icon
التغطية الحية

هل يمكن لمنظومات الدفاع الجوية الإيرانية أن تحمي وجودها بسوريا؟

2020.07.12 | 11:59 دمشق

iranian-soldiers-preparing-to-launch-hawk-surface-to-air-missiles-during-training.jpg
ضياء قدور - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

أعلنت مصادر إعلامية مقربة من النظام في سوريا، يوم الأربعاء الفائت، عن توقيع اتفاقية شاملة للتعاون العسكري بين إيران وسوريا، تهدف إلى تعزيز التعاون العسكري والأمني في مجالات عمل القوات المسلحة ومواصلة التنسيق، حسب ما جاء على لسان وزير الدفاع في حكومة النظام علي أيوب.

وتحدث رئيس أركان الجيش الإيراني اللواء محمد باقري، بأن إيران ستقوم بـ "تقوية أنظمة الدفاع الجوي السورية في إطار توطيد العلاقات العسكرية بين البلدين".

وهذه ليست اتفاقية التعاون العسكري الأولى التي يتم توقيعها بين النظامين في سوريا وإيران، ففي 21 تشرين الأول 2017 وقع محمد باقري خلال زيارته إلى سوريا مذكرة لتطوير التعاون العسكري، وفي آب 2018، أعلنت إيران أيضاً عن توقيع اتفاقية تعاون عسكري مع نظام الأسد، تهدف لتعزيز البنى التحتية الدفاعية في سوريا.

لكن ما يميز هذه الاتفاقية الشاملة بين النظام وحليفه الإيراني أنها تأتي في ظل ظروف ومتغيرات عديدة فرضت نفسها على الساحة، أهمها تكثيف سياسة الضغط الأميركية القصوى ضد كلا النظامين (تشديد العقوبات الأميركية ضد إيران، ودخول قانون قيصر حيز التنفيذ)، وتكثيف إسرائيل لضرباتها الجوية ضد الأهداف الإيرانية في سياق استراتيجية تهدف إلى طرد إيران نهائياً من سوريا.

صحيح أن جدول الاستهدافات الاسرائيلية للأهداف الإيرانية في سوريا يشير إلى أن الغارة الإسرائيلية الأولى جاءت في 30 يناير/كانون الثاني 2013، إذ قصف الطيران الإسرائيلي موقعاً لصواريخ أرض- جو قرب دمشق؛ لكن المعطيات الأخيرة تشير إلى أن إسرائيل كثفت في العامين الماضيين ضرباتها ضد الأهداف الإيرانية في سوريا، وذلك في ظل عجز واضح من جانب النظام الإيراني وحليفه الأسد، الذي مُنع من قبل الجانب الروسي من استخدام أنظمة الدفاع الجوية الروسية (s300،s400)، والتي وضعت تحت تصرف الروس بشكل مباشر.

لذلك تأتي هذه الاتفاقية العسكرية الشاملة، التي ترافق نشر أخبارها مع صورة ضابطين عسكريين رفيعي المستوى يرتديان بزتهما العسكرية الرسمية، لتضفي صفة الشرعية على نشر إيران لأنظمة دفاع جوي في سوريا، وتركز حصراً على موضوع الدفاع الجوي الذي يبدو أنه آلم الإيرانيين وأزعجهم بشدة بعد استباحة الإسرائيليين للأجواء السورية.

لكن هل ستساهم أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية في حال نشرها في حماية الوجود الإيراني في سوريا؟ وهل ستساهم الخبرات الإيرانية بتقوية أنظمة الدفاع الجوي لدى النظام، وتعزيز البنى التحتية الدفاعية في سوريا؟!



ضحايا نظام الدفاع الجوي الإيراني

إن تاريخ الخبرات الإيرانية في مجال الدفاع الجوي ليس شأناً يمكن أن يفتخر به القادة العسكريون الإيرانيون، أو أن يتباهوا بتقديمه لجيوش الدول الأخرى، ذلك أنه تاريخ وسجل حافل بالأخطاء الفادحة التي أودت بحياة العديد من المدنيين والعسكريين على حد سواء.

