نهب السوريين مجدداً وفرصة المعارضة

2020.07.16 | 00:02 دمشق

thumbs_b_c_b4b06e5559e84eb54338f96943798e31.jpg
+A
حجم الخط
-A

تحول بشار الأسد إلى ناطور، لم يعد لديه أي صلاحية أوسع من ذلك، مهمّته تقاضي "خدمات" مبنى من قاطنيه. حوّل سوريا إلى شركة مساهمة. يصرّ على إذلال نفسه وإذلال السوريين. فأصدر قراراً يوجب دفع 100 دولار أميركي على كل مواطن سوري يريد الدخول إلى سوريا.

يدخل القرار في سياق النهب الممنهج، ويثبت مقولة تهريب الدولارات اللبنانية إلى سوريا والتي عندما توقفت اتخذ النظام هذا القرار، الذي ينطوي على خلفيتين، الأولى حاجة النظام الماسة إلى العملة الصعبة، وثانياً تأكيده المستمر أنه لا يريد عودة اللاجئين السوريين إلى أراضيهم، في إطار حرب الديمغرافيا التي خاضها.

هذا القانون متفرّع عن القانون رقم 10 الذي أصدره النظام السوري قبل سنوات، ومضمونه يحرم السوريين من أراضيهم وممتلكاتهم ومنازلهم. وكأن النظام يبيع سوريا بـ 100 دولار، فمن يعمل في لبنان مثلاً سيكون أكثر المستهدفين بفعل هذا القرار، الذين لن يتمكنوا من العودة إلى أراضيهم في ظل هذا النظام الذي يعمل كعصابة ومافيا. يعكس ذلك تهالك النظام وضعفه أكثر وأكثر، وهو مؤشر كبير على الانهيار الاقتصادي والمالي.

تضعف حلقة النظام على وقع التحالفات الإقليمية والدولية، هو في خانة الترقب والانتظار لما سيرسو عليه أي اتفاق بين الدول والقوى المؤثرة. فيما النظرة الأساسية تبقى متجهة إلى هذه القوى لمعرفة مدى قدرتها على تحجيم النفوذ الإيراني في سوريا، وسط استمرار عملية استنزافها. في هذا الوقت أبرمت اتفاقية عسكرية بين إيران والنظام السوري تقول إيران من خلالها إنها مصرّة على الاستمرار في سوريا والحفاظ على مناطق نفوذها، ووجودها العسكري. خطوة من شأنها تعقيد الحلّ السياسي أكثر وتأخيره، وسط رصد لعدم استعجال دولي على إيجاد الحلّ النهائي للأزمة السورية. عدم الاستعجال للوصول إلى اتفاق، سيجعل الإيرانيين بحاجة إلى الاستمرار بتغطية الواقع القائم، ما يعني استنزافهم أكثر فأكثر، وهو الأمر الذي دفع النظام السوري إلى اتخاذ قرار أخذ 100 دولار من كل سوري يريد الدخول إلى سوريا.

يدخل القرار في سياق النهب الممنهج، ويثبت مقولة تهريب الدولارات اللبنانية إلى سوريا والتي عندما توقفت اتخذ النظام هذا القرار

وهو ما دفع النظام إلى الدخول في صراع مفتوح مع رامي مخلوف للاستيلاء على أمواله. الخطوة الإيرانية تمثّل رسالة مثلثة الأضلاع، موجهة إلى روسيا من خلال إنزال إيران لمنظومة دفاع جوي روسية الصنع، وبأنها رافضة لأي اتفاق تبرمه موسكو مع واشنطن على تحجيم النفوذ الإيراني في سوريا، وتطالب روسيا بعدم الاستمرار بتغطية الضربات الإسرائيلية التي تستهدف المواقع الإيرانية. ورسالة موجهة إلى تركيا بأنه لا يمكنها السير في اتفاقات دولية على حساب إيران التي أصبح وجودها مشرعناً باتفاق مع النظام، والأمر نفسه ينطبق على الرسالة الإيرانية الموجهة للأميركيين. ولكن التصعيد الأميركي الإسرائيلي ضد إيران مستمر، فالضربات لم تعد تقتصر على مواقع إيرانية في سوريا، إنما انتقلت إلى الأراضي الإيرانية واستهداف أهم المواقع والمصانع الإيرانية التي لها علاقة بالطاقة النووية، ما يعني أن إضعاف إيران وحلفائها عملية مستمرة. العملية الأميركية ليست ردة فعل على أي خطوة إيرانية، إنما تخطّ سياقاً معيّناً سيؤدي إلى تغيير وإن بشكل غير سريع. يتطلب ذلك من قوى المعارضة العمل على تنظيم صفوفها، والدخول في ورش عمل مكثفة لإعادة بلورة النقاش ووضعه في نصابه الصحيح لأخذ خيارات يمكن الاستفادة منها إلى حدّ بعيد سياسياً، عبر استغلال الظروف العربية والدولية التي تلائم أي نشاط جدّي للمعارضة. هنا لا بد من طرح تساؤلات عديدة، عن استعداد القوى التي كانت تقدّم نفسها نصيراً للثورة السورية وللمعارضة، مسؤولية كبرى تُلقى على عاتق تركيا، وعلى عاتق دول الخليج، الذين لا يمكنهم الغياب عن سوريا وتحولاتها وتطوراتها.