icon
التغطية الحية

نيوزويك: مطالب لنظام الأسد مقابل تحرير الأسرى الأميركيين

2020.10.20 | 12:59 دمشق

capture.jpg
نيوزويك-ترجمة وتحرير: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

خلال رحلته إلى العاصمة واشنطن في بحر الأسبوع الماضي، حمل رئيس الجهاز الأمني في لبنان قائمة بمطالب نظام الأسد، إذ ترغب إدارة ترامب بتأمين عودة الصحفي الأميركي أوستين تايس والعامل في المجال الصحي الذي يحمل الجنسيتين السورية والأميركية مجد كم ألماز، اللذين فقدا في سوريا، فيما يسعى نظام الأسد إلى تخفيف وطأة العقوبات التي شلت اقتصادها، وسحب القوات الأميركية مقابل التعاون في هذا الملف، بحسب ما اطلعت عليه مجلة نيوزويك.

وتايس هو صحفي حر اختفى في سوريا في عام 2012، أما كم ألماز فهو معالج نفسي اختفى في تلك البلاد في عام 2017، ويعتبر هذان الشخصان محور التفاعل والتواصل ما بين واشنطن والنظام في سوريا. بيد أن مسؤولين من كلا البلدين أقاما خطاً للتواصل حول هذا الموضوع، لتأتي دفعة ضغط جديدة خلال الرحلة الأخيرة التي قام بها قائد الأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم قبل أقل من ثلاثة أسابيع على بدء الانتخابات الرئاسية الأميركية.

فقد زار إبراهيم واشنطن يوم الخميس الماضي حاملاً معه معلومات تتصل بتايس وكم ألماز، بحسب ما ذكر مسؤول لبناني لمجلة نيوزويك لم يتم الكشف عن اسمه لأنه غير مخول بالحديث عن هذا الموضوع.

يذكر أن اللواء إبراهيم التقى بمستشار الأمن القومي في البيت الأبيض روبرت أوبريان لما يقارب أربع ساعات حيث تناقشا حول الطلبات التي تقدم بها النظام، ضمن المفاوضات وذلك لقطع الشك باليقين حول مكان وجود الرجلين الأسيرين، بحسب ما ذكر ذلك المسؤول اللبناني.

وقد أكد ذلك المسؤول بالإضافة إلى مصدر سوري اطلع على تلك المحادثات بأن حكومة النظام، تسعى لترتيب صفقة مع إدارة ترامب يتم بموجبها رفع العقوبات المفروضة على سوريا، فقد بدأت تلك القيود الاقتصادية بعد فترة قصيرة من الاضطرابات التي اجتاحت البلاد في عام 2011، وتم الإعلان عن آخر حزمة من تلك العقوبات في شهر حزيران/يونيو من هذا العام، إذ كان الهدف منها خنق حكومة بشار الأسد التي وجهت إليها الولايات المتحدة اتهامات بارتكاب جرائم حرب.

ولابد أن تشمل تلك الترتيبات سحب القوات الأميركية التي تم نشرها لتقاتل إلى جانب قوات المعارضة، في قاعدة عسكرية صحراوية تقع جنوب شرق البلاد وتعرف بقاعدة التنف بحسب ما ذكره المسؤول اللبناني والمصدر السوري لمجلة نيوزويك.

يذكر أن ترامب عبّر منذ فترة طويلة عن رغبته العارمة بسحب القوات الأميركية من سوريا، كما أنه قام بتخفيض عدد القوات الموجودة هناك، بالرغم من أن البنتاغون أعلن عن وجود ما يقارب من 500 جندي ويمثل هؤلاء من تبقى من الجنود بعدما تم سحب غالبيتهم، حيث تم نشر هؤلاء في شمال شرقي البلاد ليقاتلوا إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية، وكذلك في قاعدة التنف حيث تنشط مجموعة مغاوير الثورة التابعة للمعارضة.

