icon
التغطية الحية

واشنطن بوست: بايدن يتنازل عن القيادة في سوريا لروسيا وإيران

2022.07.21 | 13:05 دمشق

الرئيس الأميركي جو بايدن - المصدر: واشنطن بوست
الرئيس الأميركي جو بايدن - المصدر: واشنطن بوست
واشنطن بوست - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

كشفت زيارة الرئيس بايدن للشرق الأوسط خلال الأسبوع الماضي تخلي الإدارة الأميركية عن أي مظهر من مظاهر القيادة للولايات المتحدة في مجال معالجة الأزمة السورية، إلا أن سياسة الإهمال تلك تقوض المصالح الأميركية والإقليمية وتهدد بترك أمن المنطقة بيد روسيا وإيران.

بايدن يتبنى الوضع الصامت

لم يذكر بايدن سوريا صراحة خلال جولته التي امتدت لأربعة أيام، والتي وصفت بأنها تعبر عن تدخل الولايات المتحدة في المنطقة التي تشق فيها قوى مثل روسيا والصين طرقاً خاصة بها لتعزيز نفوذها. كما لم يخرج الرئيس الأميركي بأية فكرة جديدة لحل الأزمة السياسية السورية، ولم يتوجه باللوم علناً لأي دولة خليجية بدأت بإخراج بشار الأسد من عزلته تدريجياً بعدما تحول لشخصية منبوذة، بالرغم من أنه مايزال يرتكب جرائم وفظائع جماعية بحق شعبه. ثم إن بايدن شرح في مقال كتبه ونشرته صحيفه واشنطن بوست الأساس المنطقي الذي دفعه للقيام بجولته في الشرق الأوسط، لكنه لم يتطرق لذكر سوريا إلا عندما نشر معلومات لأول مرة عن المهمة الأميركية التي قتل فيها أحد الإرهابيين في سوريا.

خلال فترة ترشحه للانتخابات الرئاسية، انتقد بايدن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بحدة وذلك لعدم تدخله بشكل أكبر لمنع تركيا من شن عملية عسكرية ضد القوات الكردية المتحالفة مع الولايات المتحدة في شمال شرقي سوريا. إلا أنه في الوقت الذي تستعد فيه تركيا لشن عملية عسكرية أخرى، لم ينبس ببنت شفة، وهذا ما ترك الدبلوماسية بيد روسيا وإيران خلال الاجتماع الذي عقد حول سوريا وشاركت فيه تركيا أيضاً خلال هذا الأسبوع، دون أن يكون للولايات المتحدة أي وجود أو ممثل على طاولة المناقشات.

وفي هذه الأثناء أخذت موسكو وطهران بتوسيع شراكتهما العسكرية التي سبق وأن بدأتاها في سوريا من أجل الحرب في أوكرانيا، إذ تستعين روسيا بالأسلحة التي جربتها على المدنيين السوريين لقتل المدنيين الأوكرانيين. كما أصبحت روسيا اليوم تشن هجماتها على حلفاء الولايات المتحدة في سوريا، أي على القوات المحلية التي ساعدت الجنود الأميركيين في محاربة تنظيم الدولة.

أميركا أصبحت في عداد المفقودين

يرى كثير من السوريين بأن إدارة بايدن باتت في عداد المفقودين، إذ خلال الجلسة التي عقدت في مجلس الأمن الدولي يوم 29 من حزيران، انتقد عمر الشغري الذي أمضى ثلاث سنوات سجيناً في أقبية الأسد، الولايات المتحدة لعدم وفائها بوعودها، وذلك عندما قال: "اكتفت حكومة الولايات المتحدة خلال الفترة الأخيرة بالتصريحات الخلبية دون اتخاذ أي إجراءات، بالرغم من أنه حري بكم أن تقودوا العالم الديمقراطي، لكني لم أعد أراكم على الساحة الدولية نهائياً".

كما انتقد الشغري قيادة الأردن لإغلاقها حدودها أمام اللاجئين السوريين، وكذلك دولة الإمارات لمساعدتها في الترحيب بعودة الأسد إلى حضن المجتمع الدبلوماسي، واستقباله في زيارة للدولة خلال شهر آذار الماضي، حيث قال: "ألا تحترمين يا دولة الإمارات ذلك الشعب الذي عانى طوال سنين؟ ألا تحترمين كل من قضوا تحت التعذيب في سوريا؟ ألا تحترمين كل أم فقدت أولادها؟ التطبيع مع الأسد جريمة... عيب عليكم!".

