icon
التغطية الحية

نشر عشرات القواعد الصاروخية.. إيران تستعد للانتقام لقتلاها في حلب

2022.05.18 | 06:55 دمشق

fsp5xbrwuamxkun.jpg
حلب - ثائر المحمد
+A
حجم الخط
-A

تخطط إيران وميليشياتها للانتقام من فصائل المعارضة السورية، بعد خسارتها لـ 13 عنصراً من قواتها في 13 أيار الجاري، إثر استهداف الجبهة الوطنية للتحرير، حافلة عسكرية للميليشيات في منطقة ريف حلب الغربي.

وأعلنت الجبهة الوطنية للتحرير عن قتل 13 عنصراً من الميليشيات الإيرانية، وإصابة 15 آخرين، من جراء استهداف حافلة للميليشيات الإيرانية بصاروخ مضاد للدروع على محور عينجارة بريف حلب الغربي.

ووصِفت العملية بـ"النوعية" بسبب عدد القتلى الكبير في صفوف الميليشيات الإيرانية، ونوعية القوات المستهدفة، خاصة أن إيران وميليشيا حزب الله اللبناني تقدمت بالتعزية رسمياً لذوي القتلى المنحدرين من بلدتي نبل والزهراء في حلب ذات الأغلبية الشيعية.

وأرجعت الجبهة الوطنية سبب العملية، إلى الثأر بعد مقتل عدد من مقاتلي جيش النصر والجيش الثاني بقذائف قوات النظام في سهل الغاب بريف حماة، وثأراً لــ"شهداء مجزرة التضامن ولجميع المعتقلين في سجون النظام"، مشيرة إلى أن العناصر الذين لقوا مصرعهم "يعملون ضمن الميليشيات الإيرانية في مدينة حلب، ويرتبطون بالحرس الثوري الإيراني".

العملية توجع الميليشيات الإيرانية

ينحدر معظم العناصر الذين لقوا مصرعهم نتيجة الاستهداف من بلدتي نبل والزهراء المعروفتين بولائهما لإيران وميليشيا حزب الله اللبناني، وبعد ساعات من العملية، بدأت الميليشيات بإذاعة أسماء القتلى عبر مكبرات الصوت في البلدتين، إضافة إلى منطقة السيدة زينب بريف دمشق.

وفي اليوم نفسه، شيّعت الميليشيات الإيرانية القتلى، وقد رفع المشيّعون صور المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي بالإضافة إلى القائد السابق لميليشيا "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني.

ونعى زعيم ميليشيا "حزب الله" اللبناني حسن نصر الله، قتلى العناصر عبر كلمة متلفزة ألقاها بمناسبة إجراء الانتخابات النيابية في لبنان، قائلاً فيها: "أتوجه بالعزاء لعوائل (الشهـداء) في نبل والزهراء الذين يعملون في جيش الدفاع المحلي والذين سقط لهم أكثر من 10 (شـهداء) اليوم شمال حلب".

بدورها قالت السفارة الإيرانية في دمشق: "‏إن الأيادي الإرهابية مرة أخرى أثبتت بأنها أداة لتمرير مشاريع أجنبية ولا تأبى أن تقصف تشييع الشهداء وتقتل الأطفال الأبرياء ولذلك نحن ندين ما فعلته هذه الأيادي في ريف حلب وبلدتي نبل والزهراء".

وأقام لواء "أبو الفضل العباس" التابع لإيران مجلس عزاء للقتلى في مقام السيدة زينب بريف دمشق، بحضور شخصيات عسكرية تعمل ضمن جيش النظام السوري والميليشيات الإيرانية، وحزب الله اللبناني، بالتزامن مع إقامة مجلس مماثل في حلب، حضره ممثل علي خامنئي في سوريا، وشخصيات قيادية ضمن ميليشيات إيران.

 

 

 

كيف تسعى الميليشيات الإيرانية للانتقام؟

وزّعت الميليشيات الإيرانية عشرات القواعد المخصصة لإطلاق الصواريخ الموجهة على محاور ريف حلب الغربي، وأعطت تعليمات لعناصرها تفيد باستهداف أي هدف متحرك، سواء كان عسكرياً أو مدنياً، في محاولة للانتقام لعناصرها.

وأطلقت الميليشيات نحو 10 صواريخ موجهة على محاور ريف حلب الغربي يوم الإثنين الفائت، استهدفت مواقع عسكرية وسيارات مدنية، وأسفرت عن وقوع أضرار مادية، وبعض الإصابات الطفيفة.