هذا وقد قامت مجلة نيوزويك بإجراء مقابلة مع مسؤول أميركي ساهم في عملية استعادة الأسرى وسألته عن أعمال خلية الدمج لاستعادة الأسرى المؤلفة من عدة وكالات والتي تعتبر المركز الرئيس للحكومة الأميركية بخصوص التحقيقات الأميركية حول الأسرى، والتنسيق والتعاون الحكومي مع عائلاتهم، وذلك بهدف إعادة المواطنين الأميركيين الذين تم احتجازهم رغماً عنهم خارج حدود بلادهم، فعلق ذلك المسؤول بالقول: "إن خلية الدمج لاستعادة الأسرى تقوم على الدوام بتقييم المعلومات الجديدة وتضع الاستراتيجيات حول طريقة إعادة الأميركيين الذين احتجزوا وأصبحوا أسرى خارج حدود بلادهم بشكل آمن".

كما ذكر هذا المسؤول بأن تلك الخلية تتعاون مع عائلتي تايس وكم ألماز اللتين دافعتا بقوة من أجل عودتهما إلى البلاد، وقد علق على ذلك بالقول: "إننا نتشارك مع عائلتي الأسيرين، فالعائلات تلعب في أغلب الأحيان دوراً فاعلاً في إعادة أحبائها إلى البلاد. وتلك هي الحالة في سوريا، حيث نتشاطر مع العائلتين أملهما الراسخ ببقاء شخصين عزيزين عليهما على قيد الحياة".

وبمجرد أن قامت مجلة نيوزويك بنشر هذه المقالة، سارع والدا تايس، وهما مارك وديبرا إلى نشر بيان رداً على أهم التطورات الحاصلة في قضية ولديهما، حيث ذكر هذان الزوجان ما يلي: "بقينا لسنوات ندفع باتجاه قيام تعاون بين الحكومة الأميركية والسورية للمساعدة في إعادة ابننا بسلام إلى البلاد، لذا نأمل أن تكون التقارير التي وردت مؤخراً دقيقة. وإننا نعبر عن عميق امتناننا لكل من يعمل على إعادة أوستين سالماً، بيد أن استمرار غيابه يوضح أن علينا بذل المزيد من الجهود".

وتايس محارب قديم في فيلق مشاة البحرية خدم في أفغانستان والعراق قبل أن يترك دراسة القانون ويصبح مصوراً صحفياً، ليختفي أخيراً في داريا بريف دمشق الجنوبي في شهر آب/أغسطس من عام 2012.

وقد دخل هذا الرجل إلى سوريا في أيار/مايو من العام ذاته، ونقل تقارير حول تصاعد وتيرة الحرب في البلاد، إذ أرسل أخباراً وتقارير لواشنطن بوست ولسي بي إس وماك كلاتشي، فحصدت التقارير التي قدمها جائزة جورج بولك في شهر شباط/فبراير من العام 2013.

وبعد مرور أكثر من شهر على اختفائه، انتشر على الشابكة مقطع فيديو مدته 46 ثانية صور بكاميرا محمولة حيث زعم من قام بتصويره بأنه يصور تايس وقد عصبت عيناه وأخذ يمشي فوق أرض تملؤها الحفر والأخاديد بعدما أمرته بذلك مجموعة مسلحة أخذت تصرخ وتقول: الله أكبر باللغة العربية. وقد رجح أصدقاء وأهل المعتقل بأن تايس هو الذي تحدث إلى الكاميرا بلغة عربية ركيكة، حيث نطق بالشهادة التي تذكر عادة قبل الموت، وعندها انقطع الفيديو بصورة فجة.

ولم يتم تحديد هوية أي من الرجال الذين ظهروا في ذلك الفيديو، كما لم يظهر أي مقطع فيديو آخر لتايس بعد ذلك.

