icon
التغطية الحية

نيويورك تايمز: الطائرات الأميركية قتلت 139 مدنياً في سوريا بين عامي 2016 و2017

2022.04.05 | 06:36 دمشق

069c25442.jpg
دخان يتصاعد من مدينة عين العرب بعد غارة جوية شنّتها قوات التحالف الدولي - 17 من تشرين الثاني 2014 (Vadim Ghirda)
إسطنبول - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

كشف تحقيق لصحيفة "نيويورك تايمز"، أن القوات الجوية الأميركية شنت غارات جوية أدت إلى مقتل 139 مدنياً بينهم نساء وأطفال خلال الحرب على تنظيم "الدولة" (داعش) في ريفي منبج والرقة وذلك خلال العامين 2016 و2017، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تسترت على بيانات حول الأعداد الحقيقية للضحايا المدنيين في سوريا.

وجاء ذلك في تقرير مطول تحت عنوان "وثائق سريّة للبنتاغون تكشف عن إخفاقات متكررة في شنّ غارات جوية مُميتة"، ويعد هذا التحقيق الجزء الثاني من سلسلة تحقيقات لـ"نيويورك تايمز" ترصد الخسائر البشرية الناجمة عن الغارات الأميركية.

إخفاء القتلى المدنيين في التوخار

قبيل الساعة الثالثة فجرا من يوم التاسع عشر من تموز عام 2016، قصفت قوات العمليات الخاصة الأميركية ما كانت تعتقد أنها ثلاث "مناطق استعداد" تابعة لتنظيم "الدولة" في ضواحي قرية التوخار شمال سوريا، وفقاً للتحقيق.

وأفادت القوات بأن الغارة أسفرت عن مقتل 85 مقاتلاً، لكن الحقيقة أنها قصفت منازل بعيدة عن جبهة القتال كان يحتمي بداخلها بعض المزارعين وعائلاتهم وعدد من سكان القرية من القصف وإطلاق النيران ليلاً، وقد قُتل، بحسب التقرير، أكثر من 120 مدنياً من سكان القرية في تلك الليلة، لم تعترف الولايات المتحدة بارتكاب أخطاء في هذه الإخفاقات التي أودت بحياة المدنيين.

وأوضح التحقيق أن هذه الوقائع أخذت من أرشيف سرّي بوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) عن حرب الولايات المتحدة الجوية في الشرق الأوسط.

الخطأ في التعرّف إلى المدنيين بريف الرقة الشمالي

وكشف التحقيق الميداني الذي أجرته "نيويورك تايمز" أن الخطأ في تحديد الهوية حدث بصورة متكررة في الغارات المخطط لها مسبقاً – كما هو الحال مع غارة 20 تشرين الثاني 2016 على الهدف الذي اعتُقد أنه مصنع متفجرات تابع لتنظيم "الدولة" في ريف الرقة، لكن في حقيقة الأمر تبين أن الهدف محلج للقطن. قُتل 9 مدنيين، ولم تُقدّم توصية بإجراء مزيد من التحقيقات.

وذكر التحقيق أنه بعد تلقي فرقة تابعة للعمليات الخاصة الأميركية أنباءً حول مصنع متفجرات تابع للتنظيم في قرية شمال الرقة، في مجمع سكني محاط بالأسوار، رصدت الفرقة "حقائب بيضاء" قالوا إنها نترات أمونيوم. غادرت شاحنتان تقلّان نحو عشرة أشخاص المجمع، وتوقفتا عند عدد من نقاط التفتيش التابعة للتنظيم، ثم واصلتا طريقهما نحو مبنى "مقترن بنشاط سابق للتنظيم". ثم عادتا إلى المجمع مرة أخرى. استهدفت الغارة الأولى إحدى الشاحنتين، وأسفرت عن حدوث "انفجارات ثانوية". وبسبب هذه الانفجارات "الحقائب البيضاء"، صدر الإذن بقصف ثلاثة مبان. وبعد وقوع الانفجار، شوهد اثنان من الأعداء يفرّان من المبنى الواقع في أقصى الغرب، فقُصف هذا المبنى ومبنى آخر مجدداً.

