icon
التغطية الحية

هيئة علماء فلسطين في إدلب.. هل يخدم خطاب تبني القضية الفلسطينية "تحرير الشام"؟

2022.05.25 | 06:48 دمشق

87.jpg
من إحدى الفعاليات التضامنية مع القضية الفلسطينية في إدلب
إدلب - خالد الخطيب
+A
حجم الخط
-A

يتصاعد تفاعل هيئة تحرير الشام في إدلب مع التطورات التي تشهدها الأراضي الفلسطينية بين الحين والآخر، ولم يعد التفاعل المفترض يقتصر على تنظيم حملات تضامن على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الشبكات المحلية وداخل الأوساط السلفية الموالية للهيئة بإدلب، إنما انتقلت الفعاليات إلى الأرض ليتم تنظيمها في الدانا وإدلب وأطمة وحارم وغيرها من المناطق على شكل مسيرات ووقفات تضامن ومعارض تعرف بالأقصى وبالقضية الفلسطينية بالعموم.

وهذه الأنشطة قد بدأت في إدلب منذ أيار من العام 2021 والذي نظمت فيه تحرير الشام وحكومة الإنقاذ التابعة لها "مهرجان الأقصى قضيتنا" وفي الشهر ذاته أصدرت الهيئة بياناً تعبر فيه عن تضامنها مع الفلسطينيين بعد اعتداءات الجيش الإسرائيلي على باحات المسجد الأقصى واستيلائه على منازل في القدس، ونظمت مؤسسة منارات الهدى عدة فعاليات، بعضها فعاليات أقيمت في المساجد، في العام ذاته تعرف بالقضية، كما تم تنظيم معرض في الاتجاه ذاته.

يتناقل أنصار تحرير الشام وقادتها كلمات ومواقف "بطولية" روتها بعض الشخصيات الإسلامية الفلسطينية وشخصيات في المقاومة، وينقسم القادة البارزين في تحرير الشام لقسمين مع كل موقف يصدر عن حركة حماس، بعضهم ينتقدها بخجل وآخرون يجدون لها المبررات في العلاقة مع إيران، ويعتبر رئيس المجلس الشرعي الشيخ عبد الرحيم عطون أبرز المنظرين في هذا الإطار، والموجه لخطاب تبني القضية.

ولعل زيارة الدكتور نواف التكروري رئيس هيئة علماء فلسطين إلى إدلب أواخر شهر نيسان الماضي كانت ملهمة لكثيرين من أنصار تحرير الشام، كما بدت كمناسبة للاحتفاء أكثر بالقضية الفلسطينية، وهذا يصب في طبيعة الحال في خدمة خطاب الهيئة المستجد والذي يحاول تبني القضية والاستثمار فيها على الصعيدين المحلي والخارجي.

يتداول قادة في تحرير الشام قصة للدكتور التكروري رواها في ندوته التي أقيمت في جامعة إدلب نهاية شهر نيسان الماضي، يقول ناصر الدين، أحد قادة تحرير الشام في تلغرام "لقاء الشيخ التكروري في جامعة إدلب كان لقاء طيبا جمع مجاهدي الشام مع مجاهدي فلسطين، وأكثر ما أعجبني القصة التي رواها الشيخ حول الرجل المسن الذي جاءه المستوطنون لشراء أرضه منه، فقدروا أن ثمن تلك الأرض ٥٠٠ ألف دولار فما زال الرجل المسن يرفض ويزيدون بالسعر حتى قالوا له ندفع لك مقابل أرضك ١٠ مليون دولار وكان الجواب الرفض القاطع".

يضيف ناصر الدين "فقال لا أعطيكم هذه الأرض إلا إذا جمعتم تواقيع المسلمين جميعاً أنهم موافقون على التنازل عن هذه الأرض، لأن هذه الأرض ليست ملكي وإنما هي ملك للمسلمين جميعاً فقد تحررت بدمائهم ودماء أجدادهم، حينذاك أدرك المستوطنون أنهم أمام شعب صابر لا يقهر، ثابت بأرضه ثبات جذور الزيتون التي فيها، فكانت تلك القصة ردا مفحما لأولئك الحمقى الذين يدّعون أن الفلسطينيين باعوا أرضهم".

افتتاح مكتب هيئة علماء فلسطين في إدلب

في نيسان الماضي افتتح مكتب هيئة علماء فلسطين في إدلب وبشكل غير معلن، وجرى الافتتاح في أثناء زيارة رئيس الهيئة الدكتور التكروري الذي التقى عدداً من اللاجئين الفلسطينيين في إدلب، وهم من المهجرين من جنوب دمشق ومناطق أخرى، وظهر في صور قليلة برفقة الرجل الثاني في الهيئة الشيخ عبد الرحيم عطون، وزار التكروري برفقة قادة في تحرير الشام والإنقاذ مشفى إدلب الجامعي الذي تفخر الأخيرة ببنائه.

وشهدت جامعة إدلب ندوة علمية للدكتور التكروري بعنوان "الأقصى وواجب الأمة"، وقال الإعلام الرديف في تحرير الشام إن "رئيس هيئة علماء فلسطين الشيخ نواف التكروري مع رئيس المجلس الشرعي في هيئة تحرير الشام الشيخ عبد الرحيم عطون تجولوا بين أهلهم وإخوانهم في إدلب وزاروا مساجدها بارك الله بإدلب ورجالاتها الأوفياء".

