
تزداد عمليات الهجرة داخلياً وخارجياً من مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد" والنظام في شمال شرقي سوريا، نحو الدول المجاورة والمناطق الحدودية بحثاً عن فرص عمل لتحسين وضعهم المعيشي المتردي.
وقال بعض المهاجرين من مناطق سيطرة النظام في ريف دير الزور الشرقي والغربي إلى مناطق سيطرة "قسد" إن موسم الجفاف الذي يضرب المنطقة وانعدام السياسات الداعمة للزراعة تسبب بخسارتهم لمحاصيلهم الزراعية وهو ما دفعهم للهجرة نحو مناطق سيطرة "قسد" مبدئياً ليتوجهوا بعدها إلى مناطق سيطرة الجيش الوطني في منطقة عملية "نبع السلام" ومن ثم إلى تركيا في حال توفرت الفرصة المناسبة لاجتياز الحدود.
الهجرة بحثاً عن حياة أفضل ولو قليلاً
موسى الجاسم أحد المهاجرين من مناطق سيطرة قوات النظام في دير الزور، عرض منزله للإيجار ووصل إلى مناطق سيطرة "قسد" عبر نهر الفرات، لأنه يجدها أكثر استقراراً.
استقر الجاسم في بلدة هجين شرقي دير الزور وافتتح دكاناً صغيراً إلى جانب عمله على سيارة أجرة عمومية.
يعتبر الجاسم مثالاً عن آلاف الحالات التي اضطرت لمغادرة مدنها وقراها في الفترة الماضية والتخلي عن حياتها السابقة ومنازلها وأراضيها، مقابل حياة أفضل قليلاً.
معظم المهاجرين من فئة الشباب
معظم المهاجرين من مناطق سيطرة قوات النظام غربي الفرات ومناطق سيطرة "قسد" شرقي الفرات هم من فئة الشباب، وتحديداً أولئك الذين تتراوح مواليدهم بين عامي 1998 و 2003، والذين يتعرضون لمضايقات وقيود كبيرة من النظام و"قسد"، ومعرضون لخطر التجنيد الإجباري أو الاعتقال بتهم واهية.
ويدفع التجنيد الإجباري وتضييق الخناق على أبناء منطقة الفرات في مناطق سيطرة "قسد" الشباب للتوجه نحو مناطق سيطرة الجيش الوطني في ريفي الرقة والحسكة (منطقة عملية نبع السلام) وبعضهم نحو ريف حلب الشرقي (منطقة عملية درع الفرات)، بحثاً عن فرص عمل واستقرار في الوقت الراهن.
لماذا مناطق سيطرة الجيش الوطني؟
وينتقي هؤلاء المهاجرون مناطق سيطرة الجيش الوطني بحكم وجود مئات آلاف المهجرين من مناطق الشمال الشرقي السوري، وهذا يعني وجود بيئة مألوفة ومناسبة أكثر لبدء حياة جديدة يكون فيها الاغتراب أقل وطأة.
يقول الحاج مصطفى الخليل من قرية الجزرات غربي دير الزور إن ولديه وصلا إلى تركيا هرباً من التجنيد الإجباري المفروض عليهم من "قسد"، وهناك التقوا بأبناء عمومتهم وعثروا على عمل.
وأوضح الحاج مصطفى أن الشبان في مناطق سيطرة "قسد" ومناطق سيطرة النظام يعيشون مختبئين طوال الوقت كي لا يتم إلقاء القبض عليهم وتجنيدهم إجبارياً، وبذلك يعيشون في سجن وليس بمقدورهم الخروج للعمل.
وأشار الخليل إلى أن الوجهة الأولى للشبان تكون مناطق سيطرة الجيش الوطني في منطقة "نبع السلام"، وهناك يسعى أقرباؤهم لتوفير عمل لهم في المنطقة، وفي حال تعذر ذلك تكون تركيا الخيار الثاني، في حال توفر المبلغ المطلوب للتهريب والذي يزيد على ألف دولار أميركي في أقل تقدير.
التهريب داخل سوريا ومخاطره
ويتطلب الوصول إلى مناطق سيطرة الجيش الوطني دفع مبالغ للمهربين نتيجة منع قسد الذهاب إليها عبر الطرق الرئيسية المقطوعة، وتكلف الرحلة مبلغ 350 -700 ألف ليرة سورية (100-200 دولار) للشخص الواحد.
وأوضح عدد من الواصلين إلى مناطق سيطرة الجيش الوطني لموقع تلفزيون سوريا أن ذويهم تعرضوا لمضايقات أمنية من قبل "قسد" بعد أن علموا بهروب أبنائهم، حيث تجري "قسد" دراسة أمنية مشددة على الشبان الذين علمت بخروجهم من مناطق سيطرتها وتستدعي ذويهم للتحقيق مراراً.
وأوضح أحد العاملين في تهريب الشبان في مناطق السيطرة السورية لموقع تلفزيون سوريا أن الخطر الأكبر الذي كانوا يواجهونه سابقاً هو حقول الألغام المنتشرة على خطوط النار، لكن الخطر الأكبر الآن هو أن تعثر عليهم الدوريات والحواجز التابعة لقسد، حيث يجري اعتقالهم والتحقيق معهم لمدة 3 أشهر للتأكد من أنهم مدنيون، أما المهرب فيتم تغريمه بمبلغ مالي قدره 10 ملايين ليرة سورية والسجن لمدة عام كامل.