وتاريخ الأخطاء الفادحة في مجال الدفاع الجوي الإيراني يعود للأشهر الأولى من الحرب العراقية الإيرانية، حيث تسبب عدم التنسيق بين القوات العسكرية ووحدات العمليات، والقصور التنظيمي الناجم عن عزل القادة ذوي الخبرات بعد ثورة عام 1979، وعدم استخدام أكواد تحديد الصديق من العدو (IFF) في الطائرات العسكرية، إلى سقوط العديد من الطائرات والحوامات التابعة للقوات الجوية الإيرانية على يد مضادات الطيران الصديقة مثل مدافع ال 23 و 35 ملم، وصواريخ أرض - جو المعروفة بهاك (Hawk) والصواريخ المحولة على الكتف، وحتى على يد صواريخ جو - جو المنطلقة من الطائرات الإيرانية الصديقة.

وفي الحقيقة، أسقطت قوات الدفاع الجوي الإيراني خلال الحرب العراقية الإيرانية أكثر من تسع طائرات إيرانية صديقة جميعهم كانوا من الطائرات المقاتلة والاعتراضية، ومن بينها يمكن الإشارة لحادثة إسقاط طائرة نوع (F-4E Phantom II) في 24 سبتمبر 1980، وحادثة إسقاط طائرة أخرى من نفس النوع كانت بمهمة جوية فوق محافظة غيلان في 15 اكتوبر من نفس العام على يد صاروخ إيراني محمول على الكتف نوع سهند 3.
إحدى الحالات الشهيرة الأخرى هي حادثة إسقاط طائرة إيرانية من نوع (C-130H) تابعة للقوات الجوية الإيرانية، والتي كان يقودها العقيد الطيار نصرت الله أقايي ناقلاً الجرحى من مدينة ماهشهر إلى كرمنشاه في 7 يناير/كانون الثاني 1981، حيث قتل في هذه الحادثة جميع طاقم الطائرة، بما في ذلك الطيار.

وفي 7 فبراير/شباط 1987، أسقط مدفع إيراني مضاد للطائرات من نوع أورليكان 35 ملم، طائرة نوع فالكن 20 تستخدم للخدمات الإسعافية، لاشتباهه بأنها طائرة عراقية نوع ميراج اف 1، حيث قتل في هذه الحادثة كل من الكابتن أسد الله فرهمند فر، والعقيد محمود يار برور.

وحتى بعد انتهاء حرب الثماني سنوات، كان من المتوقع أن تكتسب القوات الجوية الإيرانية مزيداً من الخبرات بعد كل هذه الأخطاء الفادحة، لكن هذه القوات واصلت إطلاق صواريخ أرض - جو نحو الأهداف الصديقة، وفي بعض الحالات انتهت بإسقاطها. ففي 26 يناير 2012، أسقطت منظومة دفاع جوي إيرانية بالخطأ مقاتلة إيرانية من نوع (اف 14 إي توم كات)، مما أدى لانفجارها في السماء ومقتل طياريها. وفي أحدث حالة أسقطت منظومة تور إم 1 الإيرانية طائرة الركاب الأوكرانية في 8 يناير 2020، مما أدى لمقتل جميع ركاب الطائرة البالغ عددهم 176 راكباً.

إن تعدد وتكرار هذه الأخطاء الدفاعية الفادحة يشير إلى أن هناك خطأ منهجياً في نظام الدفاع الجوي الإيراني، وشبكة قيادة القوات المسلحة الإيرانية بشكل عام، مما يعني أن هذا النظام يعاني من ضعف في القيادة والتنسيق، والتقنيات التكنولوجية، خاصة منظومة تحديد العدو من الصديق.

ووفقاً لذلك ونظراً للتفوق الجوي الواضح للطيران الإسرائيلي، يؤكد خبراء التسليح في عشرات التقارير الصادرة عن مراكز الأبحاث أن أنظمة الدفاع الجوية الإيرانية لن تساهم في حماية الوجود الإيراني في سوريا، ومن غير المستبعد أن نشهد خطأ إيرانياً باستهداف طائرة روسية، نتيجة القصور في المنظومات الإيرانية في تحديد العدو من الصديق.