هل أخرج الغرب نفسه من المعادلة السورية؟

2018.09.21 | 00:09 دمشق

+A
حجم الخط
-A

تراجعت التغطية الإعلامية الغربية ومعها الحراك الدبلوماسي الغربي بشأن سوريا، منذ بدء قوات النظام السوري بدعم روسي باستعادة السيطرة على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، خاصة مناطق خفض التصعيد.

ولكن الأسابيع الأخيرة شهدت اهتمامًا بالتحذيرات من "حمام دم" في محافظة إدلب، التي كانت قوات النظام السوري والقوات الروسية تحشد لاقتحامها والسيطرة عليها، إلا أن هذه التحذيرات ترافقت مع التأكيد على امتلاك روسيا بالتحديد القدرة وبالتالي المسؤولية عن منع هذه الكارثة، وبعبارة أخرى: إذا وقع حمام دم في إدلب فهو خطأ روسيا.

ومع إدراك خطورة الوضع في إدلب، إلا أن الجدير بالإشارة غياب الحضور الغربي عن طاولة المفاوضات، رغم الحراك الهادئ لبعض الدول الأوروبية، وانخراط الأمم المتحدة في المسألة من خلال مبعوثها ستيفان دي ميستورا.

إلا أن الاتفاق الأخير، الذي قد يمثل لحظة فاصلة في الصراع وفي تاريخ المنطقة،

اعتمد استمرار الصراع في سوريا لوقت طويل بالأساس على الدعم الغربي للمعارضين السوريين، مما يعني أن الغرب كان له مصلحة لدى أحد أطراف الصراع.

تم بين روسيا وتركيا في مدينة سوتشي الروسية بعد سلسلة من المحادثات الثلاثية (مع إيران) في أستانة الأذرية، وعلى فرض أن تركيا وروسيا وإيران أكثر الدول التي تملك مصالح مباشرة في سوريا، فهل انتهت المصالح الغربية في سوريا؟

اعتمد استمرار الصراع في سوريا لوقت طويل بالأساس على الدعم الغربي للمعارضين السوريين، مما يعني أن الغرب كان له مصلحة لدى أحد أطراف الصراع، كما أن وزير الخارجية السابق جون كيري عقد في أكثر من مرة محادثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف بشأن الوضع في سوريا، ووقّع الطرفان حتى في عهد ترامب اتفاقيات لوقف إطلاق النار وخفض التصعيد.

حقيقة الأمر أن وقوف الولايات المتحدة بمعزل عن المحادثات، يعكس تحلّلها من أي مسؤولية، فإذا حدث الأسوأ يمكنها لوم روسيا والنظام السوري. وربما يعزى جزء من هذا الموقف الأمريكي إلى قناعة الرئيس ترامب بعدم وجود مصلحة حيوية للولايات المتحدة، وتعهده بإبقاء الولايات المتحدة خارج صراعات الآخرين.

أعرب تقرير لمجلس العموم البريطاني، صدر مؤخرًا، عن الندم على عدم تدخل الولايات المتحدة عسكريًا بشكل مباشر في عام 2013، عندما صوّت أعضاء المجلس بفارق ضئيل ضدّ التدخل. كما أثنت الحكومة البريطانية في تموز الماضي على إجلاء 500 من أعضاء "الخوذ البيضاء"، في ما يبدو اعترافًا بأن قضية مُعارضة الأسد على الأرض باتت بحكم المنتهية.

أما الموقف الأمريكي فيبدو أكثر غموضًا. فبعد عام على توليه الرئاسة، أوقف ترامب الدعم المقدم لمجموعات الثوار في سوريا،

ترفض الولايات المتحدة وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي، المشاركة في جهود إعادة الإعمار في سوريا رغم إلحاح روسيا، في ما يبدو أنه محاولة لتحقيق مكسب للمعارضة في النظام السياسي.

فيما بدا رسالة لهم بأن أيام قتالهم باتت معدودة. إلا أنه أعلن في شهر آب 2018، أن الولايات المتحدة ستحافظ على وجود عسكري في سوريا، لمواصلة القتال ضد تنظيم داعش والحد من النفوذ الإيراني المتزايد في المنطقة. وهنا يمكن التساؤل عمّا إذا كان الغرب يُخفي وراء المظهر الصارم فشله في الإطاحة ببشار الأسد.

وفي هذه الأثناء ترفض الولايات المتحدة وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي، المشاركة في جهود إعادة الإعمار في سوريا رغم إلحاح روسيا، في ما يبدو أنه محاولة لتحقيق مكسب للمعارضة في النظام السياسي بعد نهاية الصراع.

يُمثّل اتفاق سوتشي بشأن إدلب مُعضلةً للغرب، فمع اتفاق تركيا وروسيا واحتمال انضمام الأمم المتحدة إلى الاتفاق، سيكون على الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي إعادة النظر في سياستها تجاه سوريا: كيف ستكون علاقتها بالمعارضة السورية في إدلب؟ وهل ستنضم أي مفاوضات لحل الصراع؟