icon
التغطية الحية

نظامُ الأسد يدخل السوق الإلكتروني لجبايةِ الضرائب

2021.01.27 | 04:38 دمشق

521511.jpg
إسطنبول ـ فؤاد عزام
+A
حجم الخط
-A

بدأت وزارةُ التجارة الداخلية في نظام الأسد العمل على تقييد عملية التجارة الإلكترونية من بيع وشراء عبر الإنترنت، وأعلنت التوجه لفرضِ السجلّ التجاري على مسوقي المنتجات والسلعِ على المواقع، أو الصفحات الشخصية، ودعت إلى الإبلاغ عن المتعاملين بهذه التجارة بحسب ما أعلنه علي الخطيب، مديرُ حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية لوسائل إعلامٍ محلية. 

وعلى الرغم من أنَّ عملية التسويق الإلكتروني حديثة العهد في سوريا، إلَّا أنَّها نشطتْ مع اتساع انتشار فيروس كورونا، وتردي الأوضاعِ المعيشية، والظروف الأمنية، وغلاء أجور المواصلات، إذْ أصبحت مصدرَ رزقٍ لشريحةٍ واسعةٍ من المجتمع، ولا سيما العاطلين عن العمل، أو الأشخاص الذين لا يستطيعون امتلاك، أو استئجار محلٍ للبيع، وباتت أيضاً جزءاً مِن الأسواق التجارية، والصناعية المحلية في مجال العقارات، والسيارات والألبسة، ومصدراً تجارياً للمحال، والورش، والحرف، والمهن، إضافة إلى انتشار هذه التجارة كنمطِ حياةٍ جديدة، نظراً لارتباط الكثيرين بمواقع التواصل الاجتماعي.  

لماذا يطلب النظام سجلاً تجاريّاً؟  

ويعدُّ السجلُ التجاريُّ بالنسبة للنظام، مصدراً مالياً نظراً لما يفرضه استخراجه من رسوم ملزمة، ومتطلبات وهي: العضوية في غرفةِ التجارةِ، وإثباتُ ملكية مكان تجاريّ (سند تمليك أو بيان قيد عقاري)، أو إذا كان العقار إيجاراً، فيتطلبُ عقدَ إيجارٍ مصدقاً من البلدية بتاريخ حديث، وبمدةٍ لا تقل عن سنة، إضافة إلى تسجيل عمّالٍ بالتأمينات الاجتماعية. 

ونصت المادة الثامنة من اللائحة التنظيمية للضوابط، والنواظم الخاصة بحماية المستهلك الإلكتروني، والتسويق الإلكتروني التي أصدرتها وزارة التجارة الداخلية في شباط من العام (2019)، على الوثائق التي يجب أنْ يتضمنها تسجيلُ نشاط التسويقِ الإلكتروني في سجلّ تجاري وهي: طلبُ  تسجيل وتصريح باحتراف التجارة "الاستمارة الموحدة" على أنْ يتضمنَ تحديد السلع، والخدمات المرادُ تسويقها إلكترونياً، وجميع الوثائق المطلوبة للتسجيلِ في السجلِ التجاريَّ، ومنها ثبوتية المقر الدائم "محل – مكتب تجاري" لممارسة النشاطِ التجاريّ.  

ويرى الباحث الاقتصادي يونس الكريم: أنَّ من بين الأهدافِ التي يريد النظام تحقيقها من السيطرة على التسويق الإلكتروني، تأمين سيولة ضريبةٍ للخزينة العامة.

 وقال الكريم لموقع تلفزيون سوريا إنَّ النظامَ يسعى إلى التهيئة لقانون الضرائب الجديد، وهذا القانون سيشمل التجارة الإلكترونية.

وعقدَ النظام إجراءات الحصول على سجلّ تجاري، ومن بينها إصداره قراراً في نيسان من العام 2019 يربطُ السجلّ التجاريّ بالتأمينات الاجتماعية، أيّ أنْ يسجل المتقدم للحصول على سجلٍ تجاريّ عمّالاً في  التأمينات الاجتماعية، حتّى لو كان يملكُ دكاناً صغيراً، ما أدى حينها إلى انسحابِ عددٍ من المنتسبين إليها. 

