icon
التغطية الحية

هولندا.. نظام الأسد وافق على محادثات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان

2021.03.14 | 15:43 دمشق

40172031075_a48dda6342_oliggend.jpg
وزير الخارجية الهولندي ستيف بلوك
هولندا - أحمد محمود
+A
حجم الخط
-A

أعلنت هولندا أن نظام الأسد وافق على الدخول في "محادثات" معها للتحدث بشأن انتهاكاته لحقوق الإنسان في سوريا على مدار العشرة أعوام الماضية من عمر الثورة السورية، مهددة باللجوء إلى محكمة "العدل" الدولية إذا فشلت المحادثات بتحقيق العدالة للضحايا.

وجاء ذلك رداً على طلب هولندا العام الماضي من نظام بشار الأسد تحمل المسؤولية عن انتهاكاته لحقوق الإنسان في سوريا.

وقال وزير الخارجية الهولندي ستيف بلوك في بيان صحفي نُشر على موقع الحكومة الهولندية "من الجيد أن الحكومة السورية تريد الدخول في هذه المحادثات".

وسيجلس كلا البلدين الآن حول الطاولة بسرية حيث سيتم تقديم الشكوى ويمكن للنظام الرد، ويقول بلوك إن "مثل هذه المحادثات يمكن أن تستغرق أكثر من عام (..) إنه أمر معقد".

وبحسب البيان الصحفي فإنه يتم العمل على تفاصيل كيف وأين ومتى ستعقد المحادثات بين الطرفين.

وفي بداية هذا الشهر تم الإعلان عن انضمام كندا إلى الإجراءات القانونية مع هولندا لمحاسبة النظام، ويقول الوزير الهولندي إن "هذا التكاتف يجعلنا أقوى.. هذه خطوات مفعمة بالأمل وهامة في طريقنا إلى العدالة ووقف الإفلات من العقاب".

ووفقاً للبيان سيلتزم البلدان بوضع حد للجرائم اليومية والتي ما زالت تحدث في سوريا إضافة إلى تحقيق العدالة للضحايا السوريين من انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة ومحاسبة مرتكبيها.

وهدد البيان بأنه إذا لم تؤد المحادثات إلى تحقيق العدالة للضحايا فلن تتردد هولندا وكندا في اللجوء إلى محكمة العدل الدولية.

وفي السنوات الأخيرة، عملت هولندا بشكل جاد من أجل العدالة الدولية ومكافحة الإفلات من العقاب، كما أنها جمعت الكثير من الأدلة على انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا.

وقال وزير الخارجية الهولندي إن "الشهادات عن الجرائم الفظيعة محفورة الآن في ذاكرتنا الجماعية".

وسيلقي وزير الخارجية الهولندي كلمة لهذا الغرض يوم الإثنين خلال خطاب أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

ويأتي ذلك بالتزامن مع الذكرى العاشرة للثورة السورية ضد نظام الأسد والتي قتل فيها مئات الآلاف من الأشخاص منذ ذلك الحين، وفر على إثرها أكثر من 11 مليون سوري بين نازح ولاجئ.

 

أدلة دامغة

المحامي السوري والناشط في مجال حقوق الإنسان ميشيل شماس قال لموقع تلفزيون سوريا إن "هولندا ملزمة بطلب إجراء محادثات مع الحكومة السورية استناداً إلى نصوص اتفاقية مناهضة التعذيب ولا سيما المادة 21 منها التي تفرض على الدولة الشاكية أن تلفت نظر الدولة المخالفة لهذا الأمر برسالة خطية وعلى الدولة المخالفة أن تجيب عن الرسالة وأن تدخل في مفاوضات لتسوية الخلاف بين الدولتين"، مضيفاً بأنه "إذا رفضت الدولة المخالفة الإجابة أو الدخول في مفاوضات أو كانت إجابتها غير مرضية أو مقنعة يحق للدولة الشاكية إحالة الأمر إلى التحكيم الدولي وإذا فشل التحكيم الدولي يحق للدولة الشاكية التقدم بدعوى قضائية ضد حكومة الدولة المخالفة أمام محكمة العدل الدولية".

وأشار شماس إلى أن "الحكومة الهولندية لا تستطيع اللجوء إلى محكمة العدل الدولية مباشرة من دون اتباع تلك الخطوات أولا".

وعن فرص هولندا في النجاح في مساعيها، أكد عضو في "لجنة الدفاع عن معتقلي الرأي والضمير" أن "هولندا تستطيع كسب القضية في محكمة العدل الدولية بالنظر إلى الأدلة الدامغة والكثيرة لحدوث تعذيب وقتل تحت التعذيب في مراكز الاحتجاز التابعة للحكومة السورية".

