icon
التغطية الحية

هرباً من الغرق.. خيام محسّنة لإيواء عائلات نازحة في إدلب | صور

2021.04.13 | 06:58 دمشق

1618212231611.jpg
إدلب - عز الدين زكور
+A
حجم الخط
-A

كانت الخيمة الجديدة لـ"عبد الله العمر" وهو مهجّر طاعن في السنّ، ملاذاً آمناً ومريحاً تعينه على عجزه ووحدته في مخيم مرام للنازحين، إلى جانب زوجته المتقدمة في العمر أيضاً.

الفرق من "السماء إلى الأرض" على حدّ وصف "العمر"، في إشارة إلى تباين حال معيشته الجديدة عن مخيمٍ عشوائي قطنه سابقاً مع زوجته قرب مدينة حارم، إذ غمرته الأطيان طوال فترة إقامتهم، بعد تهجيرهم من ريف مدينة سراقب شرق إدلب خلال حملة النظام العسكرية الأخيرة. تقاطعه زوجته، تقول: "هربنا من الحشرات والثعابين والعقارب، هنا المكان نظيف وآمن"، ويجول نظرها أرجاء خيمتها الجديدة.

يفتقر العجوزان الواصلان منذ 20 يوماً للمخيم، إلى مُعيل بعد أن حرموا من الأولاد منذ سنين طويلة، زاد من لوعة الموقف، عجز "العمر" وعدم قدرته على العودة لعمله السابق كسائق تكسي على سيارة صفراء بسبب شلل أصاب طرفه اليمين، العلوي والسفلي، ويطمحان اليوم من خلال سلّة غذائية أو كفالة شهرية أنّ تسد حاجتهم على شكل معقول.

ومع تزايد حالات طوفان وغرق خيام النازحين في المخيمات العشوائية في إدلب، كان مخيم مرام قرب بلدة الشيخ بحر شمالي غربي إدلب الحاوي على خيام محسّنة ـ وهو الأول من نوعه في الشمال السوري ـ بديلاً كفيلاً بالحد من مأساة مئات الأسر السورية النازحة ضمن تجهيزات لوجستية وخدمية لافتة، إلا أنّ "الفرحة لم تكتمل" وفقاً لمن استمعنا إليهم خلال إعداد التقرير، أمام الحاجة إلى سلال مساعدة غذائية أو منح ماليّة مُعينة لتلك الأسر المعدومة.

 

 

الهرب من الغرق

يقول "فادي مسحّر" مدير مكتب إدلب في مؤسسة مرام للإغاثية والتنمية، وهي الجهة المنفّذة لمشروع المخيم، إنّ المشروع بدعم من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، والمستفيدين هم جميع العوائل النازحة في الشمال السوري والمقيمة ضمن مخيمات عشوائية معرضة للفيضان، بالإضافة للعوائل المقيمة ضمن مراكز الإيواء ومراكز التجمع المؤقت.

ويضيف "مسحّر" لموقع تلفزيون سوريا، إنّ الهدف تأمين أماكن جيدة لمئات النازحين في منطقة شمال غرب سوريا تقيهم لهيب الصيف وقساوة الشتاء وتشعرهم ببعض الأمان المفقود.

يشير إلى أنّ المشروع يضمّ وحدات سكنية مسبقة الصنع، مكوّنة من ألواح "الفايبر" المقوّى أو ما تعرف الـ"آرشوز"، وهي من إنتاج شركة (إيكيا)، كاشفاً عن مشروع مماثل قرب بلدة كفرجالس شمالي إدلب قيد التجهيز.

يجد مصطفى أحمد عسكر مهجر من قرية بليون، ومقيم في المخيم، تغيراً ملحوظاً عن السابق، إذ كان يقطن في مخيمات دير حسان شمالي إدلب، يتحدث لموقع تلفزيون سوريا عن شبكة الصرف الصحي المنتظمة والطرقات النظيفة، إلى جانب دورات المياه مستقلة التي يتمتع بها المخيم.

 

 

يوصد باب وحدته السكنية بيده، قبل أن يغادرها تاركاً عائلته وهو مطمئنّ بعد أن توافر فيها قفل يمكن أن يحمي الخيمة من أي عارض، فضلاً عن نظام حماية يتمتع فيه المخيم ككل.

ويحضر "عسكر" مشاهد الغرق والطوفان في المخيم العشوائي خلال الشتاء، وقطع مسافة طويلة للوصول إلى كتلة دورات المياه المشتركة مع عدة أسر، والتي هرب منها إلى خيمة تردّ البرد والحرارة ومُضاءة.

خليف شيخ الحجي من ريف مدينة سراقب، وصل إلى المخيم مؤخراً، يوضح أّنّ الإقامة السابقة في مخيم عشوائي يعترضها الأطيان والأوحال والطرق الطينية وغير المنتظمة وهو ما سبب لهم كوارث حقيقية، ومع وصوله إلى مخيم انتهت هذه العوائق، وتوفرت دورات مياه مُزودة بالمياه ومستقلة، وإنارة وحماية وحرّاس.

يقول لموقع تلفزيون سوريا إنّ أفضل ما في المخيم، إنّ العائلة تنام بأمان في ظل نظام حماية من حراس وأسوار معدنية تحيط في المخيم.