عقوبات بلا تنفيذ

ذكر أحد الناطقين الرسميين باسم مجلس الأمن القومي الأميركي بأن سوريا: "موضوع يطرح بشكل متكرر في الحوارات" التي تجريها الولايات المتحدة مع شركائها في منطقة الخليج، إلا أن الإدارة الأميركية "تشارك على الدوام بدبلوماسية هادئة بخصوص سوريا"، وأشار الناطق الرسمي إلى أن سوريا وردت في التصريحات الرسمية التي صدرت عقب الاجتماعات التي عقدها بايدن خلال الأسبوع الماضي مع قادة السعودية والأردن ومصر والعراق، وأضاف: "ما برحنا نطرح قضية سوريا مع شركائنا في الخليج لنقف ضد أي تحركات من شأنها شرعنة النظام السوري، كما أننا لم نرفع من جانبنا العقوبات المفروضة على سوريا".

صحيح أن إدارة بايدن لم ترفع أي عقوبة فرضتها على الأسد، إلا أن فريق بايدن لم ينفذ أي من تلك العقوبات المنصوص عليها في قانون قيصر الشهير، الذي ينص على فرض عقوبات على أية دولة أو شركة تمارس أي نشاط تجاري مع نظام الأسد، وذلك لأن الإدارة الأميركية تغض الطرف عن ذلك القانون في الوقت الذي يستفيد فيه الأسد من أرباح صفقة الغاز الجديدة التي أبرمت من أجل تلك المنطقة.

نضال ثم إذعان أميركي في مجلس الأمن

بيد أن المجال الوحيد الذي نشط فيه فريق بايدن من أجل سوريا تجلى في الأمم المتحدة، حيث حارب الوفد الأميركي لإبقاء الممر الإغاثي الإنساني الوحيد المتبقي مفتوحاً بما أنه يمد الملايين من السوريين الذين يعيشون خارج سيطرة النظام في محافظة إدلب بالمواد الغذائية الأساسية والأدوية، ولكن حتى هناك، أذعنت الولايات المتحدة للنسخة الروسية من القرار الذي ينص على تقليص الفترة الممنوحة لذلك الممر الإغاثي إلى ستة أشهر.

يرى مسؤولون في الإدارة الأميركية بأن إبقاء العنف في أدنى مستوياته نسبياً والتركيز على ملف الإغاثة والإرهاب هو أفضل ما يمكن للولايات المتحدة أن تتمناه من أجل سوريا. إلا أن مستويات العنف قد تبدو منخفضة فقط عندما يتغاضى المرء عن حقيقة قيام روسيا والأسد بتجويع ملايين الأبرياء عمداً وتعذيب الآلاف من المدنيين في السجون.

طالما بقيت الهيمنة بيد شركاء الأسد في موسكو وطهران على الدبلوماسية فمن المستحيل أن تصل سوريا لحالة سلام دائم، وبدون دفعة دبلوماسية جديدة تترأسها الولايات المتحدة، لابد وأن تستمر سوريا في تصدير اللاجئين والإرهاب والمخدرات وعدم الاستقرار، وهذا ما اعترف به مسؤولو بايدن قبل توليهم لمناصبهم.

إذ قال أنطوني بلينكين الذي أصبح اليوم وزيراً للخارجية الأميركية، قبل شهرين على انتخابات 2020: "لقد فشلنا في منع وقوع خسائر بشرية مأساوية وفي عدم تحويل ملايين الناس إلى لاجئين ونازحين داخلياً، لذا علينا أن نتعايش جميعاً مع ذلك... وتلك من الأمور التي نتعامل معها بجدية، وعندما نتولى المسؤولية، ستصبح تلك القضايا من الأمور التي لابد وأن نعمل عليها".

واليوم، بعدما تولى بايدن المسؤولية، لابد له من القيام بشيء حيال ذلك، وذلك لأن الولايات المتحدة لا يمكن أن تقود الشرق الأوسط إن تركت الأزمة السورية لتتفاقم إلى ما لانهاية، وإن تخلت عن الشعب السوري وتركته فريسة للمعاناة الأبدية.

 المصدر: واشنطن بوست