 

صدام مع "الفيتو"

وأشار شماس إلى أنه "كما هو متوقع سترفض الحكومة السورية الاتهامات الموجهة إليها بمخالفة اتفاقيات مناهضة التعذيب وستنكر حدوث عمليات تعذيب وقتل تحت التعذيب في السجون ومراكز الاحتجاز"، لافتاً إلى أنه "هنا ستضطر الحكومة الهولندية إلى رفع دعوى أمام محكمة العدل الدولية، وبالنظر إلى الأدلة المتوافرة والكثيرة على حدوث عمليات تعذيب وقتل في مراكز الاعتقال التابعة للحكومة السورية سيكون من السهل على محكمة العدل الدولية إصدار حكم يلزم الحكومة السورية بمنع عمليات التعذيب ودفع تعويضات للحكومة الهولندية".

وتابع شماس بأنه "إذا رفضت الحكومة السورية تنفيذ حكم المحكمة الدولية كما هو متوقع، فيمكن للحكومة الهولندية اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي لمعاقبة الحكومة وإرغامها على تنفيذ حكم محكمة العدل الدولية لكن اللجوء إلى مجلس الأمن سيصطدم مجدداً بالفيتو الروسي والصيني الذي سيمنع اتخاذ أي قرار يدين الحكومة السورية".

 وأشار المحامي السوري إلى أن "محكمة العدل الدولية تحاكم دولاً وحكومات لا أفراداً، ولذا فهي لا تصدر أحكاماً بالسجن"، مشيراً إلى أنه "مع ذلك تبقى الخطوة الهولندية جيدة وهي تزيد من حالة الضغط على نظام الأسد وتحاصره".

 

تقصير من السوريين

 أعرب الناشط في حقوق الإنسان عن أمله أن "نرى الكثير من هذه الخطوات كما هو الحال مع الخطوة الكندية التي لجأت هي الأخرى إلى مساءلة الحكومة السورية على أعمال التعذيب والانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان التي تمارسها".

و عن رأيه بأسباب عدم تعاون الدول الأوروبية فيما بينها لمحاسبة نظام الأسد قال شماس "لا أستطيع الإجابة عنهما، ولكن يمكن القول هنا إننا نحن السوريين الموجودين في أوروبا قد قصرنا في حث الدول الأوروبية على فعل ذلك، وللأسف لا نستطيع لوم الأوروبيين على عدم تنسيق تحركهم إذا كنا نحن أصحاب القضية عاجزين عن التنسيق فيما بيننا".

والعام الماضي، قدمت هولندا مذكرة لنظام بشار الأسد، تدعوه فيها لأداء مسؤولياته الدولية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، مثل عمليات التعذيب واستخدام الأسلحة الكيمياوية في سوريا، وتم تقديم مذكرة إلى البعثة السورية لدى الأمم المتحدة، تدعو فيها النظام إلى محادثات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها في البلاد، وأكد مجلس النواب الهولندي في بيان حينذاك أن النظام خرق اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب لعام 1984، من خلال انتهاكات حقوق الإنسان ضد مواطنيه منذ العام 2011.

ودعا البيان النظام لقبول مسؤوليته عن تلك الانتهاكات، وتعويض الضحايا عن الأضرار التي ألحقها بهم، كما طلب من النظام إعطاء ضمانات لهولندا لوقف عمليات التعذيب وباقي انتهاكات حقوق الإنسان وعدم تكرارها.

واستشهدت هولندا في دعواها على تعهد سوريا باحترام اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب التي صدقت عليها دمشق في 2004.

وقررت هولندا اتخاذ تلك الخطوة بعد أن عرقلت روسيا مساعي عدة في مجلس الأمن الدولي لإحالة انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية التي تحاكم الأفراد المتهمين بارتكاب جرائم حرب ومقرها لاهاي أيضاً.

وكانت وزارة الخارجية والمغتربين التابعة للنظام قالت إن الحكومة الهولندية تستخدم محكمة العدل الدولية لخدمة الأجندات الأميركية، معتبرة أن حكومة هولندا هي آخر من يحق لها الحديث عن حقوق الإنسان ومعاناة المدنيين في سوريا.

كما اعتبرت خارجية النظام أن "الموقف الهولندي ما هو إلا مناورة للتمويه على فضائح هذا النظام ومحاولة يائسة بائسة للحصول عبر هذا الإجراء على ما لم تستطع هولندا الحصول عليه عبر دعمها للتنظيمات الإرهابية في سوريا".