آلية الإقامة

البراء الصالح مدير المخيم، يوضح لموقع تلفزيون سوريا أنّ المخيم يضم نحو 400 خيمة سكنية محسنة يقيم حتى اليوم فيها 160 عائلة، والأعداد في تزايد، إذ تصل القدرة الاستيعابية إلى نحو 2000 نسمة.

ويضيف: "يستقبل المخيم في الدرجة الأولى العوائل المتضررة من الفيضانات الأخيرة التي ضربت مخيمات إدلب العشوائية، إلى جانب العوائل التي يزيد عدد أفرادها عن السبعة"، وعلى هذا الأساس راعى تجهيز المخيم مسألة تصريف مياه الأمطار والصرف الصحي بطرق سليمة ومريحة للسكان تجنب من وقوع كوارث خلال الشتاء.

يشير "البراء" إلى أنّ العائلة التي يزيد عدد أفرادها عن السبعة أو تملك ذكوراً وإناثاً فوق عمر 14 عاماً، يحقّ لها استلام خيمتين محسّنتين.

ميزات الخيمة وخدمات المخيم

إلى جانب تزويدها بكتلة (حمام وتواليت) مستقلة ومزودة بالمياه، يمكن إغلاق الخيام بقفلٍ وهذا الأمر يعتبر مصدر أمانٍ للعائلة المقيمة في الخيمة، كما تحتوي على نوافذ وعزلٍ من البرودة شتاءً والحرارة صيفاً، بحسب محدثنا "البراء".

وجُهِزَ المخيم بإنارة داخلية بين الطرقات وكذلك في الخيام عبر الطاقة الشمسية، ودورات وشبكة مياه وصرف صحي، كما يحاوطه سور معدني كامل بهدف حماية المخيم والعوائل القاطنة فيه من الحيوانات المفترسة وحرّاس على مدار الساعة، وبوابة طوارئ بحال وقوع قصف أو ما شابه.

السلة الغذائية والكفالات غائبة

تشتكي عائلات نازحة في المخيم بحرقة، غياب المنح المالية أو المساعدات الإنسانية والطوارئ، بالتوازي مع خدمات جيدة قياساً لما عايشوه في مخيماتهم السابقة.

تقول مريم الحمدان، مهجرة قاطنة في المخيم، إنّ عائلتها تفتقر إلى دخل شهري، وتعاني من مشكلة في تأمين قوت عائلتها ومصروفهم الشهري.

وفي وقتٍ تبدي فيه راحتها من الخدمات الأساسية المقدمة من مياه وصرف صحي وطرقات، تقول: "ما عندنا حق ربطة خبز والدواء مرتفع جداً، زوجي وطفلي بحاجة ماسة إليه".

مرام أحمد مهجرة من قرية معارة النعسان، وإحدى نزيلات المخيم، تشكو فقدان المعيل في ظل عجز زوجها المصاب بقصف طيران النظام الحربيّ.
"مرام" لديها 6 أطفال، تعتبر أنّ مهمة تأمين لقمة عيشتهم مهمة شاقة، وتدعو إلى مساندتهم إنسانياً بكفالة شهرية أو منح مالية أو مساعدات إنسانية.

ولاتخرج مطالب "إبراهيم عبد الله" وهو مهجر من قرية جدرايا، عن طلبات سابقاته "مرام ومريم" في الحاجة إلى مادة الخبز والمواد الغذائية الأساسية أو مرتب شهريّ.

في هذا السياق، يوضح محدثنا "البراء" أنّ أبرز مستلزمات الأهالي في المخيم، على رأسها "سلة غذائية" أو كفالات مالية للعائلات المعدومة، وكذلك النقطة الطبية أو مستوصف غائبة في الوقت الحالي عن المخيم، يرجع سبب ذلك، لغياب منظمة داعمة تكفل تقديم هذه الخدمات والاحتياجات للعوائل المقيمة وهو ما يسبب عائقاً أمام العائلات الفقيرة والمعدومة في القدرة على الاستقرار.

كوارث المخيمات

خلال ثلاثة أشهر ماضية، وثق فريق "منسقو الاستجابة" تهدم وتضرر مئات الخيام في مخيمات منطقة شمال غربي سوريا العشوائية، نتيجة كوارث طبيعية أبرزها الأمطار والسيول، أدت في مجملها إلى وقوع ضحايا، 4 إصابات ووفاة واحدة في شهر كانون الثاني/ يناير، وإصابة في شباط/ فبراير، في حين لم يسجل أية إصابة في شهر آذار/ مارس.

يقول "محمد حلاج" مدير الفريق لموقع تلفزيون سوريا، إنّ بعد عام 2019 واجهت المخيمات مشكلات رئيسية منها ارتفاع أعداد النازحين بعد الحملات العسكرية بالتزامن مع زيادة معدل الولادات، وكذلك تلف الخيام وتضررها، وأيضاً الحرائق والكوارث الطبيعية.

ويوضح أنّ السنة الماضية ضربت المخيمات 6 عواصف مطرية، في حين السنة الحالية 7 عواصف، كان أغلبها مركزاً على المنطقة الوسطى في إدلب، حيث مناطق المخيمات الواسعة.

ويعرج حلّاج إلى "بيروقراطية قاتلة" في الاستجابة الإنسانية لدى المنظمات الدولية لمساندة النازحين على الكوارث والأضرار، ما تؤدي إلى تأخر الاستجابة.