاء ووضوح".

روسيا تجابه حكومة موحدة هذه المرة

في سوريا، تحالفت روسيا مع حكومة النظام المركزية التي يرأسها الأسد ضد فصائل المعارضة التي تفرقت بمرور الزمن. أما في أوكرانيا، فروسيا تجابه حكومة أوكرانيا المركزية الموحدة.

إذ شن الأسد حملة دعائية عالمية وصف من خلالها فصائل المعارضة التي تشمل ثواراً سلميين بالإرهابيين المتحالفين مع تنظيم الدولة الإسلامية. كما أن الأساليب القمعية التي انتهجها النظام خلقت انقسامات بين العشرات من الفصائل الأمر الذي غطى على المظاهرات التي خرجت في البداية مطالبة بالحرية. وفي نهاية المطاف، انحرفت العديد من تلك الفصائل عن المسار التي رسمته في بداية الأمر، إذ بقي بعضها راغباً برحيل الأسد، في حين أعلنت فصائل أكثر تشدداً بالرأي عن رغبتها بالاستعاضة عن نظام الأسد بحكومة إسلامية.

إلا أن هذا السيناريو يختلف تماماً في أوكرانيا، وذلك لأن ضم روسيا للقرم في عام 2014 دفع أوكرانيا للبدء بدعم جيشها وتقويته، أما رئيس البلاد فولوديمير زيلينسكي، فيعتبر عنصراً قوياً من عناصر توحيد البلاد، كما أن الروح المعنوية لدى الأوكرانيين أعلى وأفضل، نظراً لأنهم يحاربون جنباً إلى جنب من أجل وطنهم وأهلهم.

  • يخبرنا مايكل أوهانلون مدير أبحاث السياسة الخارجية لدى معهد بروكلين بأن: "المقاومة السورية لم تكن منظمة في أي وقت من الأوقات، في حين أن الأوكرانيين وقفوا جنباً إلى جنب كالبنيان المرصوص".
  • أما ستيف كوك من مجلس العلاقات الخارجية فيقول: "هنالك معارضون للأسد يعملون لتحقيق أغراض متعارضة، بخلاف ما نراه في أوكرانيا، حيث نجد هناك رئيساً وجيشاً ودفاعاً مدنياً".

تسليح الأوكرانيين أفضل مما كان عليه تسليح السوريين

في سوريا، جابه الروس قوات مشاة ذات أسلحة خفيفة، لا أسلحة ثقيلة، في أغلب الأحيان، وعملياً، لم يكن هناك أي دفاع جوي، أما في أوكرانيا، فقد أخطأت روسيا بشكل كبير في حساب إمكانياتها وقدراتها خلال حملة القصف حيث اعتقدت أن بوسعها أن تقضي على سلاح الجو الأوكراني وتدمر نظم الدفاع الجوي هناك.

  • وعلى ذلك يعلق كوك قائلاً: "لم تتوقع روسيا أن تواجه هذا النوع من المقاومة".

وبما أن أوكرانيا حظيت بدعم دولي واسع، لذا فإنها تحصل على إمدادات بالسلاح بوتيرة مطردة من قبل الولايات المتحدة وحلفائها، ولكن الولايات المتحدة زودت فصائل المعارضة السورية ببعض الأسلحة، إلا أن حجم تلك الإمدادات كان أقل بكثير، ولم تصل تلك المساعدات إلا بعد مرور بضع سنوات على الحرب.

مع بداية الغزو الروسي، أي قبل سبعة أسابيع، نجح الأوكرانيون بشكل مذهل عبر استخدامهم مسيرات تركية الصنع تعرف باسم بيرقدار والتي قامت بتدمير المعدات الروسية.

واليوم، في الوقت الذي تستعد فيه روسيا لمرحلة جديدة من حملتها العسكرية، تعزز الولايات المتحدة إمداداتها للسلاح المخصص لأوكرانيا. حيث تستعد إدارة بايدن لنقل عربات هامفييز المصفحة وغيرها من المعدات المتطورة بحسب ما ذكره دان لاموذي وقارون ديميرجيان.

السوريون ينقلون خبرتهم إلى الأوكرانيين

أجرى الصحفي جوش روجن مقابلة مع مدير منظمة الدفاع المدني السوري التي تعرف بالخوذ البيضاء، إذ في الوقت الذي ينحصر فيه الدور الأساسي لتلك المنظمة بإنقاذ المدنيين وإخراجهم وتقديم الإسعافات الأولية لهم، بدأ المتطوعون فيها منذ فترة قريبة بالتركيز على مساعدة الأوكرانيين، حيث قاموا بإعداد سلسلة فيديوهات تقدم للأوكرانيين معلومات ونصائح عملية حول طرق النجاة من أي اعتداء روسي، بالإضافة إلى تقديم نصائح حول استخدام أجهزة اللاسلكي بدلاً من الهواتف النقالة، ومراقبة الهجمات التالية وانتظارها ضمن عمليات تعرف باسم: "النقر المزدوج"، إذ لا بد من الانتظار لمدة تتراوح بين سبع وتسع دقائق بعد وقوع الهجمة الأولى، وذلك لأن الهجمة التالية تحاول استهداف المسعفين.

وفي مقابلة مع مدير تلك المنظمة، رائد الصالح، تحدث هذا الرجل عن شيء آخر، إذ ذكر بأن لدى أوكرانيا بنية تحتية مخصصة لتقديم المساعدات، في حين مرت سنوات عديدة على سوريا قبل أن تتدفق المساعدات إليها.

  • وهذا ما عبر عنه الصالح بالقول: "إن الدعم والموارد في سوريا مختلفة تماماً، إذ مضت سنوات عديدة قبل أن يتم تخصيص موارد وتأسيس منظمات غير حكومية".

المصدر: واشنطن بوست