وأُجريت مراجعة عسكرية بعد انتشار أنباء على الإنترنت عن غارة حدثت في نفس المنطقة وأسفرت عن مقتل تسعة مدنيين وإصابة أكثر من عشرة منهم، وجاءت نتائج المراجعة مناقضة لجميع المعلومات الأصلية التي استُند إليها في شن الغارة، وفقاً للتحقيق.

وأكد التحقيق أن المحللين لم يجدوا أثراً لنترات الأمونيوم. أما الانفجارات الثانوية المزعومة فلم تكن سوى انعكاسات من بناء قريب، وأحد الشخصين الفارّين كان طفلاً. وفي النهاية، أظهرت صور التُقطت بخاصية التصوير المتقطع على مدار ستة أشهر أن المجمّع كان "في الغالب محلجاً للقطن وليس مصنع" متفجرات. وذكر تقرير البنتاغون أن اثنين من المدنيين قُتلا. (لم تكفّ الفرقة عن اعتبار المحلج هدفاً مشروعاً، مستشهدةً بتقرير إخباري ورد فيه أن تنظيم داعش يسيطر على ثلاثة أرباع إنتاج القطن في سوريا).

معلومات استخبارية خاطئة في الطبقة

في كثير من الأحيان، قُتل مدنيون في غارات نُفَّذت بناءً على معلومات استخبارية منقوصة، أو قديمة، أو مبهمة، مثلما حدث في غارة أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 10 مدنيين في مدينة الطبقة بريف الرقة، في آذار من عام 2017.

فبينما كانت القوات المدعومة من الولايات المتحدة تستعد لاستعادة السيطرة على مدينة الطبقة غرب الرقة، أمر المسؤولون العسكريون بشن غارات على مجموعة أهداف تابعة لتنظيم الدولة وهي: مقرّان، ومركز شرطة، ومصنع أسلحة. ووفقاً للتقييمات الأولية، نُفِّذت جميع الغارات حسب الخطة. وبعدها ظهرت أنباء عن وقوع ضحايا مدنيين.

وخلُصت المراجعة العسكرية، وفق ما نقل التحقيق، إلى أن المعلومات الاستخبارية المتعلقة بالغارة على المقرّين كانت تستند إلى تقارير أُعدّت قبل شهور من الغارة. (كانت الأهداف محددة من قبل، لكن قرر القادة الانتظار حتى تقتحم قوات سوريا الديمقراطية  المدينة ومن ثم تكون لديهم ميزة استراتيجية). كانت المعلومات الاستخبارية حول المبنى الأول تنذر بعدم كفاية الأدلة على أن استخدام المبنى مقتصر على مقاتلي التنظيم وهو ما استُند إليه لاستبعاد المبنى من قائمة الأهداف الممنوع قصفها. ذكر التقرير أن أحد أمراء التنظيم تردّد إلى المكان عدة مرات.

بالمثل، وجد التحقيق أن المعلومات الاستخبارية حول المبنى الثاني لم تؤيد الرأي القائل إن استخدام المقر الثاني كان مقتصراً على مقاتلي التنظيم. علاوةً على ذلك، فرغم أن المقرّين يقعان في مناطق مكتظة بالسكان وبالقرب من بنايات سكنية، لم تكن هناك تسجيلات فيديو كافية لتقييم وجود المدنيين – فقط مقطع فيديو مدته دقيقة واحدة للهدف الأول، وآخر مدته أقل من دقيقتين للهدف الثاني، وأشار التحقيق إلى أن هذه المراجعة أثارت تساؤلات جديّة حول جودة المعلومات الاستخبارية المتعلقة بالهدفين الآخرين.

وفي تشرين الثاني الماضي، نشرت (نيويورك تايمز) الجزء الأول من التحقيق، تحت عنوان "كيف أخفت الولايات المتحدة غارة جوية قتلت عشرات المدنيين في سوريا؟"، وكشفت فيه عن غارات جوية أميركية أسفرت عن مقتل نحو 70 مدنياً في بلدة "الباغوز" (آذار 2019)، خلال الحرب التي شنتها قوات التحالف على تلك البلدة التي صُنّفت كآخر معقل لتنظيم "الدولة" في سوريا.