icon
التغطية الحية

نظام الأسد يحرق المحاصيل الزراعية في مناطق سيطرة الفصائل |فيديو

2021.05.30 | 06:41 دمشق

حريق حماة
قوات الأسد تستهدف الأراضي الزراعية في ريف حماة الغربي (تلفزيون سوريا)
إدلب – فائز الدغيم
+A
حجم الخط
-A

عادت الحرائق مجدّداً - كما في كلِّ عام - لتلتهم الأراضي الزراعية في مناطق سيطرة فصائل المعارضة والتي تقع على مقربة من قوات نظام الأسد، وذلك نتيجة تعمد قوات النظام قصف تلك الأراضي في موسم الحصاد لإحراق المحاصيل، فضلاً عن استهداف آليات وورشات الحصاد بصواريخ موجّهة وقذائف مدفعية وصاروخية. 

وبداية الحرائق هذا العام كانت مِن منطقة سهل الغاب غربي حماة، والتي تعدّ السلة الغذائية الأخيرة لمنطقة إدلب وما حولها، وأبرز مناطق زراعة القمح.

خريطة انتشار الحرائق والمساحات المحروقة

بدأت الحرائق قبل ثلاثة أيام في منطقة السرمانية وما تزال مستمرة حتى لحظة إعداد هذا التقرير، وامتدت إلى منطقة المشاريع القريبة، من دون القدرة على احتوائها أو إخمادها، نتيجة قرب المنطقة مِن خطوط التماس واستحالة دخول آليات وفرق الإطفاء إليها.

في اليوم الثاني لبدء عمليات حرق الأراضي استهدفت قوات النظام الأراضي الزراعية في بلدتي القرقور والمشيك، ما تسبّب باشتعال النيران واحتراق أكثر من 30 دونماً مِن القمح، قبل تدخل المدنيين وإيقاف تمدد النيران بوسائل بدائية بسيطة بعد تعذّر دخول فرق الإطفاء، كما استهدف "النظام" حصادة كانت تعمل في المنطقة.

في اليوم الثالث أصبح الوضع كارثياً أكثر حيث استهدفت قوات النظام الأراضي الزراعية في قرى المنصورة والحميدية والدقماق وخربة الناقوس، ما تسبب بنشوب حرائق كبيرة التهمت نيرانها أكثر مِن 300 دونم في المنطقة المعروفة باسم "المشروع 30، والمشروع 31"، وسارعت فرق الإطفاء التابعة للدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) بالتعاون مع الأهالي إلى إيقاف تمدد الحرائق نحو مزيد مِن الأراضي الزراعية.

الابتزاز نهج دوري في منطقة سهل الغاب منذ سنوات

يقسم نهر العاصي سهل الغاب من الجنوب إلى الشمال واضعاً على كل من جانبيه قرى وبلدات من ولاءات مختلفة، فعلى الجانب الشرقي تقع قرى الموالية للثورة، بينما على الجانب الغربي للنهر تقع قرى موالية للنظام، والتي تحوّلت إلى ثكنات عسكرية تمطر جاراتها ما بعد النهر بالقذائف والصواريخ فتقتل المدنيين وتهدم بيوتهم وتحرق محاصيلهم الزراعية.

وخلال السنوات السابقة كان شبيحة النظام المتنفذين في الطرف الغربي يطلبون من المزارعين وأصحاب الحصادات في الطرف الشرقي مبالغ مالية تشبه "الإتاوات" كي لا يستهدفوا أراضيهم الزراعية بالقذائف وإحراقها.

وفي بداية كل موسم حصاد تستهدف قوات النظام بعض الأراضي الزراعية والحصادات كي يسارع المزارعون لجمع المبلغ المطلوب إلى الشبيحة، علهم يستطيعون حصاد بقية محاصيلهم.

 

 

هذا العام لم يختلف الحال فتداول ناشطون ومدنيون أخباراً تفيد بقيام متزعمي الميليشيات الطائفية في الطرف الغربي مِن سهل الغاب بطلب مبلغ قيمته 100 ألف دولار مِن أصحاب الحصادات التي تعمل في المنطقة كي لا يتم استهدافها، وهو ما يمكن تفسيره من خلال استهداف محيط إحدى الحصادات في الأراضي الزراعية لقرية المشيك مِن غير إصابتها، ربما يكون ذلك تحذيراً كون تلك الميليشيات تستطيع استهدافها بالصواريخ الموجهة وإصابتها لكنها استهدفتها بالقذائف الصاروخية.