ولا يستطيع كثير ممّن يعملون في التسويق الإلكتروني الحصول على سجلٍ تجاريّ نظراً للرسوم المالية التي تفرضها متطلباته، كذلك بالنسبةِ لإيجاد مكانٍ تجاريّ أو تسجيلِ عمّال في التأميناتِ، بينما من شأنِ إصرارِ النظام على تقييد التسويق الإلكتروني، الإضرار بأوضاع الشريحةِ الأكثر ضعفاً من بين من يعملون في هذا المجال، كما أنَّ من شأنه التضييق على أصحاب المهن، والورش الصناعية، وإضعافُ حركةِ تجارةِ العقارات، والسيارات. 

من المستهدف من إجراءات النظام ؟ 

ويخشى مستخدمو مواقعِ وصفحات التواصل الاجتماعي من تداعيات إجراءات النظام على مصدر رزقهم، ولا سيما في ضوء حديثه عن فرض عقوبات على من لا يملك سجلاً تجارياً.

وتقول سلمى لموقع تلفزيون سوري، إنّها تعمل في منزلها مع عدة نسوةٍ في خياطة الألبسةِ وتسويقها عبر صفحتها، وهذا هو مصدرُ رزقهم الوحيد في ظلّ الظروف المعيشية الصعبة، نظراً لعدم قدرتهم على فتحِ مشغل.

من جانبه ذكر أبو محمود، أنّه أنشأ صفحة شخصيةٍ تختصُ بتأجيرِ البيوتِ، لعدم قدرته على فتح محلٍ بهذا الخصوص، ويخشى أنْ ينقطعَ مصدر رزقِه إذا ما طبَّق النظامُ إجراءاته، لا سيما أنَّه لا يستطيعُ تأمينَ محلٍ وسجلٍ تجاريّ نظراً لوضعه المادي، إذْ إنّه يعيلُ أسرته وأسرة شقيقه المتوفَّى. 

ويشيرُ مصعب، وهو أحدُ أصحابِ ورش صناعة الموزاييك في ريف دمشق، بأنَّ التجَّار في الداخل يريدونَ احتكارَ مسألةِ التسوق الإلكتروني.

ويقولُ لموقع تلفزيون سوريا إنَّ لديه ورشةً لصناعة الموزاييك حيثُ يقومُ بتسويقِ منتجاته عبر صفحةٍ شخصيةٍ، وقد تواصل معه تجّارٌ من خارجِ سوريا من أجلِ شراءِ منتجاته بأسعارٍ مناسبة، في حين أنَّ أحد التجّار داخل البلاد وضع أسعاراً بخسةً مستغلاً حاجتهُ. 

ويشارُ هنا إلى أنَّ قانون حماية المستهلك يطبّق على كلّ من يمارسُ الأعمالَ التجاريّة مهما كان مصدرها، وبأيّ طريقةٍ تتم ممارستها، ومن بينها الصفحات الشخصية، أو المجموعات، حتَّى وإنْ كانت لا تقدم عائداً ربحيّاً لأصحابها. 

التجّار المرتبطون بالنظام مستفيدون من الإجراءات الجديدة  

وتعدُّ السوقُ بشكلٍ عامٍ المصدر التجاري، والصناعيّ لبيع وشراء المنتجات المحلية في حين أنَّ التسوقَ الإلكتروني يفتحُ مجالاتٍ واسعةٍ أمام الصناعيين، والتجّار لبيع منتاجاتهم للخارج وبالتالي تأمين قطْع أجنبيّ، بينما يفرضُ النظام بإجراءاته الجديدة على التجّار المسجلين بغرفةِ التجارة بالأساس، ممّن يرغبون بالتسوق عبر الإنترنت، شروطاً إضافية، من بينها ترخيصٌ جديد مع ما يتطلبه ذلك من ضرائب، ورسوم.  

وتستفيد من إجراءات النظام بفرض السجل التجاريّ على مستخدمي الإنترنت فئاتٌ التجّار المرتبطين به، والذين يستطيعون بحكم علاقاتهم النأيَ بأنفسهم عن الملاحقات القانونية، كما يقول أبو سعيد، وهو صناعيّ، وتاجر لديه منشأة نسيجية في منطقة القابون.

ويضيف أنّ الصناعيين يرون في التسوّق الإلكتروني فرصة لتوظيف أو استثمارِ رأس مال، في إطار سعيهم لفتح منافذ تسويقيةٍ  لتعويض خسائرها بمنافذ بيعٍ بتكلفة منخفضة، ورفع نسبة مبيعاتها وتوفيرِ فرص عملٍ، وقد يفتحُ ذلك المجالُ لتصدير كميات للخارجِ.