icon
التغطية الحية

هل تشهد الدورة السادسة من مباحثات اللجنة الدستورية السورية اختراقاً نوعياً؟

2021.10.19 | 14:29 دمشق

اللجنة الدستورية السورية (انترنت)
غازي عنتاب – عبد الوهاب عاصي
+A
حجم الخط
-A

بعد سنتين من انطلاق أعمال اللجنة الدستورية توصّلت الهيئة المصغّرة في اجتماع الدورة السادسة، في جنيف، إلى اتفاق على جدول أعمال يُناقش 4 عناوين لمضامين دستورية خلال الجلسة الأولى.

وانطلقت أعمال الدورة السادسة في 18 تشرين الأول وتستمر حتى 22 من الشهر نفسه، وخلال اجتماع تمهيدي سبق انعقاد الجسلة الأولى من المباحثات أجرى الرئيسان المشتركان للجنة الدستورية اجتماعاً مشتركاً وجهاً لوجه ضمّ المبعوث الأممي غير بيدرسون، وذلك للمرّة الأولى منذ انطلاق أعمال اللجنة الدستورية في 30 تشرين الأول 2019.

وقال مصدر خاص لـ تلفزيون سوريا إنّ العناوين التي تم الاتفاق عليها هي الجيش والأمن والاستخبارات، وهو بند قدمه وفد المعارضة، إلى جانب بند سيادة القانون، الذي تم تقديمه من قبل أعضاء من وفد المجتمع المدني المقرّبين من وفد المعارضة، بينما طرح وفد نظام الأسد ومعه أعضاء من وفد المجتمع المدني المقرّبين منه بندين للنقاش وهما سيادة الدولة والإرهاب والتطرّف.

خطوة متقدمة لا اختراق

والاتفاق على جدول أعمال لمناقشة المضامين الدستورية يُعتبر خطوة متقدّمة في مسار مباحثات اللجنة الدستورية مقارنة مع الجولات السابقة التي عقدتها الهيئة المصغّرة؛ بعدما تعثّرت وساطة الأمم المتحدة في التوصّل لاتفاق على جدول أعمال بين الوفود المشاركة خلال الجولات السابقة، التي وصفها المبعوث الخاص غير بيدرسون بـ "المخيبة للآمال" خلال إحاطة قدمها لمجلس الأمن بعد انتهاء الدورة الخامسة في 29 كانون الثاني 2021.

ومنذ اجتماع الدورة الثانية في 25 تشرين الثاني 2019 أصرّ وفد نظام الأسد على مناقشة المبادئ الأساسية قبل الانخراط في تناول المضامين الدستورية، ولدى الاتفاق في الدورة الخامسة على جدول أعمال يُتضمن تقديم كل وفد لمبادئ دستورية، اشترط وفد النظام  الإعداد للصياغة قبل الخوض بهذه الأخيرة؛ بمعنى استكشاف نقاط التوافق والخلاف قبل التوصّل إلى صياغات نهائية.

ومع ذلك، قدّم وفد المعارضة السورية والمجتمع المدني ما يُقارب 35 صياغة لمبادئ دستورية، بينما اقترح وفد النظام وثيقة تحت عنوان "عناصر أساسية في سياق الإعداد للمبادئ الدستورية"، تضمّنت مواقف سياسية قالت المعارضة عنها بأنّها لا تصلح لأن تكون مبادئ أو مضامين دستورية، فيما يبدو أنّ النظام كان يعمد إلى هدر الوقت وعدم تحقيق أي تقدّم في المباحثات.

لذلك، فإنّ الاتفاق في جدول أعمال الدورة السادسة على 4 عناوين لمضامين دستورية لا يعني تحقيق اختراق في مباحثات اللجنة الدستورية إنّما مجرّد تقدّم بطيء؛ فنظام الأسد قد يعمد مرّة أخرى إلى هدر الوقت أو الإصرار على تمرير الصياغة التي تتناسب مع سياساته.

وقد يستدعي البنود التي قدّمها في وثيقة "اللاورقة" خلال الدورة الأولى وفي وثيقة "الركائز الوطنية" خلال الدورة الثانية لتفسير بند الإرهاب؛ حيث تضمّنت الأولى "استكمال محاربة تنظيم داعش وجبهة النصرة والتنظيمات المسلّحة في سوريا، وتكريس مبدأ مكافحة الإرهاب نصّاً وروحاً في مشروع الإصلاح الدستوري، وتطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة بمكافحة الإرهاب خاصة ذات الرقم 1373 و2170 و2178 و2199 و2253، والالتزام التام وغير المشروط بعدم دعم الإرهاب". بينما تطرّقت الثانية إلى "اعتبار كل من حمل السلاح خارج سلطة الدولة السورية إرهابياً".

الإصلاح الدستوري

خلال الجلسة الأولى من مباحثات الدورة السادسة قدّم المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون تصريحاً صحفياً قال فيه إنّ الرئيسين المشتركين عن وفد النظام والمعارضة اتفقا على البدء بعملية صياغة مستودة الإصلاح الدستوري.

واستخدام مصطلح "الإصلاح الدستوري" ليس جديداً في مفردات المبعوث الأممي الخاص، الذي سبق وتناوله منذ الإحاطة التي قدّمها لمجلس الأمن الدولي في 19 آب 2020؛ حينما أكّد على ضرورة "إعداد وصياغة إصلاح دستوري يُطرح للموافقة الشعبية كإسهام في التسوية السياسية في سوريا وفي تطبيق قرار مجلس الأمن 2254".

وكان المبعوث الأممي يؤكد مراراً منذ الإحاطة التي قدّمها إلى مجلس الأمن الدولي في 18 أيار 2020 على أنّ حل النزاع في سوريا لن يتم إلّا بدستور جديد فقط، باعتباره مدخلاً مهماً للتسوية السياسية، ليستدرك لاحقاً في إحاطة أخرى في 16 حزيران 2020 على أنّ الدستور الجديد غير كافٍ وحده للحل، وأنّه لا بدّ من دبلوماسية حقيقية بين القوى الدولية الفاعلة في سوريا.

وعليه، فإنّ مسار الإصلاح الدستوري يهدف إلى الوصول إلى دستور جديد، والذي قد يكون إمّا بصياغة معدّلة عن دستور 2012، وهو ما يُطالب به  نظام الأسد، أو بصياغة جديدة كليّاً، وهو ما تُطالب به المعارضة.

الموقف الغربي

عشية انعقاد الجلسة الأولى من الدورة السادسة رحّبت الخارجية الأميركية في بيان لها ببدء أعمال اللجنة الدستورية، وسبق أن رحّبت الولايات المتحدة في 3 تشرين الأول بتحديد موعد الجولة السادسة من المباحثات. بدوره، رحّب الاتحاد الأوروبي في 19 من الشهر نفسه بانطلاق أعمال الجولة السادسة.

إلّا أنّ هذا الإعلان لا يُشكّل مؤشراً واضحاً لوجود دعم غربي كافٍ لتحقيق اختراق نوعي في مباحثات اللجنة الدستورية، بينما يُمكن القول إنّ إحراز تقدّم في عمل اللجنة يبدو بمنزلة رغبة من روسيا للتسويق له أمام الولايات المتحدة كاختبار يُمهّد للتعاون بين الطرفين في العملية السياسة وتطبيق القرار 2254، على غرار التعاون في قضية المساعادات الإنسانية بعد تجاوز الاختبار حولها.