وبالنسبة لكم ألماز فقد ورد أنه تم توقيفه على حاجز أمني في منطقة المزة جنوب غربي دمشق، إذ أتى إلى سوريا لزيارة أحد أقاربه المسنين كما سعى لإقامة عيادة مخصصة لمعالجة المهجرين بسبب النزاع، بحسب ما ذكرت عائلته، التي تلقت دليلاً ثانوياً على بقائه على قيد الحياة بعد مرور أشهر على اختفائه وذلك من قبل معتقل سابق ذكر لهم بأنه التقى بكم ألماز في السجن.

ولدى سؤال المسؤول الأميركي الذي شارك في الجهود المبذولة لاستعادة الأسرى عن آخر التطورات في قضية تايس وكم ألماز، علق بالقول: "إن الحكومة الأميركية تلتزم بالبروتوكولات والمبادئ الصارمة عند محاولتها التحقق من وضع أي أسير".

وفي أول تعليق رسمي له على الموضوع في شهر تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2018، أعلن روبرت أوبريان الذي شغل حينها منصب المبعوث الرئاسي الخاص لشؤون الأسرى بأنه لديه: "كل الأسباب للاعتقاد" بأن تايس مايزال على قيد الحياة، ولذا فقد طلب من المسؤولين الروس: "أن يمارسوا أي نفوذ وسلطة بوسعهم ممارستها في سوريا لإعادة أوستين إلى بلاده".

كما استخف أوبريان بدور إيران في سوريا ووصفه "بغير المجدي" ضمن الجهود الساعية لتحرير المواطنين الأميركيين الذين وقعوا في الأسر خارج حدود بلادهم.

إلا أن موسكو وطهران تدعمان الأسد في حربه ضد قوات الثوار التي يتلقى قسم منها مساعدة ودعماً فعلياً من قبل الولايات المتحدة وشركائها في المنطقة.

يذكر أن إدارة الأسد تنكر دوماً وعلى العلن أي معرفة لها بمكان وجود تايس، كما أن البعثة السورية للأمم المتحدة لم ترد على الفور على طلب أرسلته لها مجلة نيوزويك للتعليق على الموضوع، إلا أنها قامت في وقت سابق بإدانة الوجود الأميركي في سوريا في تعليقات أرسلت إلى نيوزويك خلال الشهر الماضي.

وفي الذكرى السابعة لاختفاء تايس التي مرت خلال شهر آب/أغسطس الماضي، ذكرت الناطقة الرسمية باسم وزارة الخارجية الأميركية مورغان أورتاغوس بأن المسؤولين الأميركيين يعتقدون أنه مايزال على قيد الحياة، وأنهم "قلقون للغاية حيال صحته".

وفي التقارير الأولى التي نشرها الإعلام في لبنان والمنطقة يوم الجمعة الماضي، ورد بأن اللواء إبراهيم حمل معلومات تتصل بقضية تايس إلى واشنطن، كما استشهدت صحيفة وول ستريت جورنال يوم السبت الماضي بما أورده مسؤولون من إدارة ترامب وكذلك ممن اطلعوا على تلك المفاوضات، حيث تحدثت تلك الصحيفة بإسهاب عن رحلة اللواء إبراهيم، وأكدت بأن حواره مع المسؤولين الأميركيين تطرق إلى الحديث عن تايس وكم ألماز.

هذا ولقد لعب اللواء إبراهيم دور الوسيط مع الحكومة السورية في تحرير سام غودوين خلال العام المنصرم وهو سائح أميركي احتجز لمدة شهرين في سوريا أثناء محاولته السفر إلى كل دول العالم، وكذلك الأمر بالنسبة للرحالة الكندية كريستين باكستر.

كما نقلت الصحيفة عن كاش باتيل وهو مدير مكافحة الإرهاب لدى مجلس الأمن القومي في إدارة ترامب بأنه سافر إلى دمشق في مطلع هذا العام ضمن الجهود الساعية لتأمين تحرير تايس وكم ألماز.