الباحث في الجماعات الإسلامية جمعة محمد لهيب يرى أن افتتاح مكتب يمثل هيئة عملاء فلسطين في إدلب يأتي كضرورة من أجل تنظيم الصف الفلسطيني في الداخل المحرر، فالمنطقة تضم عدداً كبيراً من الفلسطينيين السوريين الذين هجروا من مناطق جنوب دمشق، إضافة إلى وجود إرادة لدى هيئة علماء فلسطين في الخارج. والعاملان كانا سبباً في السعي إلى فتح فرع لهيئة علماء فلسطين في إدلب، بحسب لهيب.

يضيف لهيب خلال حديثه لموقع "تلفزيون سوريا" أن "افتتاح المكتب لم يكن بطلب من هيئة تحرير الشام بل كان بالتوافق والتنسيق مع الفلسطينيين المهجرين في إدلب، وقد تمت دعوة الدكتور نواف من قبل طلابه وإخوانه الفلسطينيين في إدلب، وليس من قبل هيئة تحرير الشام وألقى الدكتور محاضرات في عدة جامعات مثل جامعة باشاك شهير وجامعة المعالي وبالضرورة جامعة إدلب، ولم يلتق مع قيادات تحرير الشام بل التقى أساتذة في جامعة إدلب".

أضاف لهيب "استغلت تحرير الشام هذه الزيارة لتضعها في غير سياقها ولا هدفها المقصود، وبالتالي فالزيارة كانت فلسطينية بالدرجة الأولى، وما فعلته تحرير الشام محاولة كسب نقاط مجانية، فهيئة علماء فلسطين تحاول عدم الدخول في الحالة الفصائلية السورية، وبالتالي لم يكن باستطاعة الدكتور نواف منع استغلال زيارته سياسيا، فمن جهة لا تسعى هيئة علماء فلسطين إلى الالتحام مع تحرير الشام لأنها تخالف توجهاتها، ومن جهة أخرى لم يجد رئيس الهيئة الدكتور التكروري من المصلحة أن يقف الفلسطينيون الموجودون بمناطق نفوذ تحرير الشام بموقف عدائي معها، وكان التزام الصمت من قبل هيئة علماء فلسطين لاستغلال تحرير الشام للزيارة".

وأشار لهيب إلى أن "تحرير الشام منذ انطلاقها كجبهة النصرة تحاول الاستثمار في القضية الفلسطينية، وخطاب الجولاني الأول أنه يسعى للانطلاق من سوريا إلى فلسطين، كون فلسطين قضية الشرق الأوسط الأولى وقضية الأمة الإسلامية العامة وبوصلة جميع القوميين والإسلاميين في بلادنا".

يضيف لهيب " تحرير الشام تحاول تقديم نفسها محلياً وخارجياً على أنها التوجه الوطني والحداثوي للقاعدة، وتقدم نفسها كضابط إيقاع للسلفية الجهادية في سوريا ابتداء والعالم عموما، وبالتالي هي حالة فريدة وجديدة لا تشبه الحالة الفصائلية الفلسطينية، ففلسطين كانت وستبقى القضية التي تتبناها كل الجماعات الإسلامية بسبب عمقها في الوجدان العربي والإسلامي، ولعلها القضية الوحيدة التي ما زلت تجمع كل التوجهات المتناقضة في منطقتنا القومية منها والإسلامية السنية والشيعية، وبالتالي تبَنّي القضية الفلسطينية من قبل هيئة تحرير الشام يأتي من هذا الباب".

في 22 من نيسان الماضي شاركت إدارة المنطقة الشمالية التابعة لحكومة الإنقاذ بمسيرة ليلية من تنظيم هيئة فلسطين لنصرة الأقصى ودعم المرابطين، وذلك في مدينة الدانا شمال إدلب، وفي 17 من نيسان نظمت مظاهرة في مدينة إدلب تضامناً مع الفلسطينيين في القدس ودعمًا لثباتهم وصمودهم في وجه الاحتلال الإسرائيلي، وتقديرا لدفاعهم عن ‎المسجد الأقصى المبارك، وذلك بحسب التعريف الذي تداوله منظمو المظاهرة.

يرى الباحث في الشأن السوري محمد السكري أن تحرير الشام لا تفوت من يدها الأوراق التي قد تستطيع من خلالها بناء قاعدة شعبية على مستوى منطقة إدلب، فالقضية الفلسطينية وفق السكري كانت ورقة جذابة بالنسبة لمعظم الأنظمة الاستبدادية في المنطقة حيث استطاع النظام السوري الاستثمار بها في إطار السلطة لمدة عقود ولا سيما فترة 1973 -1979 أي بعد حرب تشرين، كذلك بالنسبة للتيارات والأحزاب في المنطقة العربية، وقوى أمر الواقع في صراعات مختلفة وربما كان أبرز من استثمر في القضية الفلسطينية هي القوات الإيرانية.

يضيف السكري خلال حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، " واضح أن تحرير الشام تعيد استنساخ تجربة النظام ذاته، فبعد الاستثمار بالدين على مدار السنوات الماضية، تركز على القضايا العربية التي تساعد على بناء حوامل ليس فقط على المستوى الشعبي وإنما على المستوى الإقليمي، حيث تأمل الهيئة أن تعيد القبول بها لبعض الشرائح".