تستمر تداعيات أزمة خفض مخصّصات المازوت للمحافظات في التأثير على مختلف جوانب حياة السوريين، حيث يتكّبد الطلاب والمدرسون والموظفون مشقة الوصول إلى مدارسهم وأماكن عملهم، ما يعرقل سير الأعمال اليومية.
"أم عمار" تصل متأخرة يومياً إلى المستشفى الذي تعمل فيه في حي البرامكة بدمشق، وتأخّرها ينعكس سلباً على تعقيم الغرف التي تُشرف عليها، ما يثير استياء المرضى والأطباء.
وتوضّح لـ موقع تلفزيون سوريا، أنّ راتبها لا يكفي لتأمين تكسي، حتى لو كان جماعياً، مضيفةً أنها تكافح لركوب السرفيس، وفي حال عدم تمكّنها، تضطر للذهاب مشياً على الأقدام من منطقة سكنها في دويلعة.
وسائل النقل العامة تتعرض لضرر كبير، حيث انخفضت مخصّصات المازوت بشكل ملحوظ بسبب قرار "حكومي"، ما أثر على مختلف مناحي الحياة وليس على النقل فقط، وقد زادت تعرفة السرافيس التي ما تزال تعمل، من 1000 ليرة سوريّة إلى 2000 أو حتى 3000 ليرة، دون قرار رسمي بذلك.
أحد سائقي السرافيس على خط الدوار الشمالي، أفاد لـ موقع تلفزيون سوريا بأنّه يشتري لتر المازوت من السوق السوداء بسعر يتراوح بين 15 و18 ألف ليرة، رغم أن السعر المحدّد للمازوت المدعوم هو 2000 ليرة، ومع ذلك، انخفض السعر المحدد للتر الحر مؤخراً من 12,019 إلى 11,629 ليرة.
وعلى الرغم من شح المازوت، تُجري "محافظة دمشق" دراسة لرفع تعرفة وسائل النقل الجماعي، مع توقّعات بأن تصل التعرفة إلى 1500 ليرة سورية، ويعتبر البعض هذه الخطوة مؤشراً على نية حكومة النظام السوري رفع سعر المازوت الخاص بالنقل الجماعي.
أزمة المواصلات تتكرّر سنوياً
تتكرر أزمة المواصلات سنوياً في النصف الثاني من العام، حيث تبدأ من المحافظات وتصل إلى العاصمة دمشق، بالتزامن مع توزيع مازوت التدفئة، ويعتقد العديد من السكّان أن تخفيض مخصصات النقل لأشهر متتالية، يأتي في هذا الوقت من كل عام، بهدف تأمين أوّل دفعة من احتياجات التدفئة على حساب المواصلات.
وتدور شائعات بين المواطنين حول أسباب سياسية أيضاً وراء نقص المازوت، حيث يُزعم أن إيران منعت سوريا من شحنات النفط، نتيجة خلافات سياسية، إثر تقارب النظام السوري مع دول الخليج مرجّحين الحصول على النفط من بعض تلك الدول، وغالباً من السعودية.
وأكّد مواطنون وسائقون أن تخفيض مخصّصات المازوت بدأ تدريجياً منذ تموز الماضي، بينما بدأ في اللاذقية وطرطوس وحماة وحمص في نيسان الماضي، وتم الكشف عن التخفيضات رسمياً في بداية أيلول الجاري، حيث أوضح عضو المكتب التنفيذي لقطاع النقل في محافظة دمشق، قيس رمضان، أن عدد طلبات المازوت انخفض بسبب قلة التوريدات.
وتجلّى شح المازوت في تأثيره على كل جوانب الحياة، حيث ساهم نقص المازوت في السوق السوداء برفع الأسعار، رغم انخفاض سعر اللتر الحر، كما ارتفعت أسعار الأمبيرات في دمشق، ووصل سعر الأمبير الواحد إلى 17 ألف ليرة سوريّة، مع زيادة فصل ساعات مولدات الأمبيرات خلال النهار في سبيل توفير المازوت الشحيح.
ومع اقتراب فصل الشتاء، ازدادت الضغوط على السوق السوداء، وسط إقبال الكثير من العائلات على شراء كميات من المازوت لتأمين التدفئة، خاصةً أنّ المخصّصات الحكومية لا تكفي (50 لتراً) أو أنها لا تصل أبداً.
وسبق أن ادّعت وزارة النفط في حكومة النظام السوري، مؤخّراً، ضخ كميات إضافية من المازوت لقطاع النقل، على أمل "تخفيف الأزمة"، قبل أن تؤكّد محافظة دمشق لاحقاً، حدوث نقص جديد في إمدادات المازوت، ما يضاعف من حدة الأزمة ويؤثر على الحياة اليومية للسكان.