ثم أشرف السيد باتيل مؤخراً على تحرير أميركيين آخرين، وهما العاملة في مجال المساعدات الإنسانية ساندرا لولي ورجل الأعمال مايكل جيدادا اللذين احتجزتهما في اليمن مجموعة أنصار الله، وهي حركة إسلامية شيعية زيدية ثائرة تعرف أيضاً باسم الحوثيين التي تناصر إيران وتدعمها. وبالمقابل، سهلت واشنطن تحرير ما يقارب من 250 مقاتل حوثي تقطعت بهم السبل في سلطنة عمان المجاورة.  

وما أكد سفر باتيل إلى سوريا هو مقالة نشرتها صحيفة الوطن السورية الموالية للحكومة يوم الإثنين الماضي، والتي استشهدت بمصادر لم تحدد أسماءها ذكرت بأن باتيل أتى برفقة روجر دي. كارستينز وهو المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص في ملف شؤون الأسرى، وبأن باتيل التقى بعلي مملوك رئيس مكتب الأمن القومي في سوريا.

كما نقلت صحيفة الوطن بأن المسؤولين الأميركيين قاموا بثلاث زيارات مماثلة إلى دمشق خلال الأشهر والسنوات التي سبقت هذه الرحلة الأخيرة.

جدير بالذكر أن ترامب تحدث على الملأ حول قضية أوستين تايس خلال شهر آذار/مارس الماضي، إذ ذكر ضمن لقاء صحفي يومي أجري معه: "لدينا الشاب أوستين تايس وإننا نعمل بجد مع سوريا على إخراجه، ونأمل من الحكومة السورية أن تفعل هذا، فنحن نعتمد عليهم في القيام بذلك".

كما ذكر بأن إدارته أرسلت رسائل مباشرة إلى مسؤولين في نظام الأسد على أمل أن يقوموا بإخراج تايس من البلاد، وبأنهم التمسوا من دمشق مباشرة أن تقوم بالإفراج عنه، وذلك عندما قال: "إننا نبذل أقصى ما بوسعنا، وكذلك نرجو من سوريا أن تتعاون معنا، وإننا سنقدر لكم الإفراج عنه. وإذا فكرتم بما فعلناه هناك، ستجدون أننا تخلصنا من دولة الخلافة التي أقامها تنظيم الدولة في سوريا، أي أننا قدمنا لسوريا الكثير، وما علينا إلا أن نراقب في حال قرروا القيام بذلك، لأننا سنقدر كثيراً قيامهم بتحرير أوستين تايس على الفور".

يذكر أن تنظيم الدولة الإسلامية الذي توسع وأعلن عن إقامة دولة خلافة خاصة به قد انتهى عبر حملات متفرقة شنتها قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بالشراكة مع قوات سوريا الديمقراطية، وكذلك المحور الموالي لحكومة الأسد والذي تدعمه روسيا وإيران.

ومع هزيمة الجهاديين هزيمة ساحقة ماحقة، بقي الجيش الأميركي في سوريا ليواصل سيطرته ومساعدته للشركاء المحليين في استخراج احتياطي النفط والغاز ضمن المنطقة الشرقية في البلاد.

هذا وتعتبر سوريا -وكذلك روسيا وإيران- الولايات المتحدة قوة محتلة في البلاد، ولذا طالبت بانسحابها، كما يتعين على ترامب أن يفي بالوعد الذي قطعه في حملته الانتخابية والذي يقضي بإنهاء "الحروب التي لا تنتهي" في المنطقة والتي شنها من سبقوه، غير أنه أعلن عن سحب المزيد من القوات وتخفيض عددها في كل من أفغانستان والعراق وذلك خلال فترة السباق إلى منصب الرئاسة.

وفي تجمع حاشد في مدينة دي موين يوم الأربعاء الماضي أعلن ترامب أنه كان: "يعيد كل الجنود إلى وطنهم" وذلك من مناطق الحروب التي تم نشرهم فيها، وأضاف: "أما في سوريا، فقد خرجنا منها، أجل خرجنا منها بشكل كامل".

المصدر: نيوزويك