هل أصاب الكازاخيون حيث أخطؤوا؟

2021.11.30 | 06:28 دمشق

new-project-20-1.jpg
+A
حجم الخط
-A

وقوع الأخطاء في المحافل الرياضية أمر ممكن الحدوث، ولكن ردة الفعل الباردة من قبل اللاعبين السوريين لكرة السلة أثناء مباراتهم مع منتخب كازاخستان في العاصمة نور سلطان، هي الخطأ الأكبر، حيث اقتصرت على بعض ملامح الاستغراب دون أن يجرؤوا على اتخاذ أي تصرف ينهي هذه المهزلة، إذ تمت تلاوة النشيد الوطني الإيراني كاملاً، بدل النشيد السوري، وانتظر اللاعبون حتى نهاية النشيد الإيراني ليقوموا بتلاوة "حماة الديار" دون موسيقا.

الأغرب هو أن بعض اللاعبين قد صفق في نهاية النشيد الإيراني، وكأنه اعتراف منهم بأن هذا النشيد قد أصبح نشيداً لسوريا الأسد، لتبقى الشكوى التي تقدم بها رئيس الاتحاد السوري لكرة السلة طريف قوطرش ضد كازاخستان نوعاً من رفع العتب، أو ذراً لرماد الوطنية في عيون عمياء بالأساس.

ومن اتخذ من اللاعبين ردة فعل، كانت باردة، وكأنه يخشى من عقاب قد يطوله فيما لو رفع صوته رافضاً لرمز إيراني أن يكون مكان أنشودة حماة الديار. أو أنها اللا مبالاة التي باتت تلف حياة السوريين، فالأهم هو السلامة الفردية من نظام أسدي ينشب مخالبه وأنيابه في كل من يفكر في الاعتراض، حتى قبل أن يعترض.

لماذا لم يخطئ الكازاخيون إلا بالنشيد الإيراني؟ لماذا لم يضعوا مثلاً نشيد مصر أو تركيا أو غيرهما؟

وتبقى نتيجة المباراة بين منتخبي سوريا وكازاخستان تحصيل حاصل، وربما لولا هذا الخطأ لما سمعنا بالمباراة من أساسها، رغم أن المنتخب السوري وكما العادة قد خسر هذه المباراة، مثلما خسر ويخسر قبلها في كل الرياضات، منذ عشرات السنين، ففي الرياضة لا يمكن بحال من الأحول تحقيق أي نتيجة إيجابية في ظل وجود الواسطة والمحسوبية، فما بالك ببلد قد نخر الفساد كل جوانب الحياة فيه من الأساس حتى الرأس، ومازالت أخبار الفساد طازجة في منتخب كرة القدم الذي هُزم مؤخراً في كل مبارياته.

ولكن لماذا لم يخطئ الكازاخيون إلا بالنشيد الإيراني؟ لماذا لم يضعوا مثلاً نشيد مصر أو تركيا أو غيرهما؟ هو مجرد تساؤل بريء، خالٍ تماماً من مشتقات المؤامرة الكونية، كون هكذا أخطاء تقع في الملاعب، ولكن الدول التي تحترم نفسها لا تتهاون برموزها الوطنية، فما بالك بسوريا الأسد التي استدعت بكامل إرادتها الاحتلال الإيراني وميليشياته الطائفية إلى سوريا، صحيح أنهم كانوا بقضهم وقضيضهم على وشك الانهزام في عام 2015، لولا التدخل الروسي، الذي أنقذهم في اللحظات الأخيرة.. تدخل ما كان له أن يحصل لولا إلحاح قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني على الروس لتنفيذه، قبل أن تقع الواقعة على الإيرانيين ومن معهم.

لولا نظام الملالي لما حل كل هذا الخراب والدمار، ليس فقط في سوريا، بل بالمنطقة كلها، فأينما وُجد هذا النظام حل الفقر والحرمان والمخدرات والزعران والاقتتال الأهلي والدمار، وانظروا إذا شئتم إلى أحوال اليمن والعراق وسوريا ولبنان، هذه البلدان الأربعة التي يعتبرها معممو الملالي محافظات إيرانية، تعدُّ الأسوأ في العالم في كل المقاييس الدولية، وتتذيل دائماً القائمة.

الأوضاع المزرية في سوريا هي أكثر ما يتمنى النظام الإيراني استمراره، فهي تساعده على تحقيق التغيير الديمغرافي والطائفي بكل سهولة

عام 2013 قال مهدي طائب، وهو مسؤول كبير وأحد المقربين من مرشد الجمهورية الإسلامية خامنئي، إن سوريا تعتبر المحافظة الإيرانية الـ 35، بعد أن ضم اليمن والعراق ولبنان إلى بلاد فارس، التي عدد محافظاتها بالأساس 31، طبعاً حينها لم يصدر أي استنكار من قبل النظام السوري لهذا الكلام، ولا لِما صدر بعده من الكثير من التصريحات لملالي إيرانيين وعراقيين يقولون إنه لولا تدخلهم لوصل الثوار إلى غرفة نوم بشار الأسد.

الأوضاع المزرية في سوريا هي أكثر ما يتمنى النظام الإيراني استمراره، فهي تساعده على تحقيق التغيير الديمغرافي والطائفي بكل سهولة، من خلال استغلال فاقة الناس واحتياجاتهم، وعبر تغلغله في المجتمع السوري وتقديم الإغراءات المادية والمنح الدراسية، إضافة إلى شراء آلاف العقارات خصوصاً في المناطق التي تحوي مزارات.

إذاً.. هناك عملية تغيير ممنهج لتركيبة المجتمع السوري المعروفة منذ مئات السنين، ومع كل هذا يصبح وضع النشيد الإيراني مكان النشيد السوري تصرفاً واقعياً من قبل الكازاخيين، الذين أصابوا كبد الحقيقة دون أن يدروا.