أصحاب الحصادات في المناطق التي تعمل على خطوط التماس رفعوا أجور حصاد الدونم الواحد من 8 إلى 10 دولارات أميركية، مبرّرين ذلك بالمخاطرة الكبيرة بحصاداتهم باهظة الثمن المُعرّضة لخطر الاستهداف والتدمير، لكن بعض المزارعين يرون في الزيادة ربما جمعا للمبلغ الذي يطلبه الشبّيحة مِن جيب المزارع.

حاول موقع تلفزيون سوريا البحث والتواصل لمعرفة تفاصيل أكثر عن القصة ومعرفة مَن هم "الشبيحة" الذين طلبوا ذلك المبلغ، لكن شح المصادر وعدم تعاون بعضها حال دون الحصول على معلومات أكثر.

الصواريخ الموجهة تعيق عمل فرق الإطفاء

يقول محمد حماة المسؤول الإعلامي في المديرية الجنوبية بالدفاع المدني إن فرقهم عجزت عن إخماد معظم الحرائق التي اندلعت بفعل قصف النظام في سهل الغاب لكون المنطقة مكشوفة ومرصودة بالصواريخ الموجهة وقريبة من خطوط التماس.

وأضاف أنّه "رغم اتفاق وقف إطلاق النار، فإن قوات النظام تتعمد قصف المنطقة بالتزامن مع مواسم الحصاد، حيث تشهد القرى عودة مؤقتة للمدنيين لجني المحاصيل الزراعية والأشجار المثمرة، فهي حرب من نوع آخر تستهدف المدنيين بقوت يومهم يشنها نظام الأسد من خلال قصف الأراضي الزراعية بالتزامن مع موسم الحصاد، في وقت يحاول فيه حليفه الروسي منع إدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى، ما يهدد حياة أكثر من 4 ملايين مدني، بينهم أكثر من مليوني مهجر قسراً يعيشون في مخيمات الشريط الحدودي التي تفتقد الحد الأدنى من مقومات الحياة، في ظل أزمة إنسانية غير مسبوقة".

ومع نشوب الحرائق مجدّداً في المحاصيل الزراعية، تصاعد غضب شعبي يطالب الفصائل باستهداف وإحراق الأراضي الزراعية في ريف إدلب الشرقي، لكونها مسلوبة مِن المهجرين ويعمل متزعمو ميليشيات النظام على زراعتها والاستفادة مِن محاصيلها.

حرب اقتصادية ممنهجة

يقول المحامي عبد الناصر حوشان لموقع تلفزيون سوريا إن الحرب الاقتصادية على الشعب السوري كانت معركة ممنهجة وأسلوب عمل من أدوات الحرب الشاملة على الشعب منها "الحصار، التجويع، النهب، السلب، المصادرة، التدمير، الحريق".

ويضيف أنّ سياسة حرق المحاصيل هي الأكثر إيلاماً وأفدحها خسارة بالنسبة للمواطن السوري، إذ إنها تأتي ليس فقط على المواسم بل تلحق به خسارة تكاليف الإنتاج من زراعة وخدمات الرعاية والتي تثقل كاهله في ظل غلاء الأسعار وتدهور قيمة العملة وندرة المواد، مردفاً "تعتبر هذه الحرب نوعاً من أنواع العقاب الجماعي يستهدف كل من خرج عن سلطة نظام الأسد".

وبحسب "حوشان" فإنّ الهدف البعيد للنظام من وراء عمليات الحرق والقطع والسلب والنهب والابتزاز، إرهاق المواطن وقطع موارد رزقه وحرمانه من أبسط مقومات الحياة، ودفعه لليأس والغرق في مستنقع الإحباط والبؤس، معتقداً أنه بذلك "يُجبر الناس على العودة إلى حظيرته".

ويرى رائد الصالح - مدير الدفاع المدني السوري - أن سياسة نظام الأسد في إحراق الأراضي الزراعية خلال موعد الحصاد هو أحد أساليب الانتقام الجماعي مِن المزارعين في المناطق الخارجة عن سيطرته ولا يختلف عن القصف شيئاً.

يشار إلى أنّ مساحة المنطقة المزروعة في سهل الغاب تبلغ قرابة ٣٧٠ ألف دونم، ويشغل محصول القمح النسبة الأكبر منها، ويعدّ الغذاء الرئيسي للسكان.