نجوم مرحلة إعادة التدوير

2022.09.12 | 06:02 دمشق

نجوم مرحلة إعادة التدوير
+A
حجم الخط
-A

ليست أكثر من زوابع صيفية صغيرة تلك التي تثيرها تصريحات ومواقف بعض النجوم العرب من الأوساط الفنية والإعلامية، وهؤلاء لا يخفون مواقفهم ولكن طبيعة عملهم في الشأن الفكري قد تغطي على فجاجتها إلى أن يحدث ما هو فوق ذلك فتسفر عن حقيقتها البشعة، وهنا بالنسبة للسوريين لا شيء يكسر قلوبهم أكثر من الاستخفاف بدمهم المسفوح على مدار سنوات طويلة، ويعيد نكأ جراحهم موقف مباغت من إعلامي أو معلق أو فنان كانوا يعتقدون أن صمته أو مخاتلته ما هي إلا تضامن معهم لهذا تكون ثورتهم وردود فعلهم بهذا الحجم المهول من الخيبة والصدمة والصراخ.

حفيظ درّاجي المعلق الرياضي الجزائري لم يتوان للحظة في وصف ما حصل في سوريا والربيع العربي بالخراب، وأن من خرجوا في حينها بدعوى الثورة والتغيير ليس سوى خونة، وبالرغم من محاولته تبرير ما كتبه أنه موجه للبعض بعينهم (فيصل قاسم) إلا أن مزاج الرجل بعثي خالص ليس لأنه ينتمي لحزب البعث كما قد يظن بعضهم لكنه من نفس منهج التفكير التالف الذي ما عاد ينطلي على أحد، وهذه البنى الفكرية كلها تختفي وراء شعارات تحرير فلسطين من الصهاينة وتعداد أرقام الشهداء وما قدموه، والتعصب الأعمى للدولة القُطرية.

الأمر على حقيقته لا يعدو أن يكون توافقاً مع ما يعتقده الرجل الذي أعلن صراحة عن تراجعه بالإيمان بالثورات بسبب تسلط الإسلاميين عليها

المطرب هاني شاكر دخل على خط المشاركات في صيف هذا العام بحفلتين في دار الأوبرا بدمشق وسط دعوات له من السوريين بعدم القدوم كي لا يساهم في إضفاء شرعية لنظام قتل شعبه، وأن الغناء في عاصمة محشوة بحثث الضحايا ليس سوى إعلان براءة للقاتل، وبعضهم ذهب إلى اتهام شاكر بالتواطؤ مع النظام كي يخرج من عزلته عربياً بعد أن تمنّع الكثير من الفنانين عن إحياء الحفلات في ظل استمرار المأساة السورية.. لكن الأمر على حقيقته لا يعدو أن يكون توافقاً مع ما يعتقده الرجل الذي أعلن صراحة عن تراجعه بالإيمان بالثورات بسبب تسلط الإسلاميين عليها، ولهذا قد يرى في البعث نظاماً علمانياً يتطابق مع اعتقاداته.

الأكثر فجاجة في قائمة نجوم ما قبل التدوير المذيع جمال ريّان فالرجل لا يخفي ميوله الإيرانية حتى سقف الولاء للمانعة والمقاومة وتحرير فلسطين كل فلسطين

جموع الدهماء الذين اشتبكوا بالأيدي من أجل الحصول على بطاقة حضور حفل هاني شاكر هم أكثر سوء من كل الأسباب التي جاءت به لدمشق، وهؤلاء مغيبون عن الواقع ويعيشون في عوالم منفصلة عما يجري حولهم ليس في العالم فحسب من كوارث وحروب بل عن أقرب شارع لسكنهم، ولا يرون فزعاً من مشاهد الموت والحرائق التي تجتاح العالم، ولا في هجرة أهاليهم الجديدة من بلاد اللجوء إلى بلاد النجاة من العنصرية والبغضاء، وفي الفيديو الذي تم تداوله من دار الأوبرا تقول إحداهن ممن استطاعوا أن يحصلوا على بطاقة بدولار واحد: إنهم يعاملوننا كاللاجئين.. ألهذا الدرك وصلوا؟

الأكثر فجاجة في قائمة نجوم ما قبل التدوير المذيع جمال ريّان فالرجل لا يخفي ميوله الإيرانية حتى سقف الولاء للممانعة والمقاومة وتحرير فلسطين كل فلسطين، وله في كل مناسبة تغريدة لرثاء الشهداء وإدانة الصهاينة ولكن دون أن تشعل حماسة روحه الوثابة موت طفل أو مجزرة أو قصف روسي أو مذبحة مذهبية.. الرجل متخصص في مديح إيران وميليشياتها وهو ليس وحده ففي دمشق حيث بقايا فلسطين سوريا من جماعة أحمد جبريل يكادون أن يقيموا في المستشارية التي لا تنفك دعواتها له تحت عناوين القدس والمقاومة وسيد الشهداء وسواها من مناسبات التقية التي لا حصر لها.

لهذا القادم القريب ستكثر فيه نجوم التدوير من بين ظهرانينا ومن كل حدب وصوب، وستتواصل معاناة أهلنا الجوعى في الداخل ممن لا ينتظرون احتفالات القادمين من خارج الحدود أو التائبين، وكذلك أهلنا المحاصرون بالعنصرية في بلدان اللجوء ممن تأكلهم المسافات البعيدة في الغابات أو تبتلعهم مياه البحر في الطريق إلى النجاة المنشودة.