هل ردّت إسرائيل على إيران بالنيابة عن أمريكا؟

شنّت إسرائيل في الساعات الأولى من يوم الإثنين الماضي واحدة من أوسع حملاتها الجويّة والصاروخية ضد مواقع وأهداف متنوّعة داخل الأراضي السورية. وشاركت في هذه العملية مقاتلات إسرائيلية أطلقت صواريخها من داخل الأجواء اللبنانية بالإضافة إلى البحرية الإسرائيلية. وعلى الرغم من أنّ صورة المواقع المستهدفة والغاية من استهدافها ليست واحة تماماً حتى لحظة كتابة المقال، إلاّ أنّ التقارير الأوّلية أشارت إلى استهداف عدد كبير من المواقع في محيط دمشق وحمص.

من بين الأهداف التي تمت الإشارة إليها عشر قواعد على الأقل لحزب الله اللبناني بما فيها مجمّعات تستخدم من قبل الحرس الثوري الإيراني جنوب دمشق، ومركز الأبحاث الاستراتيجية شمال غرب دمشق، ومنشأة لحزب الله قرب الحدود السورية-اللبنانية ويعتقد أنّها عبارة عن مستودعات لتخزين الأسلحة. وعلى جبهة حمص، تم قصف مركز أبحاث وقاعدة جوّية جنوب المدينة يتم استخدامها من قبل قوات الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني.

وسائل إعلام نظام الأسد أشارت إلى أنّها تصدّت للهجمات، لكن أحداً لم يشر إلى إصابة أي من المقاتلات الإسرائيلية أو إيقاف أي من الصواريخ التي ضربت أهدافها داخل الأراضي السورية. علاوةً على ذلك، فقد سقط حطام في شمال جزيرة قبرص -أي الجزء التركي من الجزيرة- يُعتقد أنّه من بقايا صاروخ (اس-٢٠٠) أو (اس-٣٠٠) التابع لنظام الأسد بعد أن فشل في اعتراض الصواريخ الإسرائيلية على ما يبدو. 

التقييم الأوّلي يشير إلى أنّ غالبية الأهداف هي ذات أهمّية بالنسبة إلى النظام الإيراني وحزب الله

التقييم الأوّلي يشير إلى أنّ غالبية الأهداف هي ذات أهمّية بالنسبة إلى النظام الإيراني وحزب الله. وبالرغم من أنّ مثل هذه الحملات الإسرائيلية لضرب أهداف تابعة للحرس الثوري داخل الأراضي السورية ليست جديدة، حيث شنّت إسرائيل ما يزيد عن ألف غارة وفق تصريحات بعض مسؤوليها، إلاّ أنّ توقيتها واتّساع نطاقها مثير جداً للاهتمام. الهجمات الإسرائيلية هذه تأتي بعد بضعة أيام فقط على الاجتماع الثلاثي الذي عقد في القدس بين مسؤولي الأمن القومي في كل من الولايات المتّحدة وروسيا وإسرائيل، بهدف بحث سبل تقليص النفوذ الإيراني في سوريا. 

خلال الاجتماع أكّد رئيس الوزراء الإسرائيلي أنّ بلاده ستواصل جهودها لمنع إيران من اتخاذ سوريا كقاعدة اقليمية لانطلاق عملياتها، كما شكر الجانب الروسي على إيجاد آلية لمنع الاشتباك أو التصادم غير المقصود بين تل أبيب وموسكو، وهي الآلية التي تتيح لإسرائيل شن ضربات داخل العمق السوري دون تهديد أمن القوات الروسية أو المواقع الروسية. خلال الاجتماع، كان هناك إشارة إلى ضرورة خروج كل القوات الأجنبية من سوريا. لكن كثيرين عبّروا عن تشاؤمهم بشأن إمكانية خروج الاجتماع بشيء محدد إزاء إيران.

لذلك، فأن تأتي هذه الغارات الإسرائيلية الموسّعة ضد أهداف إيرانية داخل الأراضي السورية بعد هذا الاجتماع لهو أمر جدير بالاهتمام من دون شك. علاوةً على ذلك، من المحتمل أيضاً أن تكون الهجمات الإسرائيلية هذه بمثابة رد أمريكي غير مباشر على إسقاط الحرس الثوري الإيراني الشهر الماضي واحدة من أغلى الطائرات الأمريكية من دون طيّار بالقرب من مضيق هرمز الاستراتيجي. صحيح أنّ الرئيس الأمريكي ترامب كان قد أعلن بأنّه ألغى ضربة محدودة ضد عدد من الأهداف العسكرية داخل الأراضي الإيرانية كانت مقررة بعيد إسقاط الطائرة من دون طيّار، إلاّ أنّ عدداً من مسؤولي إدارته كانوا قد صرّحوا بأنّه من الخطأ تماماً أن يفهم الجانب الايراني أنّ ضبط النفس هو علامة ضعف. من هذا المنطلق، ليس من المستبعد أيضاً من قائمة الاحتمالات أن تكون الغارات الإسرائيلية رسالة من الجانب الأمريكي ردّاً على إسقاط إيران للطائرة الأمريكية من دون طيّار، وقد تمّ اختيار المسرح السوري لها لحرمان طهران من ذريعة الرد المباشر.

معرفة المزيد من التفاصيل عن الهجوم وعن المواقع المستهدفة وعن الضحايا قد يساعد كذلك على فهم الموضوع بشكل أكثر دقّة، وعما إذا كان يدخل في سياق السيناريو الأوّل، وأنّ روسيا ستستمر في سياساتها القاضية بتجاهل الضربات الجوية الإسرائيلية الموجّهة لإيران وللنظام السوري داخل الأراضي السورية، أم أنّه يدخل في نطاق السيناريو الثاني كرسالة أمريكية. في كلتا الحالتين، ما تزال إسرائيل على ما يبدو الطرف الأكثر التزاماً بتقويض النفوذ الإيراني في سوريا، أو على الأقل، ذلك الجزء من النفوذ الايراني الذي قد يستخدم ضدّها لاحقاً. 

هل ردّت إسرائيل على إيران بالنيابة عن أمريكا؟