وأكدت مصادر عسكرية خاصة لموقع تلفزيون سوريا، أن جبهات ريف حلب الغربي تتعرض منذ ثلاثة أيام للاستهداف بوساطة الصواريخ الموجهة، مضيفة أن الميليشيات الموالية لإيران أطلقت 4 صواريخ على محور "الشيخ سليمان" فقط، خلال يوم واحد.

وأضافت أن الميليشيات قصفت محور بلدة تديل غربي حلب بصاروخ موجه، وبلدة معارة النعسان بصاروخ آخر، إضافة إلى محور تقاد، والفوج 111، وتتركز معظم قواعد إطلاق الصواريخ في بلدة ميزناز الخاضعة لسيطرة النظام، المقابلة لبلدة معارة النعسان.

ووفقاً للمصادر، إن الميليشيات الإيرانية نصبت قواعد لإطلاق الصواريخ الموجهة على طول خط التماس غربي حلب، وركزت على بلدات قبتان الجبل وبسراطون وعينجارة وعاجل.

وأخذت الفصائل العسكرية الاحتياطات اللازمة للحد من وقوع خسائر في صفوفها نتيجة العمليات الانتقامية، لكن بحسب المصادر، هناك معاناة من تجاهل بعض المدنيين للتحذيرات والسير في مناطق مكشوفة، الأمر الذي يعرّض حياتهم للخطر.

ثلاثة أهداف للتصعيد الإيراني

في حقيقة الأمر، لم يكن قتل 13 عنصراً للميليشيات الإيرانية في سياق العمليات الهجومية من قبل فصائل المعارضة، بل كان في إطار الرد على تصعيد إيراني ملحوظ، وأبرز محطات هذا التصعيد - بحسب مركز جسور للدراسات - كان استهداف مجموعة عسكرية تابعة للجبهة الوطنية للتحرير في 8 أيار/ مايو غربي حماة، ثم القصف المباشر على قاعدة عسكرية تركية في منطقة الشيخ سليمان غربي حلب في 13 من الشهر ذاته.

ويؤكد المركز أن الميليشيات التابعة لإيران تضطلع بدور أساسي في عمليات التصعيد الحالية، حيث انطلق القصف الذي تعرضت له القاعدة العسكرية التركية من منطقة قبتان الجبل غربي حلب الخاضعة لسيطرة الميليشيات الإيرانية، كما استقدمت الميليشيات تعزيزات عسكرية إلى غربي حلب، ونشرتها في مواقع تطلّ على منطقتي عمليات غصن الزيتون ودرع الفرات.

ويرى المركز أن التصعيد الجديد يعكس عودة إيران إلى المشهد العسكري بشكل واضح في سوريا، بعد المؤشرات على رغبتها في استعادة الزخم في المشهد السياسي، من خلال استقبال بشار الأسد في طهران 8 أيار الجاري، ويُمكن القول إن إيران تسعى لتحقيق ثلاثة أهداف رئيسية من الأنشطة العسكرية الأخيرة شمال غربي سوريا، وهي: 

  •  إلقاء المزيد من الضغوط العسكرية على تركيا كردّ على النشاط العسكري التركي في العراق، والذي يبدو أنه غير مرغوب به من قِبل إيران. 
  • توظيف انشغال روسيا في الصراع بأوكرانيا لإعادة توزيع وانتشار الميليشيات الإيرانية في سوريا والتي كان قد تراجع حضورها في جبهات شمال غربي البلاد، بسبب التفاهمات الثنائية بين روسيا وتركيا. 
  • التمسّك بالحضور العسكري في سوريا، وتوجيه رسالة إلى الولايات المتحدة في هذا الصدد والتي ما تزال تطالب إيران بخفض التدخّل في المنطقة خلال المفاوضات المتعلّقة بالاتفاق النووي.

ولا تعني الأنشطة العسكريّة التي تقوم بها إيران شمال غربي سوريا استياء أو عدم قبول أو رفض روسيا لها، بل غالباً ما تكون بالتنسيق بين الطرفين، ويعتقد المركز أن روسيا لن تفوّت فرصة الاستفادة منها من أجل إعادة تقديم نفسها كوسيط أو ضامن أمام تركيا لاستمرار وقف إطلاق النار في المنطقة، لذلك يستبعد أن يتجه التصعيد إلى مواجهات شاملة، فارتفاع مستوى النشاط العسكري في المنطقة -وإنْ كان يخدم مصالح النظام وإيران- لا يبدو أنه خيار مرحّب به بالنسبة لتركيا وروسيا في الوقت الراهن.