icon
التغطية الحية

واشنطن بوست: استراتيجية بايدن في سوريا باتت في عداد المفقودين

2021.07.30 | 14:30 دمشق

blaybla.jpg
ضحية يتم إخراجها من تحت الأنقاض التي سببها قصف مدفعي لقوات النظام على إبلين بشمال غرب سوريا
واشنطن بوست- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

بعد مرور ستة أشهر على تسلمه منصب الرئاسة، ما يزال الرئيس بايدن يحاول التوصل إلى ااستراتيجية جديدة لمعالجة النزاع المرعب الذي يعصف بسوريا، بعدما دخل سنته الحادية عشرة اليوم. ففي الوقت الذي تراوح فيه الحكومة الأميركية في مكانها، تتدهور الأوضاع على الأرض هناك ليستفيد منها كل من موسكو وطهران ونظام الأسد.

وكي نكون منصفين لا بد من القول بأن إدارة بايدن لم تتجاهل القضية السورية برمتها، إذ خلال الشهر الماضي سعى الرئيس الأميركي بنفسه لمنع روسيا من قطع آخر ممر للمساعدات الإنسانية يصل إلى إدلب التي يعيش فيها أكثر من 3 ملايين نازح، والذين لا بد أن يموتوا جوعاً في حال تم قطع ذلك الممر. وفي هذا الأسبوع أيضاً، أعلن وزير الخارجية الأميركي، أنطوني بلينكن عن فرض عقوبات جديدة على ثمانية سجون سيئة السمعة لدى رأس النظام بشار الأسد، والتي مارس فيها النظام التعذيب على الآلاف من المدنيين المحتجزين طيلة عقد كامل من الزمان، وما يزال مستمراً في ذلك حتى اللحظة.

استراتيجية غير كافية وروسيا تصعّد

إلا أنه بالنسبة للسوريين الذين بعثت فيهم وعود بايدن وبلينكن الأمل بإمكانية قيادة الولايات المتحدة للجهود الدولية الرامية لحماية المدنيين من جديد، وطرح حل سياسي فعلي للنزاع، تبدو تلك التحركات الأخيرة تسعى نحو غايات أخرى ناهيك عن كونها غير كافية لتحقيق تلك الآمال، وذلك لأن الوجود الأميركي في سوريا على الأرض بالكاد يمكن للمرء ملاحظته.

ومنذ أن تم حل مشكلة المساعدات الإنسانية في مجلس الأمن، زاد الجيشان السوري والروسي من عنفهما واعتداءاتهما على المدنيين في إدلب بحسب ما أورده رائد الصالح رئيس منظمة الدفاع المدني السوري والتي تعرف أيضاً باسم الخوذ البيضاء، حيث قال: "لقد قدمت الإدارة الأميركية ذلك وكأنه انتصار، إلا أن أحداً لم يركز على التصعيد الذي يمارسه نظام الأسد وروسيا حالياً... ثم إننا لا نعرف ماهية الاستراتيجية الأميركية الجديدة بالنسبة لسوريا، ولا نعتقد بأن سوريا على سلم أولويات الإدارة الأميركية أصلاً".

يذكر أن الغارات الجوية التي شنتها روسيا ونظام الأسد قد تسببت بمقتل ما لا يقل عن 21 طفلاً جنوبي إدلب خلال الأسبوعين الماضيين حسبما ذكره رائد الصالح، إلى جانب مقتل عنصرين من الخوذ البيضاء في غارتين متتابعتين استهدفتا أول من هرعوا لتقديم المساعدة. وفي تلك الأثناء، وتحديداً في مدينة درعا جنوبي سوريا والتي تعتبر مهد الثورة السورية، يقوم الأسد بفرض حصار وحشي هدفه تجويع المدنيين. فقد وافق أهالي درعا على اتفاقية هدنة مقابل تطمينات من قبل الروس بحمايتهم، إلا أن موسكو نكثت بوعودها.

سبق أن سمعنا من قبل العديد من المسؤولين في إدارة بايدن بأن الإدارة الأميركية تركز على الوضع الإنساني في سوريا وتراقب مدى انخفاض مستويات العنف وترى في ذلك ما يستحق السعي لإبقاء تلك المعدلات متدنية. ولدى فريق بايدن تفاؤل حذر من ظهور انفراج لقيام مفاوضات جديدة بين الولايات المتحدة وروسيا فيما يخص الملف السوري. إلا أن المسؤولين الأميركيين يعترفون بأن الاستراتيجية الدبلوماسية لم يتم إقرارها بعد، بانتظار نتائج مراجعة السياسة الداخلية التي ما تزال جارية حالياً.

وحول ذلك علق مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية قائلاً: "لم تتغير سياستنا تجاه نظام الأسد، إذ لدينا المخاوف ذاتها تجاه فقدان الشرعية هناك... ولكننا نعتقد بأن علينا أن نركز أولاً على تخفيف المعاناة الإنسانية.... ومن ثم التعامل مع شركائنا ومع الأمم المتحدة في السعي للخروج بحل سياسي، كما لدينا مراجعة للسياسة ما تزال تجري على قدم وساق بالنسبة لترتيب كل تلك الأمور".

سوريا ليست بأولوية بالنسبة للإدارة الأميركية

هذا ويتعين على بلينكن أيضاً أن يقوم بتعيين مبعوث خاص في سوريا، ويجب أن يكون هذا المبعوث دبلوماسياً رفيعاً حتى يقوم بإدارة هذا الملف وتفعيل الدور الدبلوماسي، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن سوريا ليست بأولوية بالنسبة للإدارة الأميركية بحسب ما ذكره معاذ مصطفى المدير التنفيذي لفريق عمل الطوارئ السوري وهي منظمة أميركية غير حكومية تقوم بدعم المعارضة السورية.

وفي حال نجح النظام باستعادة إدلب عبر ارتكاب جرائم حرب، فإن ذلك سيكون مدمراً ليس فقط بالنسبة للمدنيين، بل أيضاً بالنسبة للدافع الذي يحث الولايات المتحدة على التوصل إلى أي حل سياسي حسب وصف معاذ. إذ في حال سقوط إدلب، لن يعود لدى الأسد أي سبب للتفاوض، ما يعني ارتكاب مزيد من الجرائم، وانتشار مزيد من التطرف، وظهور مزيد من اللاجئين، ومزيد من التقلقل وانعدام الاستقرار، أي قيام نزاع لا تعرف له نهاية...

ويتابع معاذ تعليقه على الموضوع بقوله: "إدلب هي العقبة الأخيرة بالنسبة للنظام وإيران وروسيا أمام ضمان الانتصار العسكري الذي ينشدونه... وفي حال أعلنوا عن انتصارهم، عندها ستترسخ سوريا في الأذهان كدولة مثلها مثل كوريا الشمالية، ولكن في الشرق الأوسط".

وهنا يواجه فريق بايدن السؤال ذاته الذي سبق أن طُرح على من أتوا قبل بايدن من رؤساء وهو: ما هي الخيارات المتاحة، غير التدخل العسكري، والتي يمكن أن تغير حسابات موسكو والأسد بصورة فعلية؟ أهي المزيد من العقوبات التي تستهدف كل السوريين الذين تورطوا بجرائم حرب والشركات التي دعمتهم؟ ربما ذلك ناجع لكنه لا يكفي، لذا ينبغي على بايدن أن يعلن بأنه لا يمكن للأسد أن يعود لأحضان المجتمع الدولي أو أن ينعم بخيراته.

وحول ذلك يعلق ستيفن راب وهو سفير أميركي سابق عمل على ملف جرائم الحرب بقوله: "من الضروري عدم تطبيع العلاقات مع الأسد، كما يجب علينا أن نثني الدول الأخرى ونمنعها من القيام بذلك.. إذ لا ينبغي للأسد أن يجني ثمار النصر، ويجب أن نحافظ على موقفنا في هذا الاتجاه".

بيد أن هنالك أثماناً ومخاطر تترتب على أي تحرك في سوريا، لا بد أن إدارة الرئيس بايدن تنظر في أمرها مذ شرعت بمراجعتها للسياسة التي يبدو أنها لن تنتهي. لكن عدم القيام بأي إجراء يعتبر قراراً هو أيضاً، ويترتب عليه تكاليف ومخاطر كذلك، وذلك لأن الاكتفاء بالتمني ألا يسوء الوضع أكثر مما هو عليه لا يعتبر استراتيجية بأي شكل من الأشكال.

 المصدر: